ترى الفنانة السودانية المقيمة بأستراليا ياسمين إبراهيم، أن الفن خاضع في أغلب الأحوال لتوفر بيئة محفزة وأدوات جمالية وفكرية تدفع بقدرات الصنع والابتكار، لكنها لا تعتقد في الفن كوراثة، ومع ذلك فقد تعدى تأثير الأسرة المبدعة في إتجاهها الإبداعي والدها ووالدتها إلى الجد والجدات والبيئة المحفزة.

ياسمين كانت تلاحق مشروعها الإبداعي الخاص بعد تجربتها الثرة مع فرقة ساورا، فبدأت مشروعها الخاص فور وصولها إلى استراليا في العام 2005م رفقة أسرتها الصغيرة.

. وقد تحدثت في حوارها مع (التغيير) عن تأثير الأسرة والبيئة والدراسة العلمية في تجربتها الفنية، فماذا قالت؟:

حوار: عبد الله برير- د. طلال دفع الله

* تأثير الأسرة في إتجاهك الإبداعي، ابتداءً بالأب الشاعر وليس ختاماً بالشقيقات المبدعات في مجال الدراما والتشكيل؟

في الحقيقة التأثير من جانب البيئة تعدّى والدي ووالدتي إلى الجد والجدات، لكني هنا أشير إلى جدي، النقابي والزعيم العمالي، الحاج عبد الرحمن المعروف بنضاله وكذلك بشعره البليغ وكتاباته الصحفية المقتدرة. كان جدّي حكاءً وراوياً للقصص بشكل مدهش وكان يُلحن أشعاره ويلقيها بصوتٍ جميل جداً. ثم، نعم، والدي كان شاعراً، قاصاً، رساماً وحرفياً وعازفاً للعود ووالدتي كذلك كانت تنهل الثقافة من أبيها الحاج عبد الرحمن وكانت ولا زالت تملك صوتاً طروباً. تضافرت كل تلك السمات والقدرات الثقافية الفنية لتخلق بيئة كثيفة الجمال الإبداعي ومحفزة للإبداع في ضروبه المختلفة، فجئت وأخواتي وأخواني لنستكشف تلك المساحات الفنية ونصنع فيها ومنها إنتاجاً فنياً متنوعاً.

* هل للدراسة العلمية (الطب البيطري) أي إسقاطات على تجربتك الإبداعية؟

لا أظن أن دراستي وعملي كطبيبة بيطرية كان له ارتباط مع مشروعي الإبداعي لكني أعتقد أن أي مهنة فيها مساحات للتفكير، التجريب وصنع الجديد، ولربما هذا لُب ما نكونه في عمليات التجريب والإنتاج الفني.

* مَن من المبدعين ساندوا مسيرتك الإبداعية وبأي صورة من الصور؟

لا أستطيع هنا حصر أسماء المبدعين والمبدعات الذين ساندوا مسيرتي الإبداعية، وهم كُثر، لكني ممنونة لوجودهم ووجودهن ليس فقط بمحاذاة مشروعي الإبداعي، وإنما كمكّون أساسي له. فمثلاً الشعراء والموسيقيين الذين تشاركت المشوار الإبداعي معهم، لم يكن حصراً على قصائد وألحان، بل امتد ليشكّل مساحات من التفاكر والتثاقف والتجديد. ثم هنالك أناسٌ منهم، كانت لي معهم علاقات صداقة أكثر عمقاً وأثّروا في حياتي بشكل كبير على المستوى الشخصي والفني وكانوا سنداً ممتداً وأصيلاً. أنا لا أمَلّ من ذكرهم وشكرهم جميعاً على منحى شرف أن نكون جميعاً جزءاً من مشاريع إبداعية متداخلة، تشكل حراكاً للإثراء والتجاوز.

