لماذا الآن؟.. دول أفريقية ترفض نشر مصر قوات في الصومال
تاريخ النشر: 7th, October 2024 GMT
لا تزال تداعيات الخطوة المصرية بإرسال أسلحة إلى الصومال مستمرة، إذ نشرت تقارير إخبارية، هذا الأسبوع، أنباء عن دول أفريقية أي تواجد مصري في الدولة الواقعة في القرن الأفريقي، وتساءلت عن الهدف المصري الآن.
وقال موقع "ذي إيست أفريكا" الكيني وموقع غاروي أونلاين الصومالي إن دول مساهمة بقوات في بعثة حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي في الصومال تشعر بالقلق إزاء النفوذ المتزايد لحليف الصومال الجديد، مصر.
ويتوقع أن تنشر مصر قوات ضمن قوات حفظ سلام أفريقية جديدة، مطلع العام المقبل، بعد انتهاء ولاية بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال (أتميس).
وجاء ذلك بعدما وقعت القاهرة في أغسطس "بروتوكول تعاون عسكريا" مع مقديشو، وعرضت المشاركة في قوات حفظ السلام الجديدة.
وفي أغسطس أيضا، أرسلت مصر طائرتين عسكريتين محملتين بالأسلحة إلى الصومال، مما أثار حفيظة إثيوبيا، التي لديها حاليا آلاف القوات العاملة هناك، خاصة جنوب غربي البلاد. وتعمل بعض هذه القوات ضمن "أتميس"، بينما توجد قوات أخرى في البلاد، بموجب اتفاقيات أمنية ثنائية.
وبعد وقت قصير من إعلان مصر إرسال مساعدات عسكرية، أطلقت إثيوبيا تحذيرا، قائلة إن هذه الأحداث تقود المنطقة إلى "المجهول".
وقال موقع "ذي إيست أفريكا" إن القلق الذي يساور الدول المانحة، التي تسهم بقوات في الصومال يتمثل بأن نشر القوات المصرية على حساب القوات الإثيوبية، التي كانت ضمن بعثات حفظ السلام في الصومال منذ عام 2014، هو "فوز استراتيجي لمصر، التي تخوض خلافا مع أديس أبابا بشأن مياه النيل، وقد يؤدي هذا إلى تصعيد التوترات في القرن الأفريقي".
وترى بض الدول المساهمة أن دخول مصر من شأنه تعطيل بعثة الاتحاد الأفريقي.
وتدعم أوغندا وكينيا وبوروندي وإثيوبيا وجيبوتي بشكل أساسي قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي في الصومال، وقد انضمت إليها في مراحل مختلفة.
وأبدى وزير الدولة للشؤون الخارجية الأوغندي، هنري أوكيلو أوريم، معارضته الشديدة لإرسال مصر قوات إلى الصومال، وفق موقع "غاروي أونلاين" الإخباري الصومالي.
وتعد أوغندا شريكا أمنيا أساسيا للصومال، وقد أرسلت قواتها إلى هناك في مارس 2007. ووصلت قوات بوروندي في ديسمبر من ذلك العام، بينما تم دمج قوات جيبوتي وكينيا وإثيوبيا رسميا بين عامي 2011 و2014.
وقال أوريم لصحيفة "ذي إيست أفريكا": "من الناحية الهيكلية، لن تكون البعثة التالية مختلفة عن الترتيبات السابقة. قد تكون مختلفة من الناحية التشغيلية، ولكن ليس من الناحية الهيكلية".
وأضاف: "الدول المساهمة بقوات تسأل: لماذا تريد مصر الانضمام الآن؟، وأين كانت طوال هذا الوقت؟ كان ينبغي لها أن تأتي في وقت أبكر بكثير".
وتعززت العلاقات بين مصر والصومال، هذا العام، بعد أن وقعت إثيوبيا، في يناير الماضي، اتفاقا مبدئيا مع منطقة "أرض الصومال" الانفصالية، لاستئجار منفذ ساحلي، مقابل اعتراف محتمل باستقلالها عن الصومال.
ووصفت حكومة مقديشو الاتفاق بأنه تعد على سيادتها، وقالت إنها ستعرقله بكل الطرق الممكنة، وهددت بطرد القوات الإثيوبية في حال لم يتم إلغاء الاتفاق.
وتتزامن هذه التطورات مع خلاف مصري إثيوبي بشأن مشروع سد النهضة الضخم الذي تبنيه إثيوبيا، وتخشى القاهرة من تأثيره على حصتها من المياه.
ونهاية أغسطس الماضي، أعلنت إثيوبيا، انتهاء أعمال البناء الخرساني للسد، والانتقال لمرحلة التشغيل.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: حفظ السلام فی الصومال
إقرأ أيضاً:
لم تعد صداعا أوروبيا.. الهجرة غير القانونية تهدد بصراعات أفريقية
كنت أحلم فقط بوظيفة وسكن هادئ في إسبانيا لكنني وجدت نفسي بين عشية وضحاها خارج الحدود الموريتانية، وأنا اليوم في قريتي الأصلية التي تبعد عن العاصمة السنغالية دكار بـ250 كيلومترا.
بهذه الكلمات لخّص دمبا أمبوب الشاب السنغالي البالغ من العمر (35 عاما) مأساته الشخصية -في تواصله مع الجزيرة نت- بعد أن تحوّل حلمه بالوصول إلى أوروبا إلى كابوس يقظة، فقد بدأت رحلته بآمال كبرى، وانتهت بخيبة أمل على أطراف الحدود بعدما وقع في قبضة قوات الهجرة الموريتانية ليُعاد قسرا إلى وطنه، كما حدث مع مئات غيره من أبناء غرب أفريقيا.
من صداع أوروبي إلى أزمة داخليةلم تعد الهجرة غير النظامية مجرد قضية تقلق الدول الأوروبية، بل تحوّلت إلى أزمة داخل القارة الأفريقية نفسها، بعد أن بدأت دول مثل موريتانيا تتخذ إجراءات مشددة ضد المهاجرين القادمين من جيرانها.
وتقول نواكشوط إن عمليات الترحيل الأخيرة تأتي ضمن تنظيم الإقامة ومحاربة شبكات التهريب، لكن الخطوة فجّرت ردود فعل سياسية وشعبية في السنغال.
داخل البرلمان السنغالي، عبّر نواب من المعارضة والأغلبية عن قلقهم من تداعيات الترحيلات، ودعوا إلى تدخل حكومي عاجل، وقد طالب النائب غي موريس سانيا بتشكيل لجنة استطلاع برلمانية تتوجه إلى موريتانيا للاطلاع على أوضاع السنغاليين ومواطني دول مجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا (إيكواس).
إعلانوفي السياق نفسه، أدلى رئيس الوزراء عثمان سونكو بتصريحات قوية داخل البرلمان، قال فيها إن السنغال ستتعامل بالمثل مؤكدا جهود حكومته بإجراء محادثات مع السلطات الموريتانية من أجل تمكين المواطنين السنغاليين المقيمين في موريتانيا من الاستفادة من الامتيازات نفسها التي يحظى بها الموريتانيون المقيمون في السنغال.
ويضيف الوزير الأول السنغالي أنه لا ينبغي لأي دولة مسؤولة أن تستسلم في مواجهة ظاهرة الهجرة غير القانونية. وقال إن السنغال تدرس حاليا كيفية تشديد العقوبات على مهربي المهاجرين.
من جانبها، نفت الحكومة الموريتانية وجود نوايا عدائية، وقال وزير الخارجية محمد سالم ولد مرزوق إن بلاده ليست حارسا لحدود أوروبا، لكنها حازمة في محاربة الهجرة غير القانونية.
كما صرّح وزير الإعلام الحسين ولد مدو بأن موريتانيا استقبلت منذ 2022 نحو 130 ألف مهاجر، لكن فقط 7 آلاف منهم سعوا لتسوية أوضاعهم، مشيرا إلى أن الضغط على البنية التحتية والخدمات يفرض على بلاده التحرك.
اتساع رقعة الأزمةولا تقتصر الترحيلات على السنغاليين الذين يعتبرون أضخم الجاليات الأجنبية في موريتانيا الذي تضم أكثر من 300 ألف، كما أن السنغال تستضيف نحو 46 ألف موريتاني، بل شملت الترحيلات مواطنين من مالي وغينيا وغامبيا.
فمنذ مارس/آذار 2025 رحلت السلطات الموريتانية نحو 3 آلاف مهاجر من مالي كانوا يقيمون على أراضيها، وفق ما أكدته وزارة الماليين في الخارج.
وترافقت هذه العملية مع شكاوى من انتهاكات ومصادرة ممتلكات، مما أدى إلى اندلاع احتجاجات عنيفة في معبر كوكي الزمال الحدودي، بلغت حد إحراق مركز للشرطة الموريتانية، مما ينذر بامتداد الأزمة في منطقة غرب أفريقيا كلها، خاصة في ظل غياب سياسة موحدة للتعامل مع المهاجرين.
إعلانوفي تصريح للجزيرة نت، يحذر ألي تانديا، أستاذ علم الاجتماع بجامعة غاستون بيرجي في سانت لويس ورئيس المرصد السنغالي للهجرة، من أن غياب التنسيق بين دول المنطقة يجعل من الهجرة غير النظامية قنبلة موقوتة تهدد الاستقرار الإقليمي.
وأضاف تانديا "لا يمكن لأي دولة بمفردها إيقاف هذه الظاهرة، لأن دوافعها عابرة للحدود الحل الوحيد يكمن في التعاون الإقليمي ووضع سياسات شاملة تراعي أبعاد الهجرة الاقتصادية والإنسانية والأمنية".
وأكد تانديا أن المقاربة الأمنية وحدها لا تكفي، بل يجب التفكير في حلول تنموية حقيقية وتوفير بدائل واقعية للشباب داخل بلدانهم، وإذا لم يتم التحرك بسرعة فقد تنفجر الأزمة، وتتحول إلى نزاع إقليمي مفتوح.
من جانبه، اعتبر المحلل السياسي مصطفى جوب أن استمرار الإجراءات الأحادية الجانب في التعامل مع الهجرة يمكن أن يولد أزمات دبلوماسية جديدة.
وقال جوب ينبغي على الحكومات أن تعمل جنبا إلى جنب للحد من هذه الظاهرة، لأنها قد تخلق توترا إقليميا حقيقيا، فالمنطقة بحاجة ماسة إلى تنسيق جميع الجهود أمنيا وسياسيا وتنمويا لمعالجة الأسباب الجذرية للهجرة غير القانونية.
يتزايد القلق من أن تتحول الهجرة غير القانونية من صداع أوروبي إلى أزمة أفريقية داخلية تهدد التماسك الإقليمي، وتفتح الباب أمام نزاعات سياسية ودبلوماسية جديدة، وما لم تبادر دول غرب أفريقيا إلى صياغة رؤية موحدة قائمة على التنمية والتنسيق الأمني، فإن مزيدا من الشباب سيستمرون في طرق أبواب الهجرة حتى وإن كانت تلك الأبواب موصدة.