التصعيد بين إسرائيل وإيران ينذر بتداعيات خطيرة
تاريخ النشر: 7th, October 2024 GMT
في أعقاب الهجوم الإيراني على إسرائيل ليلة الثلاثاء، ادَّعى المسؤولون الإسرائيليون أن دفاعاتهم صمدَت. وأفاد الجيش الإسرائيلي بأن إيران أطلقت ما يربو على 180 صاروخاً، لكن لم يُمط اللثام عن تفاصيل كثيرة عن الأضرار التي لحقت بإسرائيل، وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان إن الهجوم "يبدو أنه قد صُدَّ ولم يكن مؤثراً".
إيران استخدمت في الهجوم أكثر أسلحتها تطوراً
ولكن في حين تستعد إسرائيل للرد، يعتقد المحللون أن تلك التقارير الأولية قد تكون مضلّلة، وقد تُغيِّر حسابات الرد \ إذا كانت إسرائيل تخشى الدخول في حلقة مفرغة ومطولة من الهجوم والهجوم المضاد، خاصةً إذا وقع اختيار طهران على أهدافٍ لا تحظى بدفاعات قوية مستقبلاً، وفق تقرير لصحيفة "الغارديان" البريطانية .وأظهرت لقطات من الأقمار الاصطناعية ووسائل التواصل الاجتماعي سقوط صاروخ تلو الآخر على قاعدة نيفاتيم الجوية في صحراء النقب، ووقوع بعض الانفجارات الثانوية على الأقل، مما يشير إلى أنه على الرغم من الفعالية التي رُوِّجَ لها بشدة للقبة الحديدية الإسرائيلية ودفاعات "السهم" الجوية الإسرائيلية، كانت الضربات الإيرانية أكثر تأثيراً مما أُعلن عنه سابقاً، وفق أندرو روث مراسل الصحيفة البريطانية في القدس.
Escalation with Iran could be risky: Israel is more vulnerable than it seems https://t.co/eveIFOHFpC
— Guardian US (@GuardianUS) October 5, 2024وسجل الخبراء الذين حلّلوا اللقطات المصورة 32 إصابة مباشِرة على الأقل على القاعدة الجوية. ولا يبدو أن أياً منها قد تسبب بأضرار جسيمة، لكنَّ بعضها سقطَ بالقرب من حظائر الطائرات التي تضم طائرات F-35 الإسرائيلية التي تُعدُّ من بين أهم الأصول العسكرية في إسرائيل.
تأثير مميتورغم أن هذه الصواريخ لم تُصِب طائرات على الأرض، فمن المتوقع أن يكون لها تأثير مميت إذا ما أطلقت على مدينة مثل تل أبيب، أو إذا ما وُجِّهَت إلى أهدافٍ أخرى ذات قيمة عالية مثل مصافي النفط التابعة لمجموعة بازان بالقرب من حيفا، مما قد يؤدي إلى كارثة بيئية بجوار مدينة إسرائيلية كبرى.
وكتب ديكر إيفليث، المحلل في مؤسسة CNA للأبحاث والتحليلات، الذي حلَّل صور الأقمار الاصطناعية في إحدى المدونات ما مفاده: "تبقى الحقيقة الأساسية أنّ إيران أثبتت قدرتها على ضرب إسرائيل بقوةٍ إن شاءت. فالقواعد الجوية أهداف صعبة، وهي من بين الأهداف التي من المحتمل ألا تسفر عن الكثير من الضحايا. من الممكن لإيران أن تختار هدفاً مختلفاً - على سبيل المثال، قاعدة مكتظة بالقوات البرية للجيش الإسرائيلي أو هدفاً داخل منطقة مدنية - ومن شأن ضربة صاروخية هناك أن تسفر عن خسائر كبيرة في الأرواح".
مشاكل اقتصادية
وأوضح التقرير أن المشكلة الأخرى التي تواجهها إسرائيل تكمن في الجوانب الاقتصادية لسلسلة طويلة الأمد من الضربات المتبادلة مع الإيرانيين. فمخزونات الدفاع الجوي الإسرائيلي باهظة الثمن ومحدودة في الوقت ذاته، مما يعني أن الدولة قد تصبح أكثر عرضةً للضربات الإيرانية بالتزامن مع استمرار الصراع.
وكتب إيفليث: "بالنظر إلى أنَّ إسرائيل التزمت بالفعل علناً بضرب إيران، فمن المحتمل ألا تكون هذه هي المرة الأخيرة التي سنشهد فيها تبادلاً للصواريخ... وما يثير قلقي هو أنّ هذا سيكون، على المدى البعيد، تبادلاً لن تستطيع إسرائيل تحمله إذا تحوَّلَ هذا الصراع إلى صراعٍ طويل الأمد".
