هل يصنع الأميركيون العرب الفارق برئاسيات أميركا؟

قال موقع المونيتور إنه من غير المرجح أن يؤثر التصعيد في المنطقة (الشرق الأوسط) على غالبية الناخبين الأميركيين، لكن موقف الولايات المتحدة من الصراع قد يكون له تأثير على الناخبين الأميركيين العرب المنقسمين بالتساوي في دعمهم للديمقراطيين والجمهوريين بالانتخابات الرئاسية الأميركية.

وفي مقالها بالموقع الأميركي المتخصص في قضايا المنطقة، قالت ميغان مينيرو إن الناخب الأميركي العادي لا يصنف الحرب في المنطقة كأولوية قصوى، مستشهدة بتقارير لمؤسسة غالوب لاستطلاع الرأي خلصت إلى أن 1% فقط من الأميركيين يعتبرون أن الحرب هناك ذات أهمية لهم.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إليك أبرز القضايا المثيرة للجدل في مناظرة والز وفانسlist 2 of 2ما سر تأثير ولاية تكساس في الانتخابات الأميركية؟end of list

وأشارت الكاتبة إلى أن الناخبين الذين تابعوا مناظرة المرشحين لمنصب نائب الرئيس الثلاثاء الماضي، سمعوا من المرشح الديمقراطي تيم والز أن الولايات المتحدة يجب أن تستمر في دعم إسرائيل وإنهاء الأزمة الإنسانية في غزة، بينما جادل المرشح الجمهوري جيه دي فانس بأن الرئيس السابق دونالد ترامب أنشأ قوة ردع فعالة مبنية على الخوف وسيفعل ذلك مجددا إذا تم انتخابه.

وغم أن المنطقة دخلت مرحلة جديدة من الصراع، مدفوعة بهجوم إيران الصاروخي على إسرائيل والاجتياح البري الإسرائيلي للبنان واغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، فإن مجموعة ضيقة من القضايا المتعلقة بالأزمة قد تجذب انتباه الناخبين الأميركيين أبرزها الارتفاع المحتمل لأسعار النفط والغاز، ولكن في المجمل -حسب مينيرو- فإن المخاوف بشأن الهجرة وتكلفة المعيشة تستأثر بالجزء الأكبر من تفكيرهم مقارنة بأمن إسرائيل أو معاناة الفلسطينيين في غزة ولبنان.

واعتبرت الكاتبة أن هذا الأمر قد يكون له أهمية في ولايات معينة، ولكن كقضية وطنية، فهي لن تكون بالتأكيد قضية ملحة بنفس الهالة التي رافقت حرب العراق في 2004 و2006 و2008.

أميركيون من أصول لبنانية خلال مظاهرة في دترويت تنديدا بالهجمات الإسرائيلية على لبنان (شترستوك) الحسابات مختلفة

واستذكرت مينيرو تصريحات لموقع المونيتور أدلى بها براين كاتوليس، المختص في السياسة الخارجية الأميركية في معهد الشرق الأوسط حين قال "عليك أن تقلل بشدة من التأثير السياسي للقضايا المتعلقة بالسياسة الخارجية التي نواجهها، لأن الناس يهتمون حقًا