حزب الله: عملية طوفان الأقصى تمثل إرادة المقاومة الفلسطينية
تاريخ النشر: 7th, October 2024 GMT
يمانيون – متابعات
أشاد حزب الله اللبناني في بيان اليوم الاثنين بمناسبة ذكرى طوفان الأقصى بصمود الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة بعد عام من الصبر والتحمّل والبطولة رغم ما فيها من المأساة والآلام وهم جديرون بالنصر.
كما أشاد الحزب وفقا لقناة المنار اللبنانية “بقوة وشجاعة إخواننا المجاهدين في جبهات الإسناد في اليمن العزيز والعراق العظيم وكذلك بالقرار التاريخي الذي اتخذته الجمهورية الإسلامية في إيران بدك عمق كيان الاحتلال بالصواريخ إسناداً للشعبين الفلسطيني واللبناني، وما له من آثار جليلة ونتائج كبيرة على طبيعة هذه المواجهة المفتوحة مع العدو الصهيوني.
واكد حزب الله اللبناني “ان عملية طوفان الأقصى البطولية، والتي تجلّت فيها إرادة المقاومة الفلسطينية في مواجهة العدوان والظلم والاحتلال الذي لحق بهذا الشعب المظلوم منذ العام 1948، وما تلاه من حروب ومآسي ودمار، وسيكون لهذه العملية آثار تاريخية ونتائج استراتيجية على مجمل الأوضاع في المنطقة إلى أن يتحقق العدل بزوال الاحتلال، وينال الشعب الفلسطيني حقّه المشروع في أرضه الحرة الكاملة من البحر إلى النهر”.
ولفت الحزب في بيانه الى انه ” في هذه المناسبة التاريخية يهمنا التأكيد على الحق الكامل للشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال بكافة الأساليب لاستعادة حقوقه المشروعة وإزالة الاحتلال”.
واعتبر انه “على الرغم من وحشية الاحتلال وعدوانه والذي أدى إلى استشهاد عشرات الآلاف من الفلسطينيين وتدمير قطاع غزة بوحشية لا سابق لها، فإن هذا الكيان الظالم المعتدي أثبت أنه كيان هش لا قدرة له على البقاء والاستمرار لولا الدعم الأميركي”.
وأكد حزب الله ان “لا مكان لهذا الكيان الصهيوني المؤقت في منطقتنا وفي نسيجنا الاجتماعي والثقافي والإنساني، كان وسيبقى غدة سرطانية عدوانية قاتلة لا بد من إزالتها وإن طال الزمن”، معتبرا ان “الولايات المتحدة الأميركية ومن معها من حلفائها وأدواتها في العالم وفي المنطقة هم شركاء هذا الاحتلال في عدوانه وفي جرائمه ضد الشعبين الفلسطيني واللبناني وضد شعوب المنطقة وتتحمّل المسؤولية الكاملة عن القتل والإجرام والظلم والمآسي الإنسانية المفجعة”.
وأضاف “إن قرار حزب الله فتح جبهة الاسناد في الثامن من اكتوبر لدعم الشعب الفلسطيني ومقاومته الشريفة هو قرار إلى جانب الحق والعدل والإنسانية التامة وفي نفس الوقت هو قرار بالدفاع عن لبنان وشعبه دفعت فيه مقاومتنا وشعبنا أثماناً باهظة ومكلفة في بنيتها القيادية وفي بنيتها العسكرية والمادية، ونزوحاً قسرياً لمئات آلاف المدنيين الأمنيين، ودمارًا ثقيلاً في الأملاك والمباني الخاصة، ولا يزال العدو يواصل إجرامه وعدوانه بلا حدود، غير أننا واثقون إن شاء الله بقدرة مقاومتنا على صد العدوان، وبشعبنا العظيم والمقاوم على الصبر والصمود والتحمّل حتى زوال هذه الغمة، وإننا نرى اليسر بعد العسر والفرج بعد الشدة ، فقد ولى زمن الهزائم وجاء نصر الله”.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
طوفان الأقصى: السياسي والإيديولوجي
يمكننا، كما استخلصنا بعض السمات التي أفرزها طوفان الأقصى من جانب تعامل الطغمة الصهيونية والأمريكية معه، نريد التوقف على الجانب العربي بهدف النظر في كيفية تعاطيه مع القضية الفلسطينية عموما، وحدث 7 تشرين الأول/ أكتوبر بصفة خاصة.
لقد تصرف العرب عموما مع الحدث، وكأنه بعيد عن انشغالاتهم وهمومهم بالقدر الذي يتطلبه هذا الحدث العظيم. ولم يطرأ التغيير في مواقفهم منه إلا بعد أن طرح ترامب مسألة تهجير سكان غزة إلى مصر والأردن، حيث بدأت القضية لديهم تأخذ مسارا آخر. فكان الإجماع الذي افتقدته القضية منذ مدة طويلة.
