يظل الفن هو المعبر والمصور للحياة والمسجل للتاريخ فمن يكتبون التاريخ لديهم رؤيتهم وعقيدتهم وموقفهم من الحياة والأحداث والأشخاص وهذا هو الفرق بين الشاعر الفنان وبين المؤرخ كما كتب الفيلسوف اليونانى أرسطو منذ مئات السنين، فإذا كان التاريخ يسجل الأحداث كما هى دون تغير سواء إضافة أو حذف، إلا أن الشاعر الفنان لديه القدرة على الإضافة والحذف فى إبداع يغلب عليه الخيال والجمال من وحى الموقف والتجربة والحدث تمكن المبدع من تصوير الحالة والقصة والحكاية فى إطار يقربها من المتلقى أو الجهور، لهذا فإن دور الفن والفنان دور رئيسى وفعال ومهم فى التأريخ للأحداث والمجتمع، وكذلك فى تشكيل وتكوين رأى عام تجاه موقف أو حادثة كبيرة فما كتبه تشارلز ديكنز الروائى الإنجليزى عن الثورة الفرنسية فى رواية «قصة مدينتين» أصدق من كل ما كتبته كتب التاريخ عن الثورة، كما أن رواية ليو تولستوى «الحرب والسلام» عن الحرب الروسية الفرنسية سطرت كتابًا بليغًا عما فعله نابليون فى روسيا وما عانته روسيا القيصرية من ويلات تلك الحرب التى كانت بدايتها ثورة فرنسية ضد الملكية والظلم.
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
كيف دعم الفن الحرب في السودان؟
الفن دائمًا ما كان أداة قوية للتعبير عن المشاعر والقضايا الإنسانية، إلا أن دوره يتغير وفقًا للسياقات التي يُستخدم فيها. في السودان، ومع اندلاع الحرب الأهلية، تحول الفن من وسيلة للتعبير عن السلام والتعايش إلى أداة لدعم الصراع وتأجيج العنف.
هذه الظاهرة أثارت تساؤلات حول دور الفنان الحقيقي في المجتمع، وما إذا كان من الممكن لفنان أن يدعم الحرب والصراعات الداخلية.
الأغاني الوطنية والطائفية: تعزيز الحماس العسكري
استخدمت أطراف الصراع الأغاني الوطنية والطائفية لزيادة الحماس بين الجنود والمجتمعات المؤيدة لهم. تلك الأغاني تركز بشكل كبير على معاني التضحية والشجاعة في سبيل الوطن، كما أنها تصوّر العدو بأسلوب عدائي، مما يزيد من حدة الكراهية والعنف بين الأطراف المتنازعة. هذه الأغاني كانت تُذاع على نطاق واسع بين المجتمعات لتعزيز التأييد للحرب، مما يسهم في إطالة أمد الصراع.
الرسوم والأعمال الفنية الدعائية: تمجيد الجنود وتأجيج الانقسامساهم الفنانون في دعم الحرب من خلال إنتاج رسوم وتصميمات تعزز الصورة البطولية للجيوش والفصائل المتنازعة. هذه الأعمال الفنية غالبًا ما كانت تُستخدم كدعاية لتمجيد الجنود وتشجيع المجتمعات على دعم الفصائل التي تقاتل في الخطوط الأمامية. في الوقت نفسه، ساهمت هذه الرسوم في تأجيج مشاعر الانقسام بين الجماعات المختلفة، مما أدى إلى مزيد من التعقيد في المشهد السياسي والعسكري.
الإعلام الفني المرئي والمسموع: نشر رسائل دعائيةوسائل الإعلام المرئية والمسموعة لعبت دورًا كبيرًا في نشر رسائل دعائية تحض على القتال أو تدعم أحد أطراف الحرب. البرامج الفنية والأفلام الوثائقية القصيرة كانت تُستخدم لنشر سرديات داعمة للحرب، تحاول إضفاء شرعية على الصراع، وتوجيه الرأي العام نحو دعم استمرار القتال. هذا الاستخدام المفرط للفن كوسيلة دعائية أسهم في تعميق الشرخ المجتمعي.
الشعر والأدب: تمجيد البطولة في الحرببعض الشعراء والأدباء السودانيين انخرطوا في تمجيد البطولة في الحرب من خلال كتابة قصائد وأعمال أدبية تدعم أحد أطراف الصراع على حساب الآخر. هذه الأعمال الأدبية كانت تؤجج مشاعر العداء بين الأطراف المتنازعة وتعمل على تأييد استمرار الحرب، بدلًا من الدعوة إلى الحوار والسلام.
الأغاني الحماسية والشعبية: تأجيج الاستقطاب المجتمعيالأغاني ذات الإيقاعات الحماسية والتعابير القوية استخدمت أيضًا كأداة لرفع معنويات الجنود والمجتمعات المتعاطفة مع أحد الأطراف. هذه الأغاني ساعدت في تكريس الانقسامات المجتمعية، حيث أنها تُستخدم لزيادة الاستقطاب وتعزيز روح العداء بين الجماعات المتصارعة، مما يؤدي إلى استمرار دوامة العنف في البلاد.
الفن للسلام لا الحربفي حديثه لـ«الفجر»، صرّح المحلل السياسي السوداني أحمد محمود أحمد بأن دور الفنان الحقيقي يجب أن يكون بعيدًا عن دعم الحرب والصراعات الداخلية. وأكد أن الفنان يجب أن يكون رمزًا للسلام والإبداع، لا داعمًا للعنف الذي يفتك بأبناء الوطن الواحد.
وأوضح أحمد محمود أحمد أن دعم بعض الفنانين للحرب في السودان يثير تساؤلات حول مفهوم الفنان ودوره في المجتمع. وأضاف: "الفنان يتميز بحس مرهف ووجدان عميق، يسعى من خلال إبداعه إلى تجاوز القبح والمآسي، والبحث عن الجمال".
وأكد أن الفنان الحقيقي يسعى إلى صنع الحياة من خلال فنه وليس التبشير بالموت، داعيًا الفنانين إلى تبني موقف إنساني يدعو للسلام وينبذ الصراعات الدموية.