ياسمين إبراهيم * الغناء الأفريقي والسوداني عُرِف تاريخياً بالجماعية، فما إفاداتك عن تجربة ساورا والإتجاه للغناء منفردة؟

نعم، الجماعية الفنية سمةٌ متأصلة وجميلة في السودان ومجموعة ساورا الغنائية الموسيقية استلهمت خصائصها من هذا الواقع السوداني المميز ثم أثرته بالجديد المتجدد والمجوّد فنياً وإنسانياً. كنت في كثير من الأحاديث أشير إلى ساورا باعتبارها النقلة النوعية في مسيرتي الفنية، حيث كانت مساحات اللقيا بمؤسسي ساورا المبدعين فكراً وثقافةً ثم مَن تبعهم من المبدعين وكذلك كانت مساحة للتعرف على الشعراء عن قرب وتناول قصائدهم بالتفكر والتذوق والغناء. ساورا هي التي ساعدتني على صقل قدراتي الفنية وتعلّم الكثير عن الموسيقى وتطويع الصوت لكنها أيضاً كانت مدرسة فكرية وثقافية لا تُعنى بالفن من أجل الفن بقدر إيمانها وعملها لأجل تقديم وعي جمالي يحفز المشاعر والفكر. لذلك، جاء مشروعي الإبداعي الفردي بعد هجرتي من السودان ليحمل الكثير المشترك بيني وساورا من حيث الرؤية وطبيعة الأشعار المُتناوَلة والوعي بارتباط كل هذا الحراك بالواقع الثقافي، الإجتماعي والسياسي في البلاد.

* ما حكايتك مع التلحين لنفسك وتقييمك للتجربة؟

في البدء، لم أكن أفكر في التلحين كنشاط قائم بذاته في مشروعي وكنت أحسبه مجرد خواطر لحنية تصدف أن تكون جيدة في بعض الأحيان، لكني انتبهت ووجدت أنني أسير في طريق التلحين، بل التأليف الموسيقي بخطى ثابتة. أذكر أني ومنذ طفولتي كنت أحب تجريب تلحينٍ ما على بعض القصائد او كلماتٍ من عندي، لم تكن شعراً بالمعنى، ثم جاءت فرصة صقل تلك القدرة عملياً حين التحقت بدراسة الموسيقى بأستراليا، من خلال دراسة التأليف الموسيقي. أذكر أن أول لحن لي بشكل علمي وعملي مؤسس، كان لأغنية من كلماتي، نفذتها على الپيانو وصاحبتني فيها زميلتي بالجيتار ولاقت استحساناً كبيراً من أستاذة تلك المادة. بعدها وجدتني حين أكتب بعض الأشعار القصيرة، أجرب فيها تلحيناً ثم مضى الأمر ليشمل قصائد شعراء وشاعرات آخرين وهكذا تطورت قدرة التلحين والتأليف الموسيقي بالتجريب والممارسة والتفاكر مع المبدعين الذين أتعاون معهم.

* ماذا عن تجربة ممارسة الإبداع بأستراليا؟

مشروعي الإبداعي بدأ منذ وصولي إلى أستراليا مباشرةً، فما ضاع زمنٌ على الإطلاق للتأسيس. كونتُ فرقة موسيقية من موسيقيين أستراليين وبدأت التواصل مع بعض المنابر الموسيقية لتقديم أعمالنا التي نالت إعجاباً وإستحساناً كبيراً، قاد لأن نُعرَف أكثر في الوسط الفني في سيدني وصرنا بعد ذلك نقدم عروضنا الغنائية الموسيقية في مناسبات ومنابر عديدة داخل سيدني وفي ولايات أخرى أيضاً. طبعأ الأغنيات هي مزيج من تعاونات مع مبدعين آخرين كشعراء وموسيقيين وكذلك أغنيات من تأليفي.

* علمنا أن أحد أبنائك من ممارسي فن الغناء والموسيقى؛ مستصحبين الأسرة الكبيرة هل يمكن أن نقول إن الفن يكمن في الجينات ويُوَرَّث؟!

