فرضت الأزمة الإقتصاديّة التي يعيشها اللبنانيون تحوّلات بارزة على صعيد الأولويات الصحيّة، فالكثير من المواطنين تخلوا عن الذهاب إلى العيادات الخاصة أو المستشفيات لإجراء المعاينات الطبية، واختاروا اللجوء إلى المستوصفات التي باتت تُعدّ موئلاً لـ70% من اللبنانيين في ظلّ الظروف المعيشية الصعبة. أعداد بالمئات حتى العام 2023، بلغت المستوصفات ذروتها في لبنان، إذ سجّلت المناطق الريفية، خصوصاً تلك البعيدة عن العاصمة "ثورة" في المستوصفات الكبيرة.
خلال العامين الماضيين، جرى افتتاح الكثير من تلك المراكز الطبية، ما أتاح للبنانيين فرصة التوجّه إليها والإستفادة منها، في مقابل التخلص من كلفة المستشفيات، التي على ما يبدو باتت "حكراً على أصحاب الأموال فقط". وأمام هذا الواقع، فإن الضغط على مستوصفات الرعاية بات كبيراً جداً إلى حدّ باتت فيه خطوة أخذ المواعيد أمراً أساسياً، وذلك بعكس المشهدية التي كانت سائدة قبل الأزمة. التطور على صعيد مستوصفات الرعاية الصحية يؤكّد عليه مدير "مركز الرعاية الصحية للنجدة الشعبية" الدكتور أمين فليحان الذي يقول لـ
"لبنان24" إنّ المواطنين باتوا يقصدون المستوصفات بشكل كبير، وبحسب الأرقام، فإن النسبة ارتفعت بحدود 70% ما قبل الأزمة وما بعدها. بدوره، يتحدث جهاد، وهو أحد الموظفين في مركز الرعاية، عن أثر المستوصفات على اللبنانيين الذين ليس بمقدورِهم تلقي العلاج داخل العيادات الخاصة، ويقول لـ
"لبنان24": "على سبيل المثال، فإنَّ تكلفة إجراء عملية أو تقويم للأسنان يكلّف داخل المستشفى أو العيادة ما يقارب 80$ مقابل 3 ملايين ليرة فقط داخل المستوصف، وهذا الأمر ينسحب تمامًا على معاينات العظم، والأعصاب، وأي فحص آخر". على ضوء ذلك، يؤكّد فليحان لـ
"لبنان24" أنَّ العمل في المستوصفات حتمًا يتركّز على هكذا أنواع من الفحوصات، إذ أن التوفير قد يصل في بعض الأحيان إلى أكثر من 50% على المواطنين. في سياق حديثه، لا يُخفي فليحان توازيًا استفادة النازحين السوريين من هذا الأمر أيضًا، إذ يقدر العدد بحسب المعلومات بعشرات الآلاف، حيث تتركز جلّ فحوصاتهم عند أطباء الأطفال والتوليد. بحسب المعلومات، فإن هناك عشرات الآلاف من السجلات والبطاقات للسوريات داخل مستوصفات لبنان، كما أن النازحين يستفيدون أيضاً من الدواء الموجود في تلك المراكز الصحية، مع العلم أن تلك الأدوية يجري تأمينها من قبل الجمعيات أو حملات الإغتراب خصوصاً بعد كورونا والأزمة الإقتصادية. بموازاة ذلك، تؤكّد مصادر من وزارة الصحة أنَّ الجهات المعنية التمست انخفاضاً كبيراً بأعداد اللبنانيين الذين يدخلون إلى المستشفيات، إذ إن هذا الأمر انعكس سلبًا وبشكلٍ واضحٍ على مدخول المستشفيات، خاصةً على صعيد أطباء الأسنان والعظم والأطفال من جهة، أو حتى من خلال ارتباط العديد من الأطباء بمستوصفات مكتفية إلى حد ما ماديًا، وتخلي العديد منهم عن عياداتهم الخاصة بسبب تكاليف الإيجار والنفقات الأخرى التي بات من الصعب تأمينها في ظلِّ انخفاض عدد المرضى الذين يرتادون تلك العيادات. في مُحصلة الأمر، ما يمكن قوله إنَّ سُبل المواطنين في لبنان للحصول على الرعاية الطبية قد تغيّرت تماماً، فالأزمة عزّزت قطاعات وأثرت سلباً على أخرى. وبكل بساطة، فإنّ المواطن الذي يتقاضى راتباً محدوداً، سيلجأ حُكماً إلى الجهة التي تُقدّم له "كشفية طبية" بسعر رخيص بدلاً من الذهاب إلى المستشفيات التي قد يدفع "ما فوقه وما تحته" للإستشفاء... حقاً، هذا هو واقع الحال في لبناننا الذي كان يوماً "مستشفى الشرق". المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
وزير الثقافة اللبناني يزور قطر لتعزيز التعاون الثقافي ودعم لبنان
زار وزير الثقافة محمد وسام المرتضى، دولة قطر بدعوة من وزير الثقافة القطري، عبد الرحمن بن حمد آل ثاني. والتقى المرتضى في مقر الوزارة بالدوحة مع وفد مصغر ضم سفيرة لبنان في قطر فرح بري، ومستشاري الوزير الإعلامي روني ألفا والدكتور وسيم ناغي، حيث تم بحث سبل دعم لبنان لمواجهة التحديات الناتجة عن العدوان الإسرائيلي.
وأكد آل ثاني للمرتضى خلال الزيارة التزام وزارة الثقافة القطرية بتقديم الدعم الكامل للبنان، مشيرًا إلى أنها ستقوم بإدراج أسماء مبدعين وفنانين لبنانيين للمشاركة في الفعاليات الثقافية القطرية، وذلك لتعزيز جهودهم وإظهار فرادة الإبداع اللبناني في هذه الأوقات الصعبة.
كما رحب آل ثاني بدعوة المرتضى لحضور حفل اختتام إعلان طرابلس مدينة الثقافة العربية، مؤكدًا حضوره كضيف شرف في هذا الحفل المزمع إقامته بعد وقف إطلاق النار. ووافق أيضًا على تنظيم أسابيع ثقافية قطرية في لبنان، انطلاقًا من طرابلس التي تم اختيارها كعاصمة الثقافة العربية لعام 2024، وأكد دعمه للبنان في مواجهة التحديات التي تهدد سيادته وتراثه الثقافي المتنوع. (الوكالة الوطنية للإعلام)