جريدة الرؤية العمانية:
2025-02-03@17:01:24 GMT

البطالة المُقنَّعة وكيفية حلها

تاريخ النشر: 7th, October 2024 GMT

البطالة المُقنَّعة وكيفية حلها

 

علي بن عبدالحسين اللواتي

تُعرَّف البطالة المُقنعة بأنَّها حالة اقتصادية تتسم بعدم استغلال الأفراد لكامل قدراتهم أو مؤهلاتهم في وظائفهم الحالية. يمكن تعريف البطالة المُقنعة على أنها نوع من البطالة؛ حيث يبدو الأفراد أنهم موظفون، لكنهم في الواقع لا يساهمون بشكل فعَّال في الإنتاجية الإجمالية، أو يعملون في وظائف لا تتناسب مع مؤهلاتهم العلمية وخبراتهم.

وهذه الحالة تعاني منها الكثير من المؤسسات الحكومية في كثير من دول العالم وذلك لأسباب متعددة لسنا في صدد تعدادها أو التطرق إليها، والسلطنة ليست بعيدة عن وجود هذه الظاهرة التي لها سلبيات كثيرة أيضًا لست في صدد الحديث عنها هنا.

وتفاقمت هذه الحالة – أي البطالة المُقنعة- في القطاع الخاص العُماني بعد تطبيق قانون توطين الوظائف (التعمين) بصورة مشوهة. وبالتالي ظهرت تحديات مختلفة متعلقة بالتشريعات ونظام الحماية الاجتماعية والاستثمار الأجنبي وخروج رؤوس الأموال وأيضًا لست اليوم بصدد التوغل في هذا الموضوع الشائك.

ولكني أود الحديث بشكل دقيق عن نفس تعريف البطالة المقنعة وكيف يمكن قهر المفهوم والمعنى من الأساس قبل الحديث عن العوارض والأسباب.

وقبل أن أوضح الفكرة بالدقة والتفصيل فإنني سأعرض لكم قصة حقيقية مع شاب عماني في مقتبل العمر اسمه عمر ففي عام 2021 في الأول من يوليو ذهبت لشراء هدية لابني محمد وكنت قد قررت شراء لعبة إلكترونية ولا أفقه في اختيار هذه الأمور، فعند دخولي للمحل (هايبر ماركت معروف) اخترت جهازًا من بين عدة أجهزة وعند الوصول إلى منصة الدفع كان عمر يتثاءب من الملل، فسألته: كيف العمل يا ابني؟

 قال: عمي ملل والله، من صبح ماشي شغل

فقلت له: في حالة عدم وجود الزبائن لم لا تقرأ عن هذه الألعاب المُختلفة حتى إذا جاء زبون مثلي تستطيع أن تشرح له الفرق بين هذه الألعاب الإلكترونية.

فقال عمر: كلامك صحيح عمي، وفي هذه الأثناء رأيت امرأة تحاول أن تأخذ غرضاً من الرفوف العليا ولكن طولها لم يسعفها للوصول إلى الرف العلوي، فبادرت قائلاً لعمر: لم لا تُعن المرأة بسرعة لتناولها الغرض الفلاني، فأسرع الشاب وأدى المُهمة.

بعدها سألت عمر: ماذا تريد أن تعمل بدلاً عن هذه الوظيفة؟

قال: أنا أحبذ أن أعمل مندوبًا لتخليص المعاملات.

فتعجبت قائلاً: بني أتعرف أنَّ درجة الحرارة في الخارج جاوزت 40 درجة مئوية وأنت هنا تعمل في المكيف مع وجود إنترنت مجاني.

أرشدته إلى منصة لتعلُّم اللغة الإنجليزية ليستفيد من خلالها في أوقات الفراغ التي يقضيها متململا.

ثم قلت له، إن الخدمة التي قدمتها للمرأة قبل قليل ستجعل هذه الزبونة في المرات القادمة تقصد التعامل معك مباشرة ومع تكرار المشهد مع الزبائن الآخرين هذا سيلفت نظر الإدارة لك وقد يُحقق لك سرعة التقدم نحو الترقي في السلم الوظيفي.

