نائب رئيس أركان الجيش اللبناني السابق لـ«الأسبوع»: حزب الله يتعرض لاختراق تكنولوجي- بشري غير مكتشف للحظة
تاريخ النشر: 7th, October 2024 GMT
اغتيالات قيادات الصف الأول مثيرة للدهشة
تصفية حسن نصرالله عملية كبرى ونقطة تحول في مسار الصراع
الحزب منظمة كبيرة لها مؤسساتها وتاريخها ولن تنتهي بنهاية أمينها العام
إسرائيل لا تقاتل لإعادة سكان الشمال بل ذاهبة بالحرب إلى أبعد الحدود
أستبعد خيار الهجوم البري لأن جغرافية الجنوب ستنتصر للمقاومة وتسليحها
الطرف الغازي سيكون عرضة للاستهداف المكثف.
القرار 1701 معطل حاليا.. أنقذ حدودنا الجنوبية 18 عاما وتعزيزه يحتاج ضمانات دولية
شكلت الغارات الجوية للجيش الإسرائيلي، على المركز الرئيسي لحزب الله بمنطقة الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية، بيروت، ضربة قاصمة لمنظومة الحزب، لحجم الضحايا من قيادات الصف الأول (الأمين العام، حسن نصر الله، وقائد عمليات فيلق القدس، عباس نيلفروشان، والرجل الثالث في الحزب، على كركي، وقيادات أخرى رفيعة المستوى) وللخسائر العسكرية والمدنية، المرتبطة بنطاق الغارات المدمرة، ومن ثم حاولنا الوقوف على حجم ما يحدث، عبر طرح تساؤلات الساعة، على نائب رئيس أركان الجيش اللبناني السابق، العميد الركن، د.حسن جوني، لقراءة ملفات شائكة: عسكريًا، أمنيًا، وسياسيًا، عل الإجابات، التى حصلت عليها «الأسبوع» منه، تعيد ترتيب مقاطع الصورة، في الساحة المحلية والإقليمية شديدة الاضطراب.
- كيف ترى اغتيال قيادات الصف الأول في حزب الله؟حقيقة، الاغتيالات التى تتعرض لها قيادات الصف الأول في حزب الله، خاصة خلال الفترة الأخيرة، مريبة جدًا، وتثير الدهشة. في اعتقادي أن هناك مشكلة مزدوجة يعانيها الحزب: أولا، خرق تكنولوجي- سيبرانى. وثانيا، خرق أمنى- بشري. ربما يكون الثاني علي مستوى أعلى، للوزن الكبير للقيادات المستهدفة في المنظومة العليا للحزب، ولتكرار عمليات الاغتيال النوعية، فكلما تم تعيين مسئول عسكري- أمني، يتم اغتياله فورًا. الأمر، فيه أسرار قد تكون صادمة إذا تم الكشف عنها، فيما بعد.ما يتم يجعلني أفكر بأن هناك قرارًا دوليا كبيرا أو ما يشبه الاتفاق على تصفية قيادات الحزب. وعلى كل الأحوال، يبدو أن الثغرات التى يستغلها جهاز الاستخبارات الإسرائيلي، الموساد، في اختراق المنظومة الأمنية والقيادية، لا تزال، حتى الآن، غير مكتشفة من جانب الحزب، من واقع العملية الكبرى التى شهدتها الضاحية الجنوبية لبيروت، ممثلة، في عملية اغتيال الأمين العام للحزب، حسن نصر الله.
- ماذا تعني تصفية إسرائيل لحسن نصرالله؟بطبيعة الحال، اغتيال أمين عام حزب الله، نقطة تحول في مسار الصراع بين إسرائيل والحزب، نظرًا لرمزيته، وتاريخه، وتأثيره، وأهمية وجوده علي رأس هذا الكيان، والقدرة علي التأثير علي مناصري ومقاتلي الحزب. الخطوة الإسرائيلية تعني أنها لا تقاتل من أجل إعادة سكان الشمال إلى منازلهم، كما تزعم وتروج عالميا، بل تقاتل من أجل القضاء على حزب الله، وذاهبه في هذه الحرب إلى أبعد الحدود.هي في حرب مفتوحة مع لبنان، بدأت بالفعل، بعد اغتيال حسن نصرالله.
- معنى ذلك أن ما بعد الاغتيال، ليس كما قبله؟صحيح. الغارات الجوية غير المسبوقة، منذ الجمعة، في الضاحية الجنوبية، توضح حجم ما ترتبه وتبيته إسرائيل لحزب الله، من واقع اغتيالها لحسن نصر الله، برمزيته القيادية، وكونه مركز الثقل الاستراتيجي في منظومة الحزب، والمقاومة.