قد تتعدد تفسيرات الواقع العربي، حكومات، وشعوبا، وأحزابا والتحولات التي أدت إلى المواقف من القضية الفلسطينية عكس ما وقع مثلا في 1973. لكني أريد الذهاب إلى البحث في الذهنية التي تتحكم في التصور العربي، ولا سيما لدى من ظلت القضية الفلسطينية تمثل لديهم أولوية في الصراع ضد الاستيطان، والهيمنة الأمريكية. وأقصد بصورة خاصة الأحزاب المعارضة، والنقابات، والمثقفين على اختلاف طوائفهم وألوانهم. وللقيام بذلك سأميز بين الإيديولوجيا والسياسة لأنني أرى هذا التمييز المدخل الطبيعي والضروري لفهم وتفسير ما جرى.
أعتبر السياسة فن إدارة وتدبير الوجود البشري لتحقيق المكاسب. أما الإيديولوجيا فنشر أفكار، والدفاع عنها باستماتة بهدف كسب الأنصار. إن الإيديولوجي الذي يمارس السياسة يعمل بدون وضع الزمن وتحولاته في نطاق ممارسته. إن ما يهمه بالدرجة الأولى هو تقديم تصوره الإيديولوجي الذي يتبناه ويظل يدافع عنه. والعرب لم يكونوا يمارسون السياسة ولكن الإيديولوجيا. إن الإيديولوجيا العربية، أيا كانت منطلقاتها ومقاصدها، هي ما يمارسه العرب في علاقتهم فيما بينهم، فتجد الفرقة بينهم تتخذ بعدا دينيا وطائفيا (سنة، شيعة)، وجغرافيا وحدوديا (شمال وجنوب، وغرب وشرق)، وسياسيا (حكومات وحركات). وكل منهم يرى أن إيديولوجيته هي التي تمتلك الحقيقة، والآخر ضال. وفي ضوء هذا التمايز تتخذ المواقف ضد أو مع ما يجري في الساحة العربية داخل كل قطر عربي، وبين الأقطار العربية. وهذه المواقف هي التي تتحدد في العلاقة مع الصهيونية وأمريكا خارجيا، حيث الرضوخ لهما بدعوى التحالف أو اتخاذ الحياد السلبي، أو التصريحات المجانية.
يبدو لنا ذلك بجلاء في المواقف الفلسطينية أولا من طوفان الأقصى. لقد اعتبرته السلطة الفلسطينية خطأ لأنه أعطى لإسرائيل الذريعة لتدمير غزة، وشاركتها الدول العربية الموقف عينه بصورة أو أخرى، وهو الموقف الذي اعتمده الغرب أيضا، وهو يصطف إلى جانب الأطروحة الصهيونية ــ الأمريكية. لقد تم التعامل مع الحدث على أنه عمل حركة إرهابية هي حماس ضد دولة معترف بها عالميا، ولم يكن التعامل معه باعتباره وليد صيرورة من الصراع الفلسطيني ــ الإسرائيلي. وأنه لم يأت إلا ضد ما كانت تمارسه السلطات الصهيونية ومستوطنوها في القدس، وما ظلت تقوم به لتصفية القضية نهائيا، وخاصة منذ ولاية ترامب الأولى التي دعا فيها إلى نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، مدعيا جعلها عاصمة أبدية لإسرائيل، متنكرا بذلك لكل القرارات الأممية حول القدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية، وحل الدولتين.
أمام عدم انخراط الضفة الغربية في طوفان الأقصى، وهو ما كانت تخشاه إسرائيل، ملأت جبهات الإسناد الساحة، وقامت بدورها في دعم المقاومة في غزة، فبدا طوفان الأقصى وكأنه وليد إملاءات إيرانية، فاستغل هذا عالميا، وخاصة من لدن إسرائيل وأمريكا لتحوير الحرب الحقيقية من كونها قضية وطن إلى حرب بالوكالة لفائدة إيران التي صارت قطب «محور الشر». فكانت الاغتيالات لهنية في طهران، وبعد ذلك لرموز حزب الله وحركة حماس ليست نهاية لطوفان الأقصى بل لتأجيجه ودفعه في اتجاه مناقض لما كانت تحلم به إسرائيل التي توهمت أن القضية الفلسطينية ليس وراءها سوى إرهابيين يكفي القضاء عليهم لإنهاء القضية وإقبارها إلى الأبد.
لكن الصمود الوطني الأسطوري للمقاومة دفعها إلى القبول بوقف إطلاق النار في جنوب لبنان، وبعد ذلك في غزة. وخلال هدنة تبادل الأسرى والمختطفين تفرغت الآلة الجهنمية الصهيونية للضفة الغربية مستهدفة تهجير المواطنين وتدميرها كما فعلت في غزة. ومع التحول الذي عرفته سوريا، ونهاية «الممانعة» التي كانت تمنع من المواجهة مع العدو، ها هي إسرائيل تهدد أمن بلد خرج للتو من كابوس مرعب بدعوى السيمفونية النشاز: حماية أمنها القومي؟ إسرائيل شعب الله المختار عليه أن يحافظ على أمنه الذي عليه تكدير أمن «جيرانه» غير المحتملين، وتنغيص الحياة عليهم. هذه هي السياسة الصهيونية التي تنبني على إيديولوجية التسلط والهيمنة.
