لا ينبغي أن تتحول الحرب في الشرق الأوسط إلى حرب إقليمية
تاريخ النشر: 7th, October 2024 GMT
لقد أدت الضربة الصاروخية الثانية التي وجهتها إيران إلى إسرائيل في الأول من أكتوبر/تشرين الأول إلى تصعيد التوترات في الشرق الأوسط بشكل كبير، مما زاد من خطر تصاعد دورة العنف الانتقامي التي قد تؤدي إلى صراع إقليمي واسع النطاق.
وكانت التوترات قد تصاعدت بالفعل بشكل خطير مع اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، في طهران، ثم مقتل حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، إلى جانب الجنرال عباس نيلفوروشان، نائب قائد الحرس الثوري الإسلامي، وقادة كبار آخرين في لبنان.
ويمثل اغتيال نصر الله، على وجه الخصوص، يشكل لحظة محورية في هذه التطورات. ففي أعقاب الضربة العسكرية الكبرى التي وجهتها إسرائيل في إبريل/نيسان، عادت إيران إلى موقف “الصبر الاستراتيجي” بعد أن هاجمت إسرائيل سوريا ولبنان، وامتنعت عن الرد المباشر على اغتيال هنية وغيرها من الحوادث.
منذ هجوم حماس على إسرائيل قبل عام في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، كان الرأي السائد في إيران هو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يريد حرباً إقليمية شاملة من شأنها أن تجر إيران إلى صراع مباشر مع إسرائيل والولايات المتحدة. وبعد أن فشلت في جر إيران إلى حرب غزة، فتحت إسرائيل جبهة جديدة في لبنان لاستفزاز إيران للدخول في الصراع بشكل مباشر.
ولذلك، فمن وجهة النظر الإيرانية، فإن تحويل “الحرب في المنطقة” إلى “حرب إقليمية” هو الهدف الرئيسي لإسرائيل.
وتسبب استمرار سياسة الصبر الاستراتيجي التي تنتهجها إيران، وافتقارها إلى الرد على اغتيال هنية، بانتقادات واسعة النطاق من جانب المحافظين والمعارضين للحكومة المعتدلة الجديدة برئاسة مسعود بزشكيان. ويقول المنتقدون إن سلبية إيران شجعت إسرائيل على اغتيال نصر الله وكبار قادة حزب الله. ويعتقد المعارضون والمحافظون أن استمرار هذه السياسة أدى إلى تقليص قوة الردع الإيرانية في المنطقة، ومكن إسرائيل من تحقيق المزيد من التقدم.
كما امتنعت إيران عن الرد المباشر على اغتيال هنية، ويرجع ذلك جزئياً إلى الضغوط من جانب الدول الغربية والعربية على أمل التوسط في وقف إطلاق النار في غزة. ومع ذلك، واصلت إسرائيل هجماتها على غزة ووسعت نطاق الصراع إلى لبنان. واعتبرت جماعات المعارضة والمحافظون هذا بمثابة خيانة أخرى من جانب الغرب، واتهموا بيزيشكيان بارتكاب نفس الخطأ الذي ارتكبه الرئيس السابق حسن روحاني بوضع الكثير من الثقة في الدبلوماسية الغربية. وبعد اغتيال نصر الله، تعالت الدعوات للانتقام.
لا شك أن هذا الاتجاه الجديد سيشكل تحديًا خطيرًا للغاية للحكومة المعتدلة التي يتزعمها بيزيشكيان والتي تسعى إلى إحياء الاتفاق النووي الإيراني المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة(JCPOA). وسيشكل تدخل إيران المباشر في الحرب تحديا خطيرا لتلك العملية. من الصعب جدا – بل من المستحيل – الفصل بين قضايا الاتفاق النووي والحرب بين إيران وإسرائيل.
يقود نتنياهو الحكومة الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل، ويرى في إضعاف القوى التابعة لإيران مثل حزب الله فرصة غير مسبوقة لمواجهة إيران. إن الرأي السائد في إيران هو استمرار للسياسة التي أطلق عليها وزير التعليم الإسرائيلي نفتالي بينيت في عام 2018 مبدأ الأخطبوط، والذي نص على أنه بدلاً من مواجهة وكلاء طهران في المنطقة بشكل فردي، يجب على إسرائيل مواجهة إيران نفسها بشكل مباشر.
