الخرطوم– بعد أكثر من 3 أشهر على فقدانه منطقة جبل موية الإستراتيجية في ولاية سنار بجنوب شرق السودان، أعلن الجيش السوداني مساء السبت، استعادته السيطرة على المنطقة من قوات الدعم السريع. كما التحم مع القوات في ولاية النيل الأبيض، مُنهيًا بذلك حصار الولايتين وفاتحًا الطريق لإعادة عاصمة سنار والزحف نحو ود مدني حاضرة ولاية الجزيرة، حسب تحليل خبراء عسكريين.



يأتي ذلك بعد معارك دامية استمرت أيامًا تحت إشراف عضو مجلس السيادة ونائب القائد العام للجيش شمس الدين كباشي، ضمن عملية عسكرية كبيرة انطلقت في الخرطوم في 26 سبتمبر/أيلول الماضي، قبل أن تتوسع لتشمل ولايتي سنار والجزيرة بجانب مواقع في ولايتي شمال وغرب دارفور، بمشاركة القوة المشتركة للحركات المسلحة، لاستعادة المناطق الخاضعة لسيطرة الدعم السريع.

وتعد منطقة جبل موية الواقعة على بعد 296 كيلومترا جنوبي الخرطوم، وعلى بعد 32 كيلومترا من مدينة سنار، واحدة من المناطق الإستراتيجية في الحرب الحالية، فهي تربط كلّا من ولايات سنار والنيل الأبيض والجزيرة والنيل الأزرق، وتنفتح نحو ولاية شمال كردفان وإقليم دارفور غربا.

فرح بالعودة
كانت قوات الدعم السريع قد سيطرت في 25 يونيو/حزيران الماضي على سلسلة جبال موية، قاطعة طرق الإمداد عن ولايات النيل الأبيض وكردفان ودارفور، كما حركت قوات من الجبل لاجتياح معظم مدن ولاية سنار بما فيها سنجة، عاصمة الولاية، ثم الدندر والدالي والمزموم وكركوج.

ومساء السبت، نشرت منصات تابعة للجيش السوداني مقاطع فيديو لضباط وجنود يحتفلون ويهنئون بعضهم بالانتصار، ويعلنون إعادة السيطرة على مناطق جبل موية بعد معارك ضارية مع قوات الدعم السريع، آخرها في مناطق مهلة والبليجاب وفنقوقة الجبل.

إعلان

وقال بيان مجلس السيادة إن شمس الدين كباشي، نائب قائد الجيش، أشرف على سير العمليات العسكرية بعدة محاور، "حتى التحمت قوات سنار بتماسيح النيل الأبيض، وفتح الطريق القومي سنار ــ ربك"، مما يعني فتح طرق الإمداد من موانئ شرق السودان بالبحر الأحمر إلى النيل الأبيض جنوبا، وإقليمي كردفان ودارفور غربا.

وتعهد كباشي بـ"مواصلة الزحف حتى تطهير آخر شبر من هذا البلد"، في إشارة لقوات الدعم السريع.

كما انتقل نائب قائد الجيش، اليوم الأحد، إلى مدينة المناقل في ولاية الجزيرة التي تسيطر عليها القوات السودانية، وقال مجلس السيادة في بيان له إن كباشي تلقى خلال زيارته تقريرا عن سير العمليات العسكرية بمحور ولاية الجزيرة بمشاركة مشرف عمليات ولاية النيل الأبيض حيدر علي الطريفي.

وقال حاكم ولاية الجزيرة، الطاهر إبراهيم، إن تحرير ود مدني والقضاء على قوات الدعم السريع في الولاية بات يلوح في الأفق، معتبرا استعادة جبل موية جسرا لإعادة قرى ومدن الولاية.
وشهدت أنحاء كثيرة من السودان احتفالات ومسيرات شعبية بالنضصر الذي حققه الجيش على قوات الدعم السريع في منطقة جبل موية، وكانت أكبر تلك التظاهرات في ولاية النيل الأبيض المتاخمة لمنطقة جبل موية.

