تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق قصة سائح أمريكى أجبرته إسرائيل للمشاركة فى الحرب غصبًا عنهمحمد الشافعى: تقدمت بمقترحات دراسية للوزارةشوكت المصرى: من الأهمية تدريس مذكرات العسكريينمارى رمسيس: أسباب نجاح الحرب تعلم الطلبة أهمية وحدة الجبهة الداخلية

لا شبيه ليوم 6 أكتوبر فهو الانتصار العظيم في كل شيء والمميز حتى في طرق الافتخار به واستمداد الفرح منه.

ومع مرور 51 عاما على الحرب المجيدة نكتشف المزيد من منابع الإبهار والدهشة. من ذلك منهج نادر كانت تدرسه وزارة التربية والتعليم للطلبة، ولا أدري لماذا توقف ولماذا لا يعود لتستمد منه الأجيال قوة التحدي وعظمة النصر الذي لم يتكرر لجميع الطلبة؟
المنهج الذي بحثت عنه طويلا حتى وجدته أخيرًا يحمل عنوان مذكرات عن حرب أكتوبر لجميع الطلبة طبعة خاصة من كتاب خمسة فصول عن حرب أكتوبرمفصلة بالأسئلة والصور لجميع الطلبة في جميع المراحل ومستويات التعليم.
المنهج كتبه المؤلف الأستاذ السيد الشوربجي، والذي كانت له رواية أيضا عن الحرب بعنوان أطول يوم في التاريخ.ويقع المنهج في خمسة فصول الأول عن أسباب الحرب وأهدافها والثاني عن الإعداد للحرب والثالث عن بدء العمليات والعبور والرابع حول المعركة في الجولان وسيناء ومعركة السويس المجيدة والخامس عن نتائج الحرب، ثم أسئلة عامة عن موضوعات الكتاب. 
تقديم مؤثر 
جاء في تقديم الوزارة للكتاب: تعتبر حرب ٦ أكتوبر ١٩٧٣ «١٠ رمضان ١٣٩٢هـ» نقطة تحول هامة في تاريخ العرب ومنطلقا لعصر جديد يتبوأ فيه الشعب العربي مكانه اللائق الذي هو جدير به بين شعوب العالم.
ولما كان أبناؤنا الطلبة هم عدتنا للمستقبل، وعلى أكتافهم ستقوم النهضة العربية الشاملة المرتقبة التي وضعت حرب أكتوبر بذورها الأولى؛ كما أنهم هم رجال المستقبل، الذين سيحملون الأمانة ويمضون بالشعلة إلى نهاية الطريق. 
ولما كانت وزارة التربية والتعليم تولى اهتمامها البالغ للأحداث الجارية والحاسمة فى حياة الأمة، وتضع في اعتبارها أن يكون أبناؤنا الطلبة على علم تام بمجريات الأمور وفهم وإدراك واعيين لكل عناصر الصراع الذي يحدد حاضرهم ومستقبلهم، فقد كان من الطبيعي انطلاقا من هذا المبدأ أن تولى الوزارة اهتمامها بتدريس حرب أكتوبر لجميع الطلاب في جميع المراحل، وأن تطالبهم باستيعابها والكتابة عنها في صحفهم المدرسية وأحاديثهم الإذاعية وموضوعاتهم الإنشائية، حتى يزداد إلمامهم بقضيتهم التي تؤرقهم وتشغل بالهم، لأنها قضية مصيرهم مستقبلهم، ولقد أصدرت الوزارة فعلا عدة كتيبات تناولت بعض جوانب هذه الحرب ليقف الطلاب على ما حققه جنودهم فيها من إنجازات، وما أظهروه من بطولات. ولما كان الطلبة في جميع مستويات التعليم لا يزالون في حاجة إلى كتاب جامع شامل يجمع بين الشمول والبساطة مع العمق والوضوح ليكون مرشدا لهم في هذا الموضوع الحيوى فقد رأت المؤسسة العربية الحديثة إصدار هذه الطبعة الخاصة من كتاب «خمسة فصول عن حرب أكتوبر».. بعد تزويدها بالصور.
والأسئلة الوافية الضرورية للطلبة، وهى أسئلة يصلح كل منها موضوعا مستقلا للإنشاء.
وقد رأت المؤسسة أن هذا الكتاب هو خير ما يمكن تقديمه للطلبة لما تتسم به من الوضوح والبساطة والشمول في عرض كل جوانب وأبعاد حرب أكتوبر بما يفي بحاجة كل طالب ويوفر له جميع المعلومات التي ينبغي عليه الإلمام بها عن هذه الحرب ابتداء من أسبابها حتى نتائجها.
ويهم المؤسسة أن تؤكد هنا أن جميع المعلومات الواردة بهذا الكتاب مستمدة من الحقائق التي تم نشرها فعلا عن حرب أكتوبر سواء في الداخل أو الخارج، كما أن المعلومات المتعلقة بتطور سير المعارك مستمدة من تصريحات القائد العام للقوات المسلحة ورئيس الأركان ومن محاضرات قادة الجيوش والأسلحة التي قدموها بأكاديمية ناصر العسكرية فضلًا عن البيانات العسكرية الرسمية المتعلقة بالمعارك وتطورها والكتاب عموما يستند إلى أدق وأصدق المصادر ويراعى الأمانة العلمية والمسئولية التاريخية إزاء قضية تعتبر من أكبر واخطر قضايا العرب في تاريخهم الحديث والله الموفق. 
الإعداد الداخلي
أكبر دليل علي الصدق الشديد الذي كتب به هذا المنهج الجزء الخاص بالمصارحة عن مواجهة آثار نكسة ٦٧ حيث جاء فيه سوف تثبت الأيام أن أصعب معركة واجهناها حقيقة كانت هي معركتنا ضد الذات.. معركتنا مع أنفسنا.. معركتنا الداخلية.. أو بمعنى أصح عملية إعداد الجبهة الداخلية وعلاج التمزقات التي أصابتها بعد نكسة ١٩٦٧.
الجبهة الداخلية 
لقد كان علينا أن نستعد للحرب وكل جسمنا مثخن بجراح النكسة.. وأقسى الجراح كانت جراح النفس. فجراح الجسد تهون ويمكن شفاؤها مع الوقت.. ولكن ماذا عن جراح النفس تلك كانت المشكلة الكبرى.
كيف تستعيد الثقة في أنفسنا؟
كيف نستطيع أن نتوازن مع الحقيقة المروعة التي واجهناها فجأة وبلا مقدمات بعد نكسة يونيو ١٩٦٧؟ كيف يمكن أن تنطلق إلى معركة النصر من أرض الهزيمة.. ونحن في ذهول ومرارة وغضب؟ 
الذهول أصاب الكثيرين منا بفقدان الثقة بالنفس.. بل وفقدان الثقة في المستقبل.. وادى هذا إلى لجوء كثير من الشباب إلى الهجرة والسفر. للخارج للعمل والعيش هناك المكان هذا نوع من الهروب واليأس. والمرارة أدت بالكثيرين منا إلى المبالغة في تعذيب النفس إلى المبالغة في اتهام أنفسنا بالقصور والتخلف لدرجة أن الأدب والفن بعد نكسة يونيو ١٩٦٧ كان مليئا بالاتهام والإدانة والسخرية من الذات أكثر مما كان مبشرا بالأمل
وإمكانية الخلاص.. كان أدبا ينضح مرارة وتعذيبا؛ ثم كان الغضب كان الشباب يغضب ويثور ويتظاهر، ولكنه لم يكن يعرف تماما ماذا يريد ولا ماذا يفعل.
الحرب النفسية 
