الفوضى الإدارية وتراجع الاستثمار .. معوقات أمام الصناعة الثقيلة
تاريخ النشر: 7th, October 2024 GMT
7 أكتوبر، 2024
بغداد/المسلة: تعاني الصناعة العراقية من تراجع كبير جعلها تبدو بعيدة عن أمجادها السابقة، حينما كان العراق يمتع بصناعات ثقيلة تساهم بشكل فعال في الاقتصاد الوطني. واليوم، أصبحت الصناعة العراقية رمزًا للفوضى الإدارية، وتراجع الاستثمار، وتأثرها الشديد بالأحداث السياسية والاقتصادية التي شهدتها البلاد.
وتعكس المصانع الصغيرة، التي تشكل قرابة 90% من إجمالي المعامل، مدى ضعف هذا القطاع وهيمنة الصناعات التحويلية على حساب الاستراتيجية.
وفي ظل الفساد والإهمال الإداري المتواصلين، باتت الصناعة العراقية اليوم في حاجة ملحّة لخطط جدية لإعادة إحيائها والنهوض بها إلى مستوياتها السابقة.
وبحسب الإحصائيات، تشكل المعامل الصغيرة حوالي 90% من إجمالي المصانع والمعامل في العراق، وهي نسبة تعكس مدى ضعف الصناعة العراقية اليوم، إضافة إلى هيمنة الصناعات التحويلية على حساب الصناعات الاستراتيجية والثقيلة.
ويتجلى هذا التراجع بشكل أوضح من خلال البيانات الرسمية لوزارة الصناعة والمعادن للعام 2022، والتي تظهر أن العراق يمتلك نحو 227 مصنعا تابعا لشركات القطاع العام، إلا أن 140 مصنعا فقط هي التي تبقى نشطة.
وتشير الإحصاءات أيضًا إلى أن نحو 18 ألفا و167 مشروعا صناعيا متوقف عن العمل لأسباب متعددة، ما يعكس الفجوة العميقة التي يعاني منها القطاع.
و رغم التدهور المستمر، يرى بعض المراقبين أن هناك بوادر إيجابية تشير إلى إمكانية حدوث تغيير، عبر تبني بعض المشاريع البسيطة التي قد تكون خطوة على الطريق الصحيح لإحياء القطاع الصناعي .
وتوضح التجارب العالمية بأن تطوير القطاع الصناعي في العراق يتطلب تركيزًا على عدة جوانب أساسية تشمل تعزيز البنية التحتية، الاستثمار في التكنولوجيا الحديثة، وتطوير الموارد البشرية.
ويقول مهندس الكهرباء عادل محمود أن الحاجة قائمة لتعزيز الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص لتحفيز الابتكار ورفع الكفاءة ثم التوجه نحو استراتيجيات متكاملة كهذه يمكن أن يساهم بشكل فعال في تحويل الصناعة العراقية إلى قطاع قوي ومربح يسهم في تنمية الاقتصاد الوطني وتحسين مستوى المعيشة.
وتشير التجارب العالمية إلى أن تحويل الصناعة إلى قطاع مربح يتطلب استراتيجيات فعالة وتعاوناً شاملاً بين مختلف الفاعلين في المجتمع.
ويمكن للعراق الاستفادة من العديد من التجارب الناجحة في هذا المجال لتحقيق نهضة صناعية شاملة.
وتُعد التجربة الألمانية في الصناعة موذجاً يحتذى به، حيث قامت ألمانيا بتطوير التصنيع الذكي واستخدام التقنيات المتقدمة مثل الروبوتات وإنترنت الأشياء لتحسين الإنتاجية والكفاءة.
وارتكز نجاح هذه التجربة على الشراكة الفعالة بين القطاعين العام والخاص والبحث العلمي، و إذا ما اعتمد العراق على نهج مماثل، فبإمكانه أن يعزز من قدراته الصناعية ويوفر بيئة تحفّز الابتكار وتعزز الإنتاجية.
تجربة كوريا الجنوبية هي مثال آخر على النجاح في تطوير الصناعات الثقيلة. في الستينيات، ركزت كوريا على الاستثمار في صناعات مثل الصلب وبناء السفن بدعم قوي من الحكومة من خلال توفير الحوافز الضريبية والبنية التحتية الملائمة. بالإضافة إلى ذلك، أعطت كوريا اهتماماً كبيراً لتطوير الموارد البشرية من خلال برامج تدريبية متخصصة تهدف إلى توفير القوى العاملة المؤهلة، وهو ما يمكن للعراق أن يستفيد منه لرفع كفاءة العاملين في القطاع الصناعي.
