إفيه يكتبه: روبير الفارس "واجعلنا عدوين"
تاريخ النشر: 7th, October 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
غرس عدد كبير من المخرجين رسالة ثابتة في عشرات الأفلام، وهي أن الفقر حشمة وأن المال في حد ذاته أصل كل الشرور، هذه الأفلام التي شاهدناها بل وحفظناها من كثرة تكرار عرضها، تمدح الفقر بفجاجة كأنه هدف وغاية ورسالة، لدرجة أن إسماعيل يس يغني في فيلم "صاحبة العصمة" بطولته مع تحية كاريوكا قائلًا: “الفقر جميل وأنا إنسان طول عمره الفقر مهنيني.
ناكده عالٍ أوي، أنا كده مرتاح، ولا عمري رأيت ورقة بمئة.
وبنام والباب من غير مفتاح، وأتحدى جميع الحرامية.
ولا الشراب يخسر أخلاقي... راح أجيبه منين وأنا مش لاقي.
ولا ثروة تزود أعدائي... وفي 60 داهية توديني.
اللهم افقرني كمان... اللهم أغني عدويَّ".
فيرد عليه الموسيقيون: “اللهم آمين. واجعلنا عدوين”.
طبعا، رد الفرقة أكثر مصداقية وواقعية، وقدم سخرية رائعة ممن يعتبر أن الفقر جميل، وعلى منوال هذا المدح الممجوج للفقر، نجد أفلامًا لا تُحصى تصر علي هذا المعني، منها فيلم "مليون جنيه" لنعيمة عاكف وشكري سرحان، قصة وإخراج حسين فوزي، حيث تدمر الثروة حياة أربعة نماذج درامية: ينتحر الثري محمود المليجي، ويسجن الفكهانيعبد الفتاح القصري" بعد أن يقتل زوجته ويدعو الله في سجنه أن يفقره، وتنزلق حياة مضيفة الطيران سميرة أحمد إلى المفاسد والشرور، كما تفقد زينات صدقي عقلها وتدخل مستشفى المجانين لأنها صارت مهووسة بسباق الخيل.
هكذا، لا يوجد نموذج واحد استثمر أمواله بشكل صحيح، وحتى بطلة الفيلم اعتبرت التخلص من الأموال بتقديمها لجمعية خيرية أفضل وسيلة للنجاة من شرورها. وعلى غرار إسماعيل يس، تغني نعيمة عاكف وشكوكو أغنية بعنوان "فقر وفقرين"
وتقول فيها "يالطيف يالطيف، ده الفقر بتاعنا ظريف ولطيف، والكنز قناعة.
الأرض بساط مفروش لينا، والسماء بنجومها كمان زينة.
والبحر بحاله بيسقينا، فين الفقر ده يا أخينا".
ورغم ردود شكوكو عليها بأنه رغم هذه "الأملاك"، نفسه في حتة بسبوسة، تلجأ نعيمة للدين، فالله هو الذي خلق الناس زي السلم درجات وطبقات، ويرد شكوكو: “وأمرنا نترقى ونتقدم”، لكن يبقى التجسيد الدرامي الذي قدمه الفيلم لضحايا الغنى أقوى في الوجدان من ردود شكوكو.
وكما ذكرت، لا يمكن رصد كل هذه الأفلام الممجدة للفقر والداعية له، وكأن الذين كتبوا سيناريوهاتها من الرهبان والنساك والزاهدين والمتصوفين. ومع ذلك، لابد أن أشير إلى فيلم "لو كنت غني" لبشارة واكيم وعبد الفتاح القصري، هذا الحلاق الذي ورث الشحاذ فتدمرت حياته، حيث غرقت أسرته في المفاسد وعاد فقيرًا ليمدح الفقر ويردد أن الفقر حشمة.
وقد يكون مفهوم هذا الدس المتكرر في تلك الأفلام لمحبة الفقر والتخويف المرعب من شر الأموال هو لزرع الخنوع والخضوع وقتل الحلم الذي قد يتحول إلى ثورة من الفقراء ضد الأوضاع المزرية، ولكن غير المفهوم في أيامنا أن تجد قطاعًا كبيرًا من رجال الدين، شيوخًا وأساقفة، يعظون عن الفقر والزهد والصوم والتقشف، مقدمين أمثالًا من الأنبياء والأولياء والقديسين الذين لا يقتدون هم بهم، فحياتهم مستفزة لأبعد درجة، وأقرب إلى نجوم وصناع تلك الأفلام القديمة الذي من المؤكد لم يكونوا فقراء.