وزاد في هذا كله عنف الحرب النفسية التي كان يشنها علينا العدو، والتي استهدف من ورائها أن يقنعنا بأننا عاجزون فعلا ومتخلفون، وأنه لا أمل تنا في الحل.. وذلك عن طريق ما يشيعه عن نفسه من أنه يملك جيشه لايقهر، وأنه يملك أسلحة لا قبل لنا بمواجهتها، وأننا إذا فكرنا في خوض معركة ضده فسوف يدمر بلادنا تدميرا كاملا.. يدمر مصانعنا ومزارعنا.. وأنه سوف يحتل مزيدا من أراضينا وكنا نسمع هذا الكلام فنزداد ذهولا ومرارة وغضبا.
معركتنا الكبرى مع أنفسنا.
وكان علينا أن نواجه هذا كله بمعركة كبيرة مع النفس.
كان علينا أن نراجع أنفسنا أولا.
هل صحيح أن ما حدث يمثل عجزنا وتفوق العدو؟
هل صحيح أننا شعب متخلف لا يملك القدرة على اللحاق بركب الحضارة والعصر؟
ومع الوقت بدأنا نفيق بأن ما حدث لا يمكن أن يمثل حقيقتنا ولا حقيقة العدو.
إن ما يهددوننا به ما هو إلا طبل أجوف وصراخ العاجز لكي يرهب القادر.
نحن قادرون على أن تتخطى الهزيمة وتصنع النصر؛ ولقد عبر الشعب عن ذلك في اليوم التاسع من يونيو ١٩٦٧ يطالب باستمرار المعركة وعدم الاستسلام ولكن المسألة لم تكن سهلة ابدا لأن طول الوقت كان قاسيا.
المعادلة الصعبة 
كان علينا أن نجد حلا للمعادلة الصعبة.. إن الإعداد للمعركة يحتاج إلى وقت طويل.. بينما الوقت الطويل يزيد من تمزقنا وعذابنا. إن الإعداد للمعركة يحتاج إلى سرية تامة وصمت حتى لا يسمع عدونا ولا يعرف ماذا تفعل تماما.. ولكن الصمت كان في ذات الوقت يجعل الجبهة الداخلية في حيرة وعدم وضوح رؤية هل الصمت يعكس جدية العمل أم أنه يعكس ماساة العجز؟ إن الصوت العالي أحيانا يرهب العدو، ولكنه في نفس الوقت يخدع النفس.. وتنكشف الحقيقة في اللحظة الحاسمة التي لا مكان فيها لغير الحقيقة.. وفى الفترة السابقة على يونيو ٦٧ كان صوتنا عاليا جدا لدرجة أرهبت عدونا فعلا، ولكن هذا الصوت العالي خدعنا نحن أيضا وجعلنا نقصر فى أشياء كثيرة.. بل في كل شيء جعلنا نتصور أننا نملك زمام الموقف، وأننا فعلا أقوى قوة ضاربة فى الشرق الأوسط وأننا واتنا... وغابت عنا حقيقة القصور فى الإعداد العلمي والاستعداد المبنى على التخطيط والدراسة والوعى.. حتى كانت لحظة المواجهة الحاسمة.. فسقط كل شيء لأننا فوجئنا ولم نكن قد أعددنا أنفسنا فعلا لكل الاحتمالات.
الصمت والصبر 
لذلك كان علينا ألا نكرر الغلطة مرة أخرى.. وكان علينا أن نحتمل وطاة السرية والصمت وكانت القيادة تقول لنا دائما «الصمت والصبر»، وكنا نتصور أنها تخدعنا بهذه الشعارات.. ولم تكن ثورات الشباب والطلبة إلا انعكاس للتمزق الذى كانوا يعانونه نتيجة هذا الصمت والصبر.. ولو علموا الحقيقة وقتها لطالبوا بمزيد من الصمت والصبر.
الصمود رغم كل شيء 
لقد كان الكثيرون في الخارج يتصورون أن مصر سوف تسقط من الداخل.. وكان عدونا ينتظر انهيارنا بين لحظة وأخرى بل وراحوا يشيعون ويكتبون أن مصر سوف تفلس وسوف تواجه مجاعة.. وسوف تحترق فى النهاية بنيران الحرب الأهلية فيأكل المصريون بعضهم بعضا بعد أن يكونوا قد. وصلوا إلى حافة اليأس. 
وكان المراقبون الذين يقولون ذلك ويؤمنون به يصابون بالدهشة والذهول وهم يرون أن ذلك لم يحدث.. فمصر ظلت صامدة قوية.لم تفلس بل على العكس كان إنتاجها يزيد وكانت ميزانيتها تزيد كل عام عن العام السابق عليه.
لا مجاعة ولا أزمة تموين 
لم تواجه مجاعة ولا حتى أزمة بسيطة من تلك الأزمات التي واجهتها شعوب كثيرة مرت بنفس المحنة كانت لا تجد كسرة الخبز ففي الحرب العالمية الثانية كانت شعوب أوربا مثلا لا تجد البيض.. لا تجد السكر ولا الدقيق وعاشوا سنين بأكملها تحلم بقطعة لحم وتحلم ببقايا كل شيء لأن الحرب اكلت كل شيء.. بينما نحن في مصر كنا نجد كل طلباتنا تملأ الأسواق وعندما كان يحدث اختناق أو عجز في إحدى السلع كانت الحكومة تسرع بإيجاد حل لهذا العجز؛ وكانت تسارع بتوفير السلعة الناقصة.. ولم ينقص الخبز أبدا من الأسواق؛ ولا البيض.. ولا الزبد والدقيق ولم تختف اللحوم ولا الدجاج؛ ولم نحرم من السكر بل لقد عاد السكر إلى السوق الحرة بعد أقل من شهرين من حظر تداوله خارج البطاقات.
وكان المراقبون يرون هذه الظواهر ويذهلون كيف تستطيع مصر
ذلك كله رغم هذه الظروف القاتلة التي تمر بها؟
البطالة والإنتاج 
لم تواجه مصر بطالة ولا توقف الإنتاج.. كل الخريجين كانوا يعينون طبقا لنفس النظام عاما بعد عام.. ولم تتخلف عن أحدهم فرصته في أن يجد عملا.. والإنتاج كان يزيد بمعدلات أكبر من معدلات زيادته قبل النكسة.. والمذهل أن مصر التي دفعت من ميزانيتها خمسة آلاف مليون جنيه للإعداد العسكرى وخمسة آلاف مليون أخرى تعويضات وخسائر مصر التي تحملت ذلك كله رغم كل ظروفها الصعبة.. استطاعت في نفس الوقت أن تقيم مجمع الحديد والصلب وتضع حجر الأساس له في أحلك أيامها. وان تفتتحه مع بشائر نصر السادس من أكتوبر ١٩٧٣.
- كيف حدث هذا كله إذن؟
لم تكن معجزة ولا أسطورة خارقة للعادة، ولكنها مصر.. التي تفجرت طاقاتها وأخرجت رصيدها الزاخر من الحيوية والقدرة والحضارة والأصالة إن مصر لا تموت أبدا.
وهى صاحبة أعظم وأخلد حضارة في التاريخ.
وفي أيام المحن فإنها تخرج من مكامنها ما اختزنته من رصيد القدرة وحيوية عبر آلاف السنين من الحضارة والحياة.. وهكذا الشعوب العظيمة لا تقتلها المحن، ولكن تجلوها وتفجر طاقاتها وتجعلها أكثر قدرة على العطاء والنماء.. وهذا هو ما يفسر لماذا نجح الجندى المصرى البسيط في خوض معركة السادس من أكتوبر بأحدث الأسلحة واعتدها.. إن هذا الجندي بخترن في أعماقه حضارة شعب عريق وتراث أمة اعطت العالم أعظم ما يملك اليوم من فكر وتقدم.. وما أصدق المثل الذى يقول «مصر مقبرة الغزاة».
