في ذكرى مرور عام على هجمات حركة حماس الفلسطينية على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، تتجدد التساؤلات حول مدى تأثير هذه الأحداث على السياسة الداخلية الإسرائيلية.

وبينما اعتبر بعض المراقبين أن القيادة الإسرائيلية استخدمت هذه الهجمات كذريعة لتعزيز نفوذها والاستمرار في سياسات الحرب، في ظل استغلال مشاعر الخوف وعدم الاستقرار، رأى آخرون أن العمليات العسكرية الإسرائيلية اللاحقة كانت ضرورية لضمان الأمن والاستقرار لفترات قادمة.


لكن في ظل الأحداث الراهنة، يبدو أن القيادة تسعى إلى الإبقاء على نهج استمرار المعارك على مختلف الجبهات من خلال تبرير النهج العسكري والأمني كخيار وحيد لحماية البلاد، دون النظر في الحاجة إلى حلول سياسية شاملة.

أوقات عصيبة

ويقول البروفيسور يوسي ميكلبرغ، وهو زميل مشارك في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمعهد الملكي للشؤون الدولية (تشاتام هاوس)، إن الذكرى السنوية الأولى لهجوم حماس في 7 أكتوبر (تشرين الأول) وسفك الدماء المروع الذي أعقبها سوف تشكل دائماً وقتاً عصيباً. وما يزيد الأمر سوءاً هو أن الحرب لا تزال مستعرة في قطاع غزة، ولم تتم إعادة الرهائن، ويعيش ملايين الفلسطينيين في ظروف غير إنسانية، وتصاعدت الأعمال العدائية بين إسرائيل وحزب الله في لبنان في الأسابيع الأخيرة، مما أدى إلى مزيد من إراقة الدماء والدمار. ويبدو أن المزيد من الألم أمر لا مفر منه من الهجوم الصاروخي الأخير والانتقام المحتمل بين إيران وإسرائيل.  

عام على 7 أكتوبر.. الجميع خاسرون - موقع 24رأى أستاذ الأمن والدبلوماسية في كلية باترسون الدكتور روبرت فارلي أن جميع الأطراف المنخرطة في الصراع الحالي الذي اندلع بعد 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أصبحت أسوأ حالاً مما كانت عليه عندما بدأت الحرب.

إن فقدان الأرواح والدمار، وقبل كل شيء فقدان الأمل في مستقبل أفضل، أمر يدمي القلب. ومع ذلك، فهو أيضاً وقت للتفكير والحساب حول كيفية وصول كل من الإسرائيليين والفلسطينيين إلى أدنى نقطة على الإطلاق في علاقاتهما.
ويرى ميكلبرغ، أن هناك العديد من الأسباب وراء هذا الوضع المأساوي، لكن الأهم من بينها كان فشل القيادة على المستويين المحلي والدولي.

تغيير الخطاب الأمني 

ويعود هذا الفشل إلى فترة أبعد بكثير من عام مضى. فقد أدت القرارات الفردية والجماعية بالسماح، وأحياناً التشجيع، على استمرار الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لعقود طويلة إلى جعل المواجهة الأخيرة والأكثر دموية أمراً حتمياً في النهاية.

وعلى عكس ما قد يبدو، فإن الصراع هو ما يبقي على هذه القيادات، التي إما أن تكون تتمتع بالكفاءة أو متطرفة أو كلاهما، وتزدهر من خلال استغلال الصفات الإنسانية مثل الخوف وانعدام الثقة بالطرف الآخر لاكتساب السلطة والحفاظ عليها.

ولكسر هذه الحلقة، من الضروري تغيير الخطاب الأمني في إسرائيل بشكل جذري، وهو خطاب كان لفترة طويلة قائماً فقط على القوة العسكرية، دون رؤية سياسية للسلام والتعايش والمصالحة.

ويقول ميكلبرغ، إن هذا الأمر ممكن فقط مع إزاحة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو عن منصبه. 

