مبادرات الدعم النفسي لأطفال النازحين في مراكز الإيواء بلبنان
تاريخ النشر: 7th, October 2024 GMT
صيدا– بعيون يغمرها القلق وصوت يشوبه الخوف، تروي أم علاء تجربتها المؤلمة في التكيّف مع قسوة النزوح في لبنان ورعاية الأطفال، وتقول للجزيرة نت "نحاول التأقلم، لكن الوضع صعب جدًا، خصوصًا على طفلي الوحيد، ابني علاء، الذي يبلغ من العمر سبع سنوات. كان يعيش حياة هادئة وآمنة، لكن فجأة، تغير كل شيء معه وحوله".
بعد قيام إسرائيل بتوسيع غاراتها الجوية بقصف واستهداف القرى، غادرت العائلة منزلها في مرجعيون، ومنذ ذلك الحين لم يعد علاء كما كان، كما تقول الأم بصوت متقطع، وهي تحاول كبح دموعها، وتضيف "علاء أصبح أكثر انطواء. في البداية كان يسألني كل ليلة متى سنعود إلى المنزل، لكن مع مرور الوقت توقف عن السؤال، وكأنه فقد الأمل".
تستعيد الأم بحسرة ذكريات علاء قبل الحرب، حين كان يلعب بلا قلق مع أصدقائه أمام منزلهم، أما اليوم، فحتى الأصوات البسيطة، كصوت إغلاق الأبواب، تثير في داخله خوفا عميقا. وتتابع متنهدة "أحاول دائما طمأنته وأخبره أن الأمور ستتحسن، لكن الخوف ما زال يملأ عينيه كل ليلة، لم يعد ينام جيدا، ويستيقظ أحيانا باكيا من الكوابيس".
يقدم متطوعون أنشطة ترفيهية للأطفال داخل مراكز إيواء النازحين بهدف تخفيف مشاعر الذعر لديهم (الجزيرة) حلم بسيطالآن، تعيش العائلة في مركز الإيواء الرسمي المختلط في صيدا، وتقول أم علاء بأسًى "حتى في اللحظات التي يحاول فيها اللعب، ألاحظ أنه يظل يراقب بحذر، وكأنه ينتظر وقوع شيء سيئ".
ورغم كل الصعاب، ترتسم على وجهها ابتسامة خفيفة وهي تقول "هنا، يقدمون له بعض الأنشطة التي تساعده قليلا على تخفيف القلق واستعادة جزء من فرحته، كل ما أتمناه هو أن يشعر علاء بالأمان مرة أخرى، أن ينام دون خوف، وأن يستعيد طفولته التي سلبتها الحرب، حلمي بسيط.. أن نعود إلى بيتنا".
مع تصاعد رقعة العدوان المستمر وتأثيره المباشر على البلدات الحدودية في جنوب لبنان، شهدت مدينة صيدا موجة نزوح كبيرة، مما أدى إلى تحويل العديد من مدارسها إلى مراكز إيواء مؤقتة.
ولا تقتصر الجهود في هذه المراكز على توفير الاحتياجات الأساسية من غذاء ومأوى، بل تمتد لتشمل تقديم الدعم النفسي، خاصة للأطفال الذين يعانون من آثار الصدمات العميقة جراء الظروف القاسية التي يمرون بها في ظل الحرب الضروس.
وفي المركز ذاته، يعمل فريق من المتطوعين على تنظيم أنشطة يومية موجهة للأطفال بهدف مساعدتهم على التكيف مع الوضع الحالي والتخفيف من التوتر الذي يرافقهم.
ويشير رئيس جمعية ناشط الثقافية الاجتماعية الدكتور ظافر الخطيب للجزيرة نت، إلى وجود أطفال من العائلات النازحة تعرضوا لصدمات نتيجة الحرب والنزوح السريع.
وأوضح الخطيب أن من واجبهم العمل على تهيئة الأطفال وتحسين أوضاعهم النفسية، لمساعدتهم في التكيف مع الواقع الحالي، بعدما ابتعدوا عن بيوتهم وانتقلوا إلى أماكن تفتقر إلى احتياجاتهم الأساسية.
ويضيف أنه من المهم أيضا تخفيف الضغوط عن العائلات، التي تعيش ظروفا صعبة وتتعرض لضغوط نفسية نتيجة المعاناة اليومية، وأشار إلى أن هدفهم كان تقليل معاناة هذه العائلات من خلال تنظيم أنشطة يقوم بها متخصصون في الدعم النفسي والاجتماعي والترفيهي للأطفال في الجمعية، مبينا أن هذا العمل يتم يوميا، بدءًا من الصباح وحتى بعد الظهر.
