انتخابات غريبة في بلد يلفه الضباب
تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT
عادت الأرقام القياسية إلى المجال الانتخابي والسياسي، وذلك بعد اختفائها من القاموس التونسي. هذا ما شعر به الكثيرون بعد الإعلان عن نتائج الاقتراع الذي تم يوم الأحد الماضي عن طريق شركة خاصة لسبر الآراء، حيث تم الإعلان عن فوز قيس سعيد بنسبة 89.2 في المئة، ثم قامت الهيئة المستقلة لمراقبة الانتخابات بتصحيحه ليصبح 90.
بناء عليه لن تكون هناك دورة ثانية، وهو الاحتمال الذي كان يخشى وقوعه أنصار سعيد وعملوا على الحيلولة دون وقوعه. وفي المقابل، راهنت على هذا الاحتمال الأطراف المعارضة والمطالبة بالتغيير، والتي شاركت في العملية الانتخابية، وشجعت أنصارها على الذهاب إلى صناديق الاقتراع رغم دعوة معظم الأحزاب إلى المقاطعة.
تونس مرشحة لكي تواصل السير على نفس النهج، وتحت نفس القيادة، حتى الخطاب السياسي فيما يبدو سيحافظ على شكله ومضمونه ومفرداته. فالرئيس الفائز أعلن بعد الفوز مباشرة بأنه سيحارب "المشككين" إلى جانب الفاسدين، وذلك بعد موجة من القدح في صحة الأرقام المعلنة، خاصة من قبل أنصار المرشحين المنافسين اللذين قبلا الرهان وانخرطا في اللعبة رغم كونها غير متكافئة،تونس مرشحة لكي تواصل السير على نفس النهج، وتحت نفس القيادة، حتى الخطاب السياسي فيما يبدو سيحافظ على شكله ومضمونه ومفرداته. فالرئيس الفائز أعلن بعد الفوز مباشرة بأنه سيحارب "المشككين" إلى جانب الفاسدين، وذلك بعد موجة من القدح في صحة الأرقام المعلنة، خاصة من قبل أنصار المرشحين المنافسين ليكون مصيرهما التهميش والإذلال بعد أن حصلا حسب التوزيع الرسمي للأصوات على فتات لم يتجاوز حدود 11 في المئة.
واعتمدت حملة التشكيك على المفارقة التي حصلت بين نتائج الانتخابات التي فاز بها قيس سعيد عام 2019 عندما منحته الأحزاب والمنظمات أصوات أنصارها، وقارنتها بعدد الأصوات التي حصل عليها في هذه الانتخابات، والتي لم تنقص إلا قليلا رغم معارضة هذه الأحزاب، إلى جانب جزء من قاعدة اتحاد الشغل والمجتمع المدني وجزء من رجال الأعمال وغير ذلك من الفعاليات.
الأهم الآن هو استشراف المستقبل. غابت الأحزاب أو كادت في الانتخابات الأخيرة، تضاربت مواقفها، وتشتتت صفوفها، وفقدت هيبتها، وسقطت في ثنائية المعارضة ضد المعارضة. ولا يُعرف ما الذي ستفعله خلال المرحلة القادمة بعد أن نجحت السلطة في إرباكها ومزيد إضعافها، وتعميق التناقضات بين مكوناتها. ستواصل تحركاتها الاحتجاج، ولكن بنفس العقلية وبنفس التكتيك والحسابات الضيقة والتنافر المرضي. فعندما يدعو فريق إلى تنظيم تجمع أو مسيرة ضد السلطة، يرفض التنسيق مع الأطراف الأخرى، وتكون النتيجة عدم المشاركة، وبالتالي تذرر الجهود والساحات، والمستفيد من ذلك هو النظام بشكل أساسي.
لهذا، وجب فهم الأسباب العميقة التي جعلت العقل الجماعي لعموم التونسيين يستوعبون مقولة النظام القائمة على اتهام المعارضين بدون تمييز بالفساد والتآمر والعمالة للخارج. وهذه الاتهامات تصدقها شرائح اجتماعية عديدة دون تفكير وتمحيص، وذلك رغم غياب الأدلة القاطعة بأن المعارضة هي المسؤولة عن فقدان المواد الأساسية من الأسواق، أو التخابر مع الخارج.. إلخ.
