أكد الدكتور يوسف عامر رئيس لجنة الشؤون الدينية والأوقاف بمجلس الشيوخ، أن مبادرات القيادة السياسية الحكيمة كانت ولا زالت محطات مضيئة على طريق مسيرة وطننا العزيز، و تعكس حرص القيادة الحكيمة على إحداث تغيرات نوعية ونهوضٍ وثَّابٍ بالوطنِ يبدأُ من بناءِ الإنسانِ المصريِّ على كافة الأصعدة: الصحية، والنفسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والتعليمية، والثقافية.

رئيس "دينية الشيوخ": المؤتمر الدولي التاسع للإفتاء يأتي ضمن الدور الريادي لمصر

وأوضح في بيان له بمناسبة ندوة دار الإفتاء "الفتوى وبناء الإنسان"، التي تعقد غدا بقاعة المؤتمرات بمبنى الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن مبادرة «بداية جديدة لبناء الإنسان» جاءت لتفتحَ أمام جميع مؤسسات المجتمع، بل أمام جميع أبنائه أن يشاركوا في هذا البناء المهم، وهل يوجد أهم من بناء الإنسان؟ وهل يوجد رأس مال يُثمّرُهُ الإنسان خير من أبنائه وأحفاده؟!

وأشار إلى أن المؤسساتُ الدينية في مصرَ -الأزهر الشريف، ودار الإفتاء، ووزارة الأوقاف، والتي تُمثّل المنهج الوسطي الرشيد في: العقيدة، والأحكام، والتزكية والأخلاق- يأتي دورها لتقدَّم ما لديها في بناء الإنسان، وعلماؤنا الأجلاء هم الذين علمونا هذه القواعد العظيمة التي استخرجوها بالنظر الثاقب في الشرع الشريف وأحكامه ومقاصده وغاياته، فعرَّفونا أنَّ الساجدَ مُقدّم على المساجد، وأنَّ الإنسانَ قَبلَ البُنيان، وقد جاءت المبادرة متفقة مع جوهر الشرع الشريف في البدء ببناء الإنسان.

الدكتور يوسف عامر - رئيس اللجنة الدينية بمجلس الشيوخ

وقال عامر، إنه إذا كان الدين الشريف يقوم على محاور ثلاثة هي محور العقيدة، ومحور الأحكام (التشريعات)، ومحور الأخلاق والتزكية، فإن دور علمائنا الأجلاء في المؤسسات الثلاثة أن يُحْكمُوا تأسيسَ هذه الأصول الثلاثة في نفس وعقل وقلب كل إنسان مصريٍّ، فالعقيدة الصحيحة التي تقوم على أسسٍ قويمة سديدة غير متطرفة هي أساسُ تَحرُّكِ الإنسان المؤمن في المجتمعِ بالخيرِ لا يبتغي به إلا وجه الله تعالى.

ونوه إلى أن العقيدة هي الدرع الواقي للمجتمع من خطر الإلحاد؛ العقيدة الصحيحة التي يقوم على حفظها وتدريسها الأزهر الشريف، والتي تقوم على الأدلة العقلية كما تقوم على الأدلة النقلية، فينشأ الإيمان على قناعة عقلية ثابتة أمام موجات التشكيك والشبهات.

وأكد عامر أن الأحكام هي المرآة التي تتجلى فيها وسطية هذا الدين للمسلمين ولغير المسلمين، وهي التي تُثْبتُ للمسلمين وغيرِهم بصورة عملية واقعية كيف أن هذا الدين مناسب لأي زمان ومكان وأشخاص وأحوال، وأن التشدد الممقوت الذي ينفّر الناس عن الدين شيء بعيد عن حقيقة هذا الدين المبنيِّ على التيسير، قال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185]. إنَّ التيسيرَ الذي يُقدّمهُ السادة أُمناءُ الفتوى للناسِ حفاظٌ على الدين؛ لأنه يُبينُ لهم مساحةً تَسعُهُم من سماحةِ الدِّين، فلا يميلون إلى الحُرمات ولا يَستحلُّونها.

ولفت إلى أن التزكية والأخلاق هما المحور الثالث الذي يشمل الارتقاء النفسي للإنسان، سواءٌ فيما بينه وبينَ نفسِه، وفيما بينه وبين الناس، وهو في هذين الحالين لا يعامل في الحقيقة إلا الله تعالى، فهو يُحسنُ إذا كان بين الناس، وهو يحسن إذا كان منفردًا؛ لأنه في الحاليْنِ مراقبٌ لله تعالى، وقد بيَّن لنا سيدُنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أنَّ الإحسان مرتبط بمراقبة الله تعالى، فقال في تعريف الإحسانِ «أنْ تعبدَ اللهَ كأنَّكَ تراهُ، فإنْ لم تكنْ تراهُ فإنّه يراك» [متفق عليه].

