رئيس دينية الشيوخ: مبادرة بداية تتفق مع جوهر الشرع في البدء ببناء الإنسان
تاريخ النشر: 7th, October 2024 GMT
كتب - محمود مصطفى أبوطالب:
أكد الدكتور يوسف عامر رئيس لجنة الشؤون الدينية والأوقاف بمجلس الشيوخ، أن مبادرات القيادة السياسية الحكيمة كانت ولا زالت محطات مضيئة على طريق مسيرة وطننا العزيز، و تعكس حرص القيادة الحكيمة على إحداث تغيرات نوعية ونهوضٍ وثَّابٍ بالوطنِ يبدأُ من بناءِ الإنسانِ المصريِّ على كافة الأصعدة: الصحية، والنفسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والتعليمية، والثقافية.
وأوضح في بيان له بمناسبة ندوة دار الإفتاء "الفتوى وبناء الإنسان"، التي تعقد غدا بقاعة المؤتمرات بمبنى الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن مبادرة «بداية جديدة لبناء الإنسان» جاءت لتفتحَ أمام جميع مؤسسات المجتمع، بل أمام جميع أبنائه أن يشاركوا في هذا البناء المهم، وهل يوجد أهم من بناء الإنسان؟ وهل يوجد رأس مال يُثمّرُهُ الإنسان خير من أبنائه وأحفاده؟!.
وأشار إلى أن المؤسساتُ الدينية في مصرَ -الأزهر الشريف، ودار الإفتاء، ووزارة الأوقاف، والتي تُمثّل المنهج الوسطي الرشيد في: العقيدة، والأحكام، والتزكية والأخلاق- يأتي دورها لتقدَّم ما لديها في بناء الإنسان، وعلماؤنا الأجلاء هم الذين علمونا هذه القواعد العظيمة التي استخرجوها بالنظر الثاقب في الشرع الشريف وأحكامه ومقاصده وغاياته، فعرَّفونا أنَّ الساجدَ مُقدّم على المساجد، وأنَّ الإنسانَ قَبلَ البُنيان، وقد جاءت المبادرة متفقة مع جوهر الشرع الشريف في البدء ببناء الإنسان.
وقال عامر، إنه إذا كان الدين الشريف يقوم على محاور ثلاثة هي محور العقيدة، ومحور الأحكام (التشريعات)، ومحور الأخلاق والتزكية، فإن دور علمائنا الأجلاء في المؤسسات الثلاثة أن يُحْكمُوا تأسيسَ هذه الأصول الثلاثة في نفس وعقل وقلب كل إنسان مصريٍّ، فالعقيدة الصحيحة التي تقوم على أسسٍ قويمة سديدة غير متطرفة هي أساسُ تَحرُّكِ الإنسان المؤمن في المجتمعِ بالخيرِ لا يبتغي به إلا وجه الله تعالى.
ونوه إلى أن العقيدة هي الدرع الواقي للمجتمع من خطر الإلحاد؛ العقيدة الصحيحة التي يقوم على حفظها وتدريسها الأزهر الشريف، والتي تقوم على الأدلة العقلية كما تقوم على الأدلة النقلية، فينشأ الإيمان على قناعة عقلية ثابتة أمام موجات التشكيك والشبهات.
وأكد عامر أن الأحكام هي المرآة التي تتجلى فيها وسطية هذا الدين للمسلمين ولغير المسلمين، وهي التي تُثْبتُ للمسلمين وغيرِهم بصورة عملية واقعية كيف أن هذا الدين مناسب لأي زمان ومكان وأشخاص وأحوال، وأن التشدد الممقوت الذي ينفّر الناس عن الدين شيء بعيد عن حقيقة هذا الدين المبنيِّ على التيسير، قال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185]. إنَّ التيسيرَ الذي يُقدّمهُ السادة أُمناءُ الفتوى للناسِ حفاظٌ على الدين؛ لأنه يُبينُ لهم مساحةً تَسعُهُم من سماحةِ الدِّين، فلا يميلون إلى الحُرمات ولا يَستحلُّونها.
ولفت إلى أن التزكية والأخلاق هما المحور الثالث الذي يشمل الارتقاء النفسي للإنسان، سواءٌ فيما بينه وبينَ نفسِه، وفيما بينه وبين الناس، وهو في هذين الحالين لا يعامل في الحقيقة إلا الله تعالى، فهو يُحسنُ إذا كان بين الناس، وهو يحسن إذا كان منفردًا؛ لأنه في الحاليْنِ مراقبٌ لله تعالى، وقد بيَّن لنا سيدُنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أنَّ الإحسان مرتبط بمراقبة الله تعالى، فقال في تعريف الإحسانِ «أنْ تعبدَ اللهَ كأنَّكَ تراهُ، فإنْ لم تكنْ تراهُ فإنّه يراك» [متفق عليه].
وكشف أن العبْءُ الكبيرُ في قضيةِ الأخلاق يقعُ على كاهل علماء الدين الأجلاء، فهم الذين يُعرّفون الناس أنَّ الأخلاق عندنا من الدين، وهي أحد أصولِه الكبرى، فهي ثابتة ثبات هذا الدين، لا تتغير ولا تتبدل، وهم بهذا يبنون درعًا واقيًا من الموجاتِ الفاسدة التي تستهدفُ الجانبَ الأخلاقيَّ لدينا لتدمرَه، فتدمرَ أبناءَنا وأوطانَنا.