هذه الانتخابات بقيت إلى آخر لحظة تفتقر لشروط ديمقراطية الانتخابات التي كانت متوفرة في جميع الانتخابات السابقة منذ 14 كانون الثاني/ يناير، وهو ما عاينته وسجلته جميع المنظمات المختصة، ويكفي في هذا السياق أنها تمت بدون منافسة حقيقية حيث يقبع معظم القادة السياسيين في السجون، وفي غياب مناخ سياسي ديمقراطي
في مقابل ذلك، هناك رصيد بشري ضخم يستوجب التوجه إليه، والسماح له باكتساب وعي سياسي وحضاري ناضج يمكنه من المشاركة الفعالة في التغيير العام. يتمثل هذا الرصيد في 90 في المئة من الشباب الذين لم يشاركوا في التصويت، ولم يهتموا بما يجري في البلاد. هؤلاء ضحايا المنظومة السياسية والتعليمية والثقافية، وهم يشكلون قوة كامنة وقلقة في الآن نفسه. قوة ضيّعتها الأحزاب في فترة وجيزة رغم أنها هي التي صنعت الثورة وأججتها ودفعت ثمنها، وفجأة خاب أملها في الجميع الذين انشغلوا عن الشباب وكادوا يخرجوهم من كل الحسابات. ولعل الحراك الشبابي الاحتجاجي الذي حصل في الفترة الأخيرة، والذي انتهى إلى تصادم مع الشرطة في الموالي للانتخابات، يمكن أن يشكل خميرة لبناء المرحلة القادمة، رغم استمرار الأيديولوجيات في تعميق الانقسام، وخلق حالة من الفرز المغلوط في مرحلة تضرر الجميع في حرياتهم وحقوقهم.
الأكيد أن هذه الانتخابات بقيت إلى آخر لحظة تفتقر لشروط ديمقراطية الانتخابات التي كانت متوفرة في جميع الانتخابات السابقة منذ 14 كانون الثاني/ يناير، وهو ما عاينته وسجلته جميع المنظمات المختصة، ويكفي في هذا السياق أنها تمت بدون منافسة حقيقية حيث يقبع معظم القادة السياسيين في السجون، وفي غياب مناخ سياسي ديمقراطي. لكن مع ذلك يبقى السؤال الذي يصعب الإجابة عنه حاليا بكل ثقة ووضوح: هل وقع التلاعب بالأرقام وبالصناديق يوم الاقتراع كما تؤكد المعارضة أم لا؟ المطلوب التريث قليلا حتى يتضح الخيط الأبيض من الخيط الأسود، فالحقيقة ستظهر في يوم من الأيام.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه التونسي قيس سعيد الانتخابات تونس انتخابات قيس سعيد مقالات مقالات مقالات تكنولوجيا سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی المئة
إقرأ أيضاً:
واشنطن تضغط على كييف: لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية بحلول نهاية العام
قال مسؤول كبير في إدارة الرئيس دونالد ترامب، إن الولايات المتحدة تريد أن تجري أوكرانيا انتخابات، ربما بحلول نهاية العام، خاصة إذا تمكنت كييف من الاتفاق على هدنة مع روسيا في الأشهر المقبلة.
اعلانوأوضح كيث كيلوغ، مبعوث الرئيس الأمريكي الخاص لأوكرانيا وروسيا، في حديث مع "رويترز"، إن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الأوكرانية، التي تم تعليقها خلال الحرب مع روسيا، "يجب أن تتم".
وتابع كيلوغ أن "معظم الدول الديمقراطية تجري انتخابات حتى في أوقات الحرب. أعتقد أن ذلك أمر مهم". وأضاف "أعتقد أن ذلك جيد للديمقراطية. فهذه هي ميزة الديمقراطية الراسخة، حيث يمكن أن يكون هناك أكثر من مرشح واحد".
