عربي21:
2024-10-08@02:32:18 GMT

انتخابات غريبة في بلد يلفه الضباب

تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT

عادت الأرقام القياسية إلى المجال الانتخابي والسياسي، وذلك بعد اختفائها من القاموس التونسي. هذا ما شعر به الكثيرون بعد الإعلان عن نتائج الاقتراع الذي تم يوم الأحد الماضي عن طريق شركة خاصة لسبر الآراء، حيث تم الإعلان عن فوز قيس سعيد بنسبة 89.2 في المئة، ثم قامت الهيئة المستقلة لمراقبة الانتخابات بتصحيحه ليصبح 90.

69 في المئة. وللاحتفال بهذا الانتصار نزلت المسيرات الشعبية، وقام الرئيس المنتهية ولايته بجولة في قلب العاصمة، وضج الإعلام الرسمي بمختلف برامجه ومحلليه دعما وتبريرا.

بناء عليه لن تكون هناك دورة ثانية، وهو الاحتمال الذي كان يخشى وقوعه أنصار سعيد وعملوا على الحيلولة دون وقوعه. وفي المقابل، راهنت على هذا الاحتمال الأطراف المعارضة والمطالبة بالتغيير، والتي شاركت في العملية الانتخابية، وشجعت أنصارها على الذهاب إلى صناديق الاقتراع رغم دعوة معظم الأحزاب إلى المقاطعة.

تونس مرشحة لكي تواصل السير على نفس النهج، وتحت نفس القيادة، حتى الخطاب السياسي فيما يبدو سيحافظ على شكله ومضمونه ومفرداته. فالرئيس الفائز أعلن بعد الفوز مباشرة بأنه سيحارب "المشككين" إلى جانب الفاسدين، وذلك بعد موجة من القدح في صحة الأرقام المعلنة، خاصة من قبل أنصار المرشحين المنافسين اللذين قبلا الرهان وانخرطا في اللعبة رغم كونها غير متكافئة،تونس مرشحة لكي تواصل السير على نفس النهج، وتحت نفس القيادة، حتى الخطاب السياسي فيما يبدو سيحافظ على شكله ومضمونه ومفرداته. فالرئيس الفائز أعلن بعد الفوز مباشرة بأنه سيحارب "المشككين" إلى جانب الفاسدين، وذلك بعد موجة من القدح في صحة الأرقام المعلنة، خاصة من قبل أنصار المرشحين المنافسين ليكون مصيرهما التهميش والإذلال بعد أن حصلا حسب التوزيع الرسمي للأصوات على فتات لم يتجاوز حدود 11 في المئة.

واعتمدت حملة التشكيك على المفارقة التي حصلت بين نتائج الانتخابات التي فاز بها قيس سعيد عام 2019 عندما منحته الأحزاب والمنظمات أصوات أنصارها، وقارنتها بعدد الأصوات التي حصل عليها في هذه الانتخابات، والتي لم تنقص إلا قليلا رغم معارضة هذه الأحزاب، إلى جانب جزء من قاعدة اتحاد الشغل والمجتمع المدني وجزء من رجال الأعمال وغير ذلك من الفعاليات.

الأهم الآن هو استشراف المستقبل. غابت الأحزاب أو كادت في الانتخابات الأخيرة، تضاربت مواقفها، وتشتتت صفوفها، وفقدت هيبتها، وسقطت في ثنائية المعارضة ضد المعارضة. ولا يُعرف ما الذي ستفعله خلال المرحلة القادمة بعد أن نجحت السلطة في إرباكها ومزيد إضعافها، وتعميق التناقضات بين مكوناتها. ستواصل تحركاتها الاحتجاج، ولكن بنفس العقلية وبنفس التكتيك والحسابات الضيقة والتنافر المرضي. فعندما يدعو فريق إلى تنظيم تجمع أو مسيرة ضد السلطة، يرفض التنسيق مع الأطراف الأخرى، وتكون النتيجة عدم المشاركة، وبالتالي تذرر الجهود والساحات، والمستفيد من ذلك هو النظام بشكل أساسي.

لهذا، وجب فهم الأسباب العميقة التي جعلت العقل الجماعي لعموم التونسيين يستوعبون مقولة النظام القائمة على اتهام المعارضين بدون تمييز بالفساد والتآمر والعمالة للخارج. وهذه الاتهامات تصدقها شرائح اجتماعية عديدة دون تفكير وتمحيص، وذلك رغم غياب الأدلة القاطعة بأن المعارضة هي المسؤولة عن فقدان المواد الأساسية من الأسواق، أو التخابر مع الخارج.. إلخ.

