أنهت دار الإفتاء المصرية استعداداتها لعقد ندوة "الفتوى وبناء الإنسان" غدًا، الموافق 8 أكتوبر 2024، تحت رعاية رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، وذلك في قاعة المؤتمرات بمبنى الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم. تأتي هذه الندوة في إطار الجهود المستمرة لتعزيز دَور الفتوى في بناء الإنسان المصري، وترسيخ قيم التعايش والتسامح.

الإفتاء: 6 أكتوبر يوم تجلَّى فيه النصر من أعماق الإرادة والصبر

وفي تصريح له، أكد الأستاذ الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن هذه الندوة تأتي في سياق دعم الجهود الرامية إلى "تمكين الإنسان المصري من مواجهة التحديات الراهنة من خلال توجيه الفتوى نحو بناء القدرات الفردية والجماعية."

وأضاف فضيلته أن الفتوى ليست فقط وسيلة للإجابة على الأسئلة الشرعية، ولكنها أيضًا منهج لبناء المجتمعات، من خلال التوجيه الصحيح للأفراد نحو الالتزام بالقيم الدينية والأخلاقية التي تعزز الاستقرار والتنمية.

كما أشار فضيلته إلى أن انعقاد هذه الندوة يأتي بالتزامن مع احتفالات ذكرى انتصارات 6 أكتوبر المجيدة، حيث قال: "إن ذكرى انتصارات 6 أكتوبر تجسد قوة الإرادة والعزيمة لدى الشعب المصري، وهي مناسبة مهمة لتجديد العهد على البناء والتقدم. نحن هنا نؤكد على أن الفتوى يجب أن تكون جزءًا من هذا البناء، تساهم في تعزيز الروح الوطنية والوعي المجتمعي."

وأكد فضيلته أن هذه الندوة ستركز على الأبعاد الإنسانية للفتوى وتأثيرها في حياة الأفراد والمجتمعات، مشيرًا إلى أن "دور الفتوى لا يقتصر على الأمور الدينية البحتة، بل يمتد ليشمل إرساء المبادئ الأساسية التي تبني مجتمعات سليمة ومستقرة، حيث نسعى من خلال هذه الندوة إلى توجيه الفتاوى لتكون أداة لبناء إنسان واعٍ ومدرك لواجباته تجاه نفسه وتجاه وطنه."

وبشأن الفعاليات المرتقبة، كشف فضيلة مفتي الجمهورية أن الندوة ستشهد جلسة نقاشية موسعة يشارك فيها العديد من المتخصصين ورجال الفكر في مجالات مختلفة حول دَور الفتوى في تعزيز الاستقرار المجتمعي ومواجهة الفتاوى المغلوطة.

وقال فضيلته: "إن الجلسة النقاشية ستكون بمثابة منصة لتبادل الأفكار والرؤى حول كيفية جعل الفتوى إحدى الأدوات الرئيسية لمواجهة التحديات التي تواجه المجتمع المصري في الوقت الراهن، لا سيما تلك المتعلقة بالشائعات والخطابات التي تدعو إلى التفرقة والكراهية."

كما أوضح فضيلة المفتي أن الجلسة النقاشية ستدور حول عدد من المحاور العملية التي تهدف إلى توجيه الفتاوى نحو تحقيق التنمية المستدامة وبناء الإنسان، قائلًا: "نحن بحاجة إلى فتاوى تواكب العصر وتساهم في حل المشكلات اليومية التي تواجه المواطن، سواء كانت اجتماعية أو اقتصادية أو حتى نفسية، من خلال نشر الفتاوى المعتدلة التي تدعم الاستقرار والمواطنة الصالحة."