- ينقلنا هذا للسؤال عن تقييمكم العسكري - الأمني لأداء حزب الله.بغض النظر عما يتعرض له الحزب، حاليا، يجب ألا ننسي أنه منظمة كبيرة جدا، لها مؤسساتها المتشعبة - المعقدة، لها تاريخها، وبالتالى، لن تنتهي باغتيال أمينها العام، بل ستستمر، بعد تعيين أمين عام جديد لها، يكون معنيا بالمحافظة علي استمراريتها، وأدوارها، خاصة خلال هذه الفترة الحرجة في مسيرة المعركة.
- أين إيران مما يحدث لحزب الله؟بالتأكيد، سؤال يطرح نفسه بقوة على المدركين لأبعاد وطبيعة الصراع وأطرافه. لمعرفة التأثير الدقيق المترتب على تغييب، حسن نصرالله، وانعكاسه علي الوضع الإقليمي والمحلي، يجب أن نلتفت للموقف الإيراني، لرؤيتها لعملية الاغتيال، لتحديد ما ستؤول إليه الأمور. أعتقد أن في هذه الزاوية نقاطا مهمة يجب أن توضح الموقف الإيراني من اغتيال أمين عام حزب الله. ربما يكون هناك توصيات بالتراجع قليلا، أو بتكثيف العنف.
- أيهما أقرب للواقع؟لا ندري. إلى حد ما، هناك غموض في التصريحات الإيرانية، التى تلقي استهجانا واستغرابا في الأوساط اللبنانية، انطلاقا من هذا التباين والغموض في الموقف الإيراني، حال مقارنة التصريحات الصادرة عن رئيسها (بفكره المنفتح علي الغرب، وتقليله من دعم وقوة حزب الله) وبين موقف قائد الحرس الثوري، وكذلك المرشد الأعلي، على خامنئي. هناك ضبابية تامة، تعزز الاستغراب والاستهجان، وتؤثر بدورها علي بيئة الحزب، على الأقل، من الناحية المعنوية.
- من حزب الله وتفاعلاته، إلى سيناريو الاجتياح البري الإسرائيلي، هل تتوقع حدوثه؟
بالنسبة للهجوم البري، أستبعد ما يتردد في هذا الشأن. مراجعة التصريحات الصادرة عن الجهات المعنية في إسرائيل، توحى بأن الغارات والضربات العنيفة للضاحية الجنوبية، ومنظومة حزب الله الصاروخية والأمنية، قد تغني عن اللجوء إلى خيار الهجوم البري، بل وتجنبه.
- هل هناك معطيات ميدانية ستؤثر على تفكير إسرائيل في الهجوم البري؟لو نظرنا للهجوم البري من زاوية ميدانية، فإن المواجهة البرية بين حزب الله، مهما تم تخفيض قدراته، لن تكون في قوة الهجمات الجوية. المناورة التكتيكية البرية التقليدية، حال قيام إسرائيل بها في لبنان، ستكون مكشوفة. جغرافية الجنوب اللبناني، مناسبة لعمليات المقاومة. لا تستوجب أسلحة ثقيلة، ولا صواريخ، ولا منظومة قيادة أو اتصال. هى مجرد إرادة ومقاومين، وأعتقد أن مستوى الغضب والحقد بين مقاتلي حزب الله وإسرائيل في أعلى معدلاته، ما سيدفع هؤلاء المقاتلين إلى التعامل بشراسة في مواجهة الهجوم البري، حال حدوثه.
- فرضية الهجوم البري، هل ستقتصر علي جنوب لبنان، أم تتجاوز هذه الساحة التقليدية؟في كل الأحوال، إذا حصل الهجوم البري فهذا يعني أن إسرائيل تريد فرض شروط استسلام على لبنان، وإعادة تجربة عام 1982، لكن تقييمى ورؤيتي الشخصية أن هذه القوة الغازية ستكون عرضة للاستهداف المكثف، والمتكرر. يستطيع الطرف الغازي أن يحتل، لكنه لا يستطيع أن يستقر. لهم في ذلك تجربة سابقة عمرها 20 عاما، عندما احتلوا لبنان ثم خرجوا منها مطرودين، نتيجة عمليات المقاومة. أما التجربة الثانية، فكانت في حرب يوليو، تموز عام 2006، عندما شنت إسرائيل هجوما عسكريا، بحرًا، وجوًا، لكنها فشلت في الدخول في معركة برية، باستثناء مسافة متواضعة جدًا. نتذكر أنه رغم تلك القوة لم تتمكن إسرائيل من إعادة أسيريها المقتولين، الا بموجب اتفاق سياسي، أنتج القرار الأممي، رقم 1701.