أما على المدى البعيد، فقد تستهدف إسرائيل خطوط إنتاج الصواريخ الباليستية الإيرانية وبنيتها التحتية من أجل منع الهجمات. ولطالما احتجَّ بنيامين نتانياهو بأنَّ برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني لا يقل خطورة على إسرائيل عن برنامجها النووي.
هجوم إسرائيلي وشيك
وأُطلِعَ الصحافيون المحليون على أنّ الرد على الضربة الإيرانية بات وشيكاً، وربما جاءَ بعد الذكرى السنوية لهجمات حماس في 7 أكتوبر (تشرين الأول).
وتشمل الخيارات المستهدفة المنشآت العسكرية الإيرانية - بما في ذلك المواقع العسكرية للحرس الثوري الإيراني أو مراكز القيادة والسيطرة - والبنية التحتية للطاقة، مثل مصافي النفط، التي يمكن أن تثير ضربة مثيلة تستهدف إسرائيل. وهناك أيضاً خيار توجيه ضربة مباشرة للبرنامج النووي الإيراني، وهو ما حذَّرَت طهران من أنه أحد خطوطها الحمراء وحذَّر بايدن نتانياهو من الإقدام عليه.
حلقة مفرغة من التصعيد
وقال علي واعظ مدير مشروع إيران بمجموعة إدارة الأزمات خلال حلقة حديثة من بودكاست المجموعة بعنوان "أوقفوا نيرانكم": "من الصعب أن نتخيل أن تشن إسرائيل هجوماً رمزياً ومحدوداً، لأن هذا ما فعلته في أبريل (نيسان)، وسيتعين على إسرائيل أن تزيد قوة هجماتها درجة أو عدة درجات مقارنةً بهجماتها في أبريل".
وحذّر واعظ من "لعبة الصواريخ الباليستية بين إسرائيل وإيران التي يمكن أن تخرج في أي لحظة عن السيطرة، ويمكن أن تفضي إلى سقوط ضحايا في إسرائيل مما قد يؤدي إلى مزيد من التصعيد، وقد يجرُّ الولايات المتحدة إلى المشاركة في الصراع"، الأمر الذي قد يُسفر عن استهداف حلفاء إيران للقوات والقواعد الأمريكية في المنطقة.
وقال واعظ إن إيران "استخدمت في الهجوم أكثر أسلحتها تطوراً، ولديها مخزون كافٍ من الأسلحة القادرة على شن هجمات لأشهر. سيكون هذا هو العالم الذي سنعيش فيه ما لم يبادر طرف إلى إنهاء هذه الحلقة المفرغة من التصعيد. والشخص الوحيد الذي يملك هذه السلطة هو رئيس الولايات المتحدة الذي لا يبشر سجله بكثيرٍ من الأمل".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية إيران وإسرائيل
إقرأ أيضاً:
هل تُخفي هدنة غزة نوايا التصعيد؟ تساؤلات حول خطط نتنياهو المقبلة
مع توقيع اتفاقية الهدنة بين حركة حماس وإسرائيل، أثارت الشروط التي وضعها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الكثير من التساؤلات حول نواياه الحقيقية.
وبينما تستعيد غزة هدوءًا هشًا، يستمر الجدل داخل القيادة الإسرائيلية حول مسار المرحلة القادمة.
هذا التقرير يستعرض أبعاد الموقف الإسرائيلي وتداعياته على الداخل والخارج.
نتنياهو يحتفظ بخيار استئناف القتالعند توقيع اتفاقية الهدنة، أصر نتنياهو على شرط يمنح قواته حق استئناف القتال في قطاع غزة متى ثبت أن المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار ستكون بلا جدوى، هذا الشرط أثار الريبة حول نواياه، حيث يبدو أنه يهيئ الظروف لشن هجوم مضاد وسط عودة مئات النازحين إلى شمال غزة.
وبعد شهور من التعنت بشأن صفقة تبادل الرهائن، خيب نتنياهو آمال المتشددين في حكومته، بمن فيهم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ووصف سموتريتش اتفاقية الهدنة بالفشل الذريع، معتبرًا أنها عجز من القيادة الإسرائيلية عن حماية الشعب من التهديدات.
وأكد ضرورة العودة إلى القتال بعد تحرير الرهائن، وهدد بالاستقالة من الحكومة الائتلافية.
وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، المعروف بمواقفه المتطرفة، أعلن استقالته مع وزيرين آخرين من حزب "القوة اليهودية" اعتراضًا على اتفاق وقف إطلاق النار، مما أضاف ضغطًا إضافيًا على الحكومة.