وكشف أن العبْءُ الكبيرُ في قضيةِ الأخلاق يقعُ على كاهل علماء الدين الأجلاء، فهم الذين يُعرّفون الناس أنَّ الأخلاق عندنا من الدين، وهي أحد أصولِه الكبرى، فهي ثابتة ثبات هذا الدين، لا تتغير ولا تتبدل، وهم بهذا يبنون درعًا واقيًا من الموجاتِ الفاسدة التي تستهدفُ الجانبَ الأخلاقيَّ لدينا لتدمرَه، فتدمرَ أبناءَنا وأوطانَنا.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الشيوخ يوسف عامر الفتوى وبناء الإنسان الفتوى بناء الإنسان بداية جديدة لبناء الإنسان المجتمع هذا الدین التی ت

إقرأ أيضاً:

غزة … النصر والفتح

غزة … النصر والفتح
#نبيل_الكوفحي

سورة الفتح (انا فتحنا لك فتحا مبينا ) نزلت بعد صلح الحديبية في العام السادس للهجرة وكان فتح مكة في رمضان من العام الثامن للهجرة. كانت بيعة الرضوان وقِيل إنّها سُمِّيت ب(بيعة الشجرة)، في مقدمات صلح الحديبة، قال تعالى في تقرير تلك الحادثة (لَّقَدْ رَضِيَ اللَّـهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا)،
برغم انه لم يكن معلوما للصحابة ما سيحدث بعد ذلك وقد غضب الكثيرون من ذلك الصلح، لكن الله سماه فتحا مبينا، و ما كان ليكون لولا استحقاقهم رضى الله، إذ قال تعالى (لَّقَدْ رَضِيَ اللَّـهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ)، وقد أثنى عليهم الرسول-صلّى الله عليه وسلّم-؛ فوصفهم بأنّهم خير أهل الأرض، أخرج البخاري أن جابر بن عبد الله قال: (قالَ لَنَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَ الحُدَيْبِيَةِ: أنتُمْ خَيْرُ أهْلِ الأرْضِ وكُنَّا ألْفًا وأَرْبَعَ مِئَةٍ، ولو كُنْتُ أُبْصِرُ اليومَ لَأَرَيْتُكُمْ مَكانَ الشَّجَرَةِ).

هكذا هم أهل غزة وقد كتب نهاية العدوان عليهم ان شاء الله بعد (٤٧٠) يوما من العدوان الهمجي تجاه اهل غزة جميعا. فقد اعدوا الانسان ايام اعداد وكان منهم عشرات الالاف من حفظة كتاب الله ونحسبهم ممن رضي الله عنهم ولا نزكيهم على الله تعالى، واعدوا ما استطاعوا من العدة، تطبيقا لقوله تعالى ( واعدوا لهم ما استطعتم من القوة) في ظل كتمان وخداع للعدو ، ثم بادروا ودخلوا عليهم الباب (ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون)، ثم جاهدوا وصبروا (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) فتم لهم نصر الله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)، وخذلهم الكثيرون وعاداهم الظالمون والطغاة المتجبرين، لكنهم لم يكسروا ارادتهم وخاضوا معركة دفاع عن الارض والعرض وشرف الامة، فاحيوها واحيوا ضمائر كثيرة حول العالم، وكشفوا المجرمين والمتجبرين والمتخاذلين والخونة والعملاء ايضا.

قال رسول الله: (لقد أنزلت علي الليلة سورة، لهي أحب إلي ممّا طلعت عليه الشمس، ثمّ قرأ: إنّا فتحنا لك فتحا مبينًا). سورة الفتح ترتيبها من حيث النزول (١١٣ ) وان وضعت في الترتيب (٤٨) وقد تلاها سورة النصر في المرتبة الاخيرة (١١٤) من القران الكريم برغم وضعها في الترتيب ( ١١٠).
تيمنا بنتائج صلح الحديبة والذي لم يعجب الكثيرين من الصحابة رضوان الله عليهم في حينه، نستبشر خيرا بانتهاء العدوان على غزة وانكسار تجبر اليهود وعدم استسلام المجاهدين ابدا برغم قرابة خمسين الف شهيد وما يزيد على ماية وخمسين الف جريح وتهديم معظم البيوت وتخريب كامل البنى التحتية.

كان طوفان الاقصى طوفانا بكل معنى الكلمة، ولسوف تستمر تداعياته على المستوى المحلي والعالمي، ولسوف نشهد باذن الله تحرير فلسطين، فالسقوط والانحدار قد بدأ ولن يكون بعيدا باذن الله.

مقالات ذات صلة المزارع بين عامي 1969 و2025 2025/01/19

مقالات مشابهة

  • الفرق بين الغبطة والحسد في الشرع الشريف
  • تأكيدا لموقف أُعلن من بداية الحرب.. ما قصة قرارات الإفراج التي سلمتها المقاومة للأسيرات؟
  • من كلّ بستان زهرة – 92-
  • آفة المقارنات
  • مع بداية ولايته الجديدة.. أبرز القضايا التي تواجه ترامب
  • دينية الشيوخ توافق على اقتراح بتطوير مسجد عبد الرحمن كتخدا الأثري
  • العقيدة الإسلامية أساس الدين كله والمرجع الذي يوجّه الأحكام..
  • غزة … النصر والفتح
  • التوفيق الإلهي بين النجاح والخسران في مسيرة الإنسان
  • علي الدين هلال يكشف التحديات التي تواجه الحكومة.. وعلاقاتها مع إدارة ترامب -(حوار)