ألقى الدكتور عباس شومان، الأمين العام لهيئة كبار العلماء بالأزهر، رئيس مجلس إدارة المنظمة العالمية لخريجي الأزهر، كلمة في احتفالية الجامع الأزهر اليوم بذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة، قال خلالها إن صحن الجامع الأزهر كان شاهدًا على تحطيم كل الحملات التي استهدفت مصر والعالم الإسلامي، وأن أعداءنا يعرفون تمامًا أن إخضاع مصر يعني السيطرة على العالم الإسلامي بأسره، وقد تجلى ذلك في الفشل المتكرر للإنجليز والفرنسيين والصهاينة وكل قوى الطغيان، التي واجهت المقاومة الشرسة من شعب مصر الأزهر.

رئيس جامعة الأزهر الأسبق: الجندي المصري في حرب أكتوبر أرهب العدو ومن خلفه خالد الجندي: عمري ما هنسى خطاب الأزهر وقت حرب أكتوبر.. فيديو

وخلال كلمته بالاحتفالية التي أقيمت عقب صلاة المغرب بالجامع الأزهر، استرجع الدكتور عباس شومان ذكرياته عن أحداث السادس من أكتوبر عام 1973، حيث كان طفلًا صغيرًا لم يدرك في البداية آثار الهزيمة في عام 1967، لكنه بعد انطلاق الحرب، شهد تحولات جذرية في المشاعر، حيث اختفت ملامح الانكسار والحزن، وحل محلها الفرح والعزة، وتذكر فضيلته كيف كان يشاهد المجموعات من الناس يتجمعون حول أجهزة الراديو الصغيرة، يتابعون البيانات العسكرية التي كانت تطمئنهم بنجاح القوات المسلحة، قائلا: في البداية، لم يكن هناك تصديق كامل لتلك البيانات، بسبب التجارب المؤلمة السابقة، ولكن مع مرور الوقت، بدأت ملامح الفرح والتهليل تعود إلى الوجوه التي كانت حزينة.

وأضاف فضيلته: تجددت الآمال مع كل بيان عسكري يُعلن عن تقدم القوات المصرية، مما يعكس وحدة الشعب المصري خلف قيادته في مواجهة التحديات. هذه اللحظات التاريخية تعكس قوة الشعب المصري وعزيمته على استرداد كرامته وأراضيه، وهو ما يتجلى في مواقف الأزهر الشريف الذي يظل رمزًا للعزة والكرامة في مواجهة كل أشكال العدوان.

وتطرق الدكتور عباس شومان إلى عوامل النصر في السادس من أكتوبر، وتحدث عن مشاعر الشعب المصري في أثناء الحرب وكيف تطورت الأمور من حالة من الشك إلى التأكيد على نجاح القوات المسلحة، حيث بدأت الأحداث عندما كانت الجبهة في وضع مختلف تمامًا عما كانت تنشره الأخبار، حيث لم يكن الناس يتوقعون حقيقة ما يجري في الصفوف الأولى؛ ومع التقاط الأخبار من القنوات الأجنبية عبر أجهزة الراديو، أدرك الجميع أن ما يُبث هو حقيقة، مما جعلهم يهتفون ويبحثون عن أماكن للتبرع بالدم لأبطالهم في الجبهة.

أكد الدكتور عباس شومان أن من أهم أسباب النصر كان الإيمان بالله والتوكل عليه، حيث كان جنودنا على يقين بأن من توكل على الله فهو حسبه، ولقد تجلى هذا الإيمان في روح الجنود الذين كانوا يحاربون من أجل قضية عادلة. فبالتأكيد، لم نكن معتدين، بل كنا نرد العدوان ونسعى لاستعادة أراضينا التي سلبها العدو. كما أشار فضيلته إلى أهمية الأخذ بالأسباب، موضحًا أن التوكل على الله لا يعفي من العمل الجاد والإعداد الجيد، فقد أُمرنا بالإعداد للقوة، وبهذا الشكل استعددنا لما استطعنا، وأخذنا بتوجيهات الله عز وجل، حيث قمنا بتحضير ما أمكننا.

