لقد أدت الضربة الصاروخية الثانية التي وجهتها إيران إلى إسرائيل في الأول من أكتوبر/تشرين الأول إلى تصعيد التوترات في الشرق الأوسط بشكل كبير، مما زاد من خطر تصاعد دورة العنف الانتقامي التي قد تؤدي إلى صراع إقليمي واسع النطاق.

وكانت التوترات قد تصاعدت بالفعل بشكل خطير مع اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، في طهران، ثم مقتل حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، إلى جانب الجنرال عباس نيلفوروشان، نائب قائد الحرس الثوري الإسلامي، وقادة كبار آخرين في لبنان.

ويمثل اغتيال نصر الله، على وجه الخصوص، يشكل لحظة محورية في هذه التطورات. ففي أعقاب الضربة العسكرية الكبرى التي وجهتها إسرائيل في إبريل/نيسان، عادت إيران إلى موقف “الصبر الاستراتيجي” بعد أن هاجمت إسرائيل سوريا ولبنان، وامتنعت عن الرد المباشر على اغتيال هنية وغيرها من الحوادث.

منذ هجوم حماس على إسرائيل قبل عام في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، كان الرأي السائد في إيران هو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يريد حرباً إقليمية شاملة من شأنها أن تجر إيران إلى صراع مباشر مع إسرائيل والولايات المتحدة. وبعد أن فشلت في جر إيران إلى حرب غزة، فتحت إسرائيل جبهة جديدة في لبنان لاستفزاز إيران للدخول في الصراع بشكل مباشر.

ولذلك، فمن وجهة النظر الإيرانية، فإن تحويل “الحرب في المنطقة” إلى “حرب إقليمية” هو الهدف الرئيسي لإسرائيل.

وتسبب استمرار سياسة الصبر الاستراتيجي التي تنتهجها إيران، وافتقارها إلى الرد على اغتيال هنية، بانتقادات واسعة النطاق من جانب المحافظين والمعارضين للحكومة المعتدلة الجديدة برئاسة مسعود بزشكيان. ويقول المنتقدون إن سلبية إيران شجعت إسرائيل على اغتيال نصر الله وكبار قادة حزب الله. ويعتقد المعارضون والمحافظون أن استمرار هذه السياسة أدى إلى تقليص قوة الردع الإيرانية في المنطقة، ومكن إسرائيل من تحقيق المزيد من التقدم.

كما امتنعت إيران عن الرد المباشر على اغتيال هنية، ويرجع ذلك جزئياً إلى الضغوط من جانب الدول الغربية والعربية على أمل التوسط في وقف إطلاق النار في غزة. ومع ذلك، واصلت إسرائيل هجماتها على غزة ووسعت نطاق الصراع إلى لبنان. واعتبرت جماعات المعارضة والمحافظون هذا بمثابة خيانة أخرى من جانب الغرب، واتهموا بيزيشكيان بارتكاب نفس الخطأ الذي ارتكبه الرئيس السابق حسن روحاني بوضع الكثير من الثقة في الدبلوماسية الغربية. وبعد اغتيال نصر الله، تعالت الدعوات للانتقام.

لا شك أن هذا الاتجاه الجديد سيشكل تحديًا خطيرًا للغاية للحكومة المعتدلة التي يتزعمها بيزيشكيان والتي تسعى إلى إحياء الاتفاق النووي الإيراني المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة(JCPOA). وسيشكل تدخل إيران المباشر في الحرب تحديا خطيرا لتلك العملية. من الصعب جدا – بل من المستحيل – الفصل بين قضايا الاتفاق النووي والحرب بين إيران وإسرائيل.

يقود نتنياهو الحكومة الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل، ويرى في إضعاف القوى التابعة لإيران مثل حزب الله فرصة غير مسبوقة لمواجهة إيران. إن الرأي السائد في إيران هو استمرار للسياسة التي أطلق عليها وزير التعليم الإسرائيلي نفتالي بينيت في عام 2018 مبدأ الأخطبوط، والذي نص على أنه بدلاً من مواجهة وكلاء طهران في المنطقة بشكل فردي، يجب على إسرائيل مواجهة إيران نفسها بشكل مباشر.

