جريدة الرؤية العمانية:
2024-11-25@14:48:18 GMT

البطالة المُقنَّعة وكيفية حلها

تاريخ النشر: 7th, October 2024 GMT

البطالة المُقنَّعة وكيفية حلها

 

علي بن عبدالحسين اللواتي

تُعرَّف البطالة المُقنعة بأنَّها حالة اقتصادية تتسم بعدم استغلال الأفراد لكامل قدراتهم أو مؤهلاتهم في وظائفهم الحالية. يمكن تعريف البطالة المُقنعة على أنها نوع من البطالة؛ حيث يبدو الأفراد أنهم موظفون، لكنهم في الواقع لا يساهمون بشكل فعَّال في الإنتاجية الإجمالية، أو يعملون في وظائف لا تتناسب مع مؤهلاتهم العلمية وخبراتهم.

وهذه الحالة تعاني منها الكثير من المؤسسات الحكومية في كثير من دول العالم وذلك لأسباب متعددة لسنا في صدد تعدادها أو التطرق إليها، والسلطنة ليست بعيدة عن وجود هذه الظاهرة التي لها سلبيات كثيرة أيضًا لست في صدد الحديث عنها هنا.

وتفاقمت هذه الحالة – أي البطالة المُقنعة- في القطاع الخاص العُماني بعد تطبيق قانون توطين الوظائف (التعمين) بصورة مشوهة. وبالتالي ظهرت تحديات مختلفة متعلقة بالتشريعات ونظام الحماية الاجتماعية والاستثمار الأجنبي وخروج رؤوس الأموال وأيضًا لست اليوم بصدد التوغل في هذا الموضوع الشائك.

ولكني أود الحديث بشكل دقيق عن نفس تعريف البطالة المقنعة وكيف يمكن قهر المفهوم والمعنى من الأساس قبل الحديث عن العوارض والأسباب.

وقبل أن أوضح الفكرة بالدقة والتفصيل فإنني سأعرض لكم قصة حقيقية مع شاب عماني في مقتبل العمر اسمه عمر ففي عام 2021 في الأول من يوليو ذهبت لشراء هدية لابني محمد وكنت قد قررت شراء لعبة إلكترونية ولا أفقه في اختيار هذه الأمور، فعند دخولي للمحل (هايبر ماركت معروف) اخترت جهازًا من بين عدة أجهزة وعند الوصول إلى منصة الدفع كان عمر يتثاءب من الملل، فسألته: كيف العمل يا ابني؟

 قال: عمي ملل والله، من صبح ماشي شغل

فقلت له: في حالة عدم وجود الزبائن لم لا تقرأ عن هذه الألعاب المُختلفة حتى إذا جاء زبون مثلي تستطيع أن تشرح له الفرق بين هذه الألعاب الإلكترونية.

فقال عمر: كلامك صحيح عمي، وفي هذه الأثناء رأيت امرأة تحاول أن تأخذ غرضاً من الرفوف العليا ولكن طولها لم يسعفها للوصول إلى الرف العلوي، فبادرت قائلاً لعمر: لم لا تُعن المرأة بسرعة لتناولها الغرض الفلاني، فأسرع الشاب وأدى المُهمة.

بعدها سألت عمر: ماذا تريد أن تعمل بدلاً عن هذه الوظيفة؟

قال: أنا أحبذ أن أعمل مندوبًا لتخليص المعاملات.

فتعجبت قائلاً: بني أتعرف أنَّ درجة الحرارة في الخارج جاوزت 40 درجة مئوية وأنت هنا تعمل في المكيف مع وجود إنترنت مجاني.

أرشدته إلى منصة لتعلُّم اللغة الإنجليزية ليستفيد من خلالها في أوقات الفراغ التي يقضيها متململا.

ثم قلت له، إن الخدمة التي قدمتها للمرأة قبل قليل ستجعل هذه الزبونة في المرات القادمة تقصد التعامل معك مباشرة ومع تكرار المشهد مع الزبائن الآخرين هذا سيلفت نظر الإدارة لك وقد يُحقق لك سرعة التقدم نحو الترقي في السلم الوظيفي.

إن تعلمك بعض الكلمات باللغة الإنجليزية يومياً سيخلق لك فرصة وظيفية أفضل في المُستقبل.

قال عمر: عمي ما حد كلمني بهذه الطريقة ولا فمهني إيش المطلوب. خلاص عمي دائماً تشوفني هنا وبعمل كما خبرتني.

لم أراجع عمر ولم أعرف ماذا حصل بعد ذلك. لعلي رأيته في نفس العمل ولكني لم أذهب للتحدث معه.

الخلاصة التي أريد أن أصل إليها وهي كيف يمكن تغيير فكر الموظف أن يكون منتجاً حتى لو أن الوظيفة التي يعمل فيها غير حقيقية أو لا ترتبط بالإنتاجية أصلا.