وفي ضوء كل هذه التطورات، يشعر المجتمع الدولي ــ وخاصة بلدان الشرق الأوسط ــ بقلق بالغ إزاء احتمال اندلاع حرب إقليمية شاملة. وتحتفظ الولايات المتحدة، الحليف الوثيق لإسرائيل، بقواعد عسكرية عديدة في المنطقة. وقد حذرت إيران رسميا هذه البلدان من أن أي مساعدة لإسرائيل والولايات المتحدة في شن هجمات عسكرية ضد إيران سوف تجعلها أهدافا مشروعة للهجمات الإيرانية. كما تشكل الصدمة المحتملة الشديدة لسوق النفط العالمية مصدر قلق دولي رئيسي آخر.
وإذا أمكن تجنب دورة العمل العسكري والانتقام بين إيران وإسرائيل من خلال الضغط الدولي، فمن المرجح أن تعود إيران إلى سياسة الصبر الاستراتيجي والعمل على إحياء قواتها بالوكالة، وخاصة حزب الله في لبنان. وعلى الرغم من تعرضه لضربات قوية في الهجمات الأخيرة ــ وهي ضربات غير مسبوقة منذ تأسيسه في عام 1982 ــ فإن حزب الله بعيد كل البعد عن التدمير. ولا تزال الجماعة تمارس نفوذا سياسيا وعسكريا كبيرا في لبنان وفي مختلف أنحاء سوريا والعراق واليمن.
وتظل إيران تأمل في أن تتمكن من خلال إعادة بناء قيادة حزب الله ومعنوياته وثقته من الحفاظ على هذا الركيزة الأساسية لجبهة المقاومة كجزء من استراتيجيتها الرادعة في الشرق الأوسط.
*نشر أولاً في “نيكاي آسيا“
يمن مونيتور7 أكتوبر، 2024 شاركها فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام الحوثيون يعلنون مسؤوليتهم عن الصواريخ التي أطلقت على وسط إسرائيل إيران ــ إسرائيل.. نحو حرب إقليمية؟ مقالات ذات صلة
إيران تعد 10 سيناريوهات للرد الإسرائيلي المحتمل 7 أكتوبر، 2024
إيران ــ إسرائيل.. نحو حرب إقليمية؟ 7 أكتوبر، 2024
الحوثيون يعلنون مسؤوليتهم عن الصواريخ التي أطلقت على وسط إسرائيل 7 أكتوبر، 2024
حرب شاملة في الشرق الأوسط تقترب وجهود التهدئة محكومة بالفشل 7 أكتوبر، 2024 اترك تعليقاً إلغاء الرد
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق آراء ومواقفنور سبتمبر يطل علينا رغم العتمة، أَلقاً وضياءً، متفوقاً على...
تم مشاهدة طائر اللقلق مغرب يوم الاحد 8 سبتمبر 2024 في محافظة...
يا هلا و سهلا ب رئيسنا الشرعي ان شاء الله تعود هذه الزيارة ب...
نرحو ايصال هذا الخبر...... أمين عام اللجنة الوطنية للطاقة ال...
عندما كانت الدول العربية تصارع الإستعمار كان هذا الأخير يمرر...
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: إیران ــ إسرائیل نحو حرب إقلیمیة فی المنطقة على اغتیال إیران إلى فی لبنان نصر الله حزب الله
إقرأ أيضاً:
غزة تنتمي للشعب الفلسطيني| موقف مفاجئ من الصين وأمريكا حول خطة مصر
أعلنت الصين، يوم الجمعة، تأييدها الكامل لخطة استعادة السلام وإعادة إعمار قطاع غزة، التي طرحتها مصر وعدد من الدول العربية، مؤكدة موقفها الثابت تجاه القضية الفلسطينية وضرورة تحقيق حل عادل وشامل.
