افتتاح "معهد بيت الزبير للثقافة والمعارف" لتعزيز الإبداع والتبادل الثقافي
تاريخ النشر: 7th, October 2024 GMT
مسقط- الرؤية
افتتحت مؤسسة بيت الزبير، الإثنين، معهد بيت الزبير للثقافة والمعارف في مسقط ليكون نافذة لتعزيز الإبداع والتبادل الثقافي وتشجيع التعليم المُستمر، إذ يسعى من خلال برامجه إلى تمكين المتعلم والباحث من الأدوات المعرفية التي تؤهله لفهمٍ أفضل وتعزز قدراته ومهاراته.
تتمثل مُهمة معهد بيت الزبير للثقافة والمعارف في إنشاء مجتمع نابض بالحياة يضم محبي التعلم من عشاق اللغات والثقافات والفنون، حيث سيُوفر المعهد بيئة محفزة للأفراد من جميع الأعمار ومختلف المستويات لاستكشاف مواهبهم الفنية وتنمية شغفهم باللغات والثقافة، كما سيقدم المعهد دورات متعددة من بينها دورات في اللغة العربية لغير الناطقين بها، ودورات عن الهوية والثقافة العمانيتين في اتصالهما بالحياة اليومية، إضافة لبرامج في الفنون والموسيقى والتدريب الثقافي، والتطوير المهنيّ للعاملين بمجالات التعليم والفنون والثقافة التي سيُعلن عنها في الموقع الإلكتروني الخاص بالمعهد قريبًا .
وقالت الدكتورة منى حبراس مدير عام مؤسسة بيت الزبير: "يشكل افتتاح معهد بيت الزبير للثقافة والمعارف تدشينا للقطاع الرابع الذي سترعاه المؤسسة إلى جوار قطاعات التراث والثقافة والفنون، ألا وهو قطاع التعليم والتدريب، وقد سعت المؤسسة خلال السنوات الماضية إلى تحقيق هذه الرؤية الرامية إلى تأسيس كيان ثقافي يعنى بتقديم الثقافة والتراث العمانيين بثرائهما وتنوعهما للمواطن والمقيم على حد سواء عبر سلسلة من البرامج الرصينة والجادة، كما تتيح للسائح وجبة من الثقافة والتراث والعادات العمانية التي ستُعطي معنى إضافيا إلى جانب الجولات السياحية في ربوع عمان الحبيبة، وسيشكل المعهد نافذة واسعة لهذه الأطياف مجتمعة ومن مختلف الأعمار، لا سيما في ظل التواصل القائم مع المؤسسات الثقافية النظيرة عربيا وعالميا لمد جسور الشراكة وتبادل الخبرات".
وأوضح فراس بن عبدالله التوبي مدير المعهد، أن المعهد يعد خطوة طموحة نحو ما بات يعرف بالصناعات الإبداعية، وضرورة تحويل الثقافة إلى مادة قابلة للتداول والتعليم والتطوير، مبينا: "ما سنفعله في معهد بيت الزبير للثقافة والمعارف، هو تحويل الأفكار والتصورات إلى برامج قابلة للقياس وإحداث الأثر".
وعن المعهد، قال الدكتور ثروت مرسي المنسق الأكاديمي للمعهد: "يستهدف المعهد تكوين الكفاءات العمانيّة وتدريبها لضمان رفاهها وسلامها الذّاتيّ أوّلًا، وقدرتها على الانخراط في سوق العمل ومواجهة تحدياته بكفاءة تسهم في تنمية المجتمع واتّزانه ثانيًا، ولا يغفل المعهد تقديم نشاطات مختلفة تتناول جوانب الثّقافة والفنون للكبار والصّغار لتعزيز الهويّة، وإشباع الرّوح، ودعم المواهب، وتقديم الثّقافة العمانيّة إلى الأجانب، بصورة علميّة مخطّط لها بدقّة وإحكام".
وفي تعاون فريد من نوعه، عقد معهد بيت الزبير للثقافة والمعارف أولى اتفاقيات الشراكة وذلك مع مؤسسة دانتي أليغييري ممثلة في المعهد التابع لها لتقديم دورات شاملة في اللغة الإيطالية يُدرّسها متحدثوها الأصليون، وفي إطار الاحتفال بالنسخة الرابعة والعشرين لأسبوع اللغة الإيطالية في العالم، سيشهد بيت الزبير أمسية موسيقية عمانية إيطالية مميزة بالتعاون مع السفارة الإيطالية في سلطنة عمان.
وذكر أليساندرو ماسي الأمين العام لمؤسسة دانتي أليغييري: "بفضل شراكة استراتيجية مهمة مع معهد بيت الزبير للثقافة والمعارف، نحتفي اليوم بوصول اللغة الإيطالية إلى سلطنة عمان، وحيث إن المؤسسة تسعى جاهدة لنشر اللغة الإيطالية في البلدان العربية فإن إتاحة تدريس الإيطالية في مسقط يعد إنجازًا كبيرًا، وفي عالم متعدد الثقافات فإن دورنا يتمثل في دعم الحوار بينها بما يحقق الإثراء المتبادل والمنفعة المشتركة".