وهذا أمر واضح جدًا في حياة الأساقفة الذين هم في الأصل رهبان تركوا الحياة المريحة وراءهم على مبدأ أساسي في الرهبنة، وهو "الفقر الاختياري"، أي أنهم اختاروا الفقر بإرادتهم وتركوا أموالهم وأعمالهم.
ومع ذلك، لا تجد أثرًا لهذا الفقر في أديرتهم وأجهزتهم المحمولة وسكنهم وسياراتهم. وإذا فتح عليهم الفتاح فرُسموا أساقفة، تحولوا إلى سادة يسكنون في مقرات أقرب إلى القصور ويسافرون للعلاج في الخارج ويتحركون بسيارات فارهة، ثم يعودون لقصص لعنة الأموال... أفلام أفلام.
إفيه قبل الوداع:الفقر مش عيب (أكثر من فيلم).
تكذب ولا تتجمل.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: المخرجين الأفلام الفقر تحية كاريوكا
إقرأ أيضاً:
عبدالقيوم: حرب «الزبادي» أعادت إلينا الوعي بقوتنا.. و3 أسباب وراء نجاحها
روى الكاتب الصحفي عيسى عبدالقيوم، نبوءة الجسر وحرب الزبادي، قائلا «يحكى في الأدب الروسي القديم أن قرية كانت تعاني من تسلط شخص ظالم جبار متعجرف وطاغية، فرق كلمتهم وسرق قوتهم وجعلهم مستسلمون للأمر الواقع المرير.. حتى جاءت تلك العجوز وألقت إليهم بنبوءتها قالت فيها سيأتي فارس على حصان أبيض من ناحية الجسر وينقذكم من الطغيان».
وأضاف عبدالقيوم، عبر حسابه على موقع فيسبوك، «تلاعبت النبوءة بمخيلة أهل القرية وحركت فضولهم فتسلل في الليلة الأولى شخص ناحية الجسر ليراقب وصول الفارس فأكتشف وجود جاره هناك يترقب هو الأخر وصول الفارس.. فتعاهدوا على كتم السر ».
وتابع: «في الليلة الثانية جاءوا ليكتشفوا وجود آخرين من القرية لا يعرفونهم ولكنهم تعاهدوا جميعاً على الاستمرار وكتم السر، وهكذا دواليك حتى صارت كل القرية تقريبا تجتمع تحت الجسر وتتهامس في أمر خلاصها».
واستكمل: «ذات ليلة جاءتهم العجوز صاحبة النبوءة فسألوها عن الفارس القوي الذي سيأتي لينفذهم أين هو؟!.. فنظرت إليهم وقالت “أنتم الفارس القوي وكان ينقصكم أن تجتمعوا وتجددوا الثقة في أنفسكم” فإنتبهوا لقوتهم ولعددهم فهاجموا الطاغية وانتصروا عليه».
وأشار إلى أن «حرب “المقاطعة” رغم أنها كانت موجهة ضد “الزبادي” ولكن أرجو أن تكون قد أعادت إلينا الوعي بقوتنا وإمكانية أن نجبر الجميع على الإستماع إلى أصواتنا وفرض إرادتنا عندما تتوحد أهدافنا، وفي تقديري فإن نجاح المقاطعة جاء لثلاث أسباب.
وأوضح أن من أسباب نجاح المقاطعه أننا تجاوزنا فيها الجهوية والقبلية واتحدنا وطنياً، وأننا فتشنا فيها عن مصلحة الشعب وهزمنا بطوننا، وأننا اتحدنا فيها من أجل هدف واحد واضح وجامع.
وأكد أن «هذه الأسباب تحديدا هي التي كان يتلاعب بها الكثير من الساسة لجعلنا جزراً معزولة ضعيفة مفككة وخانعة تمكنوا من السيطرة عليها «خوفاً وطمعاً» ففقدنا الثقة في قدرتنا على التغيير وصرنا نحلم بفارس قوي (بارجة أو مسيرة أو قاعدة) يأتي ليخلصنا وأهملنا قوتنا الذاتية.. فهل ستشكل معركة الزبادي بداية لاجتماعنا تحت الجسر من أجل استعادة حقوقنا جميعها؟!»
الوسومعيسى عبد القيوم