إن تعلمك بعض الكلمات باللغة الإنجليزية يومياً سيخلق لك فرصة وظيفية أفضل في المُستقبل.

قال عمر: عمي ما حد كلمني بهذه الطريقة ولا فمهني إيش المطلوب. خلاص عمي دائماً تشوفني هنا وبعمل كما خبرتني.

لم أراجع عمر ولم أعرف ماذا حصل بعد ذلك. لعلي رأيته في نفس العمل ولكني لم أذهب للتحدث معه.

الخلاصة التي أريد أن أصل إليها وهي كيف يمكن تغيير فكر الموظف أن يكون منتجاً حتى لو أن الوظيفة التي يعمل فيها غير حقيقية أو لا ترتبط بالإنتاجية أصلا.

فعند دخولك لبعض الدوائر تجد أكثر من موظف على الاستقبال وهذه الدائرة قلما يقصدها زائر فحينئذ تعلم يقيناً بأن وجود عدة أشخاص في هذه الوظيفة إنما هي من نسخ البطالة المقنعة.

هنا يأتي دور خلق الإنتاجية الذاتية لرأس المال البشري، بمعنى سواء أكان العمل يقتضي أن تكون له نتيجة ملموسة تضيف إلى منظومة العمل والإنتاج أم لا، فإن الإنسان بما هو إنسان لابد أن يفكر في أن يكون مفيدا لمنظومة العمل والإنتاج على مستوى المجتمع بشكل عام وبدائرة أوسع من حدود الوظيفة التي يعمل فيها.

لذلك فإنه لابد من دور جديد لإدارة رأس المال البشري في خلق فكرة خلق العطاء والإنتاجية بشكل مطلق، كالشمس مثلا فهي تشرق يوميًا للعطاء بغض النظر أن هناك من يتعرض لأشعتها أم لا، فإن مجرد شروقها فإن هناك فوائد متعددة للكون بشكل واسع، لذلك فالنظر للموظف لنفسه بأنه مطلوب منه أم لا يكون عاطلا أو معطلا لمنظومة البشرية للعمل والإنتاجية والتحرك للأمام فإنه سيجعله خلاقاً في التفكير بجوانب مختلفة للعطاء.

فطرح هذه الفكرة في المدارس والجامعات وتأصيلها في الحياة العملية بشكل عام فإن الشخص سيكون منتجاً لا محالة سواء في وظيفته التي لا تتيح له الإنتاجية الحقيقية أم كان في الواقع يعمل في وظيفة ينتظر منه الأداء الحقيقي.

ولهذا فإنَّ هذه الأدوار يجب التركيز عليها من قبل إدارات رأس المال البشري وزيادة الوعي لدى الموظفين حول مفهوم الإنتاجية بشكل أوسع، وكيف يمكنهم الاستفادة من أوقاتهم لتحقيق إنجازات شخصية ومهنية.

وهي كالآتي:

التركيز على مفهوم "إدارة الذات" وتحفيز الموظفين على تحسين أنفسهم وتطوير مهاراتهم، حتى وإن لم تكن هناك مهام واضحة في وقت معين. يمكن تشجيع الموظفين على تعلم مهارات جديدة مثل اللغات، أو المشاركة في ورش عمل، أو العمل على مشاريع داخلية تطوعية.

وضع برامج تدريبية متواصلة للموظفين لتطوير مهاراتهم، بحيث لا تكون البرامج محدودة بالوظيفة الأساسية التي يقومون بها، بل تشمل مجالات أخرى قد تساعدهم على التأقلم والتكيف مع أدوار جديدة في المستقبل. فعلى سبيل المثال، إذا كان الموظف يعمل في مجال محدود ولا توجد له مهام كثيرة، يمكن تدريبه على المهارات الرقمية أو الإدارية أو مهارات التواصل.

 تطبيق نظام التناوب الوظيفي يمكن أن يكون مفيدًا للموظفين لاكتساب خبرة جديدة وزيادة معرفتهم بالشركة، وبالتالي تجنب شعورهم بالملل أو عدم الفائدة.

