جريدة الرؤية العمانية:
2024-12-22@13:29:50 GMT

التمسك بالخصائص الوطنية

تاريخ النشر: 7th, October 2024 GMT

التمسك بالخصائص الوطنية

 

محمد بن رامس الرواس

"إن هويتنا الوطنية العُمانية هي درعنا الحصين الذي نتحصن به من الأفكار الضالة التي بدأت تنتشر في مجتمعاتنا العربية والإسلامية لذا وجب علينا كمجتمعات تنافح عن أسرها أن نتمسك بالثوابت الراسخة لقيمنا ومبادئنا الإسلامية والعربية لكي نظل متواصلين مع قيمنا الأصيلة نحمي أسرنا ومجتمعاتنا من كل فكر ضال دخيل يبحث عن بذرة شيطانية يُمكن أن يزرعها".

.

 

كانت بحق واحدة من أنجع المحاضرات التي استمعت إليها مؤخرا في شأن الخصائص والآثار التي تدعو إلى التماسك المجتمعي والأسري، كانت محاضرة قيّمة تلك التي ألقاها الشيخ الدكتور كهلان الخروصي مساعد المفتي العام للسلطنة، في مجمع السلطان قابوس للثقافة والترفيه بصلالة خلال فعالية "جسور.. عُمان هوية وحضارة" تحت شعار "هويتي" التي أقامتها وزارة الأوقاف والشؤون الدينية.

ودعوني أشارككم بعض فصولها، فلقد توقفت بتمعن عند مجموعة من المحاور التي طرحها فضيلته كان أولها التعريف بالخصائص المميزة للهوية العُمانية والتعريف بمقوماتها الأساسية: الدين واللغة والخصائص الوطنية ثم تفاعلها من أجل التنمية والتطوير وهذه مقومات أساسية لكل هوية يراد لها البقاء والاستمرار والثبات؛ حيث يأتي الدين أولا؛ لأنه رأس الأمر ثم اللغة التي تعُد وجه الهوية ولسانها الناطق والمعبر عنها والموضح لها. ثم تأتي بعد ذلك الخصائص الوطنية التي تهتم بالتاريخ الذي هو من صنع الإنسان في المكان والزمان الذي وهبه الله للأوطان. يلي ذلك الجغرافيا التي هي صنع الله تعالى للإنسان.

وأكد فضيلته أن الخصائص الوطنية تعنى أيضاً بالقّيم والعادات والأعراف الحسنة النبيلة فإذا اجتمعت جميعها معاً وأضيفت إليها الأخلاق الحميدة وتوجت بحديث الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام "لو أنَّ أهل عُمان أتيت ما سبوك وما ضربوك" وما خصَّ به الرسول أهل عُمان تحديدا بجغرافيتهم وموقعهم وأناسهم وفي الحديث تنويه واضح لأعلى شمائلهم وخصائصهم وصفاتهم وهي إشارة منه عليه أفضل الصلاة والسلام لأن أهل عُمان أهل علم وعفاف وتثبت لذا وجب علينا التعريف بهذه الشمائل ليتعرف عليها أبناؤنا ومجتمعاتنا ومربونا لكي يتم تربية أبنائنا على نفس النهج ونفس الصفات ونفس هذه الصفات المباركة ولكي يتمكنوا من غرس هذه المعاني لدى الناشئة.

ثم أضاف قائلاً إن من الخصائص الوطنية التي تهدف إليها هذه الفعالية التماسك الأسري والتماسك المجتمعي والتماسك الوطني وتتمثل في محورين أساسيين هما الحقوق من القيم الشرعية والأحكام والآداب وكل ما يتعلَّق بالحقوق داخل الأسرة والحقوق المجتمعية بصفة عامة هذا بالإضافة إلى الحقوق التي تكون على المستوى الوطني من خلال ما تناولها العلماء والأدباء حيث لدينا من الإرث الحضاري العُماني ما يعمق هذه الحقوق ويغرسها باستمرار فهي قيم وحقوق وواجبات ثابتة، ومن الواجب علينا أن نُعرف به ونعمل على تنميتها وتزكيتها وتطويرها.

 والمحور الثاني محور الأخلاق والشمائل بمفهومها الشامل منظومة القيم ولقد أشار فضيلته إلى أنَّ القيم في هذا الوقت هذا العصر أصبحت مستهدفة عبر العديد من الوسائل والأدوات التي لا يُمكن صدها لأنها تغزو بيوتنا فتصل إلى عقول وأفئدة أبنائنا ومجتمعاتنا لذا وجب علينا أن نتدارك الوضع ونُقدم البدائل المناسبة الموثوق بها التي تملأ لهم هذا الفراغ وتحصنهم من الماديات التي تقصف بهم بعيدا متى استفحلت.

