تقرير.. العلاقات العراقية الكويتية لم تشهد استقرارا منذ 1921 ولحد الان
تاريخ النشر: 13th, August 2023 GMT
أغسطس 13, 2023آخر تحديث: أغسطس 13, 2023
المستقلة/- لم تكن العلاقات العراقية الكويتية من 1921 إلى 1991 ذات خط بياني ثابت أو متطوّر بشكل إيجابي لصالح البلدين الشقيقين والجارين؛ وربما كانت مسألة الحدود الكويتية مع العراق الهاجس الأول لحكّام الكويت منذ الاحتلال البريطاني للعراق، وتحديداً عند عام 1923، إذ طالب أمير الكويت آنذاك أحمد جابر الصباح، المندوب السامي البريطاني السير بيرسي كوكس، بتثبيت حدود إمارته التي كانت حينها تتبع لسلطة “متصرّف البصرة” الإدارية، كما هو شأنها أيام الدولة العثمانية.
وبسبب عمق العلاقات الاجتماعية والعشائرية بين شعبي العراق والكويت، وبحكم التاريخ المشترك وعوامل الجغرافيا السكانية للبلدين، لم تشهد العلاقات السياسية بينهما توترات خطيرة استدعت التدخل العسكري أو التلويح به إلا في ثلاث مناسبات؛ الأولى في عهد الملك غازي بن فيصل الهاشمي الذي اعتبر أن خريطة العراق هي التي رسمتها الدولة العثمانية، واعتبرت الكويت جزءاً من محافظة البصرة، لكن بريطانيا رفضت هذه المطالب التي تم تسكينها بعد مقتل الملك غازي في 4 إبريل/ نيسان 1939.
في 19 يونيو/ حزيران 1961، ألغى حاكم الكويت آنذاك عبد الله السالم الصباح اتفاقية الحماية مع بريطانيا، تمهيداً لحصول الكويت على استقلالها الكامل، وهو ما اعتبره رئيس وزراء العراق آنذاك، عبد الكريم قاسم، مشروعاً بريطانياً موجّهاً ضد وحدة العراق، فقرّر في 25 يونيو/ حزيران 1961 ضم الكويت للعراق، بداعي أن الكويت أرض عراقية فصلها الاستعمار البريطاني عن العراق، وقرّر، في الوقت نفسه، تعيين عبد الله الصبّاح قائمقام لقضاء الكويت الذي اتبعه للواء البصرة. كما قرّر العراق قطع علاقاته الدبلوماسية بعدّة دول، منها الولايات المتحدة واليابان وإيران وتونس والأردن وغيرها، بسبب اعترافها باستقلال إمارة الكويت. ودفع قاسم بعض قطعات القوات العراقية لتحشد قرب حدود الكويت، فقابلت الكويت ذلك بطلب المساعدة العسكرية من المملكة المتحدة وجامعة الدول العربية والجمهورية العربية المتحدة والسعودية والأردن، وبقيت حالة التوتر قائمة بين الطرفين، حتى حدوث إنقلاب 8 شباط 1963 الذي أطاح حكم عبد الكريم قاسم في العراق، فانتهت بسقوطه الأزمة الثانية بين العراق والكويت.
تبقى مصالح الكويت مع العراق حالياً وفي المستقبل الأكبر بين كل دول المنطقة
كانت الأزمة الثالثة في 2 أغسطس/ آب 1990، حين غزت القوات العراقية الكويت لتبسط نفوذها على كامل مساحتها خلال 48 ساعة، وليعلن العراق بعدها اعتبار الكويت المحافظة 19 وأنها جزء من خريطة العراق الإدارية، بعد أن غادر أمير الكويت والعائلة الأميرية إلى السعودية ودول أخرى. ثم استمرّ وضع الكويت محافظة عراقية سبعة أشهر، حتى تم إخراج القوات العراقية منها بعد حرب واسعة شاركت فيها قوات أكثر من 30 دولة، حرب كانت كافية لإصدار عدّة قرارات مهمة وخطيرة ضد العراق، كان من بينها قرار تشكيل لجنة أممية لترسيم الحدود العراقية الكويتية البرّية والبحرية برقم 833 عام 1991، والتي أنهت أعمالها وجرى الاتفاق على توصياتها بالإجماع عام 1993.
من خلال ما تقدّم، فإن العراق، وكجزء رئيس من ضريبة خسرانه الحرب غير المتكافئة بينه وبين قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، وجد نفسه “مضطراً” إلى قبول قرارات مجلس الأمن كلها، ومن ضمنها بالطبع قرار ترسيم الحدود البحرية والبرّية مع الكويت ونتائجه. ولكن، وكناتج ثانوي عن قبول هذا القرار، بقيت مسألة تقبله قرار “الأمر الواقع” محط امتعاض وغضب ورفض من كثيرين من فئات الشعب العراقي، تماماً كإجراء الكويت أخيراً إزاحة قرية في أم قصر العراقية، بداعي قربها من الدعامة الحدودية المثبتة من الأمم المتحدة. والأغرب في هذا الإجراء الكويتي اختيار يوم 2 أغسطس/ آب لتنفيذ أمر استلام المناطق المشار إليها في أم قصر العراقية. ومجرّد استذكار هذا اليوم يعني الكثير للعراقيين، بغض النظر عن قناعاتهم بصحة قرار القيادة السياسية للنظام السابق آنذاك من عدمه.