- بمناسبة القرار المذكور، من المعنيّ بحماية سيادة الجنوب اللبناني: الجيش، أم حزب الله؟يفترض أن الجيش اللبنانى هو المعنيّ بحماية لبنان ككل، لكن يجب ألا ننسي معظم البيانات الوزارية للحكومات اللبنانية المتعاقبة منذ فترة طويلة، وكيف أعطت مشروعية لحزب الله، ولسلاح المقاومة، عبر المعادلة الشهيرة: الجيش، والشعب، والمقاومة. هذه المعادلة عززت مشروعية المقاومة، كي تعمل إلى جانب الجيش اللبناني، لكنها لم تحدد نطاق صلاحيات المقاومة، أو حدود عملها، لذلك، هى تعمل بحرية حركة كبيرة جدًا، أما الجيش فهو يمارس دوره في السيادة، عبر تطبيق القرار 1701 إلى جانب قوات الطوارئ الدولية. الجيش موجود، الآن، في الجنوب، علي كامل التراب اللبنانى.
- لكن هناك من يرى أن التزام لبنان باستكمال القرار 1701، هو الحل.طبعا، القرار معطل، حاليا، نتيجة المعركة، لكن أعتقد أن أى ترتيبات حدودية أو اتفاقات سياسية بين لبنان وإسرائيل سترتكز بالدرجة الأولى على القرار 1701 الذي توافق عليه الدولة اللبنانية وتتبناه السلطة اللبنانية. الحكومة، ومجلس النواب، أعلنوا أنهم ملتزمون به، وأعتقد أن إسرائيل توافق عليه، وربما تطلب أن يكون هناك جدية في تطبيقه، ومن ثم فالقرار 1701 هو الحل في هذا التوقيت.
- في المقابل، هناك من يرى أن القرار نفسه، مجرد شماعة إقليمية - دولية، ضد المصالح اللبنانية.الاتفاق السياسي، سيعزز القرار 1701. كانت لنا تجربة معه لمدة 18 عاما، فبموجبه تم الحفاظ على استقرار الحدود الجنوبية بين لبنان وإسرائيل، منذ حرب تموز 2006 حتى 2023. القرار يصلح لإعادة الاستقرار للمنطقة.
- ما الذي يضمن التزام إسرائيل به حال موافقة لبنان على تطبيقه بالشكل المناسب؟بالتأكيد، أي خطوات جديدة تتعلق بالقرار 1701 ستكون برعاية وضمانات دولية. الالتزام سيكون سياسيا، أكثر منه عسكريا.
- هل سيوافق حزب الله حاليا على المطلوب منه بخصوص القرار؟هنا نصبح أمام معادلة واضحة المعطيات، فإذا كانت الأمور ذاهبة لحرب شاملة، يجب أن ننظر إلى التحول الخطير الذي حصل، باغتيال، أمين عام الحزب، حسن نصر الله، ومعرفة الموقف الإيراني مما حدث، والرؤية المتعلقة بكيفية عمل الحزب خلال الفترة المقبلة، لتحديد الاستراتيجية الخاصة بالمواجهة، والرد على مستوى الاعتداء، وهل يكون هناك ما يسمى بالتراجع التكتيكى، أو غيره.
- تتحدث عن الحاجة إلى اتفاق سياسي، بينما الخلافات اللبنانية - اللبنانية، تراوح مكانها!بالطبع، الوضع في لبنان صعب جدًا: اقتصاديًا، وسياسيًا، واجتماعيًا، وفي كل الملفات الأخرى، ومع ذلك فهناك مؤشرات إيجابية. نشهد حالة تضامن انساني ووطنى واسعة، لكن هذا لا يعني أن الخلافات السياسية الحادة بين اللبنانيين قد زالت أو تم تجاوزها، لأن أهم ما ترتكز عليه هذه الخلافات: العلاقة مع حزب الله، والنظرة له، ولوظيفته ضمن المنظومة السياسية اللبنانية، وكذلك سلاح الحزب.
- كيف ستواجه لبنان الأزمة بدون اصطفاف داخلي؟لا خلاف على أن النسيج الاجتماعي والسياسي في لبنان هش، وربما يكون عرضة لأى تشرذم أو شرخ، إذا عملت إسرائيل علي تغذية هذا الشرخ.
