صدر حديثاً لمعالي الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي نائب رئيس مجلس أمناء مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، كتاب “الهُويّة الوطنيّة في دولة الإمارات العربية المتحدة.. بين خصوصية الثوابت والقيم وعالمية المعايير”، عن الأرشيف والمكتبة الوطنية.
ويُعد الكتاب محاولة بحثية جادة من المؤلف للإسهام الإيجابي والفعَّال في الجدل الدائر حول موضوع الهوية الوطنية، في ظل التحديات التي تفرضها العولمة والثورة العلمية والتكنولوجية، بحلقاتها وموجاتها المتسارعة على مفهوم الهوية الوطنية في دولة الإمارات العربية المتحدة، كما يشرح الكتاب كيف أن دولة الإمارات العربية المتحدة، أولت مفهوم المواطَنة اهتماماً خاصاً، لقياس التطور الاجتماعي والتنمية البشرية، حيث ترتكز على عدد من الأُسس، هي: الهُويّة الوطنيّة، والوحدة، والسيادة، والاستقلال، والعدالة.


يؤكد الكتاب أن القيادة الإماراتية الرشيدة -بدءاً من الآباء المؤسسين، ووصولاً إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وإخوانه أصحاب السمو حكام الإمارات- تُمثل الضامن لبقاء تلك المرتكزات مجتمعةً في بوتقة الوطن الإماراتي الموحد، وصونها وتعزيزها، وهي الجامع لهويّة مواطنيه وإرثهم الوطني وتاريخهم ومكتسباتهم وتطلّعاتهم ومستقبل الأجيال اللاحقة.
ويحاول السويدي في هذا الكتاب القيّم، إعادة صياغة الشخصية الوطنية الإماراتية، التي تتبنى قيماً قادرة على التفاعل المتناغم والإيجابي والبنّاء مع التحولات الإقليمية والعالمية الجارية، دون الانجراف وراء التغيرات التي يمكن أن تطمس الملامح المميزة لهذه الشخصية، التي تستفيد من المقومات الأساسية، التي قامت عليها تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة، والتي وضع لبنتها الأولى الأب المؤسِّس، المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – طيّب الله ثراه.
يوضح الكتاب أن الهوية الإماراتية تشكّلت على مدار مئات السنين هوية مشتركة لأبناء هذه المنطقة، بحكم الجغرافيا والدين والعادات والتقاليد والتاريخ المشترك؛ مشيراً إلى أنها استقرّت بشكل تام، وتبلورت بصورة واضحة مع إقامة اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة؛ حيث أصبح هناك وطن يضم الجميع، تشكّلت معه وبه هوية وطنية واحدة، يؤمن بها كل أبناء الإمارات، ويدركون من خلالها أنهم شعب واحد، ومصيرهم واحد.
يشير الكتاب إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة تمثل تجربة فريدة في الهوية الوطنية، لأنها بُنيت على مقومات أساسية، مثل التسامح، والتعايش السلمي، والتقدم التكنولوجي، ويسعى الكتاب إلى إبانة مدى انسجام نموذج الهُويّة الوطنيّة في دولة الإمارات العربية المتحدة، من حيث الحقوق المدنيّة والسياسية والاجتماعية، مع مسارات التطور التي مرّت بها المفاهيم التقليدية والقانونية للمواطنة في التاريخ الحديث، عبر منهجية استنباطية قدمت تأطيراً نظريّاً وتأصيلاً تاريخياً لنموذج المواطَنة الإماراتي.
كما يؤكد الكتاب أن تجربة الدولة توفر نموذجاً مهماً، يوضح ما الذي تعنيه الهُويّة الوطنيّة، بما تشكّله من مجموعة من القيم والتقاليد الاجتماعية الموروثة والمتوارثة، صنعتها أجيال من البشر توافدوا على أرض دولة الإمارات العربية المتحدة، وساهموا معاً في جعلها أرضاً آمنة ومستقرة ومزدهرة تحتضن الجميع، وتقدّر مساهمة كل من يشارك في بناء نموذج إماراتي جاذب، ويبرز الكتاب أهمية البعدين الديني والقبلي العربي في تكوين الهُويّة السيادية لدولة الإمارات العربية المتحدة.
ويشرح كيف عمدت القيادة الرشيدة في دولة الإمارات العربية المتحدة إلى تجذير التزامها وطنيّاً من خلال مبادرات وبرامج ومشروعات التربية المواطنية، ولا سيما في المؤسسات التربوية والتعليمية والشبابية، بهدف تحقيق الغاية العليا في تنشئة جيل متشبّع من الثقافة الوطنية، جيل قادر ذاتياً ومعرفياً ومهارياً على تطوير الحكم الوطني الاتحادي والديمقراطي، واستدامته في إطار مسيرة الدولة التنموية والنهضوية، كما تصوّرها الآباء المؤسسون للدولة.
يبرز الكتاب مساعي القيادة الإماراتية الرشيدة إلى تعزيز فكرة “الأمة”، حتى يبني الإماراتيون بواسطتها، شكلاً جديداً من أشكال الهُويّة الجماعية، ويتمكنوا من تجاوز ولاءاتهم تجاه العائلة أو القبيلة أو المنطقة أو السلالة، والانتقال إلى رحابة الانتماء الوطني الأشمل.


المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: ة فی دولة الإمارات العربیة المتحدة ة الإمارات العربیة المتحدة الهویة الوطنیة

إقرأ أيضاً:

القوة الخفية التي هزمت “حميدتي”

منذ انطلاق الرصاصة الأولى في الخرطوم يوم 15 أبريل 2023، كان واضحاً أن محمد حمدان دقلو (حميدتي) لم يقرأ المشهد العسكري والسياسي جيداً، أو قرأه بعين الوهم لا ببصيرة الواقع وبواطن الحقائق.

 

 

راهن الرجل على انقلاب خاطف وسريع يمكنه من وضع السودان في قبضته، لكنه لم يدرك طبيعة القوة الخفية في الدولة السودانية، تلك الدولة التي تبدو في ظاهرها ضعيفة ومفككة وآيلة للزوال، وذات مؤسسات هشة قابلة للانهيار السريع، لكنها أثبتت مراراً أن لديها عناصر قوة خفية لا تظهر إلا في مواجهة التحديات الكبرى.

 

عناصر القوة الخفية في الدولة السودانية:
• قوة المجتمع في التناصر والتعاضد ومقاومة الظلم والعدوان.
• قوة المؤسسات العسكرية والأمنية في تراكم خبراتها، وعمق تأهيلها المهني ، وروح الثبات والصبر على تحقيق الأهداف، وهي سمات تميز ضباطها وجنودها.
• قوة وجسارة الشباب بمختلف انتماءاتهم السياسية في مواجهة التحديات والمخاطر، سواء في الحروب أو التظاهرات.
• مستوى الوعي السياسي القادر على فضح النوايا الشريرة المغطاة بالشعارات التجميلية.
• العمق التاريخي لنضالات الشعب السوداني، الممتد منذ الممالك المسيحية، مروراً بمملكة الفونج، والثورة المهدية، واللواء الأبيض.ما فعلته قوات حميدتي أنها استفزت مكامن القوة الخفية في الدولة السودانية، فوجدت نفسها في مواجهة مختلف الطيف القبلي والجهوي والثقافي والسياسي والعسكري. ونتيجة لذلك، تشكّل تيار وطني عريض وغير مسبوق، عابر للانتماءات.