ومصر شعبها لا يموت أبدا
هذه الأمثلة صحيحة وعميقة وقد أعطت الدلالة على صدقها من خلال
تاريخ هذا البلد عبر آلاف السنين؛ فلقد تحطم كل الغزاة والطامعين على
أرض مصر ولكن شعب مصر ظل حيا قويا قادرا ساخرا مرحا يضحك ويمرح ويعيش.
الوحدة الوطنية للشعب المصرى عميقة الجذور 
وأخيرا وليس آخرا؛ فإن الذين توقعوا أن مصر ستحترق في النهاية بنيران حرب أهلية ياكل المصريون فيها بعضهم بعضا؛ هؤلاء قد فوجئوا أيضا بأن الوحدة الوطنية الشعب المصرى كانت عميقة الجذور وصلبة لدرجة لم تزعزعها بعض الأحداث الفردية والتمزقات التي أصابتها من مرارة النكسة.. فلقد كانت سرعان ما تعود إلى التماسك والتغلب على الانفعالات الطائشة.. ذلك لأن الشعب المصرى بمختلف طوائفه وعقائده الدينية والاجتماعية هو شعب واحد متماسك محبوب فى قالب واحد.. وارتباطه بأرضه وحبه لها أعمق بكثير من أى خلاف مذهبي أو فكرى.. الكل يؤمن بأن مصر أولا ومصر أخيرا.. فنحن جميعا بدون هذا الوطن العظيم هباء؛ فحياتنا منها. 
عشرة آلاف مليون جنيه 
ودفعنا طوال السنوات الست التي سبقت المعركة خمسة آلاف مليون جنيه ثمنا للسلاح الذى بدأنا به الحرب؛ وذلك حسب بيان وزارة الخزانة.. بالإضافة إلى خمسة آلاف مليون جنيه أخرى تعويضات وخسائر كما قال نفس الوزير أى أننا تحملنا عشرة آلاف مليون جنيه لو أننا صرفناها على قرى مصر الأربعة آلاف لتغير وجه الحياة فيها ولتحولت إلى جنة.. ولكن هكذا شاء المعتدون الذين لم يزرعهم الاستعمار في قلب أرضنا إلا لكى يصل لهذا الهدف.. أن يستنزف مواردنا في معارك لا تنتهى حتى لا تفيق ولا تصبح قادرًا على الحركة والتقدم للحاق بركب الحضارة والتقدم.. كانوا يريدون الحضارة لهم وحدهم؛ يريدون الرخاء لهم وحدهم.. ونحن لنا الموت والتخلف؛ ومضينا رغم هذا كله بإرادة ترفض الاستسلام؛ فالاستسلام معناه الموت؛ هي إذن معركة حياة أو موت؛ أن تكون أو لا تكون؛ وقررنا أن تقبل التحدى رغم فداحة الثمن.
واستطعنا أن نتسلح وأن نوفر لجيشنا معظم ما يحتاجه من سلاح وعتاد ولكن هل كان السلاح وحده يكفي؟
إعداد الرجال 
قطعة من قلب مصر؛ من أعز وأغلى جزء في قلب مصر من نبضها؛ من دمها؛ من أعظم ما تملك وأحب ما تملك.. أولئك هم شباب مصر الذين عاشوا معسكرات التدريب استعدادا ليوم المعركة الفاصلة التي يحملون أمانتها ويضحون فيها بحياتهم وأرواحهم من أجل أمهم الكبرى مصر التي كانت تغنى للشهيد وتزفه وفي العين دمعة. 
جندت مصر أعظم شبابها؛ خريجي الجامعات الذين كنا نعدهم للحياة لا للموت؛ الذين كنا نعدهم بالعلم ليبنوا الحياة والرخاء والحضارة على كل شبر من أرضنا المتعطشة المشتاقة لعودة الرخاء والحضارة؛ المتعطشة المشتاقة لعودة الروح على أيدى هؤلاء الخريجين الذين تسلحوا بالعلم والمعرفة ليكونوا قادرين على حمل رسالتهم العظيمة لصنع مستقبل بلدهم العظيمة ولكن المعركة فرضت علينا وأصبح المستقبل كله رهنا بتلك اللحظة فالعدو لن يتركنا نزرع ونحصد. إنه يلقى بقنابله فوق المزارع والمصانع والمدارس يزرع الموت فى نفس الأرض التي تجود بالحياة فلتهبوا يا شباب مصر لتصدوا الغارة؛ المتعلمون قبل الأميين؛ بل الجميع معا في صف واحد.. اليوم لم تعد الجندية وقفا على أبناء الفلاحين الفقراء الذين يعجزون عن دفع «البدلية ».. لم تعد الحرب للفقراء وتمرات النصر للأغنياء؛ الفقراء يموتون ونحن نجنى التمر. بل القضية قضية مصر كلها؛ كل الشعب الذى توحد في مجتمع جديد ذابت فيه الفروق بين الطبقات؛ ولم يعد مجتمع فلاحين وباشوات؛ ومن هنا أصبح الدفاع عن الوطن تكليفا وتشريفا للجميع؛ ابن الوزير مع ابن العامل والفلاح؛ حامل البكالوريوس والدكتوراة جنبا إلى جنب مع الأمي الذي لا يعرف القراءة ولا الكتابة، ولكن الكل سوف يتعلم هنا مدرسة جديدة قدرة المتعلم فيها على الاستيعاب أكثر وأسرع؛ ولكن الأمى يستطيع أداء مهمات كثيرة أيضا لا تقل عن أهمية الدور الذي سيؤديه المتعلم.. فقائد الدبابة يحتاج المساعد بضع الذخيرة حامل «الأربي جي»، يحتاج المساعد يحمل له القذائف؛ الكل له مكان وله عمل. والكل يكمل بعضه بعضا. لقد اجتمع الكل في واحد؛ لكى بعيدوا الروح إلى قلب أمهم الحبيبة مصر.
التدريب الشاق ليلا ونهارا 
واصلوا الليل بالنهار تدريبا واستعدادًا الضباط قبل الجنود.القادة مع الأفراد؛ الجميع يعملون ليل نهار. لا نوم ولا راحة ومن الاستنزاف بدات المعركة التي أذهلت العالم. 
أمريكى فى المعركة دون إرادته
أصيبت إسرائيل بحالة هيستيريا محمومة من جراء المعارك لدرجة أن سائحا أمريكيا شابا روى بعد أن عاد إلى بلاده أنه كان يمشي في أحد الشوارع بعد اندلاع الحرب وفوجئ، بإحدى سيارات نقل الجنود تحمله عنوة دون أن يفهم السبب لأن أحدا لم يكن على استعداد لمناقشته أو إيضاح شيء واندفعت به السيارة دون أن يدرى إلى أين.. وقد غلب عليه النعاس من شدة التعب فقام فى السيارة وهي مندفعة، ولما استيقظ من النوم فوجئ بأنه في جبهة القتال فوق الجولان، وأنهم أخذوه فكشف لهم عن شخصيته، فكانت مفاجأة غير سارة لهم؛ قالوا له إنك لن تستطيع العودة الآن فكل السيارات ثاني حاملة الجنود الاحتياط الذين تجمعهم من الشوارع وتعود وهي حاملة الجنود الجرحي وجثث القتلى ولا يسمح لأحد بالعودة من الجبهة الآن فاضطر للبقاء في الجبهة بين الجنود، وكان يقوم بعملية نقل الجرحى إلى سيارات الإسعاف، وقال إنه عاش أياما رهيبة من فعل عنف القصف السوري، وأن اثنين من زملائه الذين كانوا يعملون معه قتلا بجواره، ورغم ذلك فقد كان مرغما على الاستمرار فى العمل حتى وقف إطلاق النار.. وبعدها سمح له بالخروج من الجحيم فأخذ أول طائرة وعاد إلى بلده.