واختتم مفتي الجمهورية تصريحه بالتأكيد على أن هذه الندوة هي فرصة ذهبية للتأكيد على أهمية الفتوى في تشكيل الوعي المجتمعي، وتوجيه الفكر الديني نحو ما يخدم مصالح الوطن والمواطن، موضحًا أننا نأمل أن تسفر المناقشات عن توصيات فعالة تُسهم في دعم مسار بناء الإنسان المصري على كافة المستويات، وأن نستمد من روح انتصارات 6 أكتوبر إلهامًا لتعزيز الجهود الرامية إلى بناء مستقبل أفضل لوطننا الغالي.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الإفتاء الفتوى وبناء الإنسان مجلس الوزراء قاعة المؤتمرات الإنسان المصرى نظير عياد تمكين الإنسان بناء الإنسان هذه الندوة من خلال

إقرأ أيضاً:

الذكاء الاصطناعى.. هل يكون بديلاً فى الإفتاء؟

توغلت أدوات الذكاء الإصطناعى فى حياتنا اليومية، حتى بدأ يلجأ الكثير إليها فى المسائل الدينية، واستخراج النصوص الشرعية، مما يضعنا أمام تساؤلات هامة حول الذكاء الاصطناعى وخطورة استخدامه فى الفتوى، ولأن أغلى ما يملك المرء هو دينه، وجب الإجابة عن تلك التساؤلات.

قال الدكتور عمرو الوردانى، أمين الفتوى بدار الافتاء المصرية، إن الذكاء الاصطناعى لم يعد مجرد تقنية ناشئة، بل أصبح جزءًا أساسيًا من الحياة المعرفية، تمامًا مثل محركات البحث، وأوضح أن التعامل معه يجب أن يكون بوعى، خاصة فى مجال الفتوى التى لا يمكن إغفال الواقع فيه، أو التعامل مع الذكاء الإصطناعى كبديل للإنسان، بل يجب النظر إليه كأداة تساعد فى الوصول إلى المعلومات، ويجب البحث والتدقيق فيما تنتجه.

من جانبه وضح الدكتور أحمد بهاء خيرى أستاذ الذكاء الاصطناعى بجامعة الإسكندرية أن الفقه الإسلامى يستند إلى أصول محددة تُترجم إلى قواعد فقهية، وهذه القواعد تتشابه إلى حد كبير مع مفهوم الـ«rules» فى الذكاء الاصطناعى، لذا يمكن استخدام الذكاء الاصطناعى فى الفتوى عن طريق بناء قواعد معرفية متخصصة تشمل جميع المذاهب والمدارس الفقهية المختلفة.

وتابع «خيرى» أن تلك القواعد تتم برمجتها بنفس أسلوب القواعد العلمية فى أنظمة الذكاء الاصطناعى، حيث تتم معالجة القضايا الفقهية من خلال البحث عن أصلها الفقهى، واستعراض مختلف وجهات النظر، ومن ثم تقديم خلاصة تحدد الرأى المُرجح، وهو ما يتناسب مع طبيعة أنظمة الذكاء الاصطناعى التى لا تقتصر على رأى واحد، بل تطرح أكثر من رأى، بحيث يتمكن المستخدم من اختيار الرأى الأقرب إليه.

ومن جهته حذر الدكتور أسامة الحديدى، المدير التنفيذى لمركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية، من المخاطر التى قد تنتج عن الاعتماد على الذكاء الاصطناعى فى إصدار الفتاوى الشرعية، وذلك لأن الفتوى تختلف عن الحكم الشرعى، لأنها تتطلب تحديدًا دقيقًا للظروف المحيطة بالمستفتى فضلًا عن مجرد حكم شرعى، ولابد على من يُعطى الفتوى أن يراعى حالة المُستفتى وطبيعة مسألته، وهو أمر لا يستطيع الذكاء الاصطناعى تحليله بدقة.

وفى هذا السياق وضح «خيرى» أنه كما يمكن للذكاء الاصطناعى استنتاج الأحكام الشرعية بناءً على القواعد الفقهية، يمكنه أيضا تقديم الفتوى التى تستلزم مراعاة أحوال المُستفتى عن طريقة إضافة عنصر «المنطق الرياضى» لمقاربة الفتاوى بشكل أكثر دقة.

وأشار «خيرى» إلى أنه بالفعل قد نجح ذلك فى المراحل الأولى من تطوير الذكاء الاصطناعى القانونى، حيث كانت نسبة نجاحه فى استصدار أحكام دقيقة لا تتجاوز 10% مقارنة بآراء القضاة منذ عامان، لكن مع التطوير المستمر، وصلت الدقة الآن إلى أكثر من 90%.

وأوضح «الحديدى» أنه بالفعل يتم استخدام الذكاء الاصطناعى فى رصد وتحليل البيانات والنصوص، حيث توفر الوقت والجهد والمال، ومع ذلك، يمكن أن يتسبب تغذية الذكاء الاصطناعى ببيانات غير دقيقة فى نتائج غير موثوقة، مما قد يؤدى إلى أحكام مخالفة للإجماع أو تضر الفكر والعقيدة.

فيما أشار الجندى إلى أن الذكاء الاصطناعى فى مجال الفتاوى يعمل بأسلوب بسيط، تمامًا مثل ترتيب محتويات الدولاب، حيث يتم تنظيم القواعد الفقهية وفق منهجية محددة دون تعقيد رياضى كبير، مما يسهل استخدامه فى البحث والاستدلال.

وأكد «خيرى» أن هناك توجهاً واضحاً لتطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعى فى المجال الدينى، ويتم العمل على تطوير أنظمة ذكاء اصطناعى قادرة على التعامل مع القواعد الفقهية وفقًا للمنهجية العلمية، مما يسهم فى تقديم خدمة معرفية دقيقة ومتطورة تساعد فى تسهيل الوصول إلى المعلومات الفقهية الموثوقة.

وأضاف «خيرى» أنه لا يمكن الاعتماد على الذكاء الاصطناعى بشكل كامل فى الفتوى حتى الآن، ولكن إذا تم تطوير هذا النظام إلى أنظمة رقمية معتمدة من الجهات الرسمية للفتوى، مثل الأزهر، فإن المسافة بين الفتوى الصادرة عن إنسان والفتوى الصادرة عن نظام ذكاء اصطناعى ستصبح قريبة جدًا، بل إن هذا التطور لا بد أن يحدث.

وقد أكد الحديدى بدوره أن الأزهر لا يمكن أن يعتمد على الذكاء الاصطناعى بشكل كامل لتقديم الفتوى، ولكنه منفتح على استخدام هذه الأدوات لتسهيل وصول الناس إلى الفتاوى مع ضمان دقة الإجابات وتجنب الفوضى أو الاجتهادات غير المدروسة. 

فيما اختتم الوردانى أمين الفتوى حديثه بالتأكيد على أن الغاية من التشريعات الخاصة بالذكاء الاصطناعى ليست الحد من تطوره، بل وضع ضمانات تحول دون انحرافه عن المسار الصحيح، بحيث يسهم فى تقدم البشرية دون المساس بقيمها وأخلاقياتها.

 

 

 

 

مقالات مشابهة

  • الذكاء الاصطناعى.. هل يكون بديلاً فى الإفتاء؟
  • هل يجوز حمل المصحف أو لمسه بدون وضوء؟.. دار الإفتاء تجيب
  • هل يجوز الدعاء على الظالم بالمرض؟ دار الإفتاء تجيب
  • الإفتاء بين الإرشاد الديني والتوظيف السياسي
  • "التعاويذ السحرية الشافية من الأمراض في مصر القديمة" فى ندوة بمعرض الكتاب
  • تفاعل كبير مع ندوة "الفتوى والمقامرة الإلكترونية" بجناح الإفتاء بمعرض القاهرة للكتاب
  • الفتوى والشأن العام.. ندوة في معرض الكتاب بحضور وزير الأوقاف ومفتي الجمهورية
  • دار الإفتاء: لا بدَّ من تجريم المقامرة الإلكترونية حفاظا على الشباب والأُسَر من التفكُّك
  • «أم كلثوم.. صدى مصر الخالد».. ندوة خاصة بمعرض القاهرة للكتاب
  • القدوة وبناء الطفل.. ندوة بمعرض الكتاب تناقش دور الأسرة والمجتمع