ومن المؤكد أن إنهاء حكمه لن يعالج الانقسامات داخل المجتمع الإسرائيلي، ولن يحل الجمود في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بين عشية وضحاها. لكن نهجه "الذي لا يتوقف عند شيء" من أجل البقاء السياسي قد ظل يلقي بظلاله على السياسة والمجتمع والشؤون الخارجية للبلاد في وقت يحتاج إلى التقدم في جميع هذه المجالات. إنه لا يزال العائق في السياسة الإسرائيلية، وبدون إزالته، لن تكون هناك مساحة للتغيير.

ومع ذلك، يجب أن تملأ هذه المساحة من قبل معارضة تقدم شيئاً أكثر جرأة من نسخة أكثر ليناً من حكومة نتانياهو وموقفها المعارض لحل الدولتين. وعلى مدى سنوات، كانت "الخطة الكبرى" لنتانياهو هي تقسيم القيادة الفلسطينية، مما يمنع أي اتفاق سلام يستند إلى حل الدولتين من أن يتحقق على الإطلاق.

وحتى الآن، فشلت قيادة المعارضة الإسرائيلية، بما في ذلك بيني غانتس، الذي يعتبر من قبل الكثيرين خليفة محتمل لنتانياهو، في تقديم هذه الرؤية المختلفة. ويمثل غانتس فقط نسخة أقل تصادمية من النهج الحالي. وبقي خطابه مركزاً على تعزيز القدرات العسكرية، بدلاً من معالجة سبب هذا الصراع، وهو الاحتلال. 

إنفوغراف| 7 أكتوبر.. حصيلة ضخمة من القتل والتشريد والنزوح - موقع 24شنت حركة حماس، في 7 من أكتوبر(تشرين الأول) 2023 هجوماً غير مسبوق تسبب في مقتل 1200 إسرائيلي واختطاف ما يزيد عن 200 آخرين، لكن ما لحق قطاع غزة من دمار، بعد هذا الهجوم وعلى مدار عام من الحرب، وُصف من قبل الأمم المتحدة بأنه الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية.

وعندما تعرض البدائل، فإنها لا تدعم بأفعال. فقد صرح يائير لابيد، زعيم المعارضة، في الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل عامين أن حل الدولتين هو الطريق الوحيد للمضي قدماً، ومع ذلك امتنع عن الإدلاء بصوته في تصويت حديث حول دولة فلسطين في الكنيست.
علاوة على ذلك، فإن أولئك الذين يحتجون ضد ما يسمى بإصلاحات نتانياهو القضائية قد فصلوا بشكل مصطنع بين قضيتين مترابطتين، هما الدفاع عن ديمقراطية إسرائيل والعمل نحو حل الدولتين لمشكلة الإسرائيليين والفلسطينيين. والاحتلال هو واحد من الأسباب الرئيسية لتدهور ديمقراطية إسرائيل. ومن خلال رفض المطالبة بإنهائه، لم يقدم غانتس وآخرون ممن عارضوا نتانياهو سوى تغييرات طفيفة على الوضع الراهن، بدلاً من تقديم رؤية بديلة للبلاد.

ما قبل 7 أكتوبر

وحتى قبل 7 أكتوبر (تشرين الأول)، كانت إسرائيل تشهد أزمة اجتماعية وسياسية ودستورية. فقد عززت الحكومة السادسة لرئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، التي تأسست في ديسمبر (كانون الأول) 2022، هذه الانقسامات العميقة لضمان بقائها، من خلال تشكيل ائتلاف مع أكثر العناصر قومية وتطرفاً دينياً ومعادية للديمقراطية في إسرائيل. ويجب على القيادة الجديدة أن تتبنى نهجاً معاكساً وتتعامل مع استياء العلمانيين تجاه الجماعات الدينية المتشددة حول متطلبات الخدمة العسكرية والتعليم، بدلاً من استغلاله. كما أن هناك حاجة لمواجهة الأسئلة الأساسية حول كيفية تعريف الدولة اليهودية. 