أسئلة المنهج 
وتضمن الكتاب بعض الأسئلة لكي يعيش الطالب أجواء هذا المنهج منها:
ما هي المفاجآت التي فاجأنا بها العدو في هذا السلاح؟ ما خط النار الذي أعدته إسرائيل لمقاومة عبور القناة؟ ما مظاهر ارتفاع الروح المعنوية فى جنودنا حين عبورهم القناة يوم ٦ أكتوبر؟ وما المهام التى وكل تنفيذها إلى موجات العبور الأولى منهم؟
كيف اقتحم جنودنا خط بارليف؟ أذكر بعض بطولاتهم في هذا الاقتحام- كان للقوات الخاصة دور هام فى معركة أكتوبر. اشرح هذا الدور ومدى تأثيره في سير المعركة.
- كيف تمت إقامة جسور العبور؟ وما دور سلاح المهندسين في ذلك؟ وما الطريقة التي ابتكرها مهندسو هذا السلاح في إزالة السائر؟

الكاتب الصحفي والمؤرخ محمد الشافعي رئيس تحرير مجلة الهلال السابق

مطالبات بعودة تدريس المنهج
طالب العديد من الخبراء بإعادة تدريس هذا المنهج النادر؛ وقال الكاتب الصحفي والمؤرخ محمد الشافعي رئيس تحرير مجلة الهلال السابق.
من المهم وضع تفاصيل حرب أكتوبر في مناهج التعليم، سواء بوجود منهج منفصل كما كان من قبل أو من خلال وضع الكثير من المعلومات في مناهج التاريخ الخاصة بكل سنوات الدراسة ما قبل الجامعة وذلك لكي يعلم ملايين الطلاب أن مصر كانت مستهدفة وما زالت مستهدفة وستظل مستهدفة وهذا الاستهداف استلزم تقديم تضحيات كبيرة وعظيمة في كل حروبنا مع العدو الصهيوني وهذه التضحيات حققت انتصارات عظيمة خلال حربي الاستنزاف وأكتوبر والتضحيات والانتصارات تعمل على زيادة الانتماء الوطني لدى ملايين الطلاب وتجعلهم دائما على استعداد لمواصلة التضحيات والانتصارات للحفاظ على هذا الوطن العظيم ولكل ذلك لا بد من عودة انتصار أكتوبر وكل انتصارات مصر في حرب الاستنزاف وفي حرب العدوان الثلاثي على مصر إلى صفحات مناهج التاريخ ويضيف الشافعي قائلا قد سبق لي عندما كنت رئيسا لتحرير مجلة الهلال تقديم مقترح إلى ثلاثة وزراء للتعليم بتقديم منهج دراسي من الحضانة إلى نهاية الدراسة الثانوية وفي كل سنة دراسية نقدم خمسين بطلا وخمسين بطولة لتقديم كل أبطال وبطولات مصر منذ الحضارة المصرية القديمة وحتى والغريب أن الوزراء الثلاثة رحبوا كثيرا بهذا المقترح ولكنهم لم ينفذوه وأعتقد أن كل ذلك يتم نتيجة حسابات سياسية عقيمة تمنع تقديم بطولات أكتوبر في السينما أو الدراما التليفزيونية أو في مناهج التعليم ويؤكد كثير من خبراء السياسة والعسكرية أن ذلك إحدى نتائج اتفاقية السلام المشئومة التي وقعتها مصر مع العدو الصهيوني عام ١٩٧٩ ويؤكد بعض الخبراء أن تلك الاتفاقية لها ملاحق سرية تمنع مصر من تقديم هذا النصر العظيم ويؤكد ذلك أن حربي الاستنزاف وأكتوبر حدث خلالهما عشرات الآلاف من البطولات الفردية والجماعية ورغم ذلك عندما قدمنا منذ عدة الكاتب سنوات فيلم الممر قدمنا قصة مؤلفة وليست من البطولات الحقيقية التي حدثت بالفعل. 

شوكت المصري أستاذ النقد الحديث بأكاديمية الفنون 

وقال الكاتب أسامة ريان والذي خاض تجربة حرب أكتوبر تكمن أهمية تدريس حرب أكتوبر لأجيال عديدة في إبراز دور العلم الدقيق والعميق وتكنولوجية مصاحبة «تحفز الطالب على أن يكون مبتكرا مسلحا بالعلم الجاد لكي يصبح قادرا على إنتاج سلاحه، ليس فقط ينتظر استيراده من اتباع للعدو» مع تبسيط فكر الخطط التي تبرز براعة الجندي والقائد المصري خاصة في مواجهة قوة مسلحة تسليحا متفوقا، معتمد على مهارة الاستعداد وجرأة التخطيط والمفاجأة، ولعل هذا يلقي بعبء كبير على المعلم وثقافته. وأرى أن ما كتبه الغيطاني هو من أهم ما كتب عن هذه الحرب لأنه احتفظ بجو بلدنا في نصف السبعينيات الأول، ولو ناقش المسئولون هذا يجب توضيح أن بعد أي حرب يأتي سلام «حكاية كامب ديفيد وما تلاها، يعني مفاوضات أدت إلى سلام، فهي سنة أي حرب مهما كانت العداوة وإلا كيف تستمر الحياة ؟ أهم ما في الأمر أن يسود الدرس الإعلاء من شأن العلم كسبيل للرقي والبعد عن التضليل»، وأكد شوكت المصري أستاذ النقد الحديث بأكاديمية الفنون أن هناك خطوطا أساسية مهمة للتدريس في تاريخ مصر الحديث منها حرب ٤٨ وحرب السويس وطبعا أكتوبر بأسلوب شيق وأطالب أن يرجع المنهج كمادة أساسية وهناك أيضا مذكرات القادة والعسكريين والجنود مثل مذكرات سعد الدين الشاذلي بل وهناك مذكرات د أحمد نور عيون الصقر أو يعيد صياغة الحدث مجموعة من الأدباء ليعرف اولادنا من هو العدو الحقيقي حتي لا نترك عقول أولادنا للتشويش الداخلي والخارجي أو تشويش الجماعات المتطرفة التي تجعل من الصديق عدوا ومن العدو صديقا.