من جهة أخرى، تحفظ 3 من منسوبي (أعضاء) قوات الدعم السريع على التعليق للجزيرة نت، عن مجرى العمليات العسكرية، وقالوا إن "حديثهم سيكون في الميدان لا في الإعلام".

جبل مويا الإعلام العسكري للجيش السوداني
يكتسب موقع جبل موية أهمية عسكرية لوقوعه في منطقة وسطى بين 3 ثكنات كبرى للجيش (الصحافة الأجنبية)
أهمية عسكرية
تتبع منطقة جبل موية إداريا لولاية سنار، وتقع إلى الشمال من الطريق الرئيسي الذي يربط ما بين الولاية والنيل الأبيض، والذي يبلغ طوله 98 كيلومترا، وعلى مسافة 24 كيلومترا غرب مدينة سنار، وعلى بعد 71 كيلومترا غرب مدينة ربك بالنيل الأبيض، كما أنها تحتوي على محطة قطار وخط السكك الحديدية الذي يربط بين سنار وكوستي بالنيل الأبيض.

وتبلغ مساحة المنطقة حوالي 12 كيلومترا مربعا، وتضم 9 قرى، وسميت بجبل موية لكثرة عيون المياه فوق الجبل. كما تعد منطقة تداخل جغرافي بين ولايات سنار والنيل الأبيض والجزيرة.

ويرى الخبير العسكري طه محمد إسماعيل، أن جبل موية يكتسب أهمية عسكرية لوقوعه في منطقة وسطى بين ثكنات الجيش الثلاث الكبرى: الفرقة "17- مشاة" في سنار، واللواء "265- قوات جوية" في سنار من جهة الشرق، والفرقة "18- مشاة" في كوستي من جهة الغرب.

وفي حديثه للجزيرة نت، يقول إسماعيل إن تحرير منطقة جبل موية يعني عزل قوات الدعم السريع المنتشرة في مدن سنجة والسوكي والدندر وأبو حجار. وأضاف أن هذا "التطور العسكري يضع الدعم السريع في "كماشة" الفرقة الرابعة للجيش بولاية النيل الأزرق شرقا والفرقة 17 سنار غربا، والفرقة الثانية شرقا والفرقة 18 بالنيل الأبيض جنوبا، حيث لا يوجد خيار أمام تلك القوات غير الهروب أو الاستسلام أمام متحركات الجيش بعد قطع خطوط إمدادها" وفقا للخبير.

أما الخبير الأمني والعسكري سالم عبد الله فيعتقد أن تحرير جبل موية له آثار عسكرية واقتصادية، فهو يعني انسياب حركة السلع التجارية من ميناء بورتسودان إلى النيل الأبيض بوسط البلاد، وإلى النيل الأزرق في جنوبها الشرقي، وغربا إلى ولايات كردفان ودارفور، مما سيؤدي إلى وفرة السلع وتراجع أسعارها التي تضاعفت بسبب الندرة.

وحسب حديث الخبير للجزيرة نت، فإن تقدم الجيش في مدن الخرطوم والقوات المشتركة في دارفور سيرفع الروح المعنوية للجيش، ويضع قوات الدعم السريع تحت الضغط، مما يدفعها لتنفيذ عمليات انتحارية وللاستماتة في الدفاع عن مواقعها بولايتي سنار والجزيرة.

المصدر : الجزيرة  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع منطقة جبل مویة ولایة الجزیرة النیل الأبیض ولایة النیل فی ولایة

إقرأ أيضاً:

جبل موية.. إرث حضاري يواجه تحديات الصراع المسلح في السودان

جبل موية (أو مويا)، منطقة أثرية تقع في الجزء الغربي من ولاية سنار في السودان، على بعد حوالي 250 كيلومترا جنوب شرق العاصمة الخرطوم. وتمتاز بتضاريسها الجبلية المكونة من مرتفعات صخرية وتلال جيرية.