والتجربة الصينية تعتبر درسًا في كيفية تعزيز الصناعات التحويلية من خلال إنشاء مناطق اقتصادية خاصة، تهدف إلى جذب الاستثمارات وتقديم التسهيلات اللازمة للشركات. مثل هذه المناطق قد تساعد العراق في جذب المستثمرين وإنشاء صناعة قوية. كما أن الصين ركزت على تطوير بنيتها التحتية بشكل كبير، مما ساعد على تحسين الكفاءة وتقليل التكاليف، وهذا أيضاً مجال يمكن أن يحظى باهتمام العراق لتحقيق تأثير مشابه.
وفي الهند، كانت الاستثمارات في قطاع تكنولوجيا المعلومات محفزاً كبيراً للنمو الصناعي، حيث ساعدت في رفع مستوى الكفاءة والجودة.
ويمكن للعراق أن يركز على تطوير تكنولوجيا المعلومات وتوفير التدريب اللازم للعمال، ما سيساهم في تحويل قطاعه الصناعي ليصبح أكثر كفاءة وقدرة على المنافسة.
أما اليابان، فقد طورت نهج الإنتاج الرشيق الذي يركز على تقليل الهدر وتعزيز الكفاءة. كما أنها تبنت ثقافة الابتكار المستمر أو “كايزن”، التي تسعى إلى تحسين كل جزء من عملية الإنتاج باستمرار. مثل هذا النهج يمكن أن يساهم في تطوير الصناعة العراقية من خلال تحسين العمليات الإنتاجية وزيادة قدرتها التنافسية.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: الصناعة العراقیة من خلال
إقرأ أيضاً:
خبراء: إدراج الأعلاف ضمن مبادرة تمويل قطاع الصناعة يسهم في انخفاض أسعار جميع المنتجات
قررت وزارة الصناعة إدراج صناعة الأعلاف ضمن القطاعات المستفيدة من المبادرة الجديدة لتمويل قطاع الصناعة، حيث تُخصص لها نسبة دعم تصل إلى 15%، وذلك بهدف تعزيز قدرة القطاع على مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية وتحقيق نمو مستدام في هذا المجال الحيوي.
وأوضحت وزارة الصناعة أن الهدف من مبادرة إدراج صناعة الأعلاف، هو توفير تمويل ميسر للمصانع، لكي يساهم هذا في تطوير الإنتاج المحلي وتحسين القدرة التنافسية للمنتجات المصرية في الأسواق العالمية.
وأكدت الوزارة أن هذه المبادرة، خطوة مهمة لدعم قطاع الصناعات الغذائية بشكل عام، وصناعة الأعلاف بشكل خاص، في ظل التحديات التي يواجهها القطاع، مشيرة إلى التنسيق مع وزارة الزراعة لتيسير إجراءات تسجيل الأعلاف الجديدة، مما سيسهم في زيادة الإنتاج المحلي من الأعلاف وتقليل الاعتماد على الاستيراد.
وتشمل مبادرة إدراج صناعة الأعلاف، توفير الدعم الفني والتكنولوجي، الذي يعزز قدرة مصانع الأعلاف على التوسع وتحقيق أفضل استفادة من الموارد المتاحة، والعمل على دراسة تطوير مدخلات الإنتاج وتنويعها، من خلال إعادة تدوير مخلفات الصناعات الغذائية والمجازر، بما يسهم في تخفيض تكاليف الإنتاج وتحقيق استدامة بيئية.
ويعد إدراج صناعة الأعلاف، خطوة استراتيجية لدعم القطاع الزراعي والصناعي في مصر، خاصة في ظل تزايد الطلب على الأعلاف في السوق المحلي، وفقاً لما صرحت به وزارة الصناعة.
وتواصلت «الأسبوع» مع اتحاد الصناعات المصرية، وقطاع الثروة الحيوانية والداجنة بوزارة الزراعة، وخبراء الاقتصاد لمعرفة أهمية إدراج صناعة الأعلاف ضمن مبادرة تمويل قطاع الصناعة بنسبة 15% وعائد ونتائج ذلك على الأسعار والاقتصاد بشكل عام.
من جانبه كشف الدكتور طارق سليمان، رئيس قطاع الثروة الحيوانية والداجنة والسمكية بوزارة الزراعة، عن أن الأعلاف تمثل 70% من جملة مصروفات وتشغيل وتكاليف أى مشروع سواء للثروة الحيوانية أو الداجنة، وبالتالي الاهتمام بصناعة الأعلاف، يدل على الاهتمام بالثروة الحيوانية والداجنة، ويؤدي ذلك إلى تحسين معدلات الإنتاج وزيادتها، ويؤثر ذلك على أسعار المنتج النهائي.
