« ديسمبر باقية وستنتصر».. حملة سودانية اسفيرية ضجت بها مواقع التواصل الاجتماعي
تاريخ النشر: 7th, October 2024 GMT
ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بوسوم تمجد ثورة ديمسبر، شارك الآلاف عن تغريدات ناقدة لمقطع فيديو يظهر فيه أحد عناصر تنظيم الإخوان الناشطين يطلق فيه تهديدات، متوعدا بقتل أي سوداني يطالب بالحكم المدني.
وأعاد الكم الهائل من “الوسوم” التي أطلقت خلال ساعات قليلة الأذهان للمسيرات المليونية التي كان ينظمها السودانيون أيام ثورة ديسمبر التي أطاحت في أبريل 2019 بحكم الإخوان الذي استمر ثلاثة عقود.
والأحد خرج أحد العناصر الإخوانية، مهددا السودانيين بالموت، لكنه اضطر تحت ضغط التغريدات الناقدة للمقطع المصور الذي بثه لنشر مقطع ثاني ينكر فيه تلك التهديدات.
وناقض العنصر الإخواني نفسه في التسجيل الجديد مدعيا أن كلامه في التسجيل الأول تعرض للتحريف، في حين أن العبارات فيه كانت واضحة بشكل جلي، وتضمنت تهديدات صريحة.
وقال العنصر الإخواني في تسجيله الأول إن “هذه الحرب مات وأسر فيها رجال تاني ما نسمع واحد يقول مدنية وفوضى فارغة (…) سنؤديه إلى الله بمعنى نقتله.
ووبالتزامن مع هذه الحملة الاسفيرية الرافضة لذلك المحتوى المصور، أصدرت مجموعات حقوقية وشعبية بيانات منددة، معتبرة أن تلك التهديدات تأتي في إطار حملة منظمة لتصفية الرافضين للحرب والداعمين للتحول المدني.
وجاءت الحملة الاسفيرية بعنوان “ديسمبر باقية وستنتصر”، كمناصرة لثورة ديسمبر التي أطاحت بحكم الرئيس المعزول عمر البشير.
وضجت منصات السوشيال ميديا باحتفالات تمجد الثورة، وتدعو للحكم المدني الديمقراطي، وطغى الوسم على أخبار الحرب دائرة في البلاد.
ودعت صفحات لجان المقاومة والناشطين والديسمبريين والثوار لتفعيل الحملة التي أصبحت شعاراتها ترند رائجاً وأغرقت الوسائط.
الثورة باقيةوتبارى الثوار في الاحتفال بديسمبر حيث كتب الثائر أحمد الننة على صفحته الشخصية على منصة “فيسبوك”: يخافون من ثورة ديسمبر المجيدة أكثر من خوفهم من الدعم السريع لذلك أقاموا الحرب للقضاء عليها.
وأضاف: الثورة باقية فينا روحا متى ما توقفت الحرب سوف نرجع إلى الشوارع بهتافاتنا الجميلة.
وجاءت الدعوة إلى الحملة بأكثر من وسم كان أشهرها (ثورة ديسمبر باقية، وستنتصر) وكذلك (ثوار أحرار حنكمل المشوار) و(أي كوز ندوسو دوس) بالإضافة إلى (العسكر للثكنات والجنجويد ينحل).
ودعا الثوار لتوحيد صورة البروفايل أو الملف الشخصي في كافة وسائل الاجتماعي وهو ما وجد استجابة سريعة وكبيرة.
من جهتها كتبت الصحفية داليا الطاهرة على فيسبوك “ثورة سلمية بصدور عارية حُصدت فيها أطهر الأرواح تَقلل منها أنت الذي تحتمي بالسلاح؟!
وتابعت: خرجنا لكم وأنتم مجتمعون بكل أجهزتكم القمعية ومليشياتكم فهل نتقهقر منها قيد أنملة وأنتم فرادى؟!
وأضافت: ثورة ضد المليشيات وضد الديكتاتورية وضد الشمولية لن تركع أو تنثني لكائن من كان يمضي في طريقها الجميع يسقط من لا يستطيع المسير، ويواصل صاحب المبدأ والقضية.