أنا لا أعتقد في الفن كوراثة، بل أظنه خاضع في أغلب الأحوال لتوفر بيئة محفزة وأدوات جمالية وفكرية تدفع بقدرات الصنع والابتكار، لكن مؤكد تتفاوت المهارات وقدرة العطاء بين الناس، كلٌ حسب خصائصه الإنسانية، الفكرية والثقافية وما يتوفر في المحيط الاقتصادي والإجتماعي. أحياناً هذه البيئة المحفزة، قد لا تكون أكثر من جَدّة تحذق صنعةً فنية، أمٌ تغني وتمارس الغناء على طول عملها، أبٌ يمارس حرفةً فنية وصحابٌ يصنعون كل شئ من لا شئ.

* سؤال انتظرتِ أو تمنيتِ طرحه لتصل إجابته لمسانديك ومعجبيك!

سؤالٌ طرحه بعض الناس، سائلين “لماذا لديك أغنيات صعبة وغير مباشرة؟”. طبعاً كي نعرّف ماهية “الصعوبة”، نحتاج إلى نقاشات طويلة، لكن بشكل عام في طبيعة الإنسان أنه يسكن إلى المألوف في حياته وتهزّه الأشياء الجديدة أو الغير معروفة، وربما تثير قلقه، بل وغضبه في بعض الأحيان. لو نظرنا إلى التاريخ، لما وجدنا شيئاً بقي على حاله وديمومة الحياة بكليّاتها تستوجب التجديد وتجاوز السائد، طبعاً إن كنا نتحدث إبداعاً وابتكاراً. لذا هذا المتجدد- هنا نشير إلى الشعر والموسيقى- ليس منبتّاً على الإطلاق من ماضيه، بل هو مواصلةً لما تمّ بناؤه من قبل وإضافةً إليه، هو تقديم مساحات لهزّ الثوابت من الأفكار والمشاعر وقوالب التذوق بإتجاه التعاطي مع جديدٍ، متجاوزٍ في خطابه الثقافي والجمالي، وهو ما يمنح طعم المتعة، الاستكشاف والتفاعل هو ما يمنح المتلقّي مساحة أن يكون فناناً بنفسه في استخدام معرفته وخبرته وخياله في عملية التذوق والتحاور مع العمل الإبداعي المطروح.

لك جزيل الشكر.

الوسومأستراليا السودان الفنانة ياسمين إبراهيم ساورا سيدني

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: أستراليا السودان الفنانة ياسمين إبراهيم سيدني یاسمین إبراهیم

إقرأ أيضاً:

تقرير لمعلومات الوزراء حول الاقتصاد الإبداعي وأهميته في التنمية الاقتصادية

أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تقريراً جديداً حول "الاقتصاد الإبداعي والصناعات الإبداعية" أو ما يطلق عليه "الاقتصاد البرتقالي"، حيث استعرض من خلاله: مفهوم هذا النوع من الاقتصاد وأهميته في التنمية الاقتصادية وتأثيره في التجارة الدولية للسلع والخدمات الإبداعية، وأيضاً مساهمته في الاقتصاد العالمي وخاصة في مجال التشغيل، كما تناول التقرير دور الرقمنة والذكاء الاصطناعي في تعزيز هذا انوع من الاقتصاد، مع إلقاء نظرة على بعض التجارب الدولية.

أشار التقرير في بدايته إلى مفهوم الاقتصاد الإبداعي أو البرتقالي، حيث يركز على التقاطع الديناميكي بين الفنون والثقافة وريادة الأعمال، وهو بمثابة سياق عام يتيح للحرفيين والمصممين والموسيقيين والمبدعين الفرصة ليس للتعبير عن أنفسهم فحسب، بل أيضًا للمساهمة في تحقيق التقدم الاقتصادي.

