بعد أن أصبح عبئًا عليها.. إيران تخفف التزاماتها تجاه حزب الله
تاريخ النشر: 7th, October 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تعد إيران واحدة من بين أهم القوى الإقليمية البارزة في منطقة الشرق الأوسط، واتخذت سياساتها الخارجية توجهات أساسية تجمع ما بين الدعم الواضح لأذرعها العسكرية وحلفائها في المنطقة وبين سعيها الدائم إلى الحوار مع القوى الكبرى، ولا سيما الولايات المتحدة الأمريكية، وهذه السياسة الخارجية المعقدة طالما أثارت تساؤلات عديدة حول كيفية توازن إيران بين مصالحها الإقليمية وضرورة التفاوض بشأن ملفها النووي، خصوصًا في ظل العقوبات الاقتصادية الضخمة التي فرضت عليها، وتجد إيران نفسها أمام معضلة جيوسياسية بين حفاظها على نفوذها الإقليمي من خلال استمرار دعمها لأذرعها العسكرية في المنطقة، مثل حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن، وبين رغبتها في إبرام اتفاق نووي مع الولايات المتحدة.
هذه المعادلة الصعبة تحكم السياسة الإيرانية منذ سنوات، وتزداد تعقيدًا في ظل التطورات الأخيرة، بما فيها مقتل حسن نصرالله، الأمين العام لحزب الله.
منذ الثورة الإسلامية في عام ١٩٧٩، تبنت إيران سياسة خارجية تقوم على تعزيز نفوذها الإقليمي من خلال علاقاتها مع جماعات مسلحة وغير حكومية في دول مثل لبنان، سوريا، العراق، واليمن، ويمثل حزب الله اللبناني، أحد أهم هذه الأذرع وهو عنصر رئيسي في السياسة الإقليمية الإيرانية.
وتحقق إيران من خلال شبكة علاقاتها الخارجية عدة أهداف استراتيجية، فهي أولًا، تعزز نفوذها الجيوسياسي في المنطقة، حيث تعتبر تلك الجماعات والأذرع التي تدعمها بمثابة وكلاء تستخدمهم في مواجهة خصومها، مثل إسرائيل والسعودية، وهو ما يتيح لها تشكيل جبهات عسكرية تستطيع من خلالها التأثير في السياسات الإقليمية، وعلى سبيل المثال، يعد حزب الله هو حجر الزاوية في المواجهة المستمرة بين إيران وإسرائيل.
لكن على الجانب الآخر، يتسبب هذا الدعم في فرض المزيد من العقوبات الدولية عليها. الجماعات المدعومة من إيران متورطة في النزاعات الإقليمية والأعمال العسكرية التي تجعل من المنطقة بؤرة دائمة للحروب والصراعات، مما يضع إيران في مواجهة مباشرة مع المجتمع الدولي، ويزيد من عزلة الجمهورية الإسلامية على الصعيد الدبلوماسي. وتعد محادثات الاتفاق النووي بين إيران والقوى الكبرى، ولا سيما الولايات المتحدة، فرصة مهمة لإيران للخروج من عزلتها الاقتصادية التي تسببها العقوبات الدولية. وكان اتفاق لوزان النووي لعام ٢٠١٥، المعروف باسم «خطة العمل الشاملة المشتركة» مع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، يعنى بتقييد قدرات إيران النووية مقابل رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.
وتأمل إيران في تجديد الاتفاق من أجل تحقيق الاستقرار الاقتصادي الذي تشتد حاجتها إليه داخليًا، خصوصًا في ظل التدهور الاقتصادي الذي عانت منه البلاد على مر السنوات الأخيرة. لكن العودة إلى الاتفاق تتطلب تلبية شروط جديدة أكثر صرامة، منها ضبط سلوك إيران الإقليمي وتخفيض نفوذها العسكري في المنطقة.