وفي وقت سابق، أكد كل من ترامب وكيلوغ أنهما يعملان على خطة للتوسط في اتفاق في الأشهر القليلة الأولى من الإدارة الجديدة لإنهاء الحرب الشاملة التي اندلعت بغزو روسي في فبراير 2022.
كيث كيلوغ، مبعوث الرئيس الأمريكي الخاص لأوكرانيا وروسياAP Photo/Andrew Harnik, Fileولم يقدموا سوى القليل من التفاصيل حول استراتيجيتهم لإنهاء الصراع الأكثر دموية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، كما لم يحددوا موعدا للكشف عن هذه الخطة.
ولا تزال خطة ترامب قيد البحث، ولم تتخذ أي قرارات سياسية بعد، لكن كيلوغ ومسؤولين آخرين في البيت الأبيض ناقشوا في الأيام الأخيرة دفع أوكرانيا للموافقة على إجراء انتخابات كجزء من هدنة أولية مع روسيا، وفقا لما ذكره شخصان مطلعان على هذه المحادثات ومسؤول أمريكي سابق مطلع على اقتراح الانتخابات.
كما يناقش مسؤولو ترامب ما إذا كان ينبغي الدفع باتجاه وقف إطلاق نار أولي قبل محاولة التوصل إلى اتفاق أكثر ديمومة، وفقا لما قاله الشخصان المطلعان على مناقشات إدارة ترامب.
وأوضح المصدران أنه في حال إجراء الانتخابات الرئاسية في أوكرانيا، فإن الفائز بها قد يكون مسؤولا عن التفاوض على اتفاق طويل الأمد مع موسكو.
وقد رفضت المصادر الكشف عن هويتها نظرا لحساسية القضايا السياسية والأمنية التي يجري بحثها.
Relatedقصف روسي على كييف يسفر عن ثلاثة قتلى على الأقل وأوكرانيا تهاجم 13 موقعًا روسيا تدعي السيطرة على بلدة جديدة شرق أوكرانيا.. وقرار أوروبي بتمديد العقوبات على موسكوالجيش الروسي يواصل تقدمه في أوكرانيا: السيطرة على بلدة جديدة في خاركيفلا يزال من غير الواضح كيف ستستقبل كييف مثل هذا المقترح من ترامب.
فقد قال الرئيس فولوديمير زيلينسكي، إن أوكرانيا يمكن أن تجري انتخابات هذا العام إذا انتهت المعارك وتم توفير ضمانات أمنية قوية لمنع روسيا من استئناف الأعمال العدائية.
وذكر مستشار بارز في كييف ومصدر في الحكومة الأوكرانية، أن إدارة ترامب لم تطلب رسميا حتى الآن من أوكرانيا إجراء الانتخابات الرئاسية بحلول نهاية العام.
وكان من المفترض أن تنتهي فترة ولاية زيلينسكي التي استمرت خمس سنوات في عام 2024، ولكن لا يمكن إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ظل الأحكام العرفية التي فرضتها أوكرانيا في فبراير 2022.
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكيأ بوقال مسؤولان أمريكيان كبيران سابقان، إن واشنطن أثارت قضية الانتخابات مع كبار المسؤولين في مكتب زيلينسكي في عامي 2023 و2024 أثناء إدارة بايدن.
وقال المسؤولان، إن مسؤولين في وزارة الخارجية والبيت الأبيض أبلغوا نظراءهم الأوكرانيين أن الانتخابات ضرورية للحفاظ على المعايير الدولية والديمقراطية.
قال المسؤولان الأمريكيان السابقان، إن المسؤولين في كييف رفضوا الفكرة في محادثاتهم مع واشنطن خلال الأشهر الأخيرة، وأخبروا مسؤولي بايدن أن إجراء الانتخابات في ظل هذه الأوضاع المتوترة قد يؤدي إلى انقسامات بين القادة الأوكرانيين ويفتح الباب أمام محاولات التأثير الروسية.