- من الداخل للجوار، هل تري أن عملية 7 أكتوبر 2023، ناجحة؟بالنسبة لعملية 7 أكتوبر (طوفان الأقصى) أراها عملية غير مفهومة بالفكر العسكري، الذي لا يفسر هذا النوع من التخطيط. الفكر العسكري يخطط لإعداد عملية عسكرية معينة، يدرسها، ويقدر مراحلها، بداية من نشر القوات مع التنفيذ، وصولا إلى تحقيق النتائج. يدرس كل ردات الفعل المعادية، وكيفية التعامل معها.
- ما الذي تمثله إذن؟أعتقد أن عملية 7 أكتوبر صرخة دموية، ونقطة بداية لتنفيذ غارات معينة في الداخل الإسرائيلي، وهي وإن كانت من منظور القانون الدولي تمثل خرقا، فالخروقات الفاضحة للقانون الدولى تقوم بها إسرائيل، سواء قبل أو بعد ما حدث قبل عام. لتكن الأمور واضحة: عملية 7 أكتوبر اخترقت القانون الدولى، لم تكن محسوبة العواقب من قبل منفذيها. أعتقد أنهم راهنوا علي أخذ الرهائن، اعتمادا على أن السلوك الإسرائيلي، في السابق، كان أكثر مرونة في التعامل عندما يكون له رهائن أو أسري جنودا أو مدنيين. منفذو عملية طوفان الأقصى، اعتقدوا انهم اذا حصلوا على عدد كبير من الرهائن والأسري، فلن يقاتل الإسرائيلي بل سيفاوض، ربما يغضب قليلا، لكن الجهد الأساسي سيكون في التفاوض. المفاجأة، أن إسرائيل وضعت ملف الرهائن، جانبا، وانطلقت في عملية واسعه لتدمير قطاع غزة وقتل ما تستطيع من الفلسطينيين. لم يكن ذلك في الحسبان. وعليه، كان يجب دراسة العملية، ودراسة هذا الاحتمال، ووضعه بعين الاعتبار، وبناء الاستعدادات انطلاقا من هذا الاحتمال.
- ما المكاسب التى جنتها القضية الفلسطينية من عملية طوفان الأقصى؟دون شك عملية طوفان الأقصي أعادت القضية الفلسطينية إلى الوعى العالمى والضمير الإنساني، بعد أن كانت طي النسيان، وطغت عليها مشكلات كبيرة في المنطقة والعالم، مكافحة الإرهاب، وما يسمى بالربيع العربي وتداعياته، ثم الحرب الأوكرانية، قبل حالة اليقظة التى أخذت طريقها إلى الاجيال الجديدة كما في الغرب. تعرفوا على هذه القضية والصراع، لكن يبقي السؤال: هل الإيجابية التى تحققت تستحق هذا الثمن الغالي جدًا؟ أنا لا أملك جوابا علي هذا السؤال.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: حزب الله جنوب لبنان حسن نصر الله فيلق القدس قیادات الصف الأول عملیة 7 أکتوبر الهجوم البری حسن نصر الله حسن نصرالله القرار 1701 لحزب الله أعتقد أن أمین عام حزب الله
إقرأ أيضاً:
الجيش اللبناني: مقتل 3 جنود في غارة للاحتلال الإسرائيلي
أعلن الجيش اللبناني أن ثلاثة جنود لقوا حتفهم جراء غارة للاحتلال الإسرائيلي استهدفت موقعا عسكريا في بلدة الصرفند جنوبي البلاد.
وأفادت وزارة الصحة اللبنانية بأن 17 شخصا، بينهم مدنيون، أصيبوا إثر نفس الهجوم.
أخبار متعلقة رقم جديد.. ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على لبنانمقتل جندي وإصابة 3 في هجوم إسرائيلي جنوب لبنانمقتل 3 لبنانيين وإصابة 3 عسكريين و4 من يونيفيل في قصف إسرائيلي على صيدايشار إلى أن عددا من جنود الجيش اللبناني سقطوا ما بين قتيل وجريح جراء نيران إسرائيلية منذ غزو بري لجنوب لبنان شنه جيش الاحتلال في أول أكتوبر الماضي.
ذكرت الوكالة الوطنية للإعلام الحكومية في #لبنان أن صاروخين أصابا منطقة زقاق البلاط في #بيروت. #اليوم https://t.co/Rvs6UMcfOr— صحيفة اليوم (@alyaum) November 18, 2024