هذه الانتخابات بقيت إلى آخر لحظة تفتقر لشروط ديمقراطية الانتخابات التي كانت متوفرة في جميع الانتخابات السابقة منذ 14 كانون الثاني/ يناير، وهو ما عاينته وسجلته جميع المنظمات المختصة، ويكفي في هذا السياق أنها تمت بدون منافسة حقيقية حيث يقبع معظم القادة السياسيين في السجون، وفي غياب مناخ سياسي ديمقراطي
في مقابل ذلك، هناك رصيد بشري ضخم يستوجب التوجه إليه، والسماح له باكتساب وعي سياسي وحضاري ناضج يمكنه من المشاركة الفعالة في التغيير العام. يتمثل هذا الرصيد في 90 في المئة من الشباب الذين لم يشاركوا في التصويت، ولم يهتموا بما يجري في البلاد. هؤلاء ضحايا المنظومة السياسية والتعليمية والثقافية، وهم يشكلون قوة كامنة وقلقة في الآن نفسه. قوة ضيّعتها الأحزاب في فترة وجيزة رغم أنها هي التي صنعت الثورة وأججتها ودفعت ثمنها، وفجأة خاب أملها في الجميع الذين انشغلوا عن الشباب وكادوا يخرجوهم من كل الحسابات. ولعل الحراك الشبابي الاحتجاجي الذي حصل في الفترة الأخيرة، والذي انتهى إلى تصادم مع الشرطة في الموالي للانتخابات، يمكن أن يشكل خميرة لبناء المرحلة القادمة، رغم استمرار الأيديولوجيات في تعميق الانقسام، وخلق حالة من الفرز المغلوط في مرحلة تضرر الجميع في حرياتهم وحقوقهم.

الأكيد أن هذه الانتخابات بقيت إلى آخر لحظة تفتقر لشروط ديمقراطية الانتخابات التي كانت متوفرة في جميع الانتخابات السابقة منذ 14 كانون الثاني/ يناير، وهو ما عاينته وسجلته جميع المنظمات المختصة، ويكفي في هذا السياق أنها تمت بدون منافسة حقيقية حيث يقبع معظم القادة السياسيين في السجون، وفي غياب مناخ سياسي ديمقراطي. لكن مع ذلك يبقى السؤال الذي يصعب الإجابة عنه حاليا بكل ثقة ووضوح: هل وقع التلاعب بالأرقام وبالصناديق يوم الاقتراع كما تؤكد المعارضة أم لا؟ المطلوب التريث قليلا حتى يتضح الخيط الأبيض من الخيط الأسود، فالحقيقة ستظهر في يوم من الأيام.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه التونسي قيس سعيد الانتخابات تونس انتخابات قيس سعيد مقالات مقالات مقالات تكنولوجيا سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی المئة

إقرأ أيضاً:

انتخابات رئاسية في تونس للاختيار بين سعيّد ومؤيد ومسجون

يتوجه الناخبون التونسيون اليوم الأحد إلى مكاتب الاقتراع في انتخابات رئاسية يشارك فيها 3 مرشحين، أبرزهم الرئيس المنتهية ولايته قيس سعيد الذي يواجه اتهامات باستهداف منافسيه.

وتفتح مراكز الاقتراع أبوابها لاستقبال نحو 10 ملايين مسجل في القوائم الانتخابية عند الساعة الثامنة صباحا بالتوقيت المحلي (7:00 بتوقيت غرينتش، 10:00 بتوقيت مكة المكرمة) على أن تغلق السادسة مساء.

ومن المنتظر أن تعلن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات النتائج الأولية "على أقصى تقدير" يوم الأربعاء المقبل، وتظل إمكانية الإعلان عن النتائج قبل هذا التاريخ واردة.

3 مرشحين فقط

ومن بين 17 ملف ترشح لانتخابات الرئاسة قررت هيئة الانتخابات في أغسطس/آب الماضي قبول ملفات 3 مرشحين بصورة أولية، هم الرئيس الحالي قيس سعيد (66 عاما)، وأمين عام حركة الشعب (مؤيدة لسعيد)، ورئيس حركة "عازمون" المعارضة زهير المغزاوي (59 عاما)، وعياشي زمال (47 عاما) والمسجون بتهم "تزوير" تزكيات، الأمر الذي دفع 6 من المرفوضة ملفات ترشحهم للطعن أمام الدوائر الاستئنافية في المحكمة الإدارية، والتي بدورها أيدت قرار الهيئة.