وأظهرت الآثار المكتشفة في المنطقة أن البشر استوطنوها منذ آلاف السنين قبل الميلاد، إذ تم الكشف عن آثار تعود للعصر الحجري والإمبراطورية الكوشية، إضافة إلى مدافن تعود للألفية الثالثة قبل الميلاد.

وتشتهر المنطقة بإنتاج الذهب الذي اكتشف عام 1912، كما يعمل سكان المنطقة على إنتاج السمسم والدخن والحبوب الأخرى، إضافة إلى المشغولات اليدوية.

الموقع

تقع منطقة جبل موية في الجزء الغربي لولاية سنار، على بعد حوالي 250 كيلومترا جنوب شرق العاصمة السودانية الخرطوم، وتعد نقطة تلاق لطرق نحو النيل الأزرق جنوبا والنيل الأبيض غربا والجزيرة شمالا.

سبب التسمية

تقول بعض الروايات إن سبب تسمية المنطقة بجبل موية هو نسبة للماء الموجود بكثرة في العيون فوق الجبل، وهناك روايات أخرى تؤكد أن المنطقة أخذت اسمها من الملك مويا، وهو أحد الملوك الذين حكموها في فترة مملكة كوش السودانية.

منطقة جبل موية تشتهر بمراعيها وبتربية الماشية (مواقع التواصل الاجتماعي) الجغرافيا

تبلغ مساحة منطقة جبل موية حوالي 12 كيلومترا مربعا، وتتكون من مجموعة من القرى التي تقع بمحاذاة السلسلة الجبيلة من الجهة الشمالية.

وطبغرافية المنطقة عبارة عن كتلة صخرية تضم مرتفعات صخرية تتصل بتلال جيرية وبمجاري أودية نهرية في أسفل السهل، وتعد مصدرا للمياه الجوفية التي تتغذى باستمرار من نهري النيل الأبيض والأزرق.

ويبلغ متوسط ارتفاع المنطقة 1522 قدما عن مستوى سطح البحر، وفيها أراض زراعية خصبة، كما أن باطنها مليء بخام الذهب. وتوجد بها بعض المواقع والحفريات الأثرية التي لم تجد حظها من الاهتمام.

السكان

تتميز المنطقة بتنوعها القبلي، وتضم قرى عدة منها حلة عوض الكريم، وحلة أولاد أبو رزق، وحلة أبو حواء.

وتنصهر في المنطقة مجموعة من القبائل السودانية، منها الفونج والعمارنة والجوامعة والعركيين والجعليين والفور والزغاوة والفلاتة وغيرهم. ويعمل سكانها في الزراعة والرعي والتجارة والتنقيب التقليدي عن الذهب.

التاريخ

كشفت الآثار التاريخية عن ظهور البشر في جبل موية منذ آلاف السنين قبل الميلاد، وازدهرت في العصر الحجري إلى عهد الدولة المهدية، مرورا بإمبراطورية كوش القديمة ومملكة سنار الإسلامية، وقد عُرف ساكنوها القدماء بـ"العنوج"، وكانوا أشخاصا طوال القامة.

وشهدت المنطقة أولى المسوحات الأثرية عام 1911، وبدأت أولى عمليات التنقيب عن الذهب عام 1912 على يد المستكشف اليهودي الأميركي هنري ويلكم، غير أنها توقفت عقب وفاته لتعود مجددا بعد فترة من الزمن.

وقد كشفت عمليات التنقيب عن الذهب في منطقة جبل موية عن وجود أنشطة دفن بشري تعود للألفية الثالثة قبل الميلاد، كما عُثر على مدافن ذات مساحات واسعة تغطي ما يقارب 25 فدانا، وتعد من أكبر المدافن في شمال شرق أفريقيا.

ومن بين هذه الاكتشافات الأثرية أيضا مصنوعات يدوية مصرية وتمائم ومنحوتات آلهة وغيرها. وشهدت المنطقة عمليات تعد على المواقع الأثرية عبر الحفر غير الرسمي وتمدد عمليات البناء.

