«ملحمة النصر وحكاية شعب».. ضيوف «صالون الوطن» يتحدثون عن حرب أكتوبر المجيدة
تاريخ النشر: 7th, October 2024 GMT
تحت عنوان «ملحمة النصر وحكاية شعب»، استضاف صالون الوطن أبطالا استطاعوا أن يرسموا تاريخا جديدا لمصر المحروسة، بانتصار عظيم حققوه في 6 أكتوبر 1973، وجرى استعراض أبرز جوانب النصر المجيد ودورها في تغيير المفاهيم العسكرية والسياسية.
ملحمة النصر وحكاية شعبوشارك في الصالون نخبة من أبطال حرب أكتوبر والقادة العسكريين الذين شاركوا في تلك الملحمة التاريخية، وهم: اللواء طيار أركان حرب حسن راشد رئيس أركان القوات الجوية الأسبق، واللواء عادل العمدة المستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية.
كما استضاف الصالون الشيخ عبد الله جهامة رئيس جمعية مجاهدي سيناء وأحد رموز قبائل سيناء، والدكتورة ليلى عبد المولى إحدى المشاركات في حرب أكتوبر، والدكتور أحمد فؤاد أنور عضو المجلس المصري للشئون الخارجية والباحث في الشئون الإسرائيلية.
وافتتح الصالون اللواء طيار أركان حرب حسن راشد رئيس أركان القوات الجوية الأسبق، متحدثًا عن دور القوات الجوية في التخطيط العسكري للحرب، مشيرًا إلى أهمية الطلعات الجوية ودورها الحاسم في تحقيق النصر، وكيف كان التنسيق بين القوات الجوية والأسلحة الشاملة في الجيش لتحقيق التكامل والنصر.
كما تحدث اللواء عادل العمدة، المستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية، عن التخطيط الاستراتيجي الذي أحدث تحولًا كبيرًا في مجريات الحرب ونقل مصر من حالة النكسة إلى النصر، موضحًا كيف تلاحم الشعب المصري مع جيشه في تلك الفترة الحاسمة ودوره المساند والداعم للقوات في تلك الفترة المريرة، مؤكدًا أن الحرب غيرت الخريطة السياسية والعسكرية في المنطقة والعالم.
فيما سلط الشيخ عبد الله جهامة، رئيس جمعية مجاهدي سيناء، الضوء على الدور البارز لأبناء سيناء من الرجال والنساء في مساندة القوات المسلحة خلال الحرب، مشيرًا إلى دورهم المستمر في مواجهة الإرهاب وحماية سيناء من الأطماع الخارجية، وأنهم دائمًا كانوا حائط صد منيع ضد أي معتدٍ غاصب يحاول السيطرة على البلاد.
ومن جانبها، سلطت العميد ليلى عبد المولى، الأستاذة في الأكاديمية الطبية العسكرية وإحدى المشاركات في الحرب، الضوء على دور المرأة المصرية في حرب أكتوبر، خاصة في مجال التمريض والدعم الشعبي للجيش، وكيف استطاعت النساء المصريات أن يتحملن مشقة الحرب بل كانت في مقدمة الصفوف بما قدمته من أعمال.
فيما أوضح الدكتور أحمد فؤاد أنور، عضو المجلس المصري للشئون الخارجية والباحث في الشئون الإسرائيلية، كيف أثرت حرب أكتوبر على الداخل الإسرائيلي؟ وكيف أحدث النصر المجيد صدمة في الوسط الإسرائيلي بين أبناء صهيون؟ مع الإشارة إلى دور الحرب في تغيير مفاهيم العدو المحتل تجاه دول المنطقة.