يعيش أطفال النازحين من الجنوب اللبناني في حالة من الذعر والخوف نتيجة النزوح تحت القصف (الجزيرة) تحسن كبيروتوضح مسؤولة الأنشطة في مركز الإيواء، نبال عبد السلام أنه "منذ اليوم الأول كنا إلى جانب الأطفال، ونعمل على تخفيف الضغط النفسي عنهم من خلال أنشطة ترفيهية متنوعة، لقد لاحظنا تحسّنا كبيرا في حالتهم النفسية، فقد بدؤوا يشعرون بالسعادة تدريجيا وبدأت آثار الضغوط تنحسر".
وتقول جنى، إحدى المتطوعات في الدعم النفسي "هدفنا هو إبعاد الأطفال عن أجواء الحرب والعنف، ومنحهم مساحة للتعبير عن أنفسهم". وتضيف أن الأنشطة تشمل وُرشا تعليمية وترفيهية مثل الرسم والغناء والألعاب الجماعية، وهي وسائل فعالة لتخفيف التوتر وتحسين الحالة النفسية للأطفال.
ومن جهتها، حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) من أن التصعيد الخطير للصراع في لبنان قد أدى إلى تدهور حاد في أوضاع الأطفال واحتياجاتهم، حيث تفوق سرعة التدهور قدرة الوكالات الإنسانية على الاستجابة الفورية عبر التدخلات المنقذة للحياة.
وتقدر يونيسيف أن أكثر من 300 ألف طفل قد نزحوا من منازلهم، بينما تعاني الأسر النازحة من نقص حاد في الوصول إلى المياه والغذاء، بالإضافة إلى الأغطية واللوازم الطبية الأساسية. ويعيش هؤلاء الأطفال في ظروف مروعة، يواجهون مشاعر الخوف والقلق وسط الدمار والموت، مما يعرضهم لصدمات نفسية قد تؤثر عليهم مدى الحياة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الدعم النفسی
إقرأ أيضاً:
جامعة أسيوط تنظم نشاطًا توعويًا لأطفال الروضة حول "مخاطر الألعاب الإلكترونية"
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
نظمت كلية التربية للطفولة المبكرة، بجامعة أسيوط؛ نشاطُا توعويُا لأطفال الروضة بعنوان "مخاطر الألعاب الإلكترونية ومواقع التواصل الإجتماعي لطفل الروضة"؛ تحت إشراف؛ الدكتور محمود عبد العليم نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، والدكتورة يارا إبراهيم عميدة كلية التربية للطفولة المبكرة.
أكد الدكتور أحمد المنشاوي رئيس جامعة أسيوط، أن الجامعة لها دور كبير في التوعية والتثقيف لكل فئات المجتمع، من خلال تقديم العديد من الرسائل التوعوية في جميع مجالات، ومحاور المبادرة الرئاسية "بداية جديدة لبناء الإنسان"، مشيرا إلى خطورة الألعاب الإلكترونية على الأطفال، وضرورة أن يكون لها ضوابط رقابية يتم الحرص على تنفيذها؛ حتى يستطيع الطفل أن يقضى فيها جزءاً من وقت فراغه دون خوف أو قلق عليه، ويمارس ألعاب تساعده على تنمية ذكاءه وتفكيره الإبداعي.
ومن جانبه؛ أعرب الدكتور محمود عبد العليم؛ عن سعادته بالمشاركة في هذه الفعالية المشتركة بين الجامعة والمجتمع الخارجي؛ لتوعية الأطفال وأجيال الغد، بمخاطر الألعاب الإلكترونية ومواقع التواصل الإجتماعي، وآثارها السلبية على سلوكياتهم؛ حيث أن هذه الألعاب أدت ببعض الأطفال إلى حد الإدمان؛ لافتاً إلى أن هذه الفعالية تأتي ضمن البرامج الفرعية للمبادرة الرئاسية "بداية جديدة لبناء الإنسان"؛ والتي تستهدف كافة الفئات العمرية.
وصرحت الدكتورة يارا إبراهيم؛ أن هذه الفعالية تستهدف أطفال روضة خديجة بنت خويلد والبالغ عددهم (٢٠٠) طفل بواقع أربع قاعات على مدار اليوم؛ بهدف تنفيذ الأنشطة الخاصة بالطفل كبديل عن الألعاب الإلكترونية، وتقديم عرض مسرحي صامت عن خطر مواقع التواصل الإجتماعي وإدمان الأطفال، وترغيبهم في ممارسة الرياضة والألعاب الحرة، وتقديم قصة بالعرائس توضح أهمية تفاعل الأطفال والتعاون داخل الروضة، وتقديم أنشطة تلوين.
شهد حضور الفعالية؛ الدكتورة لمياء كدواني وكيل الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، والدكتورة غادة سويفي وكيل الكلية لشئون التعليم والطلاب، والدكتورة غادة عبدالعال أحمد رئيس قسم خدمة الفرد ومنسق المبادرة، والأستاذة هناء عبد الرحيم عامر مديرة الروضة، وبمشاركة نخبة من أعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة، وعدد من معلمات الروضة، وطالبات التربية العملي بالكلية.