وزير خارجية فرنسا يؤكد من القدس التزام بلاده بدعم إسرائيل
تاريخ النشر: 7th, October 2024 GMT
باريس- في الوقت الذي يستمر فيه القتال المسلح على كل الجبهات بين مقاومي حركة حماس وجنود جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، التقى وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، اليوم الاثنين، بعدد من المسؤولين الإسرائيليين في إسرائيل، في إطار جولته الإقليمية التي تتزامن مع الذكرى السنوية الأولى لعملية طوفان الأقصى.
مؤكدا التزام بلاده بأمن إسرائيل، حيث قال بارو في مؤتمر صحفي إن "القوة وحدها لا يمكن أن تضمن أمن إسرائيل"، مضيفا أن "فرنسا لن تتوقف أبدا عن المطالبة بالإفراج غير المشروط عن المحتجزين".
ومن القدس، أعلن رئيس الدبلوماسية الفرنسية أن حزب الله "جرّ لبنان إلى حرب لم يخترها"، و"يتحمل مسؤولية ثقيلة" في اتساع نطاق الحرب في لبنان حيث يواصل الجيش الإسرائيلي قصفه منذ أسبوع.
تأكيد التضامنوبعد أن أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن بلاده ستتوقف عن تسليم الأسلحة للقتال في غزة يوم السبت الماضي، بدأت مشادات كلامية حادة بينه وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي وصف خطاب ماكرون بـ"العار".
ولاحقا، أكد ماكرون خلال محادثة هاتفية، بدت كمناقشة لإصلاح الوضع بين الطرفين، أمس الأحد، "التزام فرنسا بأمن إسرائيل" وأن "لها الحق في الدفاع عن نفسها ضد الإرهاب"، معربا في الوقت ذاته عن "اقتناعه بأن وقت وقف إطلاق النار قد حان".
وفي هذا السياق، يرى الكاتب والمحلل السياسي جان بيير بيران أن هذه الزيارة كانت ضرورية للغاية، وفي هذا اليوم بالتحديد، من خلال ممثل فرنسي رفيع المستوى، للتأكيد على أن "موقف فرنسا المتضامن مع إسرائيل لم يتغير، وأنها حليف لا يتزعزع لإسرائيل".
وأضاف بيران في حديث للجزيرة نت أن الحكومة الفرنسية تعي مدى خطورة الوضع، ولديها شعور بالخوف، لأنه كلما تم تسليح إسرائيل أكثر زاد الحريق في المنطقة، وهو ما يفسر إعلان ماكرون بعدم تسليح إسرائيل "أكثر من اللازم".
من جانبها، تعتبر مديرة معهد دراسات العلاقات الدولية والإستراتيجية بباريس ليزلي فارين أن الموقف الفرنسي لا يهم كثيرا إسرائيل، ولا يعرّضها للخطر في الوقت الحالي، ما دامت الولايات المتحدة مستمرة في إرسال الأسلحة لها.
وأشارت فارين في حديث للجزيرة نت، إلى أن تصريحات وزير الخارجية الفرنسي بوجوب "إفساح القوة المجال للدبلوماسية" يعني "ضرورة الاتفاق على وقف إطلاق النار وقبول المفاوضات، والاتفاق على إيجاد حلول سياسية، لكن فرنسا عليها أولا تقديم بعض الاحترام والاعتراف بفلسطين كدولة، وهو ما ترفض القيام به حتى اليوم".
الوزير بارو زار النصب التذكاري لمهرجان نوفا الذي قتل فيه ما لا يقل عن 370 شخصا ضمن أحداث يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 (الفرنسية) دبلوماسية متعثرةورغم محاولة فرنسا الظهور على الساحة الدولية كوسيط أو طرف مهم يسعى لتهدئة الأوضاع في المنطقة، فإن الخبيرين في شؤون الشرق الأوسط يعتبران أن الدبلوماسية الفرنسية تواجه ضعفا وتراجعا غير مسبوق، حيث لم يعد لديها أي نفوذ لمحاولة وقف التفجيرات التي تنفذها إسرائيل في غزة ولبنان.
وتفسر ليزلي فارين ذلك بقولها إن "فرنسا وضعت نفسها في موقف صعب للغاية، من خلال دعمها غير المشروط لإسرائيل منذ بداية الصراع في قطاع غزة، ولم يعد صوتها مسموعا، ولذلك أصبحت الولايات المتحدة هي الوحيدة التي تقود هذه القضية".
وعلى المستوى السياسي، يرى المحلل فيران أن فرنسا غائبة في المنطقة، وبعيدة جدا عن السياسات المتبعة في عهد الرؤساء الفرنسيين السابقين، مثل جاك شيراك وفرانسوا هولاند، وحتى نيكولا ساركوزي، في ظل تآكل الأسس التي اعتمدت عليها الجمهورية طوال عقود، على حد تعبيره.