وقد ختم فضيلته محاضرات القيمة بأهمية تفاعل هذه الخصائص التي ذكرها مع المتغيرات من حولنا وأكد على أن الدين هو مربط الفرس فننبذ ما لا نحتاجه فإننا بعون الله تعالى يمكننا أن نتفاعل مع المتغيرات حولنا وأن نجعل من هذه المتغيرات فرصًا لتعزيز هويتنا الوطنية العُمانية ونشرها لما تنطوي عليه من دين قويم وقيم سمحة ومن لسان صادق ومن معانٍ وطنية تدعو إلى التماسك والعز والحق والعدالة، حينها يمكن لنا أن نتفاعل تفاعلا إيجابياً مع المتغيرات من حولنا فتبقى هويتنا نابضة ثابتة وراسخة مصونة بعون الله وبفضله.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الجبهة الوطنية المدنية أطروحة مستقبل

زين العابدين صالح عبد الرحمن

أن الإلتفات إلي مستقبل السودان ما بعد الحرب، ضرورة سياسية تستهدف الشباب الذين يجعلون التغيير هدفا إستراتيجيا لهم، لمعالجة و قضايا الأمن و الاستقرار و التحول الديمقراطي و التنمية البشرية و الاقتصادية في السودان، و هي النقطة الجوهرية الغائبة عن الساحة السياسية، فالتغيير ليس شعارات فقط تطلق في الهواء، أنما هي بمثابة أفكار تطرح في الساحة السياسية بهدف خلق حوار بين التيارات السياسية المختلفة.. و تكوينات الشباب التي تطرح أفكارا للتغيير، و تقدم مشاريع سياسية لكي تجر الكل إلي مائدة حوار تتطلع منها إحراز نقتطين في وقت واحد.. الأولى التحول من أدوات العنف لتحقيق المقاصد إلي حوار سلمي بين المكونات لبناء ثقة بين الجميع.. الثاني الانتقال من سياسة الشعارات خالية المضامين إلي تصورات تقدم حلولا للقضايا المطروحة على مائدة الحوار..
أشكر الشباب في الجبهة الوطنية المدنية لرسالتهم لي التي تحمل مشروع "الجبهة الوطنية" المكون من خمسة و عشرين فقرة، تتعدد فيها المحتويات التي يتطلعون إلي تحقيقها.. من عملية تبدأ في كيفية وقف الحرب إلي تأسيس الفترة الانتقالية و اختيار حكومة من شباب الثورة لكي تهيء البيئة لقيام انتخابات عامة بعد ثلاث سنوات هي عمر الفترة الانتقالية.. أيضا تحدثوا عن العدالة الانتقالية، و جيش مهني واحد بحل كل المكونات العسكرية الأخرى التي افرزتها الحرب، و التي تم تكوينها في عهد النظام السابق، و تحدثوا أيضا عن العدالة الانتقالية، و إصلاح مؤسسات الدولة، و دفع تعويضات للمواطنين الذين تضرروا من الحرب، و عن التدخلات الخارجية في الشأن السياسي السوداني، و رفضوا الدعوات التي تنادي بالتدخل الدولى تحت البند السابع أو غيره، و محاسبة مرتكبي الفساد و مرتكبي الجرائم، إلغاء كل قرارات الجباية التي كان قد أصدرها وزراء المالية و غيرها.. فالمشروع يقدم رؤية بالفعل تحتاج إلي القراءة المتأنية، و الحوار مع كل مفرداتها، و تعد نقلة متقدمة للدعوات الداعية للحوار وفق تصورات تتناول جذور المشكل في المجتمع السوداني..
المشروع طالب كل المكونات التي أفرزتها ثورة ديسمبر لكي تتكامل في مشروع واحد، يعد الورقة الأساس للحوار الوطني.. و رغم غزارة الأفكار التي وردت داخل بيان الجبهة الوطنية، إلا أن المشروع لم يحدد الأدوات التي تحقق الهدف، رغم الإشارات الواردة في البيان التي تحتوى على بعض المصطلحات مثل " الحوار و التفاوض و التحالف و غيرها" لكن لابد أن تكون هناك أداة رئيس هي التي تحدد مسار الفعل السياسي المطلوب إنتهاجه.. خاصة في نهاية البيان تجده يشير إلي " الثورية و الثورة و الديمقراطية" عندما يشير لمكوناته و هي مصطلحات تحمل