قال الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، إن مسابقة «مئذنة الأزهر» للشعر، جعلت للشعر ‏مئذنة في الأزهر الشريف تؤذن كل عام فيهوي إليها قلب كل ذي موهبة صادقة على اختلاف ألسنتهم ‏وألوانهم؛ وأنه وإذا كانت مئذنة الشعر هذه تؤذن كل عام، فإن معاهد الأزهر الشريف وكلياته يتردد فيها ‏صوت الشعر ليلا ونهارا، ولا تفتر عن ترداده وحفظه وإنشاده والتمثل به في المحاضرة والمذاكرة، في ‏قاعات الدرس والتحصيل، وفي المحافل والمناسبات الدينية والوطنية، وفي الحكمة حين تخرج من قلب ‏الحكيم، والفرحة حين تشع نورها في القلوب، وعند الألم والأمل، والنصر والظفر، وذلك كله انطلاقًا من ‏تعاليم ديننا وسنة نبينا محمد ﷺ، الذي رفع للبيان لواءه فكان أفصح العرب، وشبه البيان في قوة تأثيره ‏بالسحر فقال:  «إن من الشعر ‏لحكمة وإن من البيان لسحرا».

وخلال كلمته اليوم في حفل تكريم أوائل الفائزين في مسابقة «مئذنة الأزهر» للشعر، التي نظمها مركز ‏تطوير تعليم الطلاب الوافدين والأجانب بالأزهر، أكد رئيس جامعة الأزهر أن الشعر في الأزهر الشريف ‏جامعا وجامعة لا يخبو ضوؤه، ولا ينطفئ سراجه، فهو الكلمة العذبة التي تسكن القلوب، وتضمد ‏الجراح، وتقوي العزائم، وتعين على المروءة ومكارم الأخلاق. وفي هذه الظروف الحالكة والمحن ‏المتتابعة ما أحوجَ الأمة إلى مواهب صادقة تعيد لها حماستها، وتستثير كوامن القوة والمروءة المغروسة ‏في جبلتها، لتبعث في شباب أمتنا روح البطولة والرجولة والفداء؛ وهذا مَأَمٌّ نبيل من مقاصد الشعر في ‏تاريخه الطويل. ‏

وتابع: من أجل هذا الغرض النبيل ألف العلماء دواوين الحماسة، وكتبوا أسفارا نفيسة في ‏شعر الحماسة؛ لأنه يوقظ الأمة من غفلتها، ويقوي العزائم، ويشحذ الهمم، ويصقل اللسان، ويشجع قلب ‏الجبان؛ ودونَك ديوان الحماسة لأبي تمام الذي جمعه واختاره واصطفاه من شعر العرب في كل غرض ‏من أغراض الشعر كالفخر والغزل والمدح والرثاء، ولكنه سماه ديوان الحماسة باسم باب من أهم أبوابه ‏وهو باب الشعر الذي يتغنى بالبطولة في الحروب وحلاوة الانتصار ويشجع على حماية الأرض ‏والعرض، ويصون كرامة الأمة ويحمى أرضها وسماءها ورجالها وأطفالها ونساءها وشبابها وشيبها، ثم ‏تتابع تأليف العلماء تحت اسم الحماسة، وكثر وطاب، مثل الحماسة البصرية وغيرها، وظلت هذه الروح ‏سارية في أوصال الشعر حتى قال أحد شعرائنا المحدثين: غيري يقول الشعر فضل بلاغة وأنا أريق ‏على جوانبه الدما.‏

وأشار إلى حاجة الأمة إلى الشعر الذي يبعث العزائم من رقدتها، وإلى شعر يبعث في النفوس ‏أنوار الحرية وأشواق الحرية، وأنوار العدل والسلام، وكراهية الظلم والذل والهزيمة، وما أحوجنا إلى كل ‏كلمة جميلة وقلم صادق يدعو الأمة أن تمتلك أسباب القوة بالتفوق العلمي والتفوق العسكري وهما ‏قرينان، حتى تبقى هذه الأمة مرفوعةً هاماتُها لها درعٌ وسيف كما قال الراحل البطل الشهيد الرئيس ‏محمد أنور السادات يوم نصر أكتوبر المجيد عام 1973م، في دنيا لا تكون إلا للغالب ولا تعرف إلا ‏قوة المنتصر، ولا تعطي السلام إلا لمن ملك القوة، وقديما قال المتنبي:‏
أَذاقَني زَمَني بَلوى شَرِقتُ بِها * لَو ذاقَها لَبَكى ما عاشَ وَاِنتَحَبا
وَإِن عَمَرتُ جَعَلتُ الحَربَ والِدَةً * وَالسَمهَرِيَّ أَخاً وَالمَشرَفِيَّ أَبا
بِكُلِّ أَشعَثَ يَلقى المَوتَ مُبتَسِماً * حَتّى كَأَنَّ لَهُ في قَتلِهِ أَرَبا
فَالمَوتُ أَعذَرُ لي وَالصَبرُ أَجمَلُ بي * وَالبَرُّ أَوسَعُ وَالدُنيا لِمَن غَلَبا ‏
نعم يا أبا الطيب، ونعمة عيني، «والدنيا لمن غلبا»، وصح قولُك وصح لسانُك.‏