ومنتقدا سياسة ماكرون في الشرق الأوسط، يرى الخبير في السياسة الخارجية أن الرئيس الفرنسي أضعف الدبلوماسية، وقلل من حجمها وتأثيرها منذ توليه الرئاسة في عام 2017، ويجد المتحدث أن الدبلوماسية الفرنسية "ارتبطت دائما بالديكتاتوريين بشكل عام، وهي غير مستقلة بما يكفي، مع وجود سفراء غالبا ما يدافعون عن البلدان التي كانوا فيها أكثر من فرنسا".
العقدة الأميركيةوفي تفاصيل ما ذكره وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو خلال هذه الزيارة الإقليمية، أعاد تأكيد التصريحات التي أدلى بها ماكرون في نهاية هذا الأسبوع، بقوله "يجب أن نكون متسقين، لا يمكننا الدعوة إلى وقف إطلاق النار أثناء تسليح المقاتلين".
ويقرأ المحلل السياسي بيران ذلك بالقول إن باريس تريد الحفاظ على تحالفها السياسي والعسكري ولكن "مع عدد معين من الضمانات"، وعلى رأسها الهجوم على لبنان الذي ترتبط به فرنسا تاريخيا، وماكرون متعلق به كذلك، حتى لو كانت سياساته فوضوية، حيث أظهر تعاطفه بعد انفجار مرفأ بيروت وقام بزيارة البلد مرتين، فضلا عن رغبة فرنسا في الحفاظ وضمان استثماراتها في إيران.
بدورها، تعتقد الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط ليزلي فارين أن ما دفع فرنسا إلى تغيير موقفها هو ما فعله نتنياهو في نيويورك، عندما رفض مقترحا من الولايات المتحدة وفرنسا وحلفاء آخرين دعوا فيه لوقف القتال، بالإضافة للوضع الرهيب الذي يعيشه لبنان الذي يعد صديقا تاريخيا وله ارتباط وثيق بفرنسا.
ولأن الحليف الأميركي يعد الأكثر أهمية بالنسبة لإسرائيل، تجد فارين تصريحات الوزير الفرنسي "متسقة"، لأنه "لا يمكننا طلب وقف إطلاق النار والضغط على نتنياهو، ونستمر في إرسال الأسلحة في الوقت نفسه"، لكنها تستدرك قائلة "إلا أن عدم اتساق خطابه يتمثل في تأكيده الدفاع عن أمن إسرائيل، التي تواصل ارتكاب المجازر في فلسطين ولبنان".
وغير متفائل بالدور الذي تسعى فرنسا جاهدة للقيام به، في ظل الهيمنة الأميركية على القرارات الرئيسية في هذا الصراع، أكد جان بيير فيران للجزيرة نت أن السياسة الخارجية الفرنسية لا يمكنها العودة بسهولة لقوتها في الشرق الأوسط.
أما بالنسبة للمنافسة بين الولايات المتحدة وفرنسا، التي وصفها بـ"التقليدية تاريخيا"، فيعتبر أن كليهما يتفقان على مصالحهما المشتركة في الوقت الحالي، أي تجنب مهاجمة وتدمير لبنان بأي ثمن.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الجامعات الولایات المتحدة الخارجیة الفرنسی وقف إطلاق النار الشرق الأوسط فی الوقت
إقرأ أيضاً:
انسحاب القوات الفرنسية من تشاد.. مغادرة 120 جنديا نجامينا
أعلنت القوات المسلحة التشادية، أن انسحاب القوات الفرنسية من تشاد “يتواصل” مع خروج 120 جنديا أقلعوا ظهر يوم الجمعة من مطار نجامينا العسكري متجهين إلى فرنسا.
وأوضحت القوات المسلحة التشادية، في بيان صحفي نشرته عبر صفحتها بموقع فيسبوك، أن هذا التحرك هو الأول للجنود، بعد عشرة أيام من رحيل الطائرات المقاتلة الفرنسية، في أعقاب قرار هذا البلد الساحلي إنهاء ستين عاما من التعاون العسكري من خلال خرق الاتفاقيات التي ربطته بفرنسا منذ نهاية الاستعمار.
وطلبت السلطات في تشاد من القوات الفرنسية الانسحاب قبل نهاية يناير المقبل، وهو طلب يرى الفرنسيون أنه غير واقعي بسبب صعوبة سحب ألف جندي في 7 أسابيع فقط.
وقالت مصادر تشادية وفرنسية عديدة، إن تشاد حددت مهلة لانسحاب القوات الفرنسية، حيث طلبت أن ينتهي هذا الانسحاب قبل يوم 31 يناير 2025، وذلك بعد أسبوعين من سحب فرنسا لمقاتلاتها التي كانت تتمركز في قاعدة جوية في العاصمة التشادية نجامينا.
وكانت تشاد قررت يوم 28 نوفمبر الماضي إنهاء اتفاقية التعاون العسكري الموقعة مع فرنسا، وبررت ذلك بالسعي نحو تحقيق سيادتها، مع الاحتفاظ بعلاقات جيدة مع الحكومة الفرنسية بما يخدم مصالح الشعبين، على حد تعبير الحكومة التشادية.