أوضح التقرير أن قيمة الاقتصاد الإبداعي قُدرت بنحو 985 مليار دولار عام 2023، ووفقًا لتقديرات مجموعة العشرين"G20" فإنه سوف يساهم بنحو 10% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحلول عام 2030. كما تتوقع شركة "Deloitte" العالمية أن معدل نمو الصناعات الإبداعية قد يبلغ نحو 40% بحلول عام 2030.

ووفقًا لتقديرات الأمم المتحدة تمثل الصناعات الإبداعية 3.1% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي حتى عام 2023، وتُولد عائدات سنوية تزيد على 2 تريليون دولار، وتمثل ما يقرب من 50 مليون وظيفة في أنحاء العالم جميعًا، نحو نصفها من النساء، كما توظف هذه الصناعات عددًا أكبر من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عامًا مقارنةً بأي قطاع آخر، وتُجدر الإشارة إلى أن التلفزيون والفنون البصرية تُشكل أكبر الصناعات في الاقتصاد الإبداعي من حيث الإيرادات، في حين تُشكل الفنون البصرية والموسيقى أكبر الصناعات من حيث معدلات التوظيف.

أشار التقرير إلى أن الاقتصاد الإبداعي (البرتقالي) هو مفهوم يعتمد على التفاعل بين الابداع البشري والتكنولوجيا والمعرفة، كما يساهم هذا الاقتصاد في دعم الإبداع حيث تُنتج المنتجات الإبداعية وتوزع وتستهلك بشكل مختلف في عالم رقمي مدعوم بالذكاء الاصطناعي. وتعتبر الصناعة الإبداعية من أكثر القطاعات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي بشكل كبير، على سبيل المثال:

- الإعلانات: حيث تقوم منصة الذكاء الاصطناعي بإنشاء إعلانات متعددة تلقائياً بناءً على الأهداف المحددة للمسوق من خلال جمع وتحليل وفرز كميات هائلة من البيانات.

- الهندسة المعمارية: تستخدم بشكل متزايد لمعالجة العديد من المخاوف المتعلقة بالجماليات ولوائح البناء.

- الفنون والحرف اليدوية: يلعب الذكاء لاصطناعي دوراً هاماً في هذه الصناعة حيث يمكن للخوارزميات مساعدة الإنتاج على التصميم.

- صناعة السيناريوهات: في عام 2016 استطاع الذكاء الاصطناعي أن ينشئ سيناريو لفيلم خيال علمي قصير.

وأوضح التقرير أن الصناعات الثقافية والإبداعية تُعد من أكثر القطاعات حيوية في الاقتصاد العالمي حيث جاءت فكرة المؤتمر العالمي للاقتصاد الإبداعي ليناقش التحديات التي تواجه الصناعة وعليه تم تنظيم المؤتمر العالمي الأول للاقتصاد الإبداعي في إندونيسيا في عام 2018. وفي عام 2021 أعلنت الأمم المتحدة السنة الدولية للاقتصاد الإبداعي، وقد اعتبرت مجموعة العشرين الاقتصاد الإبداعي محركاً للنمو في مرحلة التعافي من جائحة كوفيد- 19، وفي العام نفسه، أطلقت الإمارات العربية المتحدة الاستراتيجية الوطنية للصناعات الثقافية والإبداعية.

أوضح التقرير أن الاقتصاد الإبداعي أو البرتقالي يسهم بشكل كبير في التجارة الدولية، حيث ينمو بشكل سريع، لا سيَّما في البلدان النامية، كما يسهم أيضاً في التنمية الاقتصادية وخلق فرص العمل، وذلك وفقًا للتقرير الصادر عن الأونكتاد بعنوان: "آفاق الاقتصاد الإبداعي 2024"، الذي يشير إلى المساهمات الاقتصادية المتنوعة للاقتصاد الإبداعي عبر مختلف البلدان التي شملها مسح الأونكتاد، والتي تتراوح من 0.5% إلى 7.3% من الناتج المحلي الإجمالي، كما يُوظف ما بين 0.5% إلى 12.5% من القوى العاملة.