وأضاف رئيس جامعة الأزهر: ما أحوجنا أن نذكر التاريخ والمجد والبطولة ونحن في نشوة انتصار ‏أكتوبر المجيد وفي زمن تكالبت علينا الأمم كما تتكالب الأكلة على قصعتها، أن نذكرهم بسيدنا رسول ‏الله ﷺ الذي قال عنه صحابتُه الكرام رضي الله عنهم: «كنا إذا حمي الوطيس احتمينا برسول الله ﷺ، ‏وقد مر صلى الله عليه وسلم على قوم يترامون بالنبال أي يتدربون على مهارة الرمي فقال: «ارموا بني ‏إسماعيل؛ فإن أباكم كان راميا». مضيفًا فضيلته: إن العرب أمة الشجاعة والمروءة والبأس، وقد قال أبو ‏تمام: «ومن شك أن الجود والبأس فيهم * كمن شك في أن الفصاحة في نجد». وما أحوجنا إلى الشعر ‏الذي يجمع الأمة ويوحد صفها ويرفع رايتها.‏

وفي ختام كلمته، أكد رئيس جامعة الأزهر أن الشعب المصري متذوق للشعر والأدب الرفيع، يهش ‏للكلمة ويتأثر بها وتروقه وتعجبه، وينقاد لها ويذعن، حتى قال صلاح الدين الأيوبي: «لم أفتح مصر ‏بالسلاح، وإنما فتحتها بقلم القاضي الفاضل»، ودور الأزهر الشريف في تحبيب الشعر والأدب إلى ‏الأمة لا يخفى، حتى كان من علمائه من يجلس إلى عمود من أعمدة الأزهر فيشرح ديوان الحماسة ‏ويشرح كتاب الكامل ويقرأ دواوين الشعر على طلابه ومحبيه من مختلف البلاد، وكذا درس الفقه على ‏المذاهب الأربعة لتأليف المسلمين وجمع كلمتهم ونبذ التعصب لمذهب بعينه، قال الأستاذ أحمد حسن ‏الزيات عن الأزهر:  
‏«رأى صلاحُ الدين أن يؤلف قلوب المسلمين كافة؛ فأجاز تدريس المذاهب الأربعة في الأزهر.. وحفظ ‏الأزهر اللغة من الزوال، وعلومها من الاضمحلال، وظل وحده يرسل أشعة العلم والدين إلى أنحاء العالم ‏الإسلامي، لا يخرج عالم إلا منه، ولا ينبغ كاتب ولا شاعر إلا فيه».‏

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: جامعة الأزهر رئيس جامعة الازهر مئذنة الأزهر الازهر الشريف رئیس جامعة الأزهر الأزهر الشریف

إقرأ أيضاً:

مركز الأزهر: المُعلم المُخلص يدعو ويستغفر له أهل الأرض والسماء

أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية أن المعلمين المخلصين ينالون مكانة عظيمة في الإسلام، حيث يستغفر لهم أهل السماء والأرض، حتى النمل في جحورها والحيتان في البحر، مستشهدًا بحديث النبي ﷺ: «إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرَضِينَ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا وَحَتَّى الْحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ» [أخرجه الترمذي].

مكانة المعلم في الإسلام

يحتل المعلمون مكانة رفيعة في الشريعة الإسلامية، فهم ورثة الأنبياء في تعليم الناس الخير، وإرشادهم إلى طريق الهداية. وتكريم المعلم واحترامه واجب ديني وأخلاقي، إذ جعله الله سببًا في نشر العلم والمعرفة، مما يعود بالنفع على الأفراد والمجتمعات.

دعاء الملائكة وسكان الأرض للمعلم

أوضح المركز أن حديث النبي ﷺ يدل على عظمة أثر التعليم، حيث يشمل فضل المعلم استغفار الملائكة وجميع المخلوقات له، مما يعكس مدى تأثيره الإيجابي في الحياة الدنيا والآخرة.