جاءت هذه الندوة في إطار احتفالات صالون الوطن بذكرى 51 عامًا على انتصار أكتوبر المجيد، وتأكيدًا على أهمية توثيق هذه المرحلة التاريخية التي جسدت وحدة الشعب المصري وجيشه في تحقيق النصر واسترداد الكرامة.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: صالون الوطن حرب أكتوبر أكتوبر نصر أكتوبر أبطال أكتوبر القوات الجویة حرب أکتوبر
إقرأ أيضاً:
???? عبد الرحمن عمسيب ، الرائدُ الذي لا يكذبُ أهلَه
???? عبد الرحمن عمسيب ، الرائدُ الذي لا يكذبُ أهلَه
( عميد التَنوير ، نِحرِير النبوءاتِ العَتيقة )
في أعمق لحظاتي مع نفسي صدقاً ، لا أراني أعظَمُ مَيلاً للحديث عن الشخصيات، إن تكرَّمَت وأسعفَتني الذاكرة ، فقد كتبتُ قبل عن فيلسوفِ الغناء مصطفى سيد أحمد ، والموسيقار الكابلي ، والمشير البشير ، وشاعر افريقيا الثائر ؛ الفيتوري .
لا أجدُني مضطراً لمدح الرّجال ، ولكنها إحدى لحظات الإنصاف ، ومن حسن أخلاق الرجال أن ينصفوا أعداءهم، دعك من أبناء جلدتهم ونبلائها ، والرجلُ ليس من قومنا فحسب، بل هو شريف قوم وخادمهم ، خطابه الجَسور يهبط حاملاً “خطاب” ابن يعمر الإيادي لقومه ، وخطبة درويش “الهندي الأحمر” ، و”بائية” أبي تمّام ، وتراجيديا الفيتوري في “التراب المقدّس” ..
عبد الرحمن ، لم يكن حالة مثقفٍ عادي ، “عمسيب” مثالٌ للمثقف العضوي قويّ الشَّكِيمَة ، العاملِ علَى المقاومة والتغيير والتحذير ، المحاربِ في ميادين التفاهة والتغييب والتخدير ، المتمرّد على طبقته ، رائد التنوير في قومه ، ظلّ يؤسس معرفياً وبأفقٍ عَالمٍ لنظرية اجتماعية ، نظرية ربما لم تُطرح في السوح الثقافية والاجتماعية من قبل ، أو لربما نوقشت على استحياء في همهمات أحاديث المدينة أو طُرحَت في ظلام الخرطوم عَهداً ثم غابت . هذا الرجل امتلك من الجسارة والثقافة العميقة بتفاصيل الأشياء وخباياها ، ما جعله يُقدم على تحطيم الأصنام السياسية والثوابت الاجتماعية وينفض الغبارَ عن المسكوت عنه في الثقافة والاجتماع والسياسة.
عمسيب قدم نظريةً للتحليل الاجتماعي والسياسي ، يمكن تسميتها بنظرية ( عوامل الاجتماع السياسي) أو نظرية ( النهر والبحر) في الحالة السودانية ، فحواها أن الاجتماع البشري يقوم على أسس راسخة وليس على أحداث عابرة . فالاجتماع البشري ظلّ منذ القدم حول ( القبيلة Tribe ) ثم ( القوم Nation ) ثم ( الوطن Home) ثم ( الدولة country) . هذا التسلسل ليس اجتماعيٌ فحسب، بل تاريخيٌ أيضاً ، أي أن مراحل التحَولات العظيمة في بِنية المجتمعات لا يصح أن تقفز فوق الحقب الاجتماعية ( حرق المراحل).. فالمجتمعات القَبَلية لا يمكنها انتاج (دولة) ما لم تتحول إلى (قومية) ، ثم تُنتج (وطن) الذي يسع عدد من القوميات ، ثم (دولة) التي تخضع لها هذه القوميات على الوطن ، مع تعاقد هذه القوميات اجتماعيا على مبادئَ مشتركة، وقيمٍ مضافة ، كالأمن والتبادل الاقتصادي وادارة الموارد ، والحريات الثقافية ونظام الحكم .
هذه النظرية تشير إلى أن الاجتماع السياسي في السودان ظل في مساره الطبيعي لمراحل التسلسل التاريخي للمجتمعات والكيانات ، إلى أن جاءت لحظة ( الاستعمار) Colonization . ما فعله الاستعمار حقيقة ، أنه وبدون وعي كامل منه ، حرق هذه المراحل – قسراً – وحوّل مجتمعات ما قبل الدولة ( مجتمعات ما قبل رأسمالية) إلى مجتمعات تخضع للدولة.