تشجيع الموظفين على تقديم أفكار ومبادرات جديدة لتحسين بيئة العمل أو تحسين العمليات. يمكن أن تكون هذه المبادرات صغيرة، لكنها ستخلق حساً بالإنجاز والانتماء.

ويمكن توسيع هذه الأفكار بشكل أكبر في الاستراتيجية المقترحة، حيث يتم بناء بيئة عمل تعزز الاستفادة الكاملة من الإمكانات البشرية، حتى في ظل وجود بطالة مقنعة، وتوجيه الموظفين للإنتاجية بما يخدم المؤسسة والمجتمع ككل.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

«معلومات الوزراء» يكشف عن أسباب تآكل السواحل وكيفية مواجهته

نشر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء تقريرًا على الصفحة الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» عن كيفية مواجهة تآكل السواحل؟، والمخاطر التي تؤدي إليها.

عملية الانحسار التدريجي للكتلة الأرضية على السواحل

وأضاف المركز، أن عملية تآكل السواحل تعني عملية الانحسار التدريجي للكتلة الأرضية على السواحل بفعل الأمواج وتيارات الهواء والرياح وحركات المد والجزر، وكذلك تفاعل العمليات البحرية والنهرية والانهيارات الأرضية الناتجة عن التفاعل بين المياه الجوفية والتربة أو الصخور مع السواحل.

تتسبب تأثيرات تغير المناخ مثل ارتفاع مستوى سطح البحر وارتفاع الأمواج والظواهر الجوية الحادة في تسريع عملية تأكل السواحل، كما تتفاقم بسبب الأنشطة البشرية المختلفة، لا سيما استخراج الرمال بغرض استخدامها في البناء، وإزالة أشجار المانجروف.

المخاطر التي تؤدي إلى تآكل السواحل 

وتابع المركز، أنه بالنسبة للمخاطر التي تؤدي إلى تآكل السواحل جاءت كما يلي:

- حسب تقديرات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، فإن نحو 11% من سكان العالم، أي ما يقرب من 896 مليون شخص يعيشون في المناطق الساحلية منخفضة الارتفاع، يقل ارتفاعها عن 10 أمتار فوق مستوى سطح البحر، التي ترتبط هيدرولوجيا بالبحر.

- تقلصت مساحة الأراضي الرطبة عالميا بنحو 50% مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية نتيجة للاحتباس الحراري وارتفاع مستوى سطح البحر والأحداث المناخية المتطرفة وغيرها من التأثيرات البشرية المختلفة.

- أشارت وكالة ناسا إلى أن 96% من البلدان ذات السواحل شهدت ارتفاع مستوى سطح البحر في الفترة من 1970 إلى 2023 كما تسارع معدل هذا الارتفاع العالمي، إذ تضاعف من 0.21 سنتيمتر سنويا عام 1993 إلى حوالي 0.45 منتيمتر سنويا عام 2023.

مقالات مشابهة

  • ارتفاع معدل البطالة في المغرب إلى 13.3% في 2024
  • المغرب.. معدل البطالة يرتفع إلى 13.3% في 2024
  • معدل البطالة في المغرب يرتفع إلى 13.3% في 2024..أغلبهم شباب ونساء
  • مندوبية التخطيط: نسبة البطالة تقفز إلى 13,3% ما بين 2023 و2024
  • وزير الصناعة والنقل يبحث مع محافظ ومستثمري كفر الشيخ تحديات المناطق الصناعية بالمحافظة وسبل حلها
  • سامسونغ تعترف بمشكلة في شاشات بعض هواتفها وتعلن عن حلها
  • “الصحفيين” تنظّم ورشة عمل لتعزيز السلامة النفسية للصحفيات وكيفية التغلب على تحديات وضغوط العمل
  • مشكلة جفاف البشرة في الشتاء وطرق حلها
  • ورشة عمل لتعزيز السلامة النفسية للصحفيات وكيفية التغلب على تحديات وضغوط العمل
  • «معلومات الوزراء» يكشف عن أسباب تآكل السواحل وكيفية مواجهته