واجب الطلاب تجاه معلميهم

حث مركز الأزهر للفتوى على ضرورة توقير المعلمين ومعرفة قدرهم، فهم الذين يضيئون دروب العلم والمعرفة، ويساهمون في بناء الأجيال. ويعد احترامهم والالتزام بتوجيهاتهم من أسمى صور البر والتقدير التي دعا إليها الإسلام.

وفي ختام حديثه، دعا المركز الطلاب إلى التمسك بأدب التعلم، والتقدير الصادق لكل معلم يسهم في نشر العلم وإفادة الناس.

أهمية التعليم في نصوص الشريعةيتجلى اهتمام الإسلام بالعلم في العديد من النصوص الشرعية التي تحث على التعلم، ونجد ذلك واضحًا في القرآن الكريم، حيث يقول الله تعالى:

(يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات) (المجادلة: 11).

(فبشّر عبادِ الذين يستمعون القول فيتّبعون أحسنه) (الزمر: 17-18).

(قال له موسى هل أتّبعك على أن تعلّمن مما علّمت رشدا...) (الكهف: 67).


كما حفلت السنة النبوية وأقوال أهل البيت عليهم السلام بالكثير من الأحاديث التي توضح فضل العلم وأهميته، ومنها:

قال رسول الله ﷺ: "اطلبوا العلم فإنه السبب بينكم وبين الله عز وجل".

قال الإمام الصادق عليه السلام: "لو علم الناس ما في طلب العلم لطلبوه ولو بسفك المهج وخوض اللجج".

من وصايا لقمان لابنه: "يا بني اجعل في أيامك ولياليك وساعاتك نصيبًا لك في طلب العلم، فإنك لن تجد له تضييعًا مثل تركه".


ثانيًا: آداب طالب العلم

1. توقير واحترام المعلم

قال أمير المؤمنين عليه السلام: "إن من حق العالم عليك أن تسلّم على القوم عامة، وتخصّه دونهم بالتحية، وأن تجلس أمامه، ولا تشير عنده بيدك، ولا تغمز بعينك، ولا تقول: قال فلان خلافًا لقوله".


2. حسن الاستماع للعلم

قال الإمام الباقر عليه السلام: "إذا جلست إلى عالم، فكن على أن تسمع أحرص منك على أن تقول، وتعلّم حسن الاستماع كما تتعلّم حسن القول، ولا تقطع على أحد حديثه".

3. التفرغ للعلم والاجتهاد في تحصيله

قال رسول الله ﷺ في وصف العاقل الكامل: "لا يسأم من طلب العلم طول عمره".


4. الصبر على التعلم

العلم يحتاج إلى الصبر والمثابرة، فهو ليس شيئًا يُكتسب بسرعة، بل يتطلب جهدًا مستمرًا. وقد أكدت النصوص على أهمية الصبر في طلب العلم، ومنها قول أمير المؤمنين عليه السلام:

التعليم في الإسلام ليس مجرد وسيلة لاكتساب المعرفة، بل هو طريق للارتقاء الروحي والفكري، ووسيلة لتحقيق رضا الله. ولهذا، ينبغي على طالب العلم أن يتحلى بالتواضع، والاحترام، وحسن الاستماع، والاجتهاد، والصبر، حتى ينال بركة العلم ويحقق الفائدة المرجوة منه.

مقالات مشابهة

  • مركز الأزهر: المُعلم المُخلص يدعو ويستغفر له أهل الأرض والسماء
  • رئيس جامعة الأزهر يشارك في احتفالية اختيار الفائزين بجائزة الملك فيصل العالمية
  • رئيس جامعة الأزهر الأسبق: النجاة تكمن في السير على الطريق الصحيح وليس الفساد
  • رئيس جامعة الأزهر الأسبق:المجاهرة بالمعصية أخطر من ارتكابها في السر
  • رد قوي من رئيس جامعة الأزهر على كل من ينكر وجود الله
  • رئيس جامعة الأزهر يشرح المعنى البلاغي في قوله تعالى: «يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً»
  • اتفاقية تعاون بين «دارة الشعر العربي» بالفجيرة و«كلية اللغة العربية» بجامعة الأزهر
  • سياسي أنصار الله: دماء القادة الشهداء هي مشعل المقاومة ووقود حركتها والطوفان المتجدد الذي لن يتوقف إلا بزوال إسرائيل
  • سياسي أنصار الله: دماء القادة الشهداء مشعل المقاومة ووقود حركتها والطوفان الذي لن يتوقف إلا بزوال إسرائيل
  • نائب رئيس جامعة الأزهر يتفقَّد أعمال التجديد والتطوير بفرع البنات