يبدو لنا ذلك بجلاء في المواقف الفلسطينية أولا من طوفان الأقصى. لقد اعتبرته السلطة الفلسطينية خطأ لأنه أعطى لإسرائيل الذريعة لتدمير غزة، وشاركتها الدول العربية الموقف عينه بصورة أو أخرى، وهو الموقف الذي اعتمده الغرب أيضا،
إن كل هذا نتيجة الخلاف الإيديولوجي بين مكونات المقاومة الفلسطينية الذي ظلت إسرائيل تغذيه وتفرضه طيلة كل عقود الصراع. ولا فرق في ذلك من يحمل السلاح لأنه إرهابي، ومن يخضع للهيمنة الصهيونية باسم سلطة لا حق لها في ممارستها. فكلاهما غير مرغوب فيه لأن إسرائيل للإسرائيليين وليست لأي عربي. هذا الدرس لم يفهمه بعض الفلسطينيين والعرب الذين اتخذوا مواقف مضادة من طوفان الأقصى. وهو الدرس الأكبر الذي يقدمه الطوفان لمن لم يريدوا فهم طبيعة الكيان الصهيوني وأسطورته الإسرائيلية، وهو ما يبدو حاليا بشكل أجلى منذ انتخاب ترامب في ولايته الثانية. وهو ما ظل يصرح به أبدا سموتريتش وبن غفير بوقاحة وجرأة وطغيان وعنصرية مقيتة.
يمارس الفلسطينيون بمختلف تياراتهم واتجاهاتهم السياسة، ومعهم كل الأحزاب والمنظمات الحقوقية والأهلية العربية من منظور حركات التحرر العالمية في الستينيات، أي في ضوء تصورات إيديولوجية معينة. ومواقفهم من بعضهم البعض تتأسس على قاعدة: من ليس معي، فهو ضدي. إنها القاعدة التي لا يتولد منها سوى الحقد الإيديولوجي، والاقتتال الداخلي، والصراع المستدام. إنهم لا يميزون بين التناقض الرئيسي والتناقضات الثانوية. بل إن ما هو ثانوي يصبح لديهم أساسيا، وفي المستوى الأول، بينما التناقض الرئيسي يقبع في الخلفية. ولذلك نجدهم يُرهِّنون تناقضاتهم الداخلية الخاصة، وتحتل المكانة الكبرى أمام ما تمثله تناقضاتهم مع عدوهم الخارجي التي تصبح وكأنها غير موجودة. يغذي العدو هذه التناقضات، ومن مصلحته إدامتها لبسط هيمنته، وإدارته الصراع بما يخدم مصلحته.
تبدأ ممارسة السياسة لدى الفلسطينيين إذا ما جمدوا تناقضاتهم الداخلية، ووجهوا التناقض نحو العدو المشترك. في هذا التجميد يكمن الحس الوطني الحقيقي في بعده الديمقراطي والوحدوي الذي تهمه قضية الوطن عبر وضعها فوق أي اعتبار. أما تبادل الاتهامات وادعاءات تمثيل الشعب الفلسطيني فليس سوى خطابات جوفاء لا قيمة لها لأنها تعبير عن إيديولوجيا زائفة.
إن الدرس الأكبر الذي نستنتجه من الحدث الأكبر طوفان الأقصى، والذي هو في الحقيقة حلقة من حلقات ما يمكننا تعلمه من تاريخنا الحديث في صراعنا مع الآخر، أي من الاستعمار التقليدي إلى الجديد يدفعنا إلى تأكيد أن ما قلناه عن الفلسطينيين ينسحب على العرب حكومات وشعوبا وأحزابا ومنظمات مختلفة. إن التناقض الرئيسي ليس مع من يختلف معنا، ويعارضنا، إنه ضد التبعية، والتخلف، والتفرقة، والتأخر عن العصر الذي نعيش فيه. إنه ضد الآخر الذي يسعى لإدامة التفرقة بين الدول والشعوب، وإشاعة الفتنة، ونهب ثروات وخيرات البلاد العربية، والحيلولة دون تقدمها. إنه ضد الطائفية والعرقية والظلامية، ومع حرية المواطن وكرامته وعزته في وطنه، ووحدة الأوطان، وتعزيز التعاون والتقارب بينها لما فيه الخير للجميع.
إذا لم تكن السياسة فن إدارة التدبير من أجل الحياة الكريمة فإنها ليست سوى إيديولوجيا توليد التناقضات وتفريخ الصراعات، وإشعال النزعات وإشاعة النزاعات، ويكفي النظر إلى ما يمور به واقعنا لتأكيد أن الإيديولوجي مهيمن في حياتنا على السياسي.
لقد كشف طوفان الأقصى حقيقة واقعنا مع ذاتنا ومع الآخر. فإلى متى يظل يلدغ المؤمن من الجحر مرتين؟