ولفهم المكاسب المحتملة التي قد يجنيها نتنياهو من اختراق الهدنة في غزة، يمكن التركيز على ثلاث نقاط رئيسية:
ويسعى نتنياهو للسيطرة التدريجية على قطاع غزة مع الإبقاء عليه "غير صالح للسكن". وفقًا لسموتريتش، الهدف الرئيسي من الاتفاقية هو تحرير الرهائن المتبقية لدى حماس، بعد انتهاء المرحلة الأولى من الهدنة، المتوقع أن تمتد 42 يومًا بدءًا من الأحد 19 يناير، ستعمل الحكومة الإسرائيلية على التخلص من تهديدات حماس بأسلوب جديد.
وتقرير "إسرائيل اليوم" يشير إلى أن موافقة نتنياهو على الهدنة قد تكلفه ائتلافه الحكومي، خاصة بعد انسحاب حزب "القوة اليهودية"، هذا الانسحاب يعرضه لخطر المثول أمام المحكمة للتحقيق في قضايا الفساد المالي والإداري التي تهرب منها مؤقتًا بذريعة الحرب، مع تراجع هذه الحجة، قد يواجه نتنياهو خطر العزل من السلطة.
ومن خلال التأكيد على أهداف الحرب، بما في ذلك القضاء على حماس، يعلن نتنياهو عن طموحه لتحويل قطاع غزة إلى مستوطنات إسرائيلية محمية بقواعد عسكرية، هذا الهدف يهدف إلى دحر الوجود الفلسطيني في القطاع، مما يعزز سيطرة إسرائيل الأمنية ويقلل من مخاوف هجمات مستقبلية مشابهة لتلك التي وقعت في 7 أكتوبر 2023.
وفي ظل هذه التطورات، يبدو أن نتنياهو يسعى لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية، رغم حالة التوتر الداخلي التي تواجه حكومته. يبقى السؤال: هل ستستمر الهدنة، أم أن غزة ستشهد تصعيدًا جديدًا في المستقبل القريب؟
بعد 471 يومًا من الحرب والمجازر التي طالت قطاع غزة، تلوح في الأفق هدنة تُثير مشاعر متباينة بين الأمل في بداية جديدة والألم على ما خلفته المعارك من دمار، وسط هذا المشهد المتناقض، تستمر معاناة الفلسطينيين تحت وطأة الانتهاكات المستمرة وتأخر تنفيذ الصفقات الإنسانية.
وفي ظل هذه التحديات، برز الدور المصري كعامل حاسم في تحقيق وقف إطلاق النار، عبر مبادرة خلاقة قدمتها القاهرة، تعكس رؤية استراتيجية لإعادة ترتيب الأوضاع في القطاع وتحقيق الاستقرار، وهذه الهدنة تفتح الباب أمام أسئلة عديدة حول مدى إمكانية تحولها إلى بداية لمرحلة جديدة من الإعمار وإعادة الحياة إلى غزة المنهكة.
بداية مرحلة جديدةومن جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، الدكتور أيمن الرقب، إن قطاع غزة يعيش حالة مزدوجة من الأمل والألم بعد 471 يومًا من الحرب والمجازر.
وقال الرقب: "بينما يخرج الناجون من تحت الأنقاض، يجدون بيوتهم قد تحولت إلى ركام، لتتحول غزة إلى مشهد متناقض يجمع بين قصص النجاة وبين استمرار المعاناة".
وأشار إلى أن "الاحتلال يواصل خرقه للهدنة وتأخير تنفيذ الصفقات الإنسانية، مما يزيد من معاناة أهالي القطاع الذين يعيشون تحت وطأة الظروف القاسية".
وتابع: "رغم كل هذا الدمار، يبقى الأمل حاضرًا في نفوس أهالي غزة، الذين يثبتون يومًا بعد يوم قدرتهم على الصمود وتحدي المحن".
وأوضح الدكتور أيمن الرقب، أن الجهود المصرية لعبت دورًا محوريًا في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، عبر تقديم فكرة مبتكرة "خارج الصندوق".
وقال الرقب: "كانت الفكرة الإبداعية التي طرحتها القاهرة تتمثل في تشكيل لجنة إسناد مجتمعية تتألف من شخصيات مستقلة وتكنوقراط، تكون مهمتها الأساسية تسلم قطاع غزة وفرض السيطرة عليه".
وأكد أن هذه المبادرة المصرية ساهمت بشكل كبير في تقريب وجهات النظر وتخفيف حدة التوتر، مشيرًا إلى أن مثل هذه الأفكار تعكس حرص مصر على دعم استقرار المنطقة والتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني.