بعد تغلبه على منافسيه : قيس سعيّد يتجه نحو فوز كبير بولاية رئاسية ثانية
تاريخ النشر: 7th, October 2024 GMT
تونس - يتجه الرئيس التونسي قيس سعيّد نحو الفوز بولاية ثانية، بحسب استطلاع للرأي وفي انتظار النتائج الرسمية الاثنين التي من شأنها أن تؤكد تقدمه الواسع بالرغم من تسجيل أدنى نسبة إقبال على الانتخابات الرئاسية منذ ثورة 2011.
وستعلن هيئة الانتخابات في حدود الساعة السابعة مساء (18,00 ت غ) النتائج الرسمية الأولية للسباق الرئاسي.
وبحسب استطلاع أجرته مؤسسة "سيغما كونساي" الخاصة وبثه التلفزيون الحكومي، تقدم سعيّد البالغ 66 عاما ب89,2% على العياشي زمال المسجون والذي حصل على 6,9% فقط من الأصوات، والنائب السابق زهير المغزاوي الذي حصد 3,9% من الأصوات.
وأعلنت هيئة الانتخابات مساء الأحد أن نسبة المشاركة بلغت 27,7%، مقابل 45% في الجولة الأولى من انتخابات العام 2019. وهذا أدنى معدل مشاركة في الانتخابات الرئاسية منذ ثورة العام 2011 في الدولة التي اعتبرت مهد ما سمي "الربيع العربي".
وشارك في الانتخابات 65% من المسجلين (9,7 مليون ناخب) من الفئة العمرية بين 36 و60 عاما، بينما قاطعتها فئة الشباب بين 16 و36 عاما ولم يشارك سوى 6% والتي كان لها الفضل في فوز سعيّد في العام 2019.
وبالفعل لاحظ مراسلو فرانس برس أن عددا كبيرا من المقترعين الأحد في عدد من مراكز الاقتراع في العاصمة من الكهول والشيوخ الذين يمثلون نحو نصف الناخبين.
وتنافس سعيّد (66 عاما) مع النائب السابق زهير المغزاوي (59 عاما)، والمهندس ورجل الأعمال العياشي زمال (47 عاما) الذي يستثمر في المجال الزراعي والمسجون لأكثر من 14 عاما بتهم "تزوير" تزكيات شعبية ضرورية للترشح للانتخابات.
- "استكمال الثورة" -
وأكد رئيس الهيئة الانتخابية فاروق بوعسكر في مؤتمر صحافي الأحد "سنأخذ بعين الاعتبار الأحكام القضائية النهائية لمترشح عند النظر في النتائج" في أشارة إلى امكانية اسقاط أصوات الزمال في عدد من المحافظات التي يلاحق فيها قضائيا.
واثر نشر نتائج الاستطلاع خرج المئات من أنصاره للاحتفال في شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة وهتفوا ورددوا "الشعب يريد قيس سعيّد من جديد".
وإلتحق بهم سعيّد وسط الشارع رافعا علم بلاده مؤكدا في تصريحات "اليوم ما تعيشه تونس هو استكمال للثورة وسنواصل ونشيد ونطهّر البلاد من المفسدين والمتآمرين".
وتابع "تونس ستبقى حرّة مستقلة أبد الدهر ولن تقبل بالتدخل الخارجي".
في تعليقه على نتائج الاستطلاع، اعتبر المحلل السياسي حاتم النفطي في تصريح لفرانس برس أن "شرعية الانتخابات مشوهة بعد أن تم استبعاد المرشحين البارزين".
وتابع النفطي "تعد هذه المشاركة الأسوأ منذ عام 2011. وبافتراض صحة النتائج، فهذا يعني أن سعيّد حافظ على نفس حجم القاعدة الانتخابية" منذ العام 2019.
ورأى الخبير في الشأن المغاربي الفرنسي بيار فيرميرين أنه حتى لو كانت "الشرعية الديموقراطية" لهذه الانتخابات "ضعيفة" مع تواضع نسبة المشاركة، فإن "تونس لديها رئيس وأغلبية التونسيين سمحوا بذلك".
انتخب منير (65 عاما) سعيّد ويبين لفرانس برس الاثنين بينما كان متواجدا في شارع الحبيب بورقيبة، أن المطلوب اليوم من الرئيس الاهتمام بملفات مهمّة مثل "المعيشة والتعليم والصحة وبالأخص الأمن".
لا يزال سعيّد الذي انتُخب بما يقرب من 73% من الأصوات وبنسبة مشاركة بلغت 58% في الجولة الثانية في العام 2019، يتمتّع بشعبية كبيرة لدى التونسيين حتى بعد قراره احتكار السلطات وحلّ البرلمان وتغيير الدستور بين عامي 2021 و2022.
بعد خمس سنوات من الحكم، يتعرّض سعيّد لانتقادات شديدة من معارضين ومن منظمات المجتمع المدني، لأنه كرّس الكثير من الجهد والوقت لتصفية الحسابات مع خصومه، وخصوصا حزب النهضة الإسلامي المحافظ الذي هيمن على الحياة السياسية خلال السنوات العشر من التحوّل الديموقراطي عقب الإطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي في العام 2011.
وتندّد المعارضة التي يقبع أبرز زعمائها في السجن ومنظمات غير حكومية تونسية وأجنبية، بـ"الانجراف السلطوي" من خلال الرقابة على القضاء والصحافة والتضييق على منظمات المجتمع المدني واعتقال نقابيين وناشطين وإعلاميين.
وتعرّضت عملية قبول ملفات المرشحين من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لانتقادات شديدة وصلت الى اتهامها بالانحياز الكامل لسعيّد حين رفضت قرارا قضائيا بإعادة قبول مرشحين معارضين بارزين.
وتشير إحصاءات منظمة "هيومن رايتس ووتش" إلى أن "أكثر من 170 شخصا هم بالفعل محتجزون لدوافع سياسية او لممارسة الحقوق الأساسية" في تونس.
ويلفت النفطي إلى امكانية حصول مزيد من القيود من قبل السلطة بعد "تتويج سعيّد" الذي رفع شعاراته المفضلة الأحد وقال بنبرة صوت عالية "سنطهر البلاد من الفاسدين والمفسدين".
Your browser does not support the video tag.المصدر: شبكة الأمة برس
كلمات دلالية: العام 2019
إقرأ أيضاً:
لم يعودوا موجودين : سوريون يعودون بغصّة البحث عن أحباء مفقودين
دمشق - لطالما حلمت وفا مصطفى باليوم الذي سيسقط فيه حكم بشار الأسد لتتمكن من العودة إلى سوريا، لكن فرحة عودتها كانت ناقصة بسبب غياب والدها الذي تبحث عنه منذ اعتقاله عام 2013.
وتقول مصطفى (35 عاما) التي تعيش في برلين "منذ 8 كانون الأول/ديسمبر (يوم سقوط حكم الأسد) لم أشعر بالفرحة"، مضيفة "كنت أتخيل أنني حين سأصل إلى سوريا، كل شيء سيكون أفضل، لكن الحقيقة أن كل شيء مؤلم جدا" هنا.
منذ عودتها إلى سوريا بعيد سقوط النظام، تتنقل مصطفى بين أجهزة الأمن والسجون والمشارح والمستشفيات، على غرار كثر ما زالوا يبحثون عن أي أثر لأحبائهم المفقودين.
وتتابع مصطفى التي تعمل مسؤولة عن التواصل في منظمة "سيريا كامبين" غير الحكومية إنها ترى "التعب على وجوه الناس" في الشارع.
في العام 2021، دعيت وفا إلى الأمم المتحدّة لتقدّم شهادتها في قضية عشرات الآلاف من المفقودين الذي يشكّل مصيرهم أحد أبرز وجوه المأساة السورية بعد أكثر من 13 عاما من نزاع مدمر تسبب بمقتل أكثر من نصف مليون شخص.
وتم تحرير الآلاف من السجون بعدما أطاحت هيئة تحرير الشام وفصائل متحالفة معها بحكم الأسد، لكن العديد من السوريين ما زالوا يبحثون عن إجابات بشأن مصير أبنائهم.
بعد عودتها إلى سوريا، دخلت مصطفى إلى الفرع 215 التابع للأمن العسكري في دمشق حيث اعتقلت بعد مشاركتها في التظاهرات المناهضة للأسد في العام 2011، وعثرت هناك على وثائق تذكر اسم والدها.
وتقول المرأة التي قررت استكمال عملها من سوريا لتواصل البحث عن والدها "نملك على الأقلّ طرف خيط قد نتمكن من استكمال البحث عنه"، مضيفة "نريد الحقيقة".
وتكمل مصطفى "أحلم بقبر، أحلم بمكان أستطيع أن أكلم والدي من خلاله. باتت القبور أكبر أحلامنا".
-"ألم"-
كان يوسف السماوي (29 عاما) إلى جانب وفا مصطفى خلال تظاهرة في دمشق لأهالي المفقودين. وعلى غرار مصطفى، عاد من ألمانيا بعد 12 عاما من الهجرة، وكان وقع غياب أحبائه الذين قتلوا على يد النظام، قاسيا جدا.
ويقول الشاب "عندما عدت، أدركت لأول مرة أنهم غير موجودين بعد اليوم"، مضيفا "فهمت أن أهلي تعوّدوا على غيابهم، لكن أنا لا".
ويروي السماوي أنه غادر سوريا خلال فترة النزاع بعدما أوقف ابن عمه وضرب على يد عناصر الأمن في العام 2012.
أما عمّه الذي ذهب إلى المستشفى بهدف زيارة ابنه، اعتقل على يد قوات الأمن أيضا، قبل أن يعدم لاحقا.
ولم يعلم السماوي إلا بعد لجوئه إلى ألمانيا بوفاة ابن عمه الذي قُتل عقب نقله إلى جهاز المخابرات الجوية.
وتعرّف عليه لاحقا بالصور التي عرفت باسم صور "قيصر" التي التقطت بين 2011 و2013 موثقة التعذيب والقتل في سجون النظام، وسرّبت للخارج.
ويقول الشاب "نطالب أن يتم تحقيق العدالة لهم لكي تخفّ معاناتنا".
-حذر-
وفي حين أتاح سقوط حكم بشار الأسد للعديد من السوريين العودة إلى بلدهم والبحث عن أحبائهم بعد سنوات من الفراق، لكن آخرين لم يملكوا هذه الفرصة.
لا تملك فدوى محمود (70 عاما) أي خبر عن زوجها عبد العزيز الخير، الشيوعي والمعارض البارز للنظام، وابنهما، اللذين خطفا في عام 2012 أثناء عودتهما من المطار. وفي عام 2013، اضطرت هي نفسها للفرار إلى ألمانيا.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، لقي أكثر من 100 ألف شخص حتفهم في السجون ومراكز الاعتقال السورية منذ بدء النزاع في العام 2011، بينما يقدّر عدد المفقودين بالآلاف.
تقول المرأة التي شاركت بتأسيس جمعية "عائلات من أجل الحرية"، وهي منظمة للدفاع عن حقوق الإنسان مقرها نيويورك، إنها لا تجرؤ على العودة بعد، لأسباب تتعلق بوضعها القانوني كلاجئة، وكذلك أسباب سياسية، مع وصول الإسلاميين إلى السلطة.
وتضيف في حديث لفرانس برس عبر الهاتف من ألمانيا حيث تقطن الآن "لا أحد يعرف ما قد يحصل، لذلك أفضّل أن أكون حذرة".
وتعتبر محمود أن "السلطات الجديدة لم تأخذ الملف على محمل الجد بعد" على الرغم من تعهّدها تحقيق العدالة للمعتقلين السابقين والمفقودين في سجون الأسد.
وترى محمود أن قائد الإدارة السورية الجديد أحمد "الشرع لم يفعل شيئا بعد للسوريين المفقودين، على الرغم من أنه بالأمس، قابل والدة أوستن تايس بعد ساعتين" من وصولها إلى دمشق، في إشارة إلى الصحافي الأميركي المفقود منذ العام 2012 في سوريا.
وتقول إن الشرع لم يستجب لطلبات أقرباء مفقودين سوريين بلقائه. ورغم الألم، إلا أنها تؤكد أن "الثورة ما كانت لتنجح لولا تضحيات معتقلينا".
Your browser does not support the video tag.