المصدر: مصراوي
كلمات دلالية: طوفان الأقصى حكاية شعب حسن نصر الله سعر الدولار الطقس أسعار الذهب الهجوم الإيراني الانتخابات الرئاسية الأمريكية الدوري الإنجليزي محور فيلادلفيا التصالح في مخالفات البناء سعر الفائدة فانتازي الدكتور يوسف عامر مجلس الشيوخ ندوة دار الإفتاء الفتوى وبناء الإنسان مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان الأزهر الشريف دار الإفتاء وزارة الأوقاف هذا الدین التی ت
إقرأ أيضاً:
من الأنس إلى التباهي: دعوة لكسر قيد المظاهر والبهرجة
خلق الله سبحانه وتعالى آدم عليه السلام، وخلق له حواء لتكون له السكن والرفيقة والزوجة الحبيبة.
منذ ذلك الحين، والإنسان كائن اجتماعي بطبعه، لا يستطيع العيش بمفرده.
كما قال أرسطو: “الإنسان مدني بطبعه”، وأكدت مقولة ابن خلدون أن الإنسان لا يستطيع تحقيق الاكتفاء الذاتي دون التعاون والتآزر مع الآخرين.
لكن مع تقدم الحياة المدنية، تراجعت العلاقات الإنسانية الحقيقية بشكل ملحوظ بسبب الانغماس في المظاهر الزائفة والبهرجة المفرطة.
أصبحت استضافة الضيوف أشبه بسباق محموم بين الأسر، كلٌّ يسعى لإثبات تفوقه في تقديم الأطباق والضيافة الفاخرة، متناسيًا جوهر العلاقة الإنسانية القائمة على الونس والأنس.
تغيرات اجتماعية مؤسفة
ففي الماضي كان الناس يجتمعون ببساطة للاستمتاع بالوقت مع بعضهم البعض، أما اليوم!
فبات الإنسان المعاصر يركز على المظاهر لإثبات مكانته.
نجد البعض يتباهون بسيارات باهظة الثمن ليست ملكهم، بل تم شراؤها بالتقسيط الذي يثقل كاهلهم.
المنازل أصبحت تعج بالمفروشات الفاخرة، لكن تُخصص غرف الضيوف للاستخدام النادر، بينما تضيق الأسرة على نفسها في غرفة المعيشة والمطبخ.
أصبح الإنسان المعاصر رهين المظاهر، يهدر ماله ووقته فقط لإبهار الآخرين.
حيث يستقبل ضيفًا واحدًا بإنفاق مبالغ طائلة على تجهيزات وكأنها لحدث عالمي، من شراء الشوكولاتة الفاخرة إلى الذبائح والمقبلات التي قد تكلفهم معيشة شهر كامل.
تُرى ما هي أسباب الميل للمادية والبهرجة؟
1. السوشيال ميديا: التباهي بما يمتلكه الفرد ونشر التفاصيل اليومية على وسائل التواصل الاجتماعي.
2. ضعف القيم الحقيقية: تحوّل المجتمع من تقدير البساطة والعلاقات الإنسانية إلى تقدير المظاهر والماديات.
3. المنافسة الاجتماعية: تسابق العائلات لإظهار مستوى معيشتهم العالي.
4. الإعلانات والضغوط الاستهلاكية: تشجيع الناس على شراء الكماليات باعتبارها ضرورة.
ولكن!
ما هي الحلول للحد من هذه الظاهرة؟
1. تعزيز القيم الأصيلة: من نشر الوعي بأهمية البساطة وقيمة العلاقات الإنسانية على المظاهر من قِبل مختصين على وسائل التواصل الإجتماعي.
2. نشر الوعي تنظيم الأولويات المالية: وذلك من قِبل مختصين في المال والاقتصاد وتوعية المجتمع في التركيز على الاستثمار في الضروريات بدلاً من الكماليات.
3. التوعية المجتمعية: تنظيم حملات من مختصي علم الإجتماع من خلال الإعلام التقليدي المرئي والمسموع، والإعلام الجديد على وسائل التواصل الإجتماعي لتشجيع العائلات أن جوهر العلاقات هو الاستمتاع بالوقت مع بعضهم بدلاً من التباهي.
4. التواصل الفعّال: تنظيم حملات من مختصي علم الإجتماع من خلال الإعلام التقليدي المرئي والمسموع، والإعلام الجديد على وسائل التواصل الإجتماعي بتوعية العائلات بالتركيز على بناء علاقات مبنية على الاحترام والمودة بدلًا من التنافس.
5. التربية الواعية: تعليم الأجيال الجديدة وهنا دور الأهل بالتعاون مع وزارة التعليم بالمناهج المدرسية بغرس قيم القناعة والاعتدال.
ختامًا، إن العودة إلى البساطة في العلاقات والاجتماعات الإنسانية كفيلة بإحياء الأنس الحقيقي بين الناس، وتخفيف عبئ المظاهر التي استنزفت القيم المادية والمعنوية على حد سواء.