إجماع شاذ علي أن الشعب هو المسؤول الأول عن الحرب والدكتاتوريات القادمة:
لا نستغرب كراهية أخوان المؤتمر الوطني لثورة ديسمبر فمن الطبيعي أن تكره أي مجموعة القوي التي تطيح بحكمها.

ولكن من التطورات الأسيفة في مشهد ما بعد الحرب بروز خطاب من خارج دوائر الأخوان يتهم ثورة ديسمبر بانها سبب إندلاع الحرب والخسائر الناجمة.

وهذا تفكير شاذ لان طلب شعب للحرية هو من صميم طبيعة الإنسان وتأكيدا لكرامته، فكيف ندين منحي طبيعي سعي لتحقيق كرامة السودان؟ كارثة الحرب لم يسببها البحث عن الحرية بل يسأل عنها من أشعلها ومن احتكر تمثيل قوي الثورة في الفترة الإنتقالية وقادها من فشل إلي كارثة بهندسة سياسية خرقاء ركلت الشعب واحتقرته.

ولكن الأكثر غرابة بروز إتجاه شبيه في دوائر لا توالي الجنجويد ولكنها تسعي لعزل الجيش بدون تقديم أي بديل عملي للدفاع عن مواطن يواجه التشريد والإغتصاب والنهب. هذا المنحي يسعي لتثبيط عزم الشعب علي التصدي للجنجويد بالتصريح والتلميح إلي أن أي إنتهاكات مستقبلية محتملة قد تعقب إنتصار الجيش سيكون مسؤولا عنها كل من وفر سهامه في فترة الحرب وفضل تصويبها تجاه الجنجويد إلي حين وضع حد لاغتصابهم للجسد والمال والدار والكرامة.

ولا أدري بأي منطق يمكن إدانة إنسان يرفض الغزو الجنجويدى في هذه اللحظة عن جرائم قد يرتكبها في المستقبل جيش أو براؤون أو مجموعات أخري تسانده.

هذا توجه يائس ومفلس فكريا وأخلاقيا لانه ببساطة لا يحمي الشعب ثم يحرمه من حقه الطبيعي في الدفاع عن وجوده بما يري من الوسائل في لحظة قرب تضاءلت فيها الخيارات البديلة حد التلاشي. فهذا الخط جاهز لإدانة قطاعات واسعة من الشعب عن جرائم مستقبلية محتملة حتي لو حدثت لا علاقة منطقية لهذه القطاعات بها اللهم إلا إذا كانت الجريمة المضمرة في دواخل أصحاب هذا التوجه هي رفض الشعب لموقف الحياد والمساواة بين جيش وجنجويد أخرجوهم من ديارهم وأذلوهم.

كما ان الأوساط المدنية الموالية للجنجويد بنفس الإفلاس الفكري والأخلاقي قد جهزت أقلامها لإلقاء اللوم في المستقبل علي نفس القطاعات الرافضة للمشروع الجنجويدى في حالة ظهور أي دواعش أو بوكو حرام أو مجموعات إسلامية عابرة للحدود.

من الغريب لوم كتاب المؤتمر الوطني للشعب علي إندلاع الحرب من حبهم للسلطة. ومن الغريب أيضا جاهزية مدنيي الدعم السريع لتحميل التصدي للغزو مسؤلية ظهور جماعات إسلامية في المستقبل من حبهم للمشروع الجنجويدى. ولكن أغربهم جماعات وطنية التي لا هي مؤتمر وطني ولا هي داعمة للجنجويد ولكن أعمتها كراهية الجيش عن سوءات الجنجويد وخطرهم حتي بعد العنف الجنسي غير المسبوق وتشريد وفقر ملايين السودانيين.

تتعدد المدارس السياسية في السطح ولكن العقل واحد. فهذا إجماع برجوازية صغيرة تدين الشعب وتعتبره المسؤول الأول عن الحرب والدكاتوريات القادمة. ولسان الحال هو أن كل من يخالف توجهي مجرم ولو صعبت إدانته حاليا فمن الممكن إدانته عن جرائم يرتكبها أخرون في المستقبل ولا يهم إثبات الجريمة بالمنطق.

معتصم اقرع

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: فی المستقبل

إقرأ أيضاً:

مقتل نجل الداعية مزمل فقيري على يد مليشيا الجنجويد

مقتل نجل الداعية مزمل فقيري (طفل) على يد مليشيا الجنجويد بطلق طائش في إحدى قرى رفاعة.

له الرحمة والمغفرة ولذويه الصبر والسلوان.

محمد أزهري

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • الاتحاد اليمني لكرة القدم يُعين فريقاً إدارياً جديداً للمنتخب الوطني الأول
  • لماذا نتجاهل أن حرب الجنجويد ليست مع الجيش بل مع بناتنا؟
  • متى الاجازة المطولة القادمة للطلاب في السعودية؟.. “وزارة التعليم” توضح أقرب عطلة في الترم الأول 1446
  • مقتل نجل الداعية مزمل فقيري على يد مليشيا الجنجويد
  • ‏مدرب ‎التعاون: كانت المباراة معقدة ولكن حققنا الانتصار وهو المهم.. فيديو
  • من يبعد الاقتصاد عن الحرب القادمة !؟
  • شركات لبنان الخاصة في أتون الحرب: خطط للصمود.. ولكن!
  • إجماع أوربي غير مسبوق على دعم الشراكة مع المغرب وعزاءٌ وعويل في حظيرة الكبرانات
  • صحيفة عبرية: خسائر الجيش الإسرائيلي تظهر تزايد التهديد "القاتل" للطائرات المسيرة القادمة من اليمن والعراق