تنص تعاليم الإسلام على الآداب الراقية التي يذهب البعض للبحث عنها في صفحات الغرب تحت مُسمى الإتيكيت، في حين أن الشريعة الإسلامية أهتمت منذ آلاف السنين بحياة الإنسان اهتمامًا بالغًا، وشملت أحكامها وتعاليمها كل الجوانب الحياتية للإنسان، وشرع الله تعاليم الإسلام وأحكامه وآدابه لينظِّم للإنسان كل شؤون حياته، ويرتقي بسلوك الفرد والمجتمع في العبادة، والمأكل والمشرب والملبس، والمنكح، وطلب أسباب الدنيا، والرقي الحضاري، والتعلم والتعليم، فما من مسألة دقيقة أو جليلة تتعلق بأفعال المكلفين وشئون دينهم ودنياهم إلَّا ولله تعالى فيها حُكم وأدبٌ وإرشاد؛ على سبيل الخصوص أو العموم.

اهتمام الإسلام بتعليم الآداب الراقية ومظاهر ذلك

قالت دار الإفتاء المصرية إنه مِن جوانب العظمة والسُّمُوِّ والرقي في هذا الدين: الآداب والتعاليم الراقية التي هذَّب النبي صلى الله عليه وآله وسلم بها سلوك الأفراد في مظاهر حياتهم اليومية؛ فقد جاء المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم بتمام مكارم الأخلاق وكمال محاسن الخصال، وقال: «إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ». أخرجه الإمام أحمد في "المسند"، والبخاري في "الأدب المفرد"، والحاكم في "المستدرك"، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وفي رواية البزار في "المسند": «إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ»، وفي حديث آخر: «إِنَّ اللهَ بَعَثَنِي بِتَمَامِ مكارمِ الْأَخْلَاقِ، وكَمَالِ مَحَاسِنِ الْأَفْعَالِ» أخرجه الطبراني في "الأوسط" و"مكارم الأخلاق"، والبيهقي في "شعب الإيمان" عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما مرفوعًا.

وكان من مظاهر ذلك أن وضع الإسلام قواعد وإرشادات لآداب اللياقة العامة والذوق العام، وهو ما يطلق عليه اليوم (فن الإتيكيت)  (etiquette)؛ أي فن التعامل مع الناس ومع الأشياء.

اهتمام علماء المسلمين بالآداب والأخلاق 

عُنِيَ علماء المسلمين وفقهاؤهم بتفصيلات هذه الآداب  وبيان ما يتعلق منها بالأعراف والتقاليد فيختلف باختلافها، وما هو من الآداب المشتركة بين عموم الثقافات ومختلف التقاليد والبيئات، وأفردوا لذلك التصانيف في الأخلاق والآداب؛ ككتاب "تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق" لأبي علي بن مسكويه، و"أدب الدنيا والدين" للإمام الماوردي الشافعي، و"مداواة النفوس وتهذيب الأخلاق" للإمام ابن حزم الظاهري، و"الذريعة إلى مكارم الشريعة" للعلامة الراغب الأصفهاني ، و"إحياء علوم الدين" لحجة الإسلام الغزالي ، و"فصول الآداب ومكارم الأخلاق المشروعة" للإمام أبي الوفاء بن عَقِيل الحنبلي ، و"الآداب الشرعية" للعلامة ابن مفلح الحنبلي، و"بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية" للعلامة أبي سعيد الخادمي الحنفي، و"غذاء الألباب" للعلامة السفاريني الحنبلي الذي شرح فيه "منظومة الآداب" للإمام محمد بن عبد القوي الحنبلي، وغيرها كثير.

وانتهت دار الإفتاء المصرية أنه من جوانب العظمة والسُّمُوِّ والرقي في الإسلام الاهتمام بتعليم الإنسان الآداب والتعاليم الراقية، وقد اهتم الشرع الشريف بحياة الإنسان اهتمامًا بالغًا؛ فشمل أحكامه وتعاليمه كل الجوانب الحياتية للإنسان، وجميع البيئات التي يعيش فيها، فنظم مأكله ومشربه وملبسه، وحياته الزوجية، وارتقى به في كلّ جوانب الحياة، فما من مسألة دقيقة أو جليلة تتعلق بأفعال الإنسان وشئون دينه ودنياه إلَّا وفيها حكم وأدب وإرشاد، وكان هذا سلوك النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع الصحابة رضي الله عنهم في حياتهم اليومية، وقد اعتنى العلماء بهذا الجانب فأفردوا له تصانيف كثيرة؛ ولذا فالشريعة الإسلامية شريعة متكاملة جاءت لسعادة الإنسان في الدارين.
 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الآداب تعاليم الإسلام الاتيكيت فن الإتيكيت الأعراف والتقاليد دار الافتاء المصرية