ولاحقا، قدّم عدد من المرفوضة ملفات ترشحهم طعونا إلى المحكمة الإدارية، والتي قضت في أحكام نهائية بقبول طعون 3 مرشحين، مما يعني إعادتهم إلى السباق الانتخابي، وهم عبد اللطيف المكي وعماد الدايمي ومنذر الزنايدي، لكن هيئة الانتخابات لم تعتمدهم.

المرشحون لانتخابات الرئاسة العياشي زمال (يمين) وزهير المغزاوي (وسط) وقيس سعيد (وكالات)

ودعت المحكمة الإدارية في 14 سبتمبر/أيلول الماضي إلى إعادة المرشحين للرئاسيات، لكن البرلمان التونسي أقر في الـ20 من الشهر نفسه إحالة مشروع قانون قدمه 34 نائبا يقترح سحب سلطة المحكمة الإدارية على الانتخابات إلى محكمة الاستئناف.

ووفق الاختصاصات الراهنة، ينظر القضاء الإداري في الخلافات بين المواطنين ومؤسسات الدولة عبر جلسة يجتمع فيها 27 من القضاة، في حين تنظر محكمة الاستئناف في النزاعات القائمة بين المواطنين في جلسة مكونة من 3 قضاة.

ولاحقا، أيد 116 نائبا مشروع القانون مقابل 12 صوتوا ضده، في حين تحفّظ عليه 8 نواب.

موعد مع التاريخ

وفي خطاب ألقاه الخميس الماضي دعا سعيّد التونسيين إلى ما وصفه بـ"موعد مع التاريخ" في رابع سباق رئاسي عقب ثورة 2011، قائلا "لا تتردوا لحظة واحدة في الإقبال بكثافة على المشاركة في الانتخابات"، لأنه "سيبدأ العبور، فهبّوا جميعا إلى صناديق الاقتراع لبناء جديد".

وانتُخب سعيد بما يقارب 73% من الأصوات في 2019 خلال انتخابات بلغت نسبة المشاركة فيها 58%.

وبعد مرور 5 سنوات من الحكم يتعرض سعيد لانتقادات شديدة من معارضين ومن منظمات المجتمع المدني، لأنه كرس الكثير من الجهد والوقت لتصفية الحسابات مع خصومه.

قيس سعيد حصل على نحو 73% من الأصوات في انتخابات 2019 (الأناضول)

وتندد المعارضة -التي يقبع أبرز زعمائها في السجون- ومنظمات غير حكومية تونسية وأجنبية بـ"الانجراف السلطوي" في بلد مهد الربيع العربي، وذلك من خلال تسليط الرقابة على القضاء والصحافة والتضييق على منظمات المجتمع المدني واعتقال نقابيين وناشطين وإعلاميين.

وكانت الحملة الانتخابية باهتة دون اجتماعات أو إعلانات انتخابية أو ملصقات ولا مناظرات تلفزيونية بين المرشحين مثلما كان عليه الحال في العام 2019.

وتظاهر مئات التونسيين في العاصمة تونس أول أمس الجمعة للتنديد بـ"القمع المتزايد".

وطالب المتظاهرون في شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي بالعاصمة بإنهاء حكم سعيّد، رافعين لافتات تصفه بـ"الفرعون المتلاعب بالقانون"، وسط حضور أمني كثيف.

وتشير إحصاءات منظمة "هيومن رايتس ووتش" إلى أن "أكثر من 170 شخصا هم بالفعل محتجزون لدوافع سياسية او لممارسة الحقوق الأساسية" في تونس.

وأعلنت الهيئة العليا للانتخابات رفضها اعتماد بعض الجمعيات (لم تسمها) لمراقبة الانتخابات الرئاسية بحجة تلقيها "تمويلات أجنبية مشبوهة".

مقالات مشابهة

  • وول ستريت جورنال: الليكود لن يتمكن من تشكيل ائتلاف حاكم في إسرائيل
  • %27.7 نسبة التصويت الأولية في انتخابات الرئاسة التونسية
  • تونس تصوت في ثالث انتخابات رئاسية منذ الربيع العربي
  • اليوم..انتخابات الرئاسة التونسية
  • انتخابات الاقليم.. حزب بارزاني يشكو المؤامرات المتزايدة ويصوب نحو الأحزاب في بغداد- عاجل
  • انتخابات رئاسية في تونس للاختيار بين سعيّد ومؤيد ومسجون
  • الرئيس النمساوي يجري محادثات مبدئية مع رؤساء الأحزاب لتشكيل الائتلاف الحاكم
  • المعارضة التونسية والخيارات الانتخابية الصعبة
  • المعارضة التونسية والخيارات الانتخابيةالصعبة