 الخبيرة التربوية ماري رمسيس

وتقول الخبيرة التربوية ماري رمسيس بعد مرور ٥١عاما علي حرب أكتوبر التي كانت بمنزله ملحمة سطرها الجيش والشعب معا حيث قدم الشعب المصري مثالا يحتذى به وأثبت أن النصر لايتحقق فقط ع جبهات القتال وانما قبل ذلك بوحدة الشعب وصموده ووعيه وتعاونه واتحاده ومن هذه الأسباب أرى أنه ضروري جدا معرفة الأطفال والأشبال والطلاب عن هذا الانتصار العظيم. حتى يتعلموا أن قوتهم في وحدتهم واتحادهم. أيضا لابد من معرفة أن هذا النجاح لم يأتي صدفة بل الاجتهاد والأمانة والعمل والبذل والعطاء على كل المستويات. وأن هناك أوقاتا صعبة قد تمر بنا لكن لابد من شروق الشمس من جديد. بعد الفشل يأتي النجاح بعد الهزيمة يأتي الفوز. كل هذه المعاني لابد من أن يتعلمها أبناؤنا ويستفيدوا من هذه القيم التي تحققت من خلال اتحاد الشعب مع جيشه العظيم. كما أنه كان هناك عدد كبير من الشعب ذهب للمستشفيات ليتبرع للجنود والضباط بدمائه، كانت جموع غفيرة تقف لتعطي جيشها من دمها، لدرجة أن التليفزيون في ذلك الوقت كان يخاطبهم. بعدم الذهاب لكثرة المتبرعين وهذا طبعا لابد من معرفته لأبنائنا الطلاب حتى يستطيعوا تعلم العطاء والبذل والحب من خلال درس انتصار أكتوبر كان الشعب بالفعل مثالا يحتذي به في المساعدة والمساندة ولابد أن يتعلم الطلاب أن من نتائج حرب أكتوبر هو استرداد السيادة الكاملة على قناة السويس واسترداد أرضنا وتضيف ماري قائلة والحقيقة أني أريد أن لكل مرحلة من المراحل العمرية تحتاج معرفة انتصارات أكتوبر بأشكال مختلفة فالطفل الصغير نحكي له بشكل قصصي صغير نركز فيه على الفوز والانتصار بدون حكي تفاصيل عن الدماء والاستشهاد. لكن الطلاب في المرحلة الإعدادية لابد من حكي كل التفاصيل وهذا ممكن عن طريق الإذاعة المدرسية أو محاضرة في أثناء اليوم ومن الضروري أن يكون بتقديمها شخص مسئول واع وأمين وناضج ومؤمن بالدور الذي سيقوم به وليس مجرد حكي يملأ به فراغ حصة من الحصص.
من جهته يرى الأديب السيد نجم، أن تدريس مادة حول معارك أكتوبر٧٣ ضرورة وهامة.. لعل الفهم الخاطئ لتناول أدب الحرب وأدب المقاومة هو أدب مناسبات بالضبط هو السبب وراء رفض تناول هذا النمط من الآداب سواء عن حرب أكتوبر أو غيرها.
أن أدب الجرب وحول معارك أكتوبر تحديدا من أهم ما يمكن تقديمه إلى الأجيال الجديدة، وهى ما يزكى مفاهيم الانتماء إلى الهوية المصرية العربية، ويكسب الصغير محبة تراب البلاد والرغبة فى الدفاع عنها عند الضرورة.. كما يضيق قيمه الفداء والاستشهاد إلى جملة القيم التى يتسم بها العربى دون غيره، حيث إن فكرة الشهادة وإزهاق النفس من أجل الأرض والعرض والقيم العليا غير متاحة ولا يحرص عليها غير المصريين والعرب والمسلمين.
لذلك فإن تدريس مادة حرب أكتوبر لا يعنى دعوة للعنف ضد الغير، بل دعوة للعنف للدفاع عن الحق والقيم العليا، فالعنف معناه الإيجابى المرغوب بل والمطلوب بالضرورة فى رد العدوان أو ضد من يسلب حقوق البلاد. كما أن حرب أكتوبر ٧٣ تحديدا كانت لتحرير الأرض ورد عدوان اغتصبت فيه سيناء.. وما كانت الحرب إلا لرد الحقوق، وهذا وحده من الحقوق المشروعة التى تدعو إليها الأديان ومبادئ الأمم المتحدة. لذلك أطالب بعودة تدريس المادة. أما عن تفاصيل العناصر الواجب تدريسها فهى فى ظنى: اختيار بعض البطولات لجنود وقيادات وممكن لشخصيات مدنية لهؤلاء الذين عاشوا على ضفة القناة أثناء تواجد الجيش قبل العبور وحرصوا على زراعة أرضهم وخدمة الجنود من حولهم.
فصل قصير حول وقفات تاريخية للحرب منذ معارك يونية ٦٧ حتى ما كان فى أكتوبر ٧٣ وما بعده حيث تحرير بقية أرض سيناء والوصول إلى طابا بالمفاوضات السياسية.
بطولات 
تضمن الكتاب عروضًا سريعة لبيان بطولة كل سلاح منفردا بداية من القوات الجوية والبحرية حتى القوات الخاصة والمدرعات والمدفعية والمهندسيين والخدمات الطبية وغيرها.
وهناك معارك صغيرة أو هى محدودة ولكنها كانت فاعلة بعد ٥ يونيو حتى معارك أكتوبر.. مثل: معركة رأس العش- ضرب المدمرة إيلات – ضرب ميناء إيلات مرتين- وغيرها كما يوجد بيان أن استرداد الحقوق والأرض تدعو إليه كل الأديان السماوية والقيم العليا.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: 6 أكتوبر يوم 6 أكتوبر الانتصار العظيم الحرب المجيدة حرب أكتوبر الجبهة الداخلیة آلاف ملیون جنیه عن حرب أکتوبر کان علینا أن من خلال هذا کله لابد من أن مصر ما کان کما أن فی هذا کل شیء

إقرأ أيضاً:

قراءة فكرية في التغيرات الكبرى التي صنعها السيدُ حسين بدرالدين الحوثي

يمانيون ـ كامل المعمري

بمراجعة الأحداث الكبرى التي عصفت بالمنطقة العربية على الأقل خلال العقود الأخيرة، وتحديدًا منذ الخمسينيات نجد أن مشروعًا واحدًا، بتفرده وبنائه العميق، قد خرج من الركام كحالة استثنائية، لا تشبه في تكوينها ولا في مسارها أي مشروع آخر، إنه المشروع الذي انطلق من أعماق جبال مرّان، في محافظة صعدة شمالي اليمن، لكن حاملًا رؤية قرآنية عادت من جديد، متجاوزةً للإطار التقليدي الذي حدّدته أيديولوجيات السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي.

لقد كان العام 2003 نقطة تحول فارقة في التاريخ الحديث للمنطقة؛ ففي الوقت الذي كانت فيه الهيمنة الأمريكية تخترق العالم العربي والإسلامي تحت مظلة “الحرب على الإرهاب”، خرج الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي برؤية قرآنية حادة الملامح وواضحة المقاصد، تقلب المعادلة.

رفع شعارًا أدهش الجميع بجرأته وبساطته في آن واحد: “الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام”، لم يكن هذا الشعار مُجَـرّد صياغة خطابية، بل كان إعلانًا عن مسار سياسي وثقافي جديد، يهدف إلى إعادة تشكيل وعي الإنسان اليمني وإحياء روحه النضالية المفقودة في ظل سنوات من التبعية والضياع السياسي.