وفي ضوء كل هذه التطورات، يشعر المجتمع الدولي ــ وخاصة بلدان الشرق الأوسط ــ بقلق بالغ إزاء احتمال اندلاع حرب إقليمية شاملة. وتحتفظ الولايات المتحدة، الحليف الوثيق لإسرائيل، بقواعد عسكرية عديدة في المنطقة. وقد حذرت إيران رسميا هذه البلدان من أن أي مساعدة لإسرائيل والولايات المتحدة في شن هجمات عسكرية ضد إيران سوف تجعلها أهدافا مشروعة للهجمات الإيرانية. كما تشكل الصدمة المحتملة الشديدة لسوق النفط العالمية مصدر قلق دولي رئيسي آخر.

وإذا أمكن تجنب دورة العمل العسكري والانتقام بين إيران وإسرائيل من خلال الضغط الدولي، فمن المرجح أن تعود إيران إلى سياسة الصبر الاستراتيجي والعمل على إحياء قواتها بالوكالة، وخاصة حزب الله في لبنان. وعلى الرغم من تعرضه لضربات قوية في الهجمات الأخيرة ــ وهي ضربات غير مسبوقة منذ تأسيسه في عام 1982 ــ فإن حزب الله بعيد كل البعد عن التدمير. ولا تزال الجماعة تمارس نفوذا سياسيا وعسكريا كبيرا في لبنان وفي مختلف أنحاء سوريا والعراق واليمن.

وتظل إيران تأمل في أن تتمكن من خلال إعادة بناء قيادة حزب الله ومعنوياته وثقته من الحفاظ على هذا الركيزة الأساسية لجبهة المقاومة كجزء من استراتيجيتها الرادعة في الشرق الأوسط.

*نشر أولاً في “نيكاي آسيا“

يمن مونيتور7 أكتوبر، 2024 شاركها فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام الحوثيون يعلنون مسؤوليتهم عن الصواريخ التي أطلقت على وسط إسرائيل إيران ــ إسرائيل.. نحو حرب إقليمية؟ مقالات ذات صلة إيران تعد 10 سيناريوهات للرد الإسرائيلي المحتمل 7 أكتوبر، 2024 إيران ــ إسرائيل.. نحو حرب إقليمية؟ 7 أكتوبر، 2024 الحوثيون يعلنون مسؤوليتهم عن الصواريخ التي أطلقت على وسط إسرائيل 7 أكتوبر، 2024 حرب شاملة في الشرق الأوسط تقترب وجهود التهدئة محكومة بالفشل 7 أكتوبر، 2024 اترك تعليقاً إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التعليق *

الاسم *

البريد الإلكتروني *

الموقع الإلكتروني

احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.