مفاهيم متضاربة، لا يمكن صهرها في بوتقة واحدة.. الإشكالية واقعة بتأثير بعض الشباب بثقافة اليسار التي تعتمد على إطلاق مصطلحات دون أن تبين محتوياتها الأيديولوجية " فالثورية و الثورة" أدواتهم العنف و الهدم و عدم أحترام القوانين و اللوائح السائدة، لذلك لا يلتقيان مع المسار الديمقراطي مطلقا، فالذين يريدون الديمقراطية يجب أن يطهروا أوراقهم السياسية من هذه المصطلحات.. فالديمقراطية تؤسس على القوانين و اللوائح التي تهدف إلي الوعي الشعبي الذي يشكل القاعدة الأساسية للديمقراطية..
أن ثورات السودان المتعددة بعد ما تنجح في إسقاط النظم الشمولية، تفشل في انجاز " شعارات" الثورة لآن القيادات لا تطهر أوراقها من رواسب الثورة و الثورية التي قادت بها عملية اسقاط النظام، و كان على القوى السياسية أن تتوجه تلقائيا إلي استبدال الأدوات الثورية بأدوات تتماشى مع " شعار الديمقراطية" فالسير بشعارات " الثورية و الثورة" في عملية تحول ديمقراطي هو الذي يخلق حالة الصدام العنيف بين القوى السياسية التي تجهض عملية التحول الديمقراطي. و هذا ناتج عن عدم الوعي بالمصطلح..
السؤال لماذا يجب يكون تركيز الداعين لعملية التحول الديمقراطي على الحوار و التفاوض لآن الديمقراطية تتطلب أن يحصل تفاهم بين كل القوى السياسية إلي صياغة دستور يتحاكمون إليه و يحدد عملية التبادل السلمي للسلطة في مواقيت محددة، و أيضا مشاركة أكبر قطاع من الجماهير عبر مكوناتهم في الحوار لكي يحدث التوافق الوطني ، هو الطريق الأمثل لخلق ثقة جديدة و وعي جديد للمكونات السياسية.. أما الثورية و الثورة هي مصطلحات أيديولوجية الهدف منها هو إبعاد كل الذين يختلفون معهم إيديولوجية من أي عملية سياسية لذلك تجد استمرارية للصراع و العنف بكل انواعه.. فالجبهة الثورية تعتقد أي طريق يناسب فكرتها، حتى يتبين إذا كانت تريد أن تذهب في طريق أيديولوجي ذو معادلة صفرية، أو طريق للحوار يخلق واقعا سياسيا جديدا في البلاد، يضع الكل في طريق عملية التحول الديمقراطي..
أن تقديم مشروع و طرحه للحوار يعد تحول مطلوب سياسيا لكي يفتح عملية تواصل بين المكونات السياسية، و الحوار نفسه ينمي القدرات السياسية عند الشباب و يعد بداية لإنتاج ثقافة ديمقراطية، قراءة المشروع مسألة مهمة، و هو يحمل رؤية تختلف تماما عن مشروع " تحالف تقدم" لآن الآخير أصحابه يريدون السلطة.. و مشروع الجبهة الوطنية المدنية الهدف منه بناء وطن سياسيا و اجتماعيا و اقتصاديا، و من هنا تأتي أهميته.. و أكرر شكري و تقديري لأصحاب المشروع.. و نسأل الله حسن البصيرة..

zainsalih@hotmail.com  

مقالات مشابهة

  • إطلاق اسم “عبدالله النعيم” على القاعة الثقافية الرئيسية بمكتبة الملك فهد الوطنية
  • معاوية عوض الله: العقوبات التي تصدر تجاه قادة الجيش لن تزيدنا إلا قوة وصلابة
  • السوداني يؤكد ضرورة دعم الحوارات بين القوى الوطنية في كردستان لتشكيل الحكومة
  • إندونيسيا تحيي الذكرى العشرين لكارثة تسونامي المأساوية التي أودت بحياة مئات الآلاف
  • الجبهة الوطنية المدنية أطروحة مستقبل
  • الداخلية تعلن تسجيل أكثر من 42 مليون عراقي في منظومة البطاقة الوطنية
  • حورية: يجب التمسك بالحجاب لكن من دون ضغوط
  • دبي تستثمر في الكفاءات الوطنية للمستقبل
  • حزب الله يلتقي وفدًا فلسطينيًا: لترسيخ وتعزيز الوحدة الوطنية
  • الصلابي: المصالحة الوطنية في سوريا خطوة مهمة