وتحت ائتلاف نتانياهو، بقي الإعفاء الممنوح للشباب اليهود المتشددين من الخدمة العسكرية قائماً إلى حد كبير، رغم قرار المحكمة العليا الذي يوسع التجنيد ليشملهم. كما سمح نتانياهو لحلفائه السياسيين بالبقاء معفيين من دراسة المواد الأساسية مثل الرياضيات والفيزياء واللغات الأجنبية في المدارس. 
والنتيجة هي استياء مفهوم من المكون العلماني (والأغلبية) من المجتمع الإسرائيلي بسبب عدم تكافؤ العبء المتمثل في المخاطرة بحياتهم من أجل أمن البلاد والمساهمة في ازدهارها. ويزداد هذا الاستياء حدة خلال الحروب والضغوط الاقتصادية المرتبطة بها.
واعتماد نتانياهو على شركائه في الائتلاف جعله يرضخ لهم عندما كان بحاجة إلى دعمهم.

وأدى ذلك إلى تسليمه السيطرة على وزارات رئيسية لليمين المتطرف، مما أتاح لهم توسيع المستوطنات في الضفة الغربية وتعميق الاحتلال، كجزء من هدفهم المتمثل في ضم الأراضي بالكامل.

لا تسامح 

ويقول ميكلبرغ، إنه يجب على القادة الإقليميين والدوليين أيضاً أن يظهروا أنهم لن يتسامحوا مع توسع المستوطنات أو عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين.

وحتى الآن، كانت العقوبات الدولية متفرقة، لكن يجب فرض المزيد من العقوبات على الأفراد والمؤسسات التي تسهم في ترسيخ وتوسيع الاحتلال.

كما يتطلب الأمر اتخاذ خطوات أكثر جرأة فيما يتعلق بتقرير المصير الفلسطيني. وهناك عدد لا يحصى من قرارات الأمم المتحدة والتصويتات والبيانات العامة حول الحاجة إلى حل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني (التي تعود إلى عام 1948)، لكن الاعتراف بدولة فلسطين من قبل مجلس الأمن الدولي تم تعطيله من قبل الولايات المتحدة ودول أخرى، بما في ذلك المملكة المتحدة.
ويعتبر الاعتراف الرسمي الأمريكي والأوروبي بدولة فلسطين ضرورياً لكسر الجمود في عملية السلام. ولن يكون لهذا الاعتراف تأثير رمزي فقط، بل سيساعد أيضاً في إعادة التوازن في علاقات القوى بين الإسرائيليين والفلسطينيين في مفاوضات السلام المستقبلية.
ويرى ميكلبرغ، أنه لا توجد عصاً سحرية لتغيير هذا الوضع بشكل جذري أو سريع، لكن قبل كل شيء، يتطلب الأمر من القوى والأصوات داخل المجتمعين الإسرائيلي والفلسطيني أن تكون شجاعة بما يكفي لاقتراح مقاربات جديدة. وهناك مقترحات إبداعية موجودة بالفعل، فأحد هذه النماذج هو اتحاد إسرائيلي فلسطيني، حيث تعمل إدارة مشتركة للإسرائيليين والفلسطينيين بجانب حكومات كل مجموعة على حدة. وإدخال مثل هذه الأفكار إلى الخطاب السياسي الإسرائيلي سيكون تحولاً قوياً عن الوضع الراهن الذي تسبب في الكثير من الدمار، حتى لو لم يتم تبنيها. ومن الضروري أن يتخذ الذين يرغبون في القيادة خطوات لكسر الجمود، وتعزيز التفاوض، والأهم من ذلك تقديم فرصة للسلام.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية قطاع غزة لبنان إيران بنيامين نتانياهو إسرائيل عام على حرب غزة إسرائيل لبنان إيران حماس نتانياهو حل الدولتین من خلال من قبل

إقرأ أيضاً:

مشعل في ذكرى 7 أكتوبر: نبارك لأهل غزة فشل إسرائيل

أكد رئيس حركة المقامة الفلسطينة حماس في الخارج، خالد مشعل، في الذكرى السنوية الأولى لهجوم السابع من أكتوبر الذي نفذته الحركة على مستوطنات وقواعد عسكرية إسرائيلية في غلاف غزة، أن إسرائيل فشلت في تحقيق أهدافها خلال عام كامل من التصعيد في القطاع.