الدكتور عباس شومان في كلمته بالجامع الأزهر

وتحدث الدكتور عباس شومان عن المعجزة البشرية التي حدثت بعد الهزيمة الكبرى في عام 1967، حيث تمكن الجيش المصري من التعافي خلال فترة زمنية قصيرة، وبدأ عمليات الاستنزاف التي ساهمت في رفع الروح المعنوية والقدرة القتالية، وكيف أن الجيش المصري، رغم ما تعرض له من هزيمة كبيرة وفقدان طائراته ومدافعه وروحه المعنوية، استطاع استعادة قوته خلال سنوات قليلة، وهو ما يُعد أمرًا غريبًا في التاريخ العسكري؛ فالتاريخ أثبت أن الشعب المصري قادر على التغلب على التحديات واستعادة حقوقه بفضل إيمانه وعزيمته.

وشدد فضيلته على أهمية الاحتفاظ بذكرى انتصارات أكتوبر كدليل على قوة الإرادة المصرية والإيمان القوي بالله، مما يجعل من الأجيال القادمة تواصل السير على نفس النهج في مواجهة التحديات، مشيرًا إلى تسريح الرئيس السادات للخبراء الأجانب قبل حرب أكتوبر، حتى تكون الحرب بأيد وخبرات مصرية خالصة، تعتمد على إرادة المصريين وشجاعتهم، وليس على الخبراء الأجانب، فحققت قواتنا المسلحة بفضل الله وعزيمة الجنود، انتصارات كبيرة على العدو، مما لم يستطع تحقيقه أعتى الخبراء أو أشد الأسلحة، وذلك دليل على قوة الإرادة المصرية وقدرتها على التغلب على التحديات، مشيدًا بإيمان الجنود المصريين بقضيتهم وولائهم لوطنهم.

ورأى فضيلته أن هذه التجربة تعكس روح العزة والكرامة التي يتمتع بها الشعب المصري، وتؤكد على أهمية الإيمان في تحقيق النصر، سواء في الحرب أو في أي ميدان آخر، وقد كان من أهم عوامل النصر في حرب أكتوبر هو تلاحم جموع الشعب المصري بجميع فئاتهم من رجال ونساء وشباب وأطفال وشيوخ، ما دفع الشعب إلى الوقوف صفًّا واحدًا خلف القيادة السياسية والعسكرية، وتحملهم لكافة التحديات لضمان نجاح الحرب، فاستعدوا لتقديم التضحيات حتى في ظروف نقص المواد الغذائية، لتقوى الجبهة الداخلية.

وأشار إلى أن التفكير الجماعي بين الشباب والفتيات والرجال حول كيفية دعم رجال الجيش كان أحد أسباب النصر، وكذلك من أسباب النصر التخطيط الدقيق الذي قامت به القيادة السياسية والعسكرية في اختيار التوقيت المناسب لبدء الحرب، واستخدام أفكار مبتكرة لم يسبق لها مثيل. متطرقًا فضيلته كذلك إلى فكرة اختراق خط بارليف، الذي اعتُبر حصنًا لا يُقهر، حيث استخدم الجيش المصري خراطيم المياه لاختراقه بعد ما قال جيش العدو أن هذا الحصن لن تخترقه حتى القنابل الذرية، في دلالة على الإبداع في مواجهة التحديات.

وفي ختام كلمته، أشار الدكتور عباس شومان إلى أهمية الوحدة الوطنية التي سادت بين المسلمين والمسيحيين، حيث لم يكن هناك تمييز بينهم في مواجهة العدو، وقد تحقق النصر بمدد من الله، رغم انقطاع مدد البشر، وهنا لا بد من التأكيد على ضرورة تعزيز التضامن ووحدة الصفوف بين المصريين، خاصة في ظل استمرار التهديدات، مشيدًا بالقيادات السياسية والعسكرية التي لم تغفل عن تسليح الجيش رغم معاهدات السلام، حرصا واستعدادا لأي احتمالات أو غدر من المغادرين، فما حدث في 1967 لن يحدث مرة أخرى، مشددًا على ضرورة تذكير الأجيال الجديدة بما حدث في السادس من أكتوبر، والتذكير دائمًا بنصر أكتوبر وأسبابه وأجوائه.