وختمت بقولها: ما “بيننا وبين الكيزان دم” ما بيننا وبينهم شهداء، ما بيننا وبينهم وضعهم للمتاريس أمام نهضة وطن.. وما الشكري إلا لمحة عُرضت لهدف، وفي لحظة جاك الرد، علمتم الآن من هم الديسمبريين؟ ننتظركم في جولات قادمة أياً كان شكلها فنحن لها.
وتحدثت عدد من المنشورات الأخرى الكثير عن أن الثوار لا يخضعون للتهديد وان شوكتهم لا تكسر بدليل استشهاد بعضهم في المواكب فداء للوطن والثورة.
وجاء الوسم الأكثر رواجا بعنوان (ستظل ثورة ديسمبر المجيدة خنجرا مسموما في خاصرة كل الطغاة.
وكتبت الثائرة بسمات جودو: افعلوا ما تؤمنون به، ولكن إياكم أن تمسوا ما نحن نؤمن به كثوار، ديسمبر المجيدة باقية، وستظل باقية ومنتصرة، رغم أنف وعنف الارزقية والطواغيت والحرامية وكل الكيزان.
وأضافت: واهم من ظن أن ثورة ديسمبر اندثرت.. ثورة ديسمبر “انتوا ما قدرها”، ديسمبر أقوى وما زالت تهدد عرشكم، موعدنا معكم بعد انتهاء الحرب سنرجع إلى الميدان إلى أن نأتي بمدنية كاملة.
الوسومإخوان السودان ثورة ديسمبر حرب الجيش و الدعم السريعالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: إخوان السودان ثورة ديسمبر حرب الجيش و الدعم السريع
إقرأ أيضاً:
استفتاء 19 ديسمبر .. جذوة الثورة ما تزال حية
بالأمس مرت ذكرى قيام ثورة ديسمبر المجيدة التي أنهت أسوأ فترة استبدادية في تاريخ البلاد. إنها الثورة التي قدم فيها شبابنا تضحيات عظيمة في فترة كالحة أذاقت السودانيين كل العذاب. فضلاً عن ذلك فإن ما سمي المشروع الحضاري أضاع أكثر من ثلاثة عقود من عمر الدولة، حيث شهدنا كيف أنه تم توظيف الإسلام كأداة تجارية ضد الإسلام نفسه. ولا نحتاج لتذكير الناس أن نسخة الإسلام السياسي السودانية ساهمت في فصل جنوب السودان عن شماله، وخلقت طبقة إسلاموية سيطرت وحدها على مفاتيح السياسة، والاقتصاد، ومنابر الثقافة والإعلام، والخدمة المدنية، والقطاع الخاص، وغيرها من مجالات العمل في السودان. كل هذه السيطرة الاستبدادية تعززت منذ عشريتها الأولى بقبضة أمنية أداتها تعذيب المعارضين، وإغلاق كل المنافذ أمامهم دون الحظر بحياة كريمة.
وقد أدى هذا الوضع إلى هجرة معظم العقول السودانية، وما بقيت في الداخل لُوحقت بالمضايقة المنتظمة حتى قبل لحظات من سقوط نظام الحركة الإسلامية. وأثناء هذا الوضع تفشت المحسوبية، والفساد، وشراء ذمم الناس الضعيفين حتى انهارت مهنية الخدمات، والأجهزة العسكرية، والأمنية. وكذلك أفرزت سياسة الإسلاميين الاغتيالات السياسية، والإبادة الجماعية في دارفور، وقصف الأبرياء بالبراميل الحارقة في مناطق النزاع. ولعل هذه الحرب الدائرة الآن أكبر دليل على انهيار مؤسسات الدولة، وتفريغها من فاعليتها. بل إن هذه الحرب لا تنفصل من تأثير سياسة الإسلاميين السالب على النسيج الاجتماعي في الدولة، إذ استعانت بالمليشيات وسيلة للدفاع عن فساد نخبة المؤتمر الوطني.