 

مميزات المشروع القرآني:

ما يميِّزُ المشروعُ القرآني منذ انطلاقته، أنه لم يكن مُجَـرّد رد فعل محلي على أزمة سياسية أَو اجتماعية داخلية، بل كان جزءًا من رؤية أوسعَ تستهدف إعادة توجيه بُوصلة العداء نحو الأعداء الحقيقيين للأُمَّـة: الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية، كانت هذه الرؤية ضرورية في وقت اختلطت فيه الأوراق، وتداخلت فيه التحالفات بين أنظمة عربية خاضعة تمامًا للإملاءات الأمريكية وأُخرى غارقة في مستنقع التطبيع مع “إسرائيل”.

جاء المشروع القرآني ليعيد صياغة وعي الفرد والجماعة، متجاوزًا حدود الجغرافيا اليمنية، ليطرح نفسه كبديلٍ حضاري شامل للأُمَّـة العربية والإسلامية، هذه الرؤية لم تكن معزولةً عن الواقع، بل كانت استجابة واعية للمخاطر التي بدأت تلوح في الأفق مع احتلال العراق وتفكيك بنية الدولة الفلسطينية ومحاولة الهيمنة الكاملة على مقدرات المنطقة.

منذ البداية، أدرك أنصار هذا المشروعِ أن معركتهم ليست ظرفية، بل وجودية لذلك، كانت المواجهة مع النظام السابق تتجاوز البعد العسكري لتصل إلى حرب قيم ومعانٍ، فبينما كان النظامُ اليمني السابق يسعى بكل أدواته إلى إخضاع المشروع، مدفوعًا بإملاءات أمريكية وسعوديّة، كان هذا المشروع يزداد صلابة، مستمدًا قوته من رؤية إيمانية جعلت من التضحية عنوانًا للصمود.

لقد أرادت أمريكا أن تقضيَ على هذا المشروع في بداياته الأولى وذلك عبر دعم النظام الذي شن حربًا ظالمة عام 2004 انتهت تلك الحملات العسكرية الكبيرة باستشهاد القائد المؤسّس الشهيد حسين بدر الدين الحوثي، الذي أراد أن يقدم للأُمَّـة تجربة يمنية في إطار المشروع القرآني، وباستشهاده ظلت فكرة المشروع حية في قلوب ثلة من المؤمنين الذين واصلوا تحمُّل المسؤولية تحت قيادة السيد العلم القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي “حفظه الله”.

لقد خاض النظام السابقُ سِتَّ حروب متتالية ضد هذا المشروع حتى نهاية عام2009، حَيثُ استُخدمت كُـلُّ أدوات القمع والتدمير لإخماد هذه الحركة في مهدها، لكن وكما يحدث دائمًا مع الحركات ذات الطابع القرآني، كانت كُـلّ ضربة توجّـه إليها سببًا في اتساعها وانتشارها.

 

الثورة التحرّرية تزيدُ قوة وصلابة التحَرّك:

جاءت ثورة الـ 21 من سبتمبر 2014 كتتويج لمسار طويل من الصمود والمقاومة، ومثلت الثورة لحظة فارقة في تاريخ اليمن الحديث، حَيثُ بدأت مرحلة الخروج من التبعية الكاملة للوصاية السعوديّة والأمريكية، حينها أدركت القوى الكبرى أن المشروع القرآني لم يعد مُجَـرّد تهديد سياسي أَو عسكري، بل تحول إلى نموذج يلهم الشعوب الأُخرى في المنطقة.

شن التحالف بقيادة السعوديّة، والإمارات والولايات المتحدة وبريطانيا، وبمشاركة 17 دولة حربًا عدوانية على اليمن في مارس 2015، استهدفت كُـلّ مقومات الحياة تجاوزت الحرب 350 ألف غارة جوية، وخلّفت عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى، ناهيك عن الدمار الاقتصادي والاجتماعي الذي لم يشهد له اليمن مثيلًا في تاريخه الحديث وحصاراً خانقاً، لكن وعلى الرغم من وحشية العدوان، الذي استمر لقرابة عشر سنوات، خرج الشعب اليمني من هذه الحرب أكثر صلابة وإصراراً على التمسك بمشروعه.

كان سر هذا الصمود يكمن في قدرة المشروع القرآني على توظيف كُـلّ التحديات كأدَاة لبناء وعي جديد، يجعل من المعاناة وقودًا للصمود ومن التضحيات أَسَاسًا للنصر.

وما يجعل هذا المشروع حالة استثنائية هو شموليته، فهو ليس مشروعاً سياسيًّا محدودًا بظرف أَو مرحلة، بل هو رؤية حضارية متكاملة تهدف إلى بناء الإنسان الواعي بمسؤوليته تجاه نفسه ومجتمعه وأمته.

كما أن الثقافة القرآنية التي يقوم عليها المشروع ليست مُجَـرّد شعارات أَو نصوص نظرية، بل هي أدَاة لإعادة تشكيل القيم والسلوكيات، بما يتناسب مع التحديات الراهنة.

إن هذه الرؤية هي التي مكنت الشعب اليمني من تحويل الحرب إلى فرصة للنهوض، فبينما كان العالم يتوقع انهيار اليمن تحت وطأة الحصار والعدوان، ظهر الجيش اليمني كقوة تمتلك رؤية واستراتيجية، قادرةً على تغيير المعادلات، وكانت الرؤية القرآنية بمثابة خارطة طريق لإعادة توجيه بوصلة العداء نحو الأعداء الحقيقيين للأُمَّـة، بعيدًا عن التبعية والانهزامية التي سيطرت على الكثير من الأنظمة والشعوب العربية والإسلامية.

 

التجربة اليمنية في إطار المشروع القرآني:

وفي لحظة فارقة من تاريخ المنطقة، حَيثُ الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية على أوجها، وحيثُ الأنظمة العربية تتهاوى واحدة تلو الأُخرى في مستنقعات التطبيع أَو التبعية، كان المشروع القرآني كحالة استثنائية غير مؤطرة، هذا المشروع الذي تعرض حاملوه لأبشع أنواع الحروب في العصر الحديث حاضراً وبقوة في الحرب العدوانية الإسرائيلية الأخيرة على غزة التي استمرت قرابة خمسة عشر شهرًا؛ ليخوض مواجهة مباشرة مع أعداء الأُمَّــة بدءًا من فرض الحظر البحري على الكيان الإسرائيلي؛ الأمر الذي أَدَّى إلى دخول اليمن في معركة بحرية استمرت قرابة العام في مواجهة البحرية الأمريكية والبريطانية التي حاولت حماية سفن العدوّ الإسرائيلي، حَيثُ تم شن عدوان جوي على اليمن إلَّا أن الجيش اليمني سجل موقفًا قويًّا وشجاعاً ليتفاجأ الأمريكي كيف يمكن لقوة صاعدة أن تعطل قدرات الأسطول البحري الأمريكي وتنتصر في معركة على قدرات دول كبرى عسكريًّا.

إلى جانب ذلك استطاعت اليمن إطلاق الصواريخ الفرط صوتية والمسيّرات على المدن الفلسطينية المحتلّة وهو ما أذهل الأعداء والعالم، ويكاد المرء لا يصدق أن شعباً يرزح تحت وطأة الحصار والحرب منذ ما يزيد عن عقد، يستطيع أن يقوم بكل ذلك بل والسؤال الأهم كيف يمكن لشعب فقير ومحاصر أن يصنع صواريخ فرط صوتية وبالستية تضرب أهدافاً متحَرّكة ومسيّرات متطورة، متناسين أن المشروع القرآني لا يقف عند حدود بل يتجاوز ذلك إلى التصنيع العسكري وبناء القدرات العسكرية وفي كُـلّ المجالات، وأنه مشروع إرادَة وإيمَـان.