وقد وصلت بعض من هذه الآثار إلى متحف السودان القومي، وهي عبارة عن أوان خزفية وبرونزية وأدوات للزينة، يشبه الكثير منها الآثار التي عثر عليها في مناطق جبال النوبة.

كما كانت المنطقة حصنا لمملكة سنار الإسلامية (1504-1820)، وحتى عندما وصل جنود حاكم مصر محمد علي باشا لغزو المملكة، التي كانت تحت حكم الملك بادي السابع، رفض جيش سنار الاستسلام، مثلما فعل بادي السابع حينما سلم عاصمة مملكته مقابل الخروج الآمن.

وقد لجأ جيش سنار إلى جبل موية وظل يقاوم الغزاة ستة أعوام، حتى فشلوا في القضاء عليه رغم تفوقهم في العدة والعتاد، وقد فرض جنود مصر حصارا على الجيش الذي بلغ به الجوع في النهاية حد مقايضة جرة ذهب بالحبوب.

ما بعد الصراع المسلح 2023

شهد السودان صراعا مسلحا في 15 أبريل/نيسان 2023 بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، أدى إلى مقتل وإصابة الآلاف ونزوح الملايين. وقد نالت منطقة جبل موية التي تعد منطقة إستراتيجية عسكرية، نصيبها من هذا الصراع.

وعقب اشتباكات متواصلة بين الطرفين، أعلنت قوات الدعم السريع في 24 يونيو/حزيران 2024 سيطرتها على المنطقة الإستراتيجية الواقعة على امتداد الحدود بين ولايتي سنار والنيل الأبيض.

وقد سجل المركز العالمي لمسؤولية الحماية فرار عشرات الآلاف من الأشخاص من المنطقة إلى ولايات القضارف والنيل الأزرق والنيل الأبيض وكسلا شرقي السودان.

وبعد ثلاثة أشهر من سيطرت الدعم السريع على المنطقة، أعلن الجيش السوداني في 5 أكتوبر/تشرين الأول 2024 استعادته السيطرة على جبل موية بعد معارك استمرت عدة أيام.

الاقتصاد

يعد النشاط الزراعي في جبل موية من المدخلات الاقتصادية الهامة في المنطقة، إذ تشتهر بأنها من أكبر مناطق إنتاج السمسم في السودان، كما يزرع السكان الدخن وغيره من الحبوب.

ويربي سكان المنطقة أعدادا كبيرة من المواشي، منها الضأن والأبقار والماعز، إضافة إلى عملهم في الصناعات اليدوية، مثل صناعة أدوات الزراعة وأدوات قطع الأشجار والحصاد.

وتشتهر المنطقة بالتنقيب التقليدي عن الذهب، وقد أنشأ هنري ويلكم خط سكة حديدية داخل الجبل الذي يحتوي على مناجم ذهب ومغارات وكهوف أثرية.

مقالات مشابهة

  • اللواء محمد عبد المنعم: الجيش السوداني و«الدعم السريع» لا يمكنهما حسم المعركة
  • الكباشي يتفقد الجيش السوداني في محور جبل موية
  • جبل موية.. إرث حضاري يواجه تحديات الصراع المسلح في السودان
  • انتصارات الجيش في جبل موية: أهمية السيطرة على المنطقة
  • مكاسب إستراتيجية للجيش السوداني من استعادة جبل موية
  • الجيش السوداني يسترد جبل موية وعقار ينسحب من مؤتمر بجنوب أفريقيا
  • الجيش السوداني يسيطر على مواقع استراتيجية تربط شرق البلاد بغربها
  • لقاء الأبطال: مشاهد مؤثرة لحظة إلتقاء جيش سنار مع جيش النيل الأبيض
  • شاهد بالصور.. لماذا تحولت جسور الخرطوم إلى مفتاح للحسم العسكري بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع؟