Δ

شاهد أيضاً إغلاق آراء ومواقف جذر الصراع 7 أكتوبر، 2024 الأخبار الرئيسية إيران تعد 10 سيناريوهات للرد الإسرائيلي المحتمل 7 أكتوبر، 2024 إيران ــ إسرائيل.. نحو حرب إقليمية؟ 7 أكتوبر، 2024 لا ينبغي أن تتحول الحرب في الشرق الأوسط إلى حرب إقليمية 7 أكتوبر، 2024 الحوثيون يعلنون مسؤوليتهم عن الصواريخ التي أطلقت على وسط إسرائيل 7 أكتوبر، 2024 حرب شاملة في الشرق الأوسط تقترب وجهود التهدئة محكومة بالفشل 7 أكتوبر، 2024 الأكثر مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 اخترنا لك إيران ــ إسرائيل.. نحو حرب إقليمية؟ 7 أكتوبر، 2024 جذر الصراع 7 أكتوبر، 2024 موجة الموت التي أسقطت الملالي في الشرق الأوسط 7 أكتوبر، 2024 الحرب السادسة في المنطقة خلال 40 عاما قد تكون الأسوأ 7 أكتوبر، 2024 عن فتحية الجرافي 4 أكتوبر، 2024 الطقس صنعاء غيوم متفرقة 19 ℃ 19º - 19º 24% 2.91 كيلومتر/ساعة 19℃ الأثنين 25℃ الثلاثاء 24℃ الأربعاء 24℃ الخميس 24℃ الجمعة تصفح إيضاً إيران تعد 10 سيناريوهات للرد الإسرائيلي المحتمل 7 أكتوبر، 2024 إيران ــ إسرائيل.. نحو حرب إقليمية؟ 7 أكتوبر، 2024 الأقسام أخبار محلية 28٬088 غير مصنف 24٬183 الأخبار الرئيسية 14٬738 اخترنا لكم 7٬024 عربي ودولي 6٬892 غزة 6 رياضة 2٬328 كأس العالم 2022 72 اقتصاد 2٬233 كتابات خاصة 2٬075 منوعات 1٬993 مجتمع 1٬834 تراجم وتحليلات 1٬771 ترجمة خاصة 56 تحليل 13 تقارير 1٬599 آراء ومواقف 1٬533 صحافة 1٬483 ميديا 1٬397 حقوق وحريات 1٬311 فكر وثقافة 896 تفاعل 813 فنون 477 الأرصاد 308 بورتريه 63 صورة وخبر 36 كاريكاتير 32 حصري 21 الرئيسية أخبار تقارير تراجم وتحليلات حقوق وحريات آراء ومواقف مجتمع صحافة كتابات خاصة وسائط من نحن تواصل معنا فن منوعات تفاعل English © حقوق النشر 2024، جميع الحقوق محفوظة   |   يمن مونيتورفيسبوكتويترملخص الموقع RSS فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق فيسبوكتويترملخص الموقع RSS البحث عن: أكثر المقالات مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 أكثر المقالات تعليقاً 1 ديسمبر، 2022 “طيران اليمنية” تعلن أسعارها الجديدة بعد تخفيض قيمة التذاكر 30 ديسمبر، 2023 انفراد- مدمرة صواريخ هندية تظهر قبالة مناطق الحوثيين 21 فبراير، 2024 صور الأقمار الصناعية تكشف بقعة كبيرة من الزيت من سفينة استهدفها الحوثيون 4 سبتمبر، 2022 مؤسسة قطرية تطلق مشروعاً في اليمن لدعم أكثر من 41 ألف شاب وفتاه اقتصاديا 4 يوليو، 2024 دراسة حديثة تحلل خمس وثائق أصدرها الحوثيون تعيد إحياء الإمامة وتغيّر الهوية اليمنية 26 فبراير، 2024 معهد أمريكي يقدم “حلا مناسباً” لإنهاء هجمات البحر الأحمر مع فشل الولايات المتحدة في وقف الحوثيين أخر التعليقات Abdaullh Enan

نور سبتمبر يطل علينا رغم العتمة، أَلقاً وضياءً، متفوقاً على...

SALEH

تم مشاهدة طائر اللقلق مغرب يوم الاحد 8 سبتمبر 2024 في محافظة...

محمد عبدالله هزاع

يا هلا و سهلا ب رئيسنا الشرعي ان شاء الله تعود هذه الزيارة ب...

.

نرحو ايصال هذا الخبر...... أمين عام اللجنة الوطنية للطاقة ال...

issam

عندما كانت الدول العربية تصارع الإستعمار كان هذا الأخير يمرر...

المصدر: يمن مونيتور

كلمات دلالية: إیران ــ إسرائیل نحو حرب إقلیمیة فی المنطقة على اغتیال إیران إلى فی لبنان نصر الله حزب الله

إقرأ أيضاً:

ترامب يمنح إسرائيل أسلحة بمليار دولار ونتنياهو يسعى لتأمين 8 مليارات أخرى

  في خطوة جديدة تعزز الدعم العسكري لإسرائيل، كشفت تقارير إعلامية عن توقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال فترة ولايته صفقة أسلحة بقيمة مليار دولار لصالح إسرائيل، بينما يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للحصول على حزمة إضافية تصل إلى 8 مليارات دولار لتعزيز القدرات الدفاعية والهجومية للجيش الإسرائيلي.  