لقد سجل الشعب اليمني حالة فريدة واستثنائية على مستوى العالم والمنطقة رغم إمْكَانياته البسيطة في إسناده لغزة بالموقف العسكري الذي كان غير مسبوق، سواءً في المعركة البحرية ضد العدوان الثلاثي أمريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني، والهجمات البرية بالصواريخ والمسيّرات التي لم تتوقف طوال عام ونيف باتّجاه المدن الفلسطينية المحتلّة.

على الجانب الآخر نفير عسكري غير مسبوق، مسيرات راجله عسكرية، ودورات تأهيل وتدريب لمقاتلين جدد تجاوز عددهم قرابة 600 ألف مقاتل، ومئات المناورات العسكرية، وفي المسار الشعبي حشود مليونية أسبوعيه في كُـلّ المحافظات المحكومة من المجلس السياسي الأعلى وحكومة التغيير والبناء، ناهيك عن الوقفات والنكف القبلي الذي كان بشكل يومي، والتبرعات لغزة والفعاليات والندوات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وفي الجبهة الإعلامية حراك غير مسبوق، رافق انتصارات كبيرة في البحر والبر والجو، إضافة إنجازات تمثلت في إزاحة الستار عن أسلحة نوعية صاروخية ومسيّرات وغير ذلك.

هكذا هو المشروع القرآني يفرض على كُـلّ منتمٍ إليه التحَرّك الجاد والعمل والثقة بالله وعدم الاستكانة، وبهذا الوعي والنفير استطاع اليمن أن يبرز كقوة إقليمية مؤثرة وفاعلة لا يمكن تجاوزها، تفرض معادلات كبرى أمام أقوى جيوش العالم.

نجح اليمن انطلاقًا من المشروع القرآني في إيصال رسالة قوية مفادها أن الشعوب العربية قادرة على المواجهة رغم كُـلّ التحديات، وأن القضية الفلسطينية تظل قضية مركزية للأُمَّـة العربية والإسلامية، بل وأعاد تعريف دور الشعوب في الصراعات الكبرى.

وبكل هذه المعطيات، فَــإنَّ ما حدث في البحر الأحمر يعكس بوضوح كيف تحول المشروع القرآني إلى لاعب رئيسي في معادلات القوة الإقليمية، من هنا، من هذا الشريط المائي الاستراتيجي، تتحدى اليمن الهيمنة الأمريكية بشكل مباشر، وتعيد صياغة مفاهيم السيادة التي حاولت القوى الكبرى طمسها، إنهم يدركون في تل أبيب وواشنطن، أنهم لا يواجهون جيشًا بالمعنى التقليدي للكلمة، بل يواجهون حركة متكاملة، عمقها وعي شعبي يستمد جذوره من مشروع رسخ في أذهان الناس، وأن كرامتهم ليست قابلة للمساومة.

لقد فشلت محاولات احتواء هذا المشروع، ليس لأَنَّ القوة العسكرية عاجزة عن ذلك، بل لأَنَّهم يقفون أمام سد منيع من الوعي الذي لا يتزعزع، والصمود الذي لا ينكسر.

 

المشروعُ القرآني في اليمن حالة استثناء:

وما يثير الاهتمام أكثر هو هذه القدرة الفريدة للمشروع على الاستمرار والنمو وسط التحديات، فكل حرب شُنت عليه كانت بمثابة وقود جديد يدفعه إلى الأمام، وكلّ محاولة لإخماده لم تكن إلا خطوة جديدة في مسار ترسيخ حضوره، نحن أمام حالة استثنائية، حَيثُ يتحول القمع إلى سبب للاستمرار، والحصار إلى مصدر للقوة.

إن القوة التي تُهمل بناء الوعي، مهما عظمت أدواتها العسكرية والسياسية، تسقط أمام أول اختبار حقيقي، هذه العبارة التي تعكس جوهر الصراع بين المشاريع العربية التي تعثرت، والمشروع القرآني في اليمن الذي ظل شامخاً رغم كُـلّ الحروب والتحالفات الدولية.

إن التجارب العربية في مواجهة الهيمنة الغربية، بدءًا من القومية الناصرية مُرورًا بالاشتراكية البعثية وُصُـولًا إلى حركات الإسلام السياسي، تكشف عن نمط متكرّر من الإخفاقات، حَيثُ ظلت الشعارات تضج على السطح بينما كان الأَسَاس هشًّا لا يصمد أمام التحديات.

المشروع الناصري بقيادة جمال عبدالناصر كان رمزًا للتحرّر في الخمسينيات، لكنه اصطدم بواقعه في نكسة 1967، واعتمد على تحالفات خارجية مع الاتّحاد السوفيتي وأهمل بناءَ وعي شعبي مسلح بالحرية والمسؤولية.

النظام البعثي في العراق كذلك، رغم هيمنته على المشهد لعقود، انهار سريعًا في مواجهة الغزو الأمريكي عام 2003، إذ كان يعتمد على حزب أوحد منفصل عن تطلعات الجماهير.

حتى المشاريع الثورية التي ظهرت مع موجة التغييرات الحاصلة منذ مطلع العام 2011، مثل تجربة الإخوان المسلمين في مصر، تعاملت مع السلطة كغنيمة سياسية بدلًا من كونها أدَاة لتحرير الإرادَة الوطنية.

على النقيض، المشروع القرآني في اليمن يمثل استثناءً جذريًّا لهذه الحلقة من الإخفاقات، لقد أسس هذا المشروع دعائمه على منظومة إيمانية عميقة تستند إلى نصوص القرآن الكريم كمصدر للتشريع والحركة؛ مما جعله قويًّا لا يتأثر بأية مؤامرات، بينما كانت المشاريع العربية تستورد الأيديولوجيات من الخارج وتبني عليها سياساتها.

ولقد أعاد المشروع القرآني تعريف المقاومة كواجب ديني ووطني، واستحضر قوة الهوية في معادلة الصراع، فكان أحد أبرز عوامل نجاح المشروع القرآني هو رفضه التبعية لأية قوة خارجية.

لقد اعتمد المشروع القرآني على مبدأ الاستقلالية في القرار السياسي والاقتصادي، فتبنى اقتصاد المقاومة من خلال التصنيع العسكري المحلي والاكتفاء الذاتي الزراعي، وهو ما حرّره من هيمنة البنك الدولي وشروط القوى الكبرى، هذا الاستقلال منح المشروع القرآني مرونة عالية في التعامل مع التحديات، حَيثُ لم يعد رهينة لقرارات اللاعبين الدوليين.

المشروع القرآني أَيْـضًا قلب معادلة الجيش والدولة، بينما انهارت جيوش عربية نظامية؛ لأَنَّها قاتلت كجيوش موظفين، نجح المشروع القرآني في تحويل الشعب اليمني إلى جيش شعبي مقاتل يدافع عن قضيته من منطلق عقائدي، والمسيرات المليونية في اليمن لم تكن مُجَـرّد استعراض للقوة، بل كانت مدرسة جماهيرية لصناعة وعي مقاوم يتحدى أدوات الاستعمار والعدوان.