أشار التقرير إلى أنه وفقًا للأونكتاد ارتفعت صادرات الخدمات الإبداعية لتحقق رقمًا قياسيًّا بنحو 1.4 تريليون دولار في عام 2022، وهو ما يمثل ضعف صادرات السلع الإبداعية، التي بلغت 713 مليار دولار خلال العام نفسه. وعلى مدى العقد الماضي، ارتفعت حصة الخدمات الإبداعية من إجمالي صادرات الخدمات من 12% إلى 19%، بينما ظلت حصة السلع الإبداعية من إجمالي صادرات السلع ثابتة عند نحو 3% منذ عام 2002، وتتصدر البلدان النامية في المقام الأول للسلع الإبداعية، بينما تهيمن البلدان المتقدمة على صادرات الخدمات الإبداعية. كما تُعد خدمات البرمجيات أكثر الخدمات الإبداعية تصديرًا عام 2022، بنسبة 41.3% من إجمالي صادرات الخدمات الإبداعية عام 2022، يليها البحث والتطوير بنسبة 30.7%، ثمَّ خدمات الإعلان وأبحاث السوق والهندسة المعمارية بنسبة 15.5%، والخدمات السمعية والبصرية بنسبة 7.9%، وخدمات المعلومات 4%، والخدمات الثقافية والترفيهية والتراثية 0.6%. كما ارتفعت صادرات السلع والخدمات الإبداعية في السنوات القليلة الماضية بشكل ملحوظ، لا سيَّما صادرات خدمات البرمجيات والبحث والتطوير ورقمنة بعض المنتجات الإبداعية، وقد شهدت تجارة السلع والخدمات الإبداعية نموًّا بعد عام 2020، كما ارتفعت صادرات السلع الإبداعية بنسبة 3.1% في عام 2022، وصادرات الخدمات الإبداعية بنسبة 2.9%.

أفاد التقرير أن التجارة الدولية في السلع والخدمات الإبداعية ما زالت غير متوازنة إقليميًّا، حيث يتركز الجزء الأكبر من التجارة في عدد قليل من الاقتصادات، فوفقًا للأونكتاد، تستحوذ 10 دول من الاقتصادات المتقدمة على تصدير 70% من صادرات السلع الإبداعية خلال عام 2024، ونحو 69% من صادرات الخدمات الإبداعية، وتأتي هذه الدول على النحو التالي: الولايات المتحدة، أيرلندا، المملكة المتحدة، ألمانيا، الصين، سنغافورة، هولندا، اليابان، فرنسا، سويسرا.

أوضح التقرير أن الاقتصادات النامية شهدت معدلات نمو أعلى في صادرات الخدمات الإبداعية مقارنة بالاقتصادات المتقدمة عام 2022 حيث وصلت إلى 14.9% مقارنة بمعدل 0.3% للاقتصادات المتقدمة، رغم أن الأخيرة تصدر خدمات إبداعية أكثر بكثير من الاقتصادات النامية، حيث استحوذت على نحو 80% من إجمالي صادرات الخدمات الإبداعية في عام 2022.

هذا بالإضافة إلى؛ تسجيل خمس دول أعلى معدلات نمو سنوية في صادرات الخدمات الإبداعية من بين أكبر ثلاثين دولة مصدرة للخدمات الإبداعية، عام 2022، والتي جاءت على النحو التالي: إسرائيل 18%، وتليها رومانيا 15%، وإسبانيا 13%، ثم البرتغال 10%، والدنمارك 7%. كما ارتفعت الصادرات العالمية من الخدمات الإبداعية من 490 مليار دولار أمريكي عام 2010، إلى ما يقرب من 1.4 تريليون دولار أمريكي عام 2022، وتعد أوروبا أكبر مصدر للخدمات الإبداعية عام 2022؛ حيث بلغت صادرات الخدمات الإبداعية بها 720 مليار دولار، تليها آسيا بنحو 359 مليار دولار، ثم أمريكا الشمالية بنحو 274 مليار دولار، مقابل 4 مليارات دولار في أفريقيا.