جاء ذلك خلال تصريحات أدلى بها وزير الخارجية الصيني وانج يي، في مؤتمر صحفي عُقد على هامش الدورة السنوية للهيئة التشريعية الوطنية. وشدد وانج على أن "غزة أرض تنتمي إلى الشعب الفلسطيني، وهي جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية"، رافضًا أي محاولات لتغيير وضعها بالقوة، حيث أكد أن مثل هذه المحاولات لن تحقق السلام، بل ستؤدي إلى مزيد من الفوضى والتوترات في المنطقة.
مطالب بوقف إطلاق النار وإعادة الإعمارودعا وانج يي إلى ضرورة تكثيف الجهود الدولية لتحقيق وقف شامل ودائم لإطلاق النار في غزة، مع تعزيز المساعدات الإنسانية، والتأكيد على مبدأ "حكم فلسطين للفلسطينيين"، في إشارة إلى ضرورة تمكين الشعب الفلسطيني من إدارة شؤونه بنفسه بعيدًا عن التدخلات الخارجية.
وشدد الوزير الصيني على أهمية إعادة إعمار القطاع، الذي شهد دمارًا واسعًا جراء العمليات العسكرية الأخيرة، مؤكدًا استعداد بكين للمساهمة في الجهود الدولية لإعادة بناء البنية التحتية وتحسين الظروف المعيشية للفلسطينيين.
الصين تؤكد مركزية القضية الفلسطينيةوأوضح وانج يي أن القضية الفلسطينية كانت ولا تزال في صلب قضايا الشرق الأوسط، مطالبًا المجتمع الدولي بزيادة التركيز على هذه المسألة والعمل بجدية لتحقيق تسوية عادلة تضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وأضاف أن جميع الفصائل الفلسطينية مطالبة بالالتزام بإعلان بكين، الذي يهدف إلى تحقيق الوحدة الوطنية وتعزيز الموقف الفلسطيني على الساحة الدولية، كما دعا دول الشرق الأوسط إلى تجاوز الخلافات الداخلية ودعم جهود إقامة الدولة الفلسطينية.
واختتم الوزير الصيني تصريحاته بالتأكيد على التزام بلاده بالسعي لتحقيق العدالة والسلام والتنمية في المنطقة، مشددًا على أن بكين ستواصل جهودها لدعم الاستقرار في الشرق الأوسط وتعزيز التعاون الدولي في هذا الشأن.
واشنطن تلمّح إلى تحركات قادمةوشهدت السياسة الأمريكية تحولًا لافتًا إزاء الخطة المصرية، حيث أشاد مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، بالمبادرة، معتبرًا أنها تمثل "خطوة أولى بحسن نية من المصريين".
ورغم أن ويتكوف لم يعلن تأييدًا رسميًا لكافة تفاصيل المقترح، إلا أنه شدد على ضرورة إجراء "مزيد من النقاش حول الخطة المصرية"، مشيرًا إلى أن إدارة ترامب نجحت في تشجيع أطراف أخرى في الشرق الأوسط على تقديم مقترحات استباقية قد تكون جزءًا من الحل المستقبلي.
وفي سياق آخر، علّق ويتكوف على منشور لترامب عبر منصة "تروث سوشيال"، أشار فيه إلى احتمال وجود تحرك مشترك ضد حركة حماس، قائلاً: "أعتقد أن هناك تحركًا قادمًا، وقد يكون بالتنسيق مع الإسرائيليين".
وأضاف أن طبيعة هذا التحرك لا تزال غير واضحة، لكنه وجه رسالة لحماس قائلاً: "لديهم فرصة للتصرف بعقلانية واتخاذ القرار الصحيح، وإلا فلن يكون لهم أي دور في أي حكومة مستقبلية هناك".
يأتي الدعم الصيني للمبادرة العربية في ظل تزايد الضغوط الدولية لإيجاد حل مستدام للقضية الفلسطينية، في وقت تبدو فيه الإدارة الأمريكية منفتحة على مقترحات جديدة.
ومع تصاعد التوترات، تظل الأنظار متجهة إلى التحركات الدبلوماسية القادمة، والتي قد تشكل مستقبل المنطقة خلال المرحلة المقبلة.