خطاب خالد مشعل

خلال خطاب مصور له اليوم الإثنين، بارك مشعل لأهالي غزة صمودهم في مواجهة التحديات. 

واعتبر أن إسرائيل لم تحقق أي انتصار في غزة خلال العام الماضي، مشيدًا بالتضحيات التي قدمها المساندون لغزة من لبنان وإيران واليمن والعراق، موجهًا التحية بشكل خاص إلى حسن نصر الله، زعيم حزب الله.

مكاسب "طوفان الأقصى"

وأشار مشعل إلى أن مكاسب هجوم السابع من أكتوبر، المعروف بـ "طوفان الأقصى"، ستتجاوز غزة لتشمل المنطقة بأسرها. 

ورأى أن هذا الهجوم أعاد القضية الفلسطينية إلى الواجهة، رغم التضحيات الجسيمة، وأعاد الحياة إلى غزة، كما أعاد إسرائيل إلى "نقطة الصفر"، مما جعلها تعيش أزمة وجودية وفقدت ثقة الإسرائيليين بأنفسهم.

التصورات الإسرائيلية

وأكد مشعل أن الإسرائيليين يعتبرون أن حماس حققت انتصارات، حيث أظهر الهجوم الواقع الحقيقي لإسرائيل أمام العالم وعكس إبداع المقاومة.

وأشار إلى أن صورة الردع الإسرائيلية قد تحطمت في ذلك التاريخ، رغم بعض المكاسب الإسرائيلية الأخيرة في لبنان.

الخسائر والأثمان الباهظة

وأضاف مشعل أن الخسائر التي تكبدتها ما سماه "محور المقاومة" تعتبر تكتيكية، بينما تعتبر خسائر إسرائيل استراتيجية، وأكد أن الأثمان الباهظة مطلوبة في مسيرة التحرير، مشيرًا إلى أن رسالة "طوفان الأقصى" تتمثل في أن توحيد جبهات المقاومة يؤدي إلى الانتصار ويشتت الجهود الإسرائيلية.

دعوة إلى الصمود

دعا مشعل أهل غزة إلى الصمود والصبر، مؤكدًا أن النصر قادم وإن تأخر، كما أوضح أن حركة حماس تعمل جاهدة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، إلا أن الجانب الإسرائيلي عرقل هذه الجهود.

مقالات مشابهة

  • جو بايدن وكامالا هاريس يؤكدان دعم إسرائيل في ذكرى 7 أكتوبر
  • في ذكرى 7 أكتوبر.. هذا ما قاله كل من رئيس إسرائيل وخالد مشعل
  • مشعل في ذكرى 7 أكتوبر: نبارك لأهل غزة فشل إسرائيل
  • هكذا تُحيي إسرائيل ذكرى هجوم السابع من أكتوبر
  • في ذكرى 7 أكتوبر.. الجيش الإسرائيلي يُعلن شن هجمات على قطاع غزة لـإحباط تهديد فوري
  • ذكرى 7 أكتوبر تحل بينما تصعّد إسرائيل حدة الحرب
  • جيش الاحتلال الإسرائيلي: 4 قذائف أطلقت من غزة في ذكرى هجوم 7 أكتوبر
  • ماذا سيربح العراق من صراع إسرائيل مع حزب الله في لبنان؟
  • ماذا سيربح العراق من صراع إسرائيل مع حزب الله في لبنان؟ - عاجل