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مفتاح البقاء في عالم مُتغير
د. أحمد بن موسى البلوشي
الابتكار، ذلك المفهوم السحري الذي يحمل في طياته مفاتيح التقدم والتطور، وهو ليس مجرد فكرة عابرة أو ومضة إبداعية أو كلمة نتداولها، بل هو عملية مستمرة ومنهجية تهدف إلى تحويل الأفكار الجديدة إلى واقع ملموس يحقق قيمة مضافة، وفي عالم يتسارع فيه التقدم وتتغير فيه المعطيات بشكل مستمر، لم يعد الابتكار خيارًا ترفيًّا، بل أصبح ضرورة حتمية لمواكبة التغيرات المتسارعة في مختلف جوانب الحياة، وهو لا يقتصر على مجال معين، بل يشمل جميع جوانب الحياة ومجالاتها؛ فأغلب الدول والمؤسسات التي تتبنى الابتكار وتستثمر فيه تتمتع بميزة تنافسية، وتحقق نموًا اقتصاديًا مستدامًا، والأفراد الذين لا يسعون إلى تطوير أفكار جديدة لحياتهم وتعاملاتهم وحلول مبتكرة للتحديات التي يواجهونها، يواجهون خطر التخلف عن الركب أمام موجة التقدم.
لطالما كان الابتكار محركًا رئيسيًا للنجاح، فالتاريخ يشهد أن الحضارات التي تفوقت كانت تلك التي احتضنت الإبداع وسعت إلى التطوير المستمر، والتفكير خارج الصندوق، والأهم من ذلك، يتطلب الابتكار ثقافة مجتمعية تقدر الإبداع وتحترمه. اليوم، نرى كيف أن الدول التي تستثمر في البحث والتطوير تحقق تقدمًا اقتصاديًا واجتماعيًا ملحوظًا، في حين تتراجع الدول التي تفتقر إلى بيئة مشجعة للابتكار.
الابتكار يتجلى في صور وأشكال متعددة، فقد يكون ابتكارًا في المنتجات أو الخدمات، أو ابتكارًا في العمليات والأساليب، أو حتى ابتكارًا في نماذج الأعمال، أو حتى في أساليب العيش والحياة، والهدف الأساسي منه هو إيجاد حلول جديدة ومبتكرة للتحديات، وتحسين جودة الحياة، وتحقيق النمو المستدام. فمثلًا الشركات التي تقاعست عن التطوير والابتكار لما وصل له العالم من تقدم خرجت من السوق، مثل ما حدث مع شركة "نوكيا" و"كوداك"، والأمر لا يقتصر على الشركات فقط، فحتى الدول التي لا تستثمر في الابتكار تجد نفسها تعاني من تراجع اقتصادي وتدهور في مستويات المعيشة، وكذلك الإنسان إذا لم يجد طرقاً مبتكرة لطريقة حياته يصبح أسيرًا للروتين والتكرار، ويفقد شغفه بالحياة. الابتكار في طريقة العيش لا يعني فقط الإبداع في العمل أو المشاريع، بل يشمل أسلوب التفكير، والتعامل مع التحديات، وحتى العادات اليومية. كلما اكتشف الإنسان طرقًا جديدة للنظر إلى الأشياء، زادت قدرته على التطور والتأقلم، مما يجعل حياته أكثر متعة ومعنى.
ويُعد ترسيخ ثقافة الابتكار أمرًا بالغ الأهمية لضمان التطور المستدام، ويمكن تحقيق ذلك من خلال تشجيع البحث والتطوير عبر توفير بيئات محفزة تدعم الإبداع على مستوى الأفراد والمؤسسات، إلى جانب تعزيز التعليم القائم على الإبداع بحيث يركز على تنمية مهارات التفكير النقدي وحل المشكلات. كما أن دعم رواد الأعمال والمبتكرين من خلال تقديم التسهيلات والتمويلات للمشاريع الناشئة يعد عنصرًا أساسيًا في بناء بيئة ابتكارية ناجحة. وأخيرًا، فإن تبني المرونة والاستعداد للتكيف مع المتغيرات يُعد ضروريًا لضمان القدرة على التطور والاستمرار في عالم سريع التغير.
إنَّ الاختيار بين الابتكار والاندثار ليس مجرد قرار؛ بل هو مسار يحدد مستقبل الأفراد والمجتمعات، وفي عالم اليوم، من لا يبتكر، يندثر. لذا، لا بُد أن يكون الابتكار ثقافة ونهج حياة، لضمان الاستمرارية والتقدم.