الولايات المتحدة وحلفاؤها الإقليميون يرون أن جزءًا من أي اتفاق جديد يجب أن يشمل تقليص دعم إيران للأذرع العسكرية في المنطقة. وهنا يبرز السؤال: هل يمكن أن تضحي إيران بحزب الله وغيره من حلفائها من أجل تحسين وضعها الاقتصادي والتخلص من عزلتها الدولية؟
حزب الله يمثل علاقة متشابكة بالنسبة لإيران. فهو ليس مجرد حليف، بل هو جزء من الاستراتيجية الإيرانية لفرض نفوذها في الشرق الأوسط، خصوصًا فيما يتعلق بمواجهة إسرائيل. والحزب ليس منظمة سياسية وعسكرية فحسب، بل هو أداة رئيسية في التحالف الشيعي الإقليمي الذي تسعى إيران إلى تعزيزه وبالتالي من الصعب تخيل أن إيران قد تضحي بهذا التحالف بشكل مباشر، لكن قد تعتمد إيران سياسة مزدوجة كي تتمكن من تخفيف دعمها العلني والمباشر لبعض الجماعات المسلحة لإرضاء المجتمع الدولي، مع الإبقاء على تلك العلاقة في إطار خفي أو غير مباشر. ومثل هذا النهج قد يتيح لإيران مواصلة تعزيز نفوذها الإقليمي دون إثارة قلق القوى الكبرى.
ومع مقتل حسن نصرالله، فقد تشكل هذه التطورات فرصة لإيران لإعادة تقييم علاقتها بحزب الله بشكل أعمق. رحيل نصرالله، باعتباره الزعيم الذي جسد التحالف الاستراتيجي بين إيران وحزب الله لعقود، قد يفتح المجال أمام تغييرات في هيكلية الحزب وعلاقته بطهران. قد تستغل إيران هذه الفرصة للقيام بتغييرات تدريجية في دعمها لحزب الله، وهذه التحولات قد تعطي لإيران مساحة أكبر للمناورة على طاولة المفاوضات النووية مع الغرب، إذ ستظهر كقوة إقليمية أكثر مرونة ومستعدة للتكيف مع المطالب الدولية، دون أن تفقد كامل نفوذها في المنطقة.
يبقى التحدي الرئيسي أمام إيران هو التوفيق بين مصالحها الإقليمية التي تتطلب دعم حلفائها المسلحين، وبين الضغوط الدولية التي تسعى للحد من هذا الدعم مقابل تحقيق مكاسب اقتصادية من خلال الاتفاق النووي. مقتل نصرالله، قد يكون نقطة تحول تتيح لإيران إعادة صياغة استراتيجياتها الإقليمية بطريقة توازن بين هذين الجانبين. لكن التخلي الكامل عن حزب الله يبدو مستبعدًا على المدى القريب، نظرًا للدور الحيوي الذي يلعبه الحزب في دعم السياسات الإيرانية الإقليمية. ومع ذلك، قد تتخذ إيران خطوات لتقليل مستوى تدخلها المباشر، مما يتيح لها التخفيف من الانتقادات الدولية مع الحفاظ على التحالفات الأساسية التي تضمن مصالحها الاستراتيجية.
إيران تجد نفسها في موقف معقد يتطلب منها اتخاذ قرارات حاسمة بشأن سياستها الإقليمية واستراتيجيتها في التعامل مع القوى الدولية ودعم أذرعها العسكرية، وخاصة حزب الله، فهو جزء لا يتجزأ من نفوذها الإقليمي.
وهنا يبقى السؤال الأهم: إلى أي مدى يمكن لإيران تقديم تنازلات في هذا الملف دون أن تضعف موقفها الاستراتيجي في المنطقة؟ من جهة، تسعى إيران إلى تحسين علاقاتها مع الغرب، خصوصًا بعد سنوات من العقوبات الاقتصادية التي أثرت بشكل كبير على اقتصادها الداخلي. ومن جهة أخرى، تعلم إيران أن أي تراجع عن دعم أذرعها العسكرية، مثل حزب الله، قد يضعف قدرتها على التأثير في الشرق الأوسط، خصوصًا في مواجهة خصومها مثل إسرائيل.