العلاقات بين شعبي الكويت والعراق هي الأعمق في مساحة الوطن العربي كله، بل هي الأعمق، حتى مع منظومة دول الخليج العربي؛ بسبب التقارب الاجتماعي المتجذّر ومساحة الأنساب التي تشكل أصول معظم العوائل الكويتية، ولا أعلم حقيقةً لماذا يُسمح للمتربّصين بهذه العلاقات ببثّ الفرقة والكراهية بين الشعبين ؛ فملفّ ترسيم الحدود لن ينتهي، البحرية والبرّية، وتبقى مصالح الكويت مع العراق حالياً وفي المستقبل الأكبر بين كل دول المنطقة. وعلى الكويتيين الانتباه إلى أن ضعف الموقف العراقي في المحافل الدولية بُعيد احتلاله الكويت، بما تسبب في موافقته “مُضطرّاً” على قرارات أممية مرتبطة بهذا الحدث، لن تكون دائمة، لأنه، في فترةٍ ما، حين تكون علاقاته إيجابية مع المجتمع الدولي، سيطالب بإعادة فتح ملفات القرارات الصادرة بحقه سابقاً، بسبب ربطه موافقته عليها حينه بمفردة “مُضطراً” التي تشبه قانونياً مفردة “الاعتراف تحت التعذيب” في المحاكم الجنائية.
العراق شقيق للكويت كبير وقوي قد يضعُف في فترة ما، لكنه لن يموت، ومن الحكمة الوقوف معه في ضعفه، لا ترك طعنات في ظهره
هل يبيع العراق أراضيه كما يروّج بعضهم؟ ليس هناك ما يشير إلى ذلك، وإن حدث فلن يكون مستغرباً، لكن ما يثير استغراب المراقبين، حتى من داخل المؤسسة السياسية في العراق، الصمت المطلق عن كل ما يموج به الشارع، احتجاجا ورفضاً لما يجري على الأرض، بعد أن رأوا بإم أعينهم إخلاء قرى في أم قصر العراقية لصالح الكويت مع أراضٍ بمساحات مختلفة، بما يعنيه ذلك أيضاً من تنازل عن مناطق مليئة بالنفط والغاز.
البصرة مُقبلة على أحداثٍ جسام ومتغيرات كبيرة، سيكون محورها الأول وفاعلها الأساس الكويت، وسيقابلها صمت وتسويف رسمي عراقي، بما يجعل الشعب العراقي وجهاً لوجه مع موقف التصعيد الشعبي الكبير الذي لا يمكن لأحد التكهن بنتائجه. وتبعث على الإعجاب حقاً تغريدة الشيخ ضرغام المالكي، وهو أحد وجهاء محافظة البصرة، “البصريون أهل كرم بكل شيء، عدا إعطاء الأرض”.
ينتظر العراقيون من الشعب الكويتي موقفاً يحفظ روح الأخوّة والنسب معهم، موقف ينبّه صُنّاع القرار في دولتهم بأن حقوق الشعوب لا يمكن نسيانها أو تجاهلها مهما تقادمت عليها السنين، والعراق شقيق كبير وقوي قد يضعُف في فترة ما، لكنه لن يموت، ومن الحكمة الوقوف معه في ضعفه، لا ترك طعنات في ظهره.
المصدر: وكالة الصحافة المستقلة
كلمات دلالية: العراقیة الکویت ر العراق
إقرأ أيضاً:
مقرب منها يكشف لـبغداد اليوم حقيقة تلقي الفصائل العراقية طلبات لحل نفسها - عاجل
بغداد اليوم- بغداد
كشف مصدر مقرب من الفصائل العراقية، اليوم الجمعة (20 كانون الأول 2024)، عن حقيقة تلقي الفصائل طلبات لحل نفسها.
وقال المصدر في حديث لـ"بغداد اليوم"، إن "فصائل المقاومة ليست مشروع سياسي بقدر ما هي عقيدة وفكرة تؤمن بحرية البلاد ومواجهة أعداء الامة وانصاف أهلنا في فلسطين وباقي المناطق وليس لها سقف زمني".
وأضاف ان "الفصائل لم تتلقى اي طلبات من قبل اي جهة بحل نفسها"، مؤكدا ان "الفصائل موجودة في المشهد العراقي لأنها جزء من هذا الشعب على الرغم من أن واشنطن تضغط بقوة من اجل تفكيك الفصائل ولكن لن يتحقق ذلك لأنها أصحاب مبادى سامية".
وأشار المصدر الى ان "وجود الفصائل في المنطقة العربية هو من غير المعادلة ومنع تنفيذ الكثير من السيناريوهات الخبيثة للإدارة الامريكية وحلفائها في الشرق الأوسط"، لافتاً الى أن "الفصائل ستبقى في مساراتها الوطنية ولن تتخلى عن رسالتها".
وللأسبوع الثاني على التوالي، تتصدر لقاءات المبعوث الأممي الخاص في العراق ساحة الاهتمام السياسي في البلاد، بعد تقارير وتسريبات صدرت عن سياسيين ومستشارين بالحكومة تحدثت عن ضغوط دولية على العراق لتفكيك الفصائل المسلحة والتهديد بعقوبات دولية على العراق.
وكان مستشار رئيس الوزراء إبراهيم الصميدعي، قد ذكر في لقاء متلفز سابق، أن الحكومة العراقية تلقت طلباً واضحاً من أطراف دولية وإقليمية، لم يسمها، بـ"ضرورة تفكيك" سلاح الفصائل المسلحة، وان هناك ضغوطاً دولية متزايدة على الحكومة لضبط السلاح المنفلت خارج إطار الدولة.