بوابة الوفد:
2025-01-31@09:44:51 GMT

الفن والحرب

تاريخ النشر: 7th, October 2024 GMT

يظل الفن هو المعبر والمصور للحياة والمسجل للتاريخ فمن يكتبون التاريخ لديهم رؤيتهم وعقيدتهم وموقفهم من الحياة والأحداث والأشخاص وهذا هو الفرق بين الشاعر الفنان وبين المؤرخ كما كتب الفيلسوف اليونانى أرسطو منذ مئات السنين، فإذا كان التاريخ يسجل الأحداث كما هى دون تغير سواء إضافة أو حذف، إلا أن الشاعر الفنان لديه القدرة على الإضافة والحذف فى إبداع يغلب عليه الخيال والجمال من وحى الموقف والتجربة والحدث تمكن المبدع من تصوير الحالة والقصة والحكاية فى إطار يقربها من المتلقى أو الجهور، لهذا فإن دور الفن والفنان دور رئيسى وفعال ومهم فى التأريخ للأحداث والمجتمع، وكذلك فى تشكيل وتكوين رأى عام تجاه موقف أو حادثة كبيرة فما كتبه تشارلز ديكنز الروائى الإنجليزى عن الثورة الفرنسية فى رواية «قصة مدينتين» أصدق من كل ما كتبته كتب التاريخ عن الثورة، كما أن رواية  ليو تولستوى «الحرب والسلام» عن الحرب الروسية الفرنسية سطرت كتابًا بليغًا عما فعله نابليون فى روسيا وما عانته روسيا القيصرية من ويلات تلك الحرب التى كانت بدايتها ثورة فرنسية ضد الملكية والظلم.

. وفى السادس من أكتوبر العظيم عام ١٩٧٣ لحظة العبور من النكسة إلى النصر ورفع علم مصر فوق أرض سيناء الحبيبة انطلقت أغنية النصر بعد ساعات من إعلان العبور وتحطيم خط برليف فكانت أغنية «حلوة بلادى السمرة بلادى الحرة بلادي» للموسيقار بليغ حمدى والمبدعة وردة الجزائرية تملأ أرجاء المعمورة ويصدح بها المصريون فى جميع القنوات وعبر المذياع وعلى القهاوى والشوارع والبيوت، ومع هذا فإننا اليوم وبعد مرور أكثر من نصف قرن ما زلنا نشاهد نفس الأفلام والمسلسلات المعادة والمكررة عن حرب أكتوبر وأعمال الجاسوسية فى دموع فى عيون وقحة ورأفت الهجان وبئر سبع وكأننا قد توقفنا عند هذه المرحلة ومع هذا جاء إنتاج الفيلم الكبير «الممر» بعد عشرات السنين من حرب أكتوبر 73 ليعيد الحياة والفخار للمصريين ويحيى بداخل الصغار والشباب أحداثًا غيرت وجه التاريخ وإن كان توثيقًا دراميًا بديعًا لحرب الاستنزاف مثله مثل فيلم الطريق إلى إيلات كمقدمات للنصر فى أكتوبر المجيد... وها هى الحروب تدور من حولنا وعلى حدودنا ويقتل الكيان المحتل أكثر من 41 ألف طفل وامرأة وشيخ وشاب فلسطيني فى غزة على مدار حرب إبادة استمرت عامًا كاملًا منذ ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ وها هى تندلع فى الآن جنوب لبنان وبيروت وعلى حدود سوريا فى الجولان وفى العراق وفى الحديبة باليمن ويموت كل يوم العشرات والمئات فى تلك البلدان العربية ونحن نتصارع على المذهبية العرقية ما بين سنة وشيعة وننسى العدو الحقيقى ذلك الكيان المغتصب المحتل... ولا نلتفت إلى كل ما يجرى بل نظل نقيم المهرجانات فى الأسكندرية والإسماعيلية والغردقة الجونة والقاهرة المحروسة ونغنى ونرقص ونصفق ونقول «ملناش دعوة» الحياة يجب أن تستمر!!! نعم الحياة يجب أن تستمر ولكن هل لهذه المهرجانات والاحتفالات أى دور تنموى وثقافى؟ وهل كان لها موقف يعلن على العالم رافضًا للحرب وللإبادة ولقتل المدنيين كما فعل الآخرون فى حفلاتهم بالغرب؟ هل هناك دور حقيقى للفن والفنان أم أن القضية هى الظهور والتواجد وجمع المال فى حفلات يصل سعر التذكرة لـ10 آلاف جنيه؟ هل تطورت صناعة السينما والمسرح والدراما والفن الشعبى والغناء مع كل هذه المهرجانات؟ إذا استمر الفن فى تحدى الإنسانية وعدم احترام الشعور العام فإنه سوف يصبح سلعة أتلفها الهوى.