اعلانوعندما سئل المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف عن المعلومات التي أفاد بها مسؤول غربي سابق وشخصان آخران مطلعان على القضية لوكالة رويترز، أجاب قائلا: "ليس لدينا هذه المعلومات".
ونقلت وكالة "إنترفاكس" للأنباء عن نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف في 27 يناير قوله، إن الاتصالات المباشرة بين موسكو وإدارة ترامب لم تبدأ بعد.
وتقول وزارة الخارجية الروسية إنها لا تزال تنتظر موافقة الولايات المتحدة على اختيارها الجديد كسفير لموسكو في واشنطن، وهو منصب شاغر حاليا.
من جهته، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين علنا إنه لا يعتبر زيلينسكي زعيما شرعيا في ظل غياب تفويض انتخابي جديد، وأن الرئيس الأوكراني ليس لديه الحق القانوني لتوقيع أي اتفاقيات ملزمة تتعلق بعملية السلام المحتملة.
اعلانلكن بوتين أشار في الوقت ذاته، إلى أن زيلينسكي يمكنه المشاركة في المفاوضات، بشرط أن يلغي أولا المرسوم الذي وقعه عام 2022، والذي يحظر إجراء محادثات مع روسيا طالما أن بوتين في السلطة.
ووصف المصدر الحكومي الأوكراني موقف بوتين، بأنه مجرد ذريعة لتعطيل المفاوضات المستقبلية، قائلا: "(إنه) ينصب فخا، مدعيا أنه إذا لم تجر أوكرانيا الانتخابات، فيمكنه لاحقا تجاهل أي اتفاقات يتم التوصل إليها".
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية ترامب يكشف عن"مناقشات جادة" تجري مع روسيا بشأن أوكرانيا فهل تضع الحرب أوزارها؟ مقتل 6 أشخاص بهجوم روسي بمسيرة على بناية سكنية في سومي شمال شرق أوكرانيا بيلاروس تؤكد جاهزيتها لإعادة فتح المعابر الحدودية مع أوكرانيا "في أقرب وقت" فولوديمير زيلينسكيفلاديمير بوتيندونالد ترامبروسياالولايات المتحدة الأمريكيةالحرب في أوكرانيا اعلاناخترنا لكيعرض الآنNextمباشر. توسيع العملية العسكرية بالضفة والأزمة الإنسانية تتفاقم بغزة ونتنياهو يؤجل المفاوضات حتى لقائه بترامب يعرض الآنNext كيف علقت كندا والمكسيك والصين على فرض ترامب رسوماً جمركية على وارداتها؟ يعرض الآنNext واشنطن بوست: إسرائيل تبني قواعد عسكرية في المنطقة منزوعة السلاح على الحدود السورية يعرض الآنNext السودان: أكثر من 60 قتيلا في هجوم لقوات الدعم السريع على سوق شعبي في أم درمان يعرض الآنNext "سنجدكم ونقتلكم".. ترامب يأمر بشن غارات جوية ضد مقاتلي داعش في الصومال اعلانالاكثر قراءة أسعار القهوة ترتفع بنسبة 90% بسبب تهديدات ترامب لكولومبيا وتأثير الظروف الجوية مباشر. حماس تسلم الأسرى الإسرائيليين الثلاثة و183 فلسطينيا إلى الحرية مجددا منهم 18 من ذوي الأحكام العالية فيديو: هكذا سلمت حماس الرهينة الأمريكي الإسرائيلي كيث سيغل في ميناء غزة أكبر تجمع للمسلمين بعد الحج .. مهرجان ديني على ضفاف نهر توراغ في بنغلاديش شاهد كيف كان رد فعل أسرة الأسير الإسرائيلي الفرنسي عوفر كالديرون بعد الإفراج عنه اعلانLoaderSearchابحث مفاتيح اليومإسرائيلحركة حماسدونالد ترامبالصراع الإسرائيلي الفلسطيني قطاع غزةروسياالحرب في أوكرانيا إطلاق سراحمحادثات - مفاوضاتإسبانيادونيتسكالذكاء الاصطناعيالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2025