 

 

هذا التيار الوطني ضمّ:
• شيوخ ورجال الدين والطرق الصوفية مثل عبد الحي يوسف، شيخ الزين محمد أحمد، شيخ الكباشي، والمكاشفية، والختمية، وقساوسة كنيسة ماري جرجس وغيرهم.
• الفنانات مثل ندى القلعة، إيمان الشريف، ميادة قمر الدين وغيرهن.
• المفكرين من مختلف التيارات، من الإسلاميين مثل أمين حسن عمر، عبد الوهاب الأفندي، التجاني عبد القادر، وحسن مكي، إلى اليساريين والليبراليين مثل البروفيسور عبد الله علي إبراهيم، د. محمد جلال هاشم، د. عشاري أحمد محمود، د. معتصم الأقرع، د. صلاح بندر، والروائي عبد العزيز بركة ساكن وغيرهم.

 

 

• المقاتلين من الحركات المسلحة في دارفور، وقوات “كيكل”، و”برأوون”، و”غاضبون”، و”المستنفرين”، وشباب الأقباط، و”ميارم الفاشر”، و”مرابطات الشمالية ونهر النيل”، والشيخ موسى هلال.

 

 

كل هؤلاء وغيرهم تصدوا لحماية الدولة السودانية والدفاع عن وجودها.

حميدتي، الذي كان بالأمس شريكاً في السلطة، متمتعاً بقوتها ونفوذها، ظن أنه قادر على اختطاف الدولة، لكنه نسي أن القوة وحدها لا تكفي، وأن شرعية البندقية لا تدوم طويلاً. فالرهان على الدعم الخارجي، والتحالفات المصلحية، واستراتيجية “الأرض المحروقة”، لن يحقق له أهدافه، بل سيؤدي إلى عزله وإنهاء وجوده في الفضاء العام.

 

 

 

فشل مشروع انقلاب حميدتي على الدولة السودانية لم يكن مفاجئاً، بل كان حتمياً، لأن أي انقلاب يفتقر إلى عمق سياسي، ورؤية استراتيجية، وحاضنة شعبية، لا يعدو كونه مغامرة متهورة باهظة التكلفة.
منذ اللحظة الأولى، كان واضحاً أن حميدتي يخوض معركة بلا غطاء وطني، وبلا ظهير سياسي يمتلك الخبرة والذكاء، وبلا أفق بعيد. اعتمد على القوة اللحظية العارية، لكنه واجه الحقيقة القاسية: القوة الخفية في المجتمع كانت أكبر من قوته العسكرية.

 

 

 

اليوم، وبعد ما يقارب العامين من الحرب، لم يبقَ لحميدتي سوى أطلال مشروع متهالك، وتحالفات تتآكل، وساحة تتسع لنهاية مأساوية.
فالتاريخ لا يرحم من ظنوا أن البنادق تصنع شرعية، ولا يغفر لمن توهموا أن الدعم الخارجي وحده يمكنهم من حكم الأوطان.

القوة التي هزمت حميدتيضياء الدين بلال

مقالات مشابهة

  • أمير القصيم يدشّن معرض “آرت نهيل”.. ويشيد بدور الحِرف اليدوية في تعزيز الهوية الوطنية
  • القوة الخفية التي هزمت “حميدتي”
  • الحسيني: الشفافية المالية وكفاءة بيئة الأعمال دعامتا اقتصادنا الوطني
  • تدشين كتاب “حلم الثورة” للصحفي حسين سعد في نيروبي
  • ولي العهد يُجري اتصالًا هاتفيًا برئيس دولة الإمارات العربية المتحدة
  • سمو ولي العهد يُجري اتصالاً هاتفياً برئيس دولة الإمارات العربية المتحدة
  • صدور كتاب السلطنة الراسخة : عُمان في العالم
  • “الإمارات للدراجات” يتوج بلقب بطولة الإكوادور الوطنية لسباقات الطرق
  • “تعزيز” ترسي عقداً بقيمة 6.2 مليار درهم لتشييد أول مصنع للميثانول
  • “تعزيز” ترسي عقدا بقيمة 6.2 مليار درهم لتشييد أول مصنع للميثانول