وقال سليمان: إن لدينا اكتفاءً ذاتيًا في صناعة الأعلاف، ويتم تصدير ما يزيد على احتياجاتنا، وذلك يدل على ثقة العالم في صناعة الأعلاف المصرية، وبالرغم من وجود أزمة سابقة في الأعلاف، بسبب ارتفاع سعر الدولار، وعدم توفير العملة، لأن بعض الخامات من الأعلاف، يتم استيرادها من الخارج.
وأوضح أنه خلال الفترة الحالية، تم التنسيق بين وزارة الزراعة والبنك المركزي، لتدبير العملات اللازمة، وتوفير كافة الخامات من الأعلاف للصناعة الحيوانية أو الداجنة أو الأسماك، ولا يوجد عجز في الخامات الآن، وأدى ذلك إلى تراجع أسعار الأعلاف بنسبة 40%.
وأضاف: أن الاهتمام بصناعة الأعلاف، يؤدي إلى توفير المنتجات بجودة عالية، ولدينا تكنولوجيا حديثة في صناعة الأعلاف، وذلك جعلنا متقدمين، ولدينا معمل مرجعي على مستوى العالم معروف، ويتم تحليل كافة الخامات، ولذلك لدينا أعلاف تحقق أعلى معدلات أداء طبقا للمواصفات القياسية.
وتابع: أن الاهتمام بصناعة الأعلاف محليا، يوفر أشياء مهمة، من بينها الجودة العالية في معدلات الإنتاج، وانخفاض أسعار كافة المنتجات.
من جانبه، قال أيمن قرة، عضو غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات: إنه عندما حدثت الأزمات العالمية في الدول، التي يتم استيراد الأعلاف منها، أدى ذلك لحدوث أزمة في الأعلاف، وأثر ذلك على صناعة الدواجن والبيض، ولكن الآن حدث نوع من الاستقرار.
وأشار قرة، إلى أن هذه المبادرة، تشجع صناعة الأعلاف، حيث يتم من خلالها استخدام منتجات محلية، بهدف تحفيز وتطوير هذه الصناعة محليًا لتقليل فاتورة الاستيراد، لوجود ميزات نسبية وتنافسية، إضافة إلى توفير فرص عمل وأيدٍ عاملة.
وأكد الدكتور سيد خضر، الخبير الاقتصادي، أن صناعة الأعلاف من الصناعات الاستراتيجية الهامة جدًا، وخصوصًا في الفترة الأخيرة، كانت هناك تقلبات شديدة في الأسعار، وبالتالي أثر ذلك على صناعة الدواجن، والثروة الحيوانية، وأدى ذلك إلى ارتفاع أسعار اللحوم.
وأشاد خضر بالمبادرة، قائلا: إن لها دورا إيجابيا في دعم تلك الصناعات وعودة صناعة الدواجن في القرى المصرية، لأن ارتفاع الأعلاف أدى إلى التخلي عن صناعتها.
وأضاف: أن إدراج صناعة الأعلاف ضمن مبادرة قطاع الصناعة بنسبة 15%، يؤدي إلى توسيع دائرة الاستثمار في هذا المجال، ويحقق التوازن، ويقلل فاتورة الاستيراد، لأنه تم استيراد كميات كبيرة من الأعلاف في شهر يناير الماضي، وإطلاق هذه المبادرة، يعتبر رؤية مصرية، لتشجيع الصناعة المحلية، لكي تعمل على تحقيق التوازن على مستوى الأسعار، وتؤدي إلى انخفاض الدواجن واللحوم بشكل كبير.
وأشار إلى ضرورة سرعة التنفيذ في إدراج صناعة الأعلاف، وأن تكون هناك الآليات والأدوات اللازمة، وتكون في مدة قصيرة الأجل، لأنها سلعة أساسية واستراتيجية، نحتاج إلى انخفاض أسعارها، في ظل زيادة استهلاكها، بالإضافة إلى استيراد نسبة كبيرة جدا من مستلزمات الإنتاج التي تدخل في صناعة الأعلاف.
وتابع: لدينا صناعة الأعلاف في مصر، ولكن لا توجد خامات الإنتاج، ويتم استيراد مستلزمات الصناعة من الخارج، التي من بينها الذرة، ولذلك يجب تقديم دعم كبير للفلاح للزراعة، وصناعة الأعلاف محليًا، حتى نصل إلى الاكتفاء الذاتي.
اقرأ أيضاًالوزير: إدراج صناعة الأعلاف ضمن مبادرة تمويل قطاع الصناعة بنسبة 15%
منظومة تجميع وتدوير قش الأرز في صناعة الأعلاف بمنطقتي شرق القناة وكفر الشيخ (صور)