تتضمن الصفقة الأولى التي أقرها ترامب مجموعة متطورة من الأسلحة والأنظمة الدفاعية، بما في ذلك صواريخ دقيقة التوجيه، وطائرات بدون طيار حديثة، وأنظمة رادار متقدمة لتعزيز قدرات الدفاع الجوي. وتأتي هذه الخطوة في إطار الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة وإسرائيل، التي تعتبر الأخيرة ركيزة أساسية للسياسات الأمريكية في الشرق الأوسط.  

الصفقة تمثل دعمًا مباشرًا لبرنامج التسلح الإسرائيلي، الذي يُعرف بأنه من بين الأضخم في المنطقة، وتؤكد التزام واشنطن بضمان تفوق إسرائيل العسكري النوعي على جيرانها.  

من جانبه، يسعى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى الحصول على دعم إضافي بقيمة 8 مليارات دولار من الإدارة الأمريكية، بهدف تمويل خطط عسكرية طموحة تشمل تحديث أسطول الطائرات الحربية الإسرائيلية، وتطوير أنظمة صواريخ هجومية بعيدة المدى، وتعزيز قدرات إسرائيل في الحرب السيبرانية.  

ووفقًا لمصادر مقربة من الحكومة الإسرائيلية، فإن هذه الحزمة تُعتبر حيوية للحفاظ على التفوق الاستراتيجي لإسرائيل، لا سيما في ظل التحديات الأمنية المتزايدة في المنطقة، بما في ذلك تهديدات إيران وحلفائها في الشرق الأوسط.  

أثارت هذه التطورات انتقادات واسعة من بعض الدول والمنظمات الدولية، التي ترى أن الدعم العسكري المفرط لإسرائيل قد يساهم في زيادة التوترات في المنطقة ويعرقل جهود السلام. كما حذر خبراء من أن تصاعد التسلح الإسرائيلي قد يدفع دولًا أخرى في المنطقة إلى الدخول في سباق تسلح غير مسبوق.  

على الجانب الآخر، دافعت واشنطن وتل أبيب عن هذه الصفقات باعتبارها جزءًا من تعزيز الأمن الإقليمي، حيث أكد مسؤولون أمريكيون أن دعم إسرائيل يأتي في إطار استراتيجية أوسع لضمان استقرار الشرق الأوسط وحماية المصالح المشتركة.  

تأتي هذه التحركات في سياق سياسي حساس، حيث يسعى نتنياهو لتعزيز شعبيته الداخلية عبر تحقيق إنجازات استراتيجية ملموسة، بينما تظهر هذه الصفقات استمرار التأثير العميق للعلاقة الأمريكية الإسرائيلية، حتى بعد انتهاء ولاية ترامب.  

بينما تستمر الصفقات العسكرية بين إسرائيل والولايات المتحدة في تعزيز القدرات العسكرية الإسرائيلية، يبقى التساؤل قائمًا حول تأثير هذه الخطوات على استقرار المنطقة، وما إذا كانت ستسهم في تقليل التوترات أو تعميق الانقسامات في الشرق الأوسط.

مقالات مشابهة

  • «ترامب» مغازلاً إيران: أريدها دولة عظيمة دون «سلاح نووي»!
  • وزير الدفاع الأمريكي: سنجهز إسرائيل بالذخائر التي لم تُمنح لها سابقًا
  • ترامب: نريد إيران دولة عظيمة وناجحة.. نريد احتفالا كبيرا باتفاق سلام نووي
  • النواب الأمريكي: نقف بثبات إلى جانب إسرائيل ودول منطقة الشرق الأوسط
  • نتنياهو: بعد السابع من أكتوبر حاربنا أعداءنا وغيرنا وجه الشرق الأوسط
  • «ترامب» يستقبل «نتنياهو».. ماهي «إسرائيل الصغيرة» التي تحدّث عنها؟
  • إسرائيل قطعة أرض صغيرة للغاية.. ترامب يرد على إذا ما كان يؤيد ضمها للضفة
  • لافروف يكشف عن خطط إسرائيل في غزة والضفة ولبنان وسوريا
  • جزيرتي ياس والسعديات تحصدان 190 جائزة وتكريماً في 2024
  • ترامب يمنح إسرائيل أسلحة بمليار دولار ونتنياهو يسعى لتأمين 8 مليارات أخرى