إقرأ أيضاً:

في يومه العالمي.. المُعلم وريث الأنبياء ومُحارب الشيطان في الإسلام

يتزامن اليوم السبت الموافق 5 أكتور 2024 اليوم العالمي للمُعلم كما سنته منظمة الأمم المُتحدة  منذ عام 1994، لإحياء ذكرى توقيع توصية اليونسكو ومنظمة العمل الدولية لعام 1966 بشأن أوضاع المدرس.

أهمية العلم في الإسلام 

أول ما نزل من القرآن على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كان قوله تعالى : {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} في سورة العلق، كما جاء في كتاب الله قوله عزوجل : {وَاللَّـهُ أَخرَجَكُم مِن بُطونِ أُمَّهاتِكُم لا تَعلَمونَ شَيئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمعَ وَالأَبصارَ وَالأَفئِدَةَ لَعَلَّكُم تَشكُرونَ}، وقد جعل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- طلب العلم فريضة على كل مسلم، وجعل حضرة النبي العلماء هم ورثة الأنبياء.

 فضل المعلم في الإسلام

1- علو المكانة : فقد رفع الإسلام من مكانة ومنزلة المعلم، وأعلا من قدره بين البشرية، فقد قال الله تعالى: {يَرْفَعِ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّـهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}.

2-  العلماء ورثة الأنبياء:  حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ العلماءَ ورثةُ الأنبياءِ إنَّ الأنبياءَ لم يورِّثوا دينارًا ولا درْهمًا إنَّما ورَّثوا العلمَ فمَن أخذَ بِهِ فقد أخذَ بحظٍّ وافرٍ).

 3- الأفضلية على العالمين: روي أنّه ذُكر لرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- رجلان أحدهما عابدٌ، والآخر عالمٌ، فقال رسول اللهِ -صلّى الله عليه وسلّم-: (فضلُ العالمِ على العابدِ كفضلي على أدناكم)، وقال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ اللَّهَ وملائِكتَهُ وأَهلَ السَّماواتِ والأرضِ حتَّى النَّملةَ في جُحرِها وحتَّى الحوتَ ليصلُّونَ على معلِّمِ النَّاسِ الخيرَ).

 

4- محاربة الشيطان:  يشكل العالم خطراً كبيراً على الشيطان، وذلك لأن العالم يعرف مسالك الشيطان ومكائده، فلا يقبل إغواءه، ويحذَّر الناس منه، ويأمرهم بالخير على ضد ما يأمرهم بالشر، فيسد باب الشرور والمعاصي ويجعل الشيطان خائباً خاسراً.
 

يوم المعلم العالمي 



وجدير بالذكر أن اليوم العالمي للمعلمين فرصة للاحتفال بالإنجازات والنظر في طرق كفيلة بمواجهة التحديات المتبقيّة، وذلك من أجل تعزيز مهنة التدريس، وهو يجري تنظيم اليوم العالمي للمعلمين بالشراكة مع منظمة العمل الدولية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة والاتحاد الدولي للمعلمين، لأن المعلمون يؤدون دوراً محورياً في تحديد معالم المستقبل من خلال تنشئة الطلاب والدفع بعجلة التقدم في مجال التعليم. 

 

مقالات مشابهة

  • الإفتاء: المساس بسلامة الوطن إفساد في الأرض وعليه أشدّ عقوبة
  • احترام الزوجة لزوجها ركن أساسي في الحياة الزوجية
  • حكم رمي الطعام الذي سار عليه النمل
  • الورد في القرآن.. فضله وكيفية الانتظام عليه؟
  • في يومه العالمي.. المُعلم وريث الأنبياء ومُحارب الشيطان في الإسلام
  • في اليوم العالمي للمعلم.. كيف حث الإسلام على العلم؟
  • مفتي الجمهورية: الإسلام يدعو إلى طلب العلم وتعمير الكون
  • القوة المشتركة: مدرسة الأخلاق في ميادين القتال
  • على هدى النبي.. مواطن يُخاطر بحياته لإنقاذ كلب بعد رميه في بئر 15 متر (فيديو)