وأشار التقرير إلى أن الاقتصاد الإبداعي يُعد محركًا مهمًّا للنمو الاقتصادي العالمي والإقليمي، فوفقًا للتقرير الصادر عن منظمة الأمم المتحدة 2024، تحقق الصناعات الثقافية والإبداعية إيرادات بقيمة 2.3 تريليون دولار سنويًّا، وتسهم بنسبة 3.1% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

كما أن الصناعات الثقافية والإبداعية تمثل 6.2% من العمالة العالمية، ووفقًا للتقديرات النموذجية التي أعدتها منظمة العمل الدولية 2023، يمثل قطاع الفنون والترفيه 1.4% من العمالة العالمية. ومن المتوقع أن ينمو الاقتصاد البرتقالي بنسبة 40٪ بحلول عام 2030، مما يضيف أكثر من 10 ملايين وظيفة على مستوى العالم. ويُعد التلفزيون والفنون البصرية والصحف والمجلات هي أكبر ثلاثة مصادر للإيرادات العالمية، في حين تميل الفنون البصرية والكتب وقطاع الموسيقى إلى أن تكون أكبر ثلاث قطاعات توفر فرص عمل.

أشار التقرير إلى أنه وفقًا لدراسة أجرتها الأونكتاد تغطي 36 دولة نامية، أسهم الاقتصاد الإبداعي خلال السنوات العشر الماضية ما بين 0.5 إلى 7.3% في الناتج المحلي الإجمالي، كما أسهم بنسبة تتراوح من 0.5 إلى 12.5% من القوى العاملة، ومن أبرز هذه الدول: المملكة المتحدة، الصين، مونتينيغرو (الجبل الأسود)، الفلبين، إندونسيا، جنوب أفريقيا.

أشار التقرير إلى أن الاقتصاد الإبداعي يُعد إلى حد كبير اقتصادًا غير رسمي، حيث يفضل معظم العاملين فيه العمل لحسابهم الخاص أو من خلال الشركات الصغيرة، مضيفاً أن ما يقرب من 33٪ من العمال الإبداعيين على مستوى العالم، يعملون لحسابهم الخاص، في حين يعمل 66% منهم بشكل رسمي، كما تشير التقديرات إلى أن الاقتصاد غير الرسمي يشكل ما يصل إلى 40% من الإنتاج الثقافي والإبداعي، ويرتفع المعدل في الاقتصادات النامية ليصل إلى66%.

وتُجدر الإشارة إلى أن القطاعات الثقافية والإبداعية تكتسب أهمية كبيرة لا سيَّما للشباب، على سبيل المثال، تبلغ حصة الأشخاص العاملين في المهن الثقافية بين سن 15 و24 عامًا نسبة 33٪ في باكستان، و27.1٪ في غانا، و25.3٪ في أوغندا، وفي أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، يشكل العمال الشباب ما يقرب من 20٪ من المهن الثقافية في بيرو وباراجواي وهندوراس، الأمر الذي يؤكد قدرة الشباب على التكيف والتحول بسهولة أكبر لاستخدام التقنيات الحديثة.

أشار التقرير إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي يغير الوظائف في الاقتصاد الإبداعي، حيث أدي إلى انخفاض الوظائف في الأنشطة الآلية وزيادة الوظائف في الأنشطة المتعلقة بتطوير الأتمتة، ووفقًا لأحدث الدراسات التي أجرتها منظمة العمل الدولية 2023، فإن الذكاء الاصطناعي التوليدي يحول المنافسة نحو وظائف ذات مهارات أعلى، حيث تتفوق بعض التطبيقات في المهام المعرفية، مثل: تحليل النصوص وصياغة الوثائق واسترجاع المعلومات من مصادر مختلفة.