المصدر: بوابة الوفد

إقرأ أيضاً:

كلمة أمل الباقر العفيف «أمل السودان» في رثاء والدها

أنا جد آسفة أنني لم أستطع التحدث في مناسبة تشييع والدي، الباقر العفيف مختار. لقد تغير كل شيء بسرعة كبيرة؛ لم أستطع أن أستوعب تمامًا أن المناسبة كانت من أجل وفاته. كنت أتحمل الألم على شكل لمحات: رؤية صديق عائلة مقرب يبكي، أو رؤيته هو، لكن ليس للمرة الأخيرة. كان قلبي يدق لاستيعاب أن اليوم الذي كنا نخافه طويلاً و نرفض التفكير فيه قد حان فعلا. جزء مني لا يزال لا يتقبل الخبر – لا أزال متلهفة لإظهار الأشياء التي أكتشفها له أو لأطرح سؤال قبل أن أتذكر.

كان والدي دائمًا هو الذي يوجهني خلال هذه التجمعات. كان يترجم للي الأجزاء التي لم أفهمها، يذكرني بالمطلوب، ويشجعني عندما أحتاج ذلك. كنت أشعر دومًا بالقوة بجانبه. في كثير من الأحيان طوال ذلك اليوم، كان دافعي الأول هو التوجه إليه لطلب المساعدة في اجتيازه. بدونه، تقلصت قدرتي على أن أكون نفسي، وعلى أن أكون واثقة بنفسي. كان جزءًا كبيرًا مني. كان جزءًا كبيرًا من كل اجتماع مع آخرين.

هناك بعض العزاء في معرفة أنني لست وحدي في هذا الشعور بالوحدة. كان بابا روحًا نادرة قادرة على تحسين حياة كل من عرفه وعلى تحسين المزيد ممن لم يعرفوه. في الزيارات إلى السودان، أصبح من المعتاد رؤية الغرباء يتوقفون ليشكرونه على تغيير حياتهم بطرق لم يرها أبدًا. مشاهدة والدي على الجزيرة أو البي بي سي جعلتني أتفاخر لأصدقائي بأن والدي كان من المشاهير (كونه على التلفزيون هو أعلى رمز للهيبة بين الأطفال)، ولكن حقيقة، كان ذلك الشعور حتى قبل أن أتمكن من فهم كلماته تمامًا، وقد نشأ لدي شعور من ذلك بأن كل شيء ممكن، وأننا جميعًا يمكننا أن نترك بصمتنا على العالم إذا أردنا.

على مر السنين، كان يثبت ذلك باستمرار، متجاوزًا كل توقع وقيود، من تحويل الستة أشهر التي قيل له إنه سيعيشها إلى سبع سنوات، إلى وضع أسس الحركة التي ستنهي عمر البشير، بعد الثلاثين عامًا من عقابه.

كان بوصلة أخلاقية ونجمًا هاديًا لنا. لكنه كان أيضًا الشخص المفضل لدي لخوض تجربتي مع العالم – لمشاهدة البرامج أو مناقشة الأفكار معه. كان الشخص الذي أثق برأيه أكثر من غيره، والذي كانت موافقته تطمئنني أن الفكرة لها قيمة. لا أعرف ماذا سأفعل أو من سأكون بدونه. كان لدينا قائمة طويلة من الأفلام التي كنا نخطط لمشاهدتها معًا. آخر فيلم شاهدناه، “العم بونمي الذي يمكنه استذكار حيواته السابقة”، أثر في كثيرا لدرجة أنه أراد قص جزء منه. أحد الاقتباسات من ذلك الجزء هو: “الأشباح ليست مرتبطة بالأماكن، بل بالأشخاص – بالأحياء.” وعندما كنت أحاول جمع الشجاعة للتحدث في الجلسة، كنت أسمع صوت بابا في أذني. كنت أعرف بالضبط ما كان سيقوله – حتى نغمة صوته وتنغيمه – ليخرجني من ترددي. وعلى الرغم من أنني لم أتمكن من المضي قدمًا بدونه بعد، إلا أن روحه لا تزال حية وقوية كما كانت دائمًا. طالما نستمر في الاستماع إليها، لا يزال لدينا فرصة لنرتقي ونترك بصمتنا فيما حولنا، تمامًا كما كان يفعل معي في كل مرة.

*اصل الكلمة كتب باللغة الانجليزية وتمت ترجمته إلى العربية بواسطة الاخ عبد الله عثمان

الوسومالباقر العفيف

مقالات مشابهة

  • معهد صهيوني: صورة قاتمة لـ”وضع إسرائيل” في الحرب منذ 7 أكتوبر 
  • المندسون… والحرب الفاضحة
  • المسند: بقى على موسم العقارب 11 يومًا والربيع 50
  • مدرجات كرة القدم والحرب على غزة: تضامن كسر كل الحواجز
  • المسند: بقى على الشتاء 26 يومًا والربيع 51
  • دارة الملك عبدالعزيز تكرّم “برنامج جودة الحياة” في ختام فعالية “مختبر التاريخ الوطني”
  • شركات التكنولوجيا والحرب.. مايكروسوفت وجه آخر للعدوان الإسرائيلي
  • كلمة أمل الباقر العفيف «أمل السودان» في رثاء والدها
  • ‏مصادر طبية في غزة: ارتفاع حصيلة الحرب إلى 47354 قتيلا و111563 مصابا منذ 7 أكتوبر 2023
  • المسند: بقى على موسم العقارب 13 يومًا وإجازة الشتاء 27