من المهم أن نلاحظ أن إيران قد تستخدم مسألة دعمها لحزب الله كورقة تفاوضية. قد تتعهد بتقليص هذا الدعم أو ضبطه في إطار محادثات أوسع مع الولايات المتحدة، خصوصًا إذا ما كانت تلك الخطوة قد تحقق مكاسب اقتصادية كبيرة. لكن في نهاية المطاف، من غير المرجح أن تتخلى إيران بشكل كامل عن حزب الله، نظرًا لأهميته الاستراتيجية. الإجابة عن هذا السؤال تعتمد على مدى استعداد إيران للتخلي عن نفوذها الإقليمي في مقابل المكاسب الاقتصادية التي قد تجنيها من التوصل إلى اتفاق نووي جديد. ويظل إيجاد مخرج يجمع بين الحفاظ على أذرعها العسكرية من جهة، وتحسين علاقاتها مع المجتمع الدولي من جهة أخرى، تحديًا كبيرًا لإيران، سواء في الوقت الحالي أو السنوات المقبلة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: إيران القوى الإقليمية منطقة الشرق الاوسط الدعم العسكرية المنطقة توازن إيران الولایات المتحدة فی المنطقة خصوص ا فی حزب الله من خلال من جهة
إقرأ أيضاً:
الغطرسةُ الأمريكية و “الإسرائيلية” تتلاشى
زينب المهدي
هذه هي أمريكا التي كانت تجول وتصول بسفنها وبارجاتها ومدمّـراتها في كُـلّ أنحاء العالم وخَاصَّة في الشرق الأوسط، لم تتخيل أنها في أحد الأيّام سوف تمتنع من المرور في البحار، وخُصُوصًا في البحر الأحمر الذي أصبح مكاناً خطيراً عليها وعلى أساطيلها التي أرعبت العالم، والآن هي المرعوبة والخائفة من المرور من البحرين الأحمر والعربي والبحر الأبيض المتوسط وباب المندب والمحيط الهندي والدفاع عن حليفتها “إسرائيل” فمن يدافع عنها من الهجمات اليمنية على كُـلّ أساطيلها البحرية.
فكلما أحضر الأمريكي من مدمّـرات وحاملات طائراته تم ضربها وتلقيها أكبر صفعة على أيدي محور المقاومة في اليمن فقد أحضروا حاملات الطائرات “أيزنهاور” وتم ضربها وتم تهريبها وانسحابها، وأحظروا غيرها كـ “أبراهام” وتم ضربها مع مدمّـراتها التي كانت تحميها فهذه هي اليمن العصية على كُـلّ عدو مهما كانت قوته وسطوته.
وأيضًا “إسرائيل” التي صفعت وأحرقت أمام ثُلة قليلة من المقاومين الفلسطينيين الذين لا يملكون عدا أسلحة متواضعة غير التي يمتلكها العدوّ الصهيوني من أحدث وأعتى أنواع الأسلحة المتطورة من مدرعات ودبابات “ميركافا” وطائرات حربية هي الأحدث وطائرات بدون طيار فقد هزموا شر هزيمة.
وأيضًا تم تلقينهم أكبر صفعة من المقاومة لحزب الله اللبناني الذي مرغ أنوفهم في التراب، ولم يستطع هذا العدوّ الصهيوني أن يتقدم حتى شبراً واحداً مما يتلقاه من مواجهة على الأرض من مقاومين مؤمنين بالله.
أصبح المقاومون في كُـلّ يوم يضربون بكل أنواع الصواريخ والطائرات بدون طيار الانقضاضية، التي أرعبت الصهاينة وجعلت المستوطنين يفرون إلى الملاجئ تحت الأرض ويعيشون في خوف وموت خشية من المقاومة اللبنانية لحزب الله.
وهكذا ستنتهي الغطرسة الأمريكية والإسرائيلية أمام المقاومين في اليمن ولبنان وفلسطين.