استعرض التقرير الآثار الإيجابية للذكاء الاصطناعي على سوق العمل في إطار الاقتصاد الإبداعي:

- يمكن للفنانين استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي للابتكار وإثارة أفكار جديدة.

- يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتكملة عملية التصميم لدى المبدع، وليس استبدالها

- يستطيع الفنان أو المبدع باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي إنشاء الفن بشكل أكثر سهولة

- تطور الذكاء الاصطناعي سيخلق في الواقع مزيدًا من الوظائف في الاقتصاد الإبداعي

كما استعرض التقرير الآثار السلبية للذكاء الاصطناعي على سوق العمل في إطار الاقتصاد الإبداعي:

- هناك مخاوف من احتمالية تقليل بعض فرص العمل للفنانين إلى القضايا المتعلقة بانتهاك حقوق النشر.

- هناك مخاوف من قِبل الفنانين، لا سيَّما المتخصصين في صناعة الموسيقى بشأن كيفية تقليد الذكاء الاصطناعي لإنتاجهم الموسيقي.

استعرض التقرير بعض التجارب الدولية البارزة:

- جمهورية مصر العربية: والتي تُعد منتجاً رئيساً للصناعات الإبداعية في أفريقيا وفقاً لتقرير الأونكتاد 2018، إذ تمتلك مصر تاريخاً معروفاً في مجالات عديدة منها على سبيل المثال المنسوجات والأفلام، ولديها العديد من الأصول التي يمكن استغلالها مثل: مواقع التراث الثقافي الأيقونية، والمتاحف العالمية، كما أسهم الاقتصاد الإبداعي في مصر بنسبة 3% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2020.

- الاتحاد الأوروبي: حيث بدأ برنامجه "أوروبا الإبداعية" في عام 2014 والذي يتضمن تخصيص استثمارات بقيمة 1.8 تريليون يورو لتعزيز الصناعات الثقافية والإبداعية، وتهدف هذه البرامج إلى زيادة القدرة التنافسية والإمكانات الاقتصادية للقطاعات الثقافية والإبداعية، وحماية وتنمية وتعزيز التنوع الثقافي واللغوي والتراث الأوروبي، والمساهمة في تعافي هذه القطاعات وتعزيز جهودها لتصبح أكثر شمولاً.

- الإمارات: تُعد من الدول الرائدة في الاقتصاد البرتقالي إقليمياً وعالمياً، حيث وضعت الإمارات استراتيجية دبي للاقتصاد الإبداعي والتي تستهدف؛ تحويل دبي إلى عاصمة الاقتصاد الإبداعي خلال عام 2025، مضاعفة مساهمة الصناعات الإبداعية في الناتج المحلي الإجمالي لدبي من 2.6% في 2020 إلى 5% بحلول 2025.

مقالات مشابهة

  • نشرة الفن| نانسي عجرم تكشف حقيقة انفصالها عن فادى الهاشم .. أحمد حلمي يكشف سبب عدم ظهوره في مقالب رامز جلال
  • ياسمين صبري تبرز رشاقتها في أحدث ظهور
  • رودريغو عن انضمام نيمار لسانتوس: سعيد جدا
  • تقرير لمعلومات الوزراء حول الاقتصاد الإبداعي وأهميته في التنمية الاقتصادية
  • أخبار الفن| ليلى عز العرب تتعرض لحادث.. فادي الهاشم ينفي أخبار طلاقه من نانسي عجرم
  • ضابط سابق في الشاباك: ليس بمقدورنا إيقاف استعراض قوة حماس في غزة
  • سماء إبراهيم: سعيدة بمشاركتي في البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو
  • تيك توك تكرّم المبدعين في حفلها السنوي
  • نشرة الفن| داليا مصطفى تكشف حقيقة انفصالها عن شريف سلامة .. حورية فرغلي تكشف المستور عن أزمة السحر
  • «التشكيل مقروءًا».. الكتب الفنية في معرض القاهرة الدولي 2025