وأقام الجامع الأزهر مساء اليوم الاثنين عقب صلاة المغرب احتفالية برعاية فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، بعنوان «عوامل النصر»، للاحتفال بذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة، وذلك بمشاركة فضيلة الدكتور عباس شومان، الأمين العام لهيئة كبار العلماء، رئيس مجلس إدارة المنظمة العالمية لخريجي الأزهر، وفضيلة الدكتور إبراهيم الهدهد، عضو مجمع البحوث الإسلامية، وفضيلة الدكتور عبد المنعم فؤاد، المشرف العام على الأنشطة العلمية بالجامع الأزهر، وحضور فضيلة الدكتور هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر، ومحبة من علماء الأزهر وطلاب العلم ورواد الجامع الأزهر.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الدكتور عباس شومان انتصارات أكتوبر الجامع الازهر الحملات مصر الدکتور عباس شومان الجامع الأزهر الشعب المصری حرب أکتوبر فی مواجهة

إقرأ أيضاً:

انطلاق فعاليات ثقافة الغربية للاحتفال بذكرى انتصارات حرب أكتوبر المجيدة

شهدت العديد من المواقع الثقافية بمحافظة الغربية عددا من الفعاليات والأنشطة الثقافية والفنية، والتي نظمتها الهيئة العامة لقصور الثقافة بإشراف الكاتب محمد عبد الحافظ ناصف، نائب رئيس الهيئة، وذلك في إطار احتفالات وزارة الثقافة بذكرى انتصارات حرب أكتوبر المجيدة، والعيد القومي لمحافظة الغربية.

جاء في مقدمة الفعاليات الاحتفالية عدد من الندوات التثقيفية التي أقيمت ببيوت ثقافة السنطة، والقرشية، وكفر الزيات، وزفتى، وقصر ثقافة الطفل بطنطا، وتناولت الأجواء السياسية والاجتماعية والدولية قبل إشارة البدء بعبور قواتنا المسلحة لخط بارليف، كما وأكدت الندوات الاحتفالية بذكرى النصر العظيم ضرورة استلهام روح أكتوبر، وبخاصة الأجيال الشابة، والتحلي بالعلم والمعرفة، وقراءة التاريخ للتعرف عن قرب بتضحيات رجال القوات المسلحة خلال أيام المعارك الخالدة.

هذا ويستعد فرع ثقافة الغربية برئاسة وائل شاهين، لإقامة عدد من الفعاليات والأنشطة الاحتفالية بذكرى النصر، والعيد القومي للمحافظة، والمزمع تنفيذها تحت إشراف إقليم غرب ووسط الدلتا الثقافي برئاسة أحمد درويش، بداية من يوم الاثنين القادم، الموافق 7 أكتوبر الجاري، داخل المركز الثقافي بطنطا، ومسرح 23 يوليو بالمحلة الكبرى، وقصر ثقافة طنطا، ودار الكتب، ومكتبات محلة أبو علي، وقطور، والقرشية، والعامرية.

مقالات مشابهة

  • رئيس جامعة الأزهر الأسبق: الجندي المصري في حرب أكتوبر أرهب العدو ومن خلفه
  • «ملحمة النصر وحكاية شعب».. ضيوف «صالون الوطن» يتحدثون عن حرب أكتوبر المجيدة
  • النيل للإعلام بالفيوم يحتفل بالذكرى الـ 51 لانتصارات أكتوبر المجيدة
  • شومان يلتقي بأئمة بريطانيا عبر الفيديو كونفرانس بمنظمة خريجي الأزهر
  • النائب أحمد صبور يهنئ الشعب المصري بانتصارات أكتوبر المجيدة
  • «إكسترا نيوز» تستعرض دور فناني مصر في حرب أكتوبر المجيدة
  • السيسي: حرب أكتوبر المجيدة شاهدة على قوة إرادة الشعب المصري
  • في ذكرى نصر أكتوبر.. تعرف على أبرز الأغاني الوطنية التي خلدت ذكرى النصر
  • انطلاق فعاليات ثقافة الغربية للاحتفال بذكرى انتصارات حرب أكتوبر المجيدة