فالمجتمعات التي كانت في مرحلة ( القبيلة) او تلكَ في مرحلة( القومية) قام بتحطيم بنيتها وتمحوراتها الطبيعيه وتحويلها إلى النموذج الرأسمالي الغربي ، خضوع قسري لمؤسسات الدولة الحديثة، مجتمع ما بعد استعماري ، تفتيت لمفاهيم الولاءات القديمة الراسخة ، بل وتغييرها إلى نظم شبه ديموقراطية، وهذا بالطبع لم يفلح، فبعد أن حطّم المستعمر ممالك الشايقية ودولة سنار ومشيخات العرب بكردفان ومملكة الفور ، وضم كل ذلك النسق الاجتماعي ( القبلي / القومي) إلى نسق الوطن/ الدولة.. أنتج ذلك نخب وجماعات سياسية ( ما بعد كولونيالية ) تعيش داخل الدولة ، لكنها تدير الدولة باللاوعي الجمعي المتشبّع بالأنساق التقليدية ( القبيلة / الطائفة / القومية) ، أي مراحل ماقبل الوطن والدولة.
ما نتج عن كل هذه العواصف السياسية والاجتماعية ، والاضطرابات الثقافية، أن هذه المجتمعات والقوميات التي وجدت نفسها فجأة مع بعضها في نسق جديد غير معتاد يسمى ( الدولة) ، وأقصدة بعبارة ( وجدت نفسها فجأة) أي أن هذا الاجتماعي البشري في الاطار السياسي لم يتأتَ عبر التمرحلات الطبيعيه الانسانية المتدرجة للمجتمعات، لذا برزت العوامل النفسية والتباينات الثقافية الحادة ، الشيئ الذي جعل الحرب تبدأ في السودان بتمرد 1955 حتى قبل اعلان استقلاله . ذات الحرب وعواملها الموضوعيه ومآلاتها هي ذات الحرب التي انطلقت في 2002 ثم الحرب الأعظم في تاريخنا 2023 .
أمر آخر شديد الأهمية، أن دكتور عبد الرحمن ألقى حجرا في بركة ساكنة، وطرق أمراً من المسكوت عنه ، وهو ظاهرة الهجرات الواسعة لقوميات وسط وغرب افريقيا عبر السبعين عاما الماضية ( على الأقل) , فظاهرة اللجوء والهجرات الكبيرة لقبائل كاملة من مواطنها لأسباب التصحر وموجات الجفاف التي ضربت السهل الافريقي، ألقت بملايين البشر داخل جغرافيا السودان، مما يعني بالضرورة المزيد من المنافسة العنيفة على الأرض والموارد وبالتالي اشتداد الحروب والصراعات بالغة العنف، وانتقال هذا التهديد الاستراتيجي إلى مناطق ومجتمعات وسط وشمال السودان ( السودان النّهري)
اذن ، سادتي ، فنظرية (الاجتماع السياسي ، جدلية الهوية والتاريخ ) هذه تؤسس لطرائق موضوعيه ( غير منحازة) لتفسير الظواهر الاجتماعية والثقافية وجدليات الحرب والسلام ، وتوضّح أسباب ظاهرة تعدد الجيوش والميليشيات القبلية والمناطقية والخطابات المؤسسة ديموغرافياً ، وما ينسجم معها من تراكمات تاريخيه وتصدّعات اجتماعية عميقة في وجدان تلك الجماعات العازية .. التوصيات البديهية لهذا الخطاب ، أن الحلّ الجذري لإشكاليات الصراع في السودان هو بحلّ جذور أزمة الهوية، والهوية نفسها لم تكن ( أزمة) قبل لحظة الاستعمار الأولى ، بالتالي تأسيس كيانات جديدة حقيقية تعبّر عن هويات أصحابها والعقد الاجتماعي المنعقد بين مجتمعاتها وقومياتها .
النظرية التي أطلق تأسيسها دكتور عبد الرحمن، لم تطرح فقط الأسئلة الحرجة ، بل قدمت الإجابات الجسورة وطرقت بجراءة الأبواب المرعبة في سوح الثقافة والاجتماع والسياسة في السودان.
Mujtabā Lāzim
إنضم لقناة النيلين على واتساب