فعند دخولك لبعض الدوائر تجد أكثر من موظف على الاستقبال وهذه الدائرة قلما يقصدها زائر فحينئذ تعلم يقيناً بأن وجود عدة أشخاص في هذه الوظيفة إنما هي من نسخ البطالة المقنعة.

هنا يأتي دور خلق الإنتاجية الذاتية لرأس المال البشري، بمعنى سواء أكان العمل يقتضي أن تكون له نتيجة ملموسة تضيف إلى منظومة العمل والإنتاج أم لا، فإن الإنسان بما هو إنسان لابد أن يفكر في أن يكون مفيدا لمنظومة العمل والإنتاج على مستوى المجتمع بشكل عام وبدائرة أوسع من حدود الوظيفة التي يعمل فيها.

لذلك فإنه لابد من دور جديد لإدارة رأس المال البشري في خلق فكرة خلق العطاء والإنتاجية بشكل مطلق، كالشمس مثلا فهي تشرق يوميًا للعطاء بغض النظر أن هناك من يتعرض لأشعتها أم لا، فإن مجرد شروقها فإن هناك فوائد متعددة للكون بشكل واسع، لذلك فالنظر للموظف لنفسه بأنه مطلوب منه أم لا يكون عاطلا أو معطلا لمنظومة البشرية للعمل والإنتاجية والتحرك للأمام فإنه سيجعله خلاقاً في التفكير بجوانب مختلفة للعطاء.

فطرح هذه الفكرة في المدارس والجامعات وتأصيلها في الحياة العملية بشكل عام فإن الشخص سيكون منتجاً لا محالة سواء في وظيفته التي لا تتيح له الإنتاجية الحقيقية أم كان في الواقع يعمل في وظيفة ينتظر منه الأداء الحقيقي.

ولهذا فإنَّ هذه الأدوار يجب التركيز عليها من قبل إدارات رأس المال البشري وزيادة الوعي لدى الموظفين حول مفهوم الإنتاجية بشكل أوسع، وكيف يمكنهم الاستفادة من أوقاتهم لتحقيق إنجازات شخصية ومهنية.

وهي كالآتي:

التركيز على مفهوم "إدارة الذات" وتحفيز الموظفين على تحسين أنفسهم وتطوير مهاراتهم، حتى وإن لم تكن هناك مهام واضحة في وقت معين. يمكن تشجيع الموظفين على تعلم مهارات جديدة مثل اللغات، أو المشاركة في ورش عمل، أو العمل على مشاريع داخلية تطوعية.

وضع برامج تدريبية متواصلة للموظفين لتطوير مهاراتهم، بحيث لا تكون البرامج محدودة بالوظيفة الأساسية التي يقومون بها، بل تشمل مجالات أخرى قد تساعدهم على التأقلم والتكيف مع أدوار جديدة في المستقبل. فعلى سبيل المثال، إذا كان الموظف يعمل في مجال محدود ولا توجد له مهام كثيرة، يمكن تدريبه على المهارات الرقمية أو الإدارية أو مهارات التواصل.

 تطبيق نظام التناوب الوظيفي يمكن أن يكون مفيدًا للموظفين لاكتساب خبرة جديدة وزيادة معرفتهم بالشركة، وبالتالي تجنب شعورهم بالملل أو عدم الفائدة.

تشجيع الموظفين على تقديم أفكار ومبادرات جديدة لتحسين بيئة العمل أو تحسين العمليات. يمكن أن تكون هذه المبادرات صغيرة، لكنها ستخلق حساً بالإنجاز والانتماء.

ويمكن توسيع هذه الأفكار بشكل أكبر في الاستراتيجية المقترحة، حيث يتم بناء بيئة عمل تعزز الاستفادة الكاملة من الإمكانات البشرية، حتى في ظل وجود بطالة مقنعة، وتوجيه الموظفين للإنتاجية بما يخدم المؤسسة والمجتمع ككل.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

مفهوم القرض الحسن وضابطه وكيفية سداده

قالت دار الإفتاء المصرية إن القرضُ الحسن هو ما يُعطيهِ شخص مِنَ المالِ ونحوِهِ لشخص أخر يسمى المقترِضِ دونَ اشتراطِ زيادة، لِيَرُدَّ إليْهِ مِثلهُ؛ وقد عبَّر عن حقيقته الإمام الطاهر ابن عاشور بقوله في "التحرير والتنوير" (27/ 377، ط. الدار التونسية): [القرض الحسن: هو القرض المُسْتَكْمِلُ محاسِنَ نَوْعِهِ من كَوْنِهِ عن طِيب نفسٍ وبشاشةٍ في وجه الْمُسْتَقْرِضِ، وخُلُوٍّ عن كل ما يُعَرِّضُ بالْمِنَّةِ أو بتضييق أجل القضاء] اهـ.