الأهم من ذلك، كُـلّ المؤامرات التي استهدفت المشروع القرآني تحولت إلى وقود يزيد من قوته، اغتيال السيد حسين بدر الدين الحوثي في 2004 لم يكن نهاية المشروع، بل كان بدايةً لمرحلة أوسع، على عكس المشاريع العربية التي كانت تنهار بمقتل قادتها أَو بتغير الظروف الدولية، حَيثُ نجح المشروع القرآني في تحويل رموزه إلى أيقونات نضال تتجاوز الزمان والمكان.

اليوم، تعجز القوى الكبرى عن كسر المشروع القرآني؛ لأَنَّه لا يقبل التفاوض على ثوابته؛ لأَنَّ ما يميزه عن غيره هو فهمه العميق لمعركة الوعي، حَيثُ أدرك أن الصراع مع الهيمنة الغربية ليس على الأرض فقط، بل على شرعية الرواية الحضارية، فالغرب قدم نفسه كحضارة نهائية، والمشروع القرآني رد بإحياء نموذج ديني يثبت قدرة الأُمَّــة على إدارة دولتها بعيدًا عن التبعية، بينما حوَّلت الأنظمة العربية الدين إلى شعارات أَو طقوس فردية، أعاد المشروع القرآني القرآن إلى مركز الحياة كمنهج ودستور حركة.

 

مشروع لم يؤطر:

قبل عَقدَينِ من الزمن، لم يكن أحد يتوقع أن يقفَ مشروعٌ ناشئ في وجه منظومة دولية تملك أقوى أدوات القمع والسيطرة، ولكن المشروع القرآني، كما أثبتت التجربة، لا يقوم على حسابات القوة التقليدية بل يرتكز على بناء الإنسان الواعي، القادر على مواجهة التحديات بفكر ثاقب وإيمان صلب، لذلك فَــإنَّ أية محاولة لفهم هذا المشروع من خلال عدسات السياسة التقليدية ستخفق في إدراك عمقه وتأثيره.

المثير في تجربة المشروع القرآني هو أنه لم يأتِ من رحم الأنظمة، ولم يُؤطَّر ضمن الأيديولوجيات التقليدية التي أسقطتها الأحداث، إنه مشروع خرج من الناس وإليهم، يتغذى على احتياجاتهم، ويستمد قوته من إيمانهم، لذلك فشلت الولايات المتحدة وبريطانيا و”إسرائيل” في كسره؛ لأَنَّهم لا يواجهون جيشًا تقليديًّا أَو حركة سياسية عابرة، بل يواجهون حالةَ وعي جماعي راسخة وسدًّا منيعًا من الصمود والإرادَة.

إن هذا المشروع يقدم للأُمَّـة نموذجًا مختلفًا، ليس لأَنَّه تحدى القوى الكبرى فحسب، بل لأَنَّه أثبت أن النصر لا يتطلب أدوات القوة التقليدية، ويمكن لشعب محاصر أن يصنع معادلة جديدة، يمكن لوعي مستمد من القيم القرآنية أن يتحدى أعتى الإمبراطوريات.

اليوم، عندما ننظر إلى المشهد العربي، لا نجد مشروعاً آخر استطاع أن يصمد أمام الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية بهذا الشكل، فالأنظمة التقليدية إما انهارت أَو استسلمت، والمشاريع الأُخرى تلاشت في زحام المصالح الدولية، وحده المشروع القرآني الذي يحمله اليمنيون استطاع أن يقدّم نموذجًا متكاملًا، يجمع بين المقاومة الشعبيّة، والصمود العسكري، والوعي الثقافي.

إن هذا المشروع لم يظهر من فراغ؛ بل جاء لحكمة ربانية على يد شهيد وقائد ينتمي لمدرسة آل البيت كاستجابة تاريخية لواقع متراكم من التحديات الداخلية والخارجية التي تواجهها الأُمَّــة الإسلامية.

والثقافة القرآنية كانت العمود الفقري الذي أسّس عليه هذا المشروع، حَيثُ عمل على بناء وعي جمعي قادر على مواجهة أعقد المعادلات الإقليمية والدولية وبالتالي تحول هذا الوعي من مُجَـرّد أدَاة دفاعية إلى حالة هجومية تسعى لإعادة تعريف العلاقة بين الشعوب وقوى الاستكبار العالمي.

في النهاية، يمكن القول بثقة إن المشروع القرآني الذي يمثل تجربة فريدة لليمن، أثبت أنه أكثر من مُجَـرّد حركة مقاومة، إنه نموذج متكامل لإعادة بناء الأُمَّــة على أسس الوعي والإيمان، رؤية تتجاوز اللحظة الراهنة لتضعَ أُسُساً جديدةً لبناء أُمَّـة إسلامية قوية، تمتلكُ استقلالية القرار، وتحملُ رسالةً إنسانية متجاوزة للهُويات الضيقة والانتماءات العابرة.

هذه الرسالة، المستمدة من القرآن الكريم، تعيد للإنسان مكانته المركزية كفاعل ومسؤول عن تغيير واقعه، وتحمل في طياتها قيم العدل والسلام التي غُيبت طويلًا في ظل الهيمنة الاستعمارية والتبعية.

إنه مشروع يتحدى الهيمنة ليس بالسلاح فقط، بل بفكرة، بفهم عميق لمعنى الحرية والكرامة، وهذا هو الدرس الأهم الذي يمكن للأُمَّـة أن تتعلمه من التجربة اليمنية، فالقوة الحقيقية ليست في السلاح، بل في الوعي والإرادَة والانطلاق من القرآن وما يجب أن يفهمه الجميع أنه ليس مشروعًا يمنيًّا بل قرآنيًّا جامعاً، خارطة طريق للأُمَّـة لمواجهة أعداء الإسلام والإنسانية.

ولا سبيل للأمتين العربية والإسلامية للخروج من حالة الانحطاط والذل والخضوع للهيمنة الأمريكية والصهيونية إلا بهذا المشروع القرآني الذي يواصل حمله السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي، في محاضراته وخطاباته للأُمَّـة، انطلاقاً من مسؤوليته الدينية، وسيأتي اليوم الذي تصدح فيه كُـلّ الأُمَّــة بالصرخة وتتبناها كشعار للمواجهة، فهذه الصرخة التي صدح بها القائد المؤسّس الشهيد حسين الحوثي، وأرادها لتكون مشروع كُـلّ الأُمَّــة وستكون كذلك.

المصدر: المسيرة

مقالات مشابهة

  • مؤسس «تلغرام» يكشف أسرار تفوق الصين بمجال «الذكاء الاصطناعي»
  • الآثار والمتاحف تعلن فتح أبوابها أمام البعثات الأثرية التي كانت تعمل في سوريا
  • رويترز: طائرة بلاك هوك العسكرية التي اصطدمت بطائرة الركاب كانت في رحلة تدريبية
  • من قلب المعاناة.. وثائقي الخرطوم يوثق رحلة خمسة سودانيين في ظل الحرب
  • السينما أنقذتني وأحترم مبادئي.. أحمد الحفيان يكشف أسرار مشواره الفني ويؤلف كتابًا لتحفيز الشباب |حوار
  • قراءة فكرية في التغيرات الكبرى التي صنعها السيدُ حسين بدرالدين الحوثي
  • من كانت تقاتل إسرائيل في غزة؟
  • أم كلثوم التي لا يعرفها أحد.. ندوة تكشف أسرار كوكب الشرق بمعرض الكتاب
  • روجينا تعود بقوة في رمضان 2025.. "حسبة عمري" تكشف أسرار النجمة التي لا تُقهر!"
  • إفيه كتبه روبير الفارس: سلفي الجثة