إن ما فعله الإسلاميون ما قبل مفاصلتهم، وبعدها، لا يمكن إجماله في هذا الحيز. ولكن المهم القول هو إن الحركة الإسلامية قدمت أسوأ نموذج للاستبداد السياسي في التاريخ الحديث. ولذلك كانت ثورة ديسمبر فرصة للسودانيين لإثبات جدارتهم في إلحاق الهزيمة بأنظمتهم الديكتاتورية التي كلها ذهبت إلى مزبلة التاريخ ليكسو العار وجوه الذين أسّسوا لذلك النظام السياسي الفاسد، والقمعي، والقبيح.
إن استهداف ثورة ديسمبر بدأ منذ نجاحها بتدبير من قيادات في المكون العسكري ربطت بينهم والإسلاميين علاقات خفية. ورغم ما أبداه البرهان، وياسر العطا، وكباشي، وحميدتي، من انحياز مرحلي للثورة إلا أن عرقلتهم لتطلعات رئيس الوزراء وطاقمه، والمؤسسات الأخرى التي شغلها كوادر تحالف الحرية والتغيير كان أمراً ظاهراً ما أدى إلى شل حركة حكومة الانتقال الديمقراطي. ذلك حتى استطاعوا إحداث الانقلاب العسكري في الخامس والعشرين من أكتوبر 2021 والذي أنهى المرحلة الانتقالية. ومع ذلك لم ينثن الثوار أمام الآلة القمعية للانقلابيين، وقدموا نضالات غاية في التضحية في سبيل إفشال مخطط تقويض الثورة. وهكذا عجز الانقلابيون في تنفيذ مخططهم الذي بدأ باسترداد الأموال، والأملاك، التي تحكمت فيها لجنة إزالة التمكين، وإعفاء السفراء الذين تم استرجاعهم للخدمة المدنية، وعودة الممارسات القمعية ضد الإعلاميين، وحظر نشاط الحركة الجماهيرية.
جاءت الحرب كخيار أخير للقضاء على ثورة ديسمبر بتوافق البرهان، وأركان حربه مع الإسلاميين بقيادة علي كرتي، وقد أتاح هذا المناخ الاستبدادي الجديد الفرصة للإسلامويين، ودواعشهم، للظهور علناً لدعم الجيش في حربه المقصودة أصلاً ضد الثورة. وبمرور الأيام كشفت أبواق الحرب عن مكنون مقاصدها في استهداف رموز، وأحزاب الثورة، ولجان المقاومة، عبر حملة إعلامية مسعورة تواصل النهار بالليل حتى تخلق رأياً عاماً مشوهاً في رؤيته للحرب، وسير مجرياتها.
وتواصلت أكاذيب، وتلفيقات إعلاميي النظام السابق، وبعض الانتهازيين الذين تم استخدامهم لتزوير الوقائع، وعكس صورة مخالفة للهزائم المستمرة التي مني بها الجيش وتحويلها لانتصار زائف.
ومع ذلك لم تنجح الحملات الإعلامية السافرة التي صرف لها الإسلاميون بسخاء من نزع حلم استئناف الثورة من مخيلة، وأفئدة، غالب الشعب السوداني، والذي ظل يأمل إيقاف الحرب لتنتهي المآسي الإنسانية التي خلفها المشروع الحربي لعودة الإسلاميين للحكم، ومن ثم يضطلع المدنيين بأمر الحكم المدني، ويكتمل الانتقال الديمقراطي لتحقيق شعار الثورة: حرية، سلام، وعدالة، وإعادة بناء ما دمرته الحرب.
لقد مرت الذكرى السادسة لاندلاع ثورة التاسع عشر من ديسمبر 2018، وقد شغلت كل منصات التواصل الاجتماعي، حيث سيطر النشطاء والكتاب الثوريون على منشورات هذا اليوم، مسترجعين ذكريات من النضال المشهدي ضد نظام الحركة الإسلامية، ومؤكدين إصرارهم على هزيمة مشروع إجهاض الثورة التي أتت لتقطع مع عهد التيه والضلال، ومعبرين عن رفضهم لاستمرار الحرب بوصفها وسيلة إنتحارية لقتل حلم السودانيين في عهد ديمقراطي، وإسترداد كامل النظام السابق، وتأديب الثوار. ولكن هيهات فثورة ديسمبر انبثقت لتبقى جذوتها حية مهما طال أمد التآمر ضدها.
suanajok@gmail.com