ضابط القرض الحسن

 

وأوضحت الإفتاء أن إقراض المحتاج رفقًا به وإحسانًا إليه دون نفعٍ يبتغيه أو مقابلٍ يعود عليه هو من قبيل تنفيس الكربات التي يضاعف الله بها الأجر والثواب؛ مصداقًا لقول المولى تبارك وتعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [البقرة: 245]، وقوله عزَّ وجلَّ: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ﴾ [الحديد: 11].

 

وأضافت الإفتاء قائلة: إذا كان الشرعُ الشريفُ قد رغَّبَ في القَرْضِ الحَسَنِ وأجزل الثواب للمُقْرِضِ، وحثَّ على قضاء حوائج الناس وتفريج كروبهم، فإنَّه أيضًا قد نهى عن استغلال حوائج الناس وإيقاعهم في الحرج الذي يدفعهم لارتكاب المحظور؛ لذا كان الأصل في القرض ألَّا يَجُرَّ للمقرِض نفعًا، وأن يكون غير مشروط بزيادةٍ على أصله، وأن يكون على سبيل الترفُّق لا التربُّح؛ لأنَّه من عقود التبرعات لا المعاوضات. ينظر: "بدائع الصنائع" للإمام الكاساني الحنفي (7/ 395، ط. دار الكتب العلمية)، و"الكافي" للحافظ ابن عبد البر المالكي (2/ 728، ط. مكتبة الرياض الحديثة)، و"المجموع" للإمام النووي (13/ 170، ط. دار الفكر)، و"المغني" للإمام ابن قُدَامَة الحنبلي (4/ 240، ط. مكتبة القاهرة).

كيفية سداد القرض

وقالت الإفتاء إن الأصل أن يتم سداد القرض بمثله؛ فإنه من المقرر شرعًا وفاء القرض بمثلهِ قدرًا وصفةً بالنسبة للنقود الورقية، لأنها من الأموال المثلية، وتُرد بمثلها طالما لم ينقطع التعامل بها، ولا أثر لغلائها أو رخصها في سداد القرض ما دامت صالحة للتعامل ولم يحصل لها انهيار في القيمة.

قال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (7/ 395) في شرائط القرض: [أن يكون مما له مثل كالمكيلات والموزونات والعدديات المتقاربة، فلا يجوز قرض ما لا مثل له من المذروعات، والمعدودات المتقاربة؛ لأنه لا سبيل إلى إيجاب رد العين ولا إلى إيجاب رد القيمة؛ لأنه يؤدي إلى المنازعة لاختلاف القيمة باختلاف تقويم المقومين؛ فتعين أن يكون الواجب فيه رد المثل؛ فيختص جوازه بما له مثل] اهـ.

وقال العلامة علي أبو الحسن المالكي في "كفاية الطالب الرباني" (2/ 162، ط. دار الفكر): [(وإن كان) مثليًا (مما يوزن أو يكال) أو يعد (فليرد مثله..)] اهـ.

وقال الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (3/ 33، ط. دار الكتب العلمية): [(ويرد) في القرض (المثل في المثلي)؛ لأنه أقرب إلى حقِّه] اهـ.

وقال الإمام الرُّحَيْبَانِي الحنبلي في "مطالب أولي النهى" (3/ 242- 243، ط. المكتب الإسلامي): [(ويجب) على مقترض (رد مثل فلوس) اقترضها، ولم تحرم المعاملة بها.. قَالَ الْمُوَفَّقُ: إذا زادت قيمة الفلوس أو نقصت؛ رد مثلها؛ كما لو اقترض عرْضًا مثليًّا؛ كبُرٍّ وشعير وحديد ونحاس، فإنه يرد مثله وإن غلا أو رخص؛ لأن غلو قيمته أو نقصانها لا يسقط المثل عن ذمة المستقرض] اهـ.
 

مقالات مشابهة

  • التخطيط: التعداد سيرسم خريطة جديدة للواقع السكاني ويسهم بتوفير فرص العمل
  • كامل الوزير: نعمل على حل المشكلات التي تواجه الصناعات المتعثرة
  • وزارة الخارجية تلفت نظر المجتمع الدولي للفظائع التي يرتكبها مليشيا الجنجويد بشكل منهجي ضد النساء
  • الزيود: لهذه الأسباب نطالب برفع الحد الأدنى للأجور إلى ٥٠٠ دينار
  • الإحصاء: 6.9% بطالة بسوق العمل المصري 2023 و40% معدل تشغيل
  • وزير الصناعة والنقل يبحث مع محافظ ومستثمري المنوفية تحديات المناطق الصناعية بالمحافظة وسبل حلها
  • يونس ميكري للفجر الفني:" هذا ما جذبني لفيلم نوارة عشية ويكشف عن الصعوبات التي واجهها" (حوار)
  • الباحث حسين أحمد علاء يحصل على درجة الدكتوراه في «تطوير التعليم الفني ودوره في مواجهة خطر البطالة»
  • أمين «محلية النواب»: ورثنا تركة صعبة في ملف الإيجار القديم.. ويجب حلها تدريجيا
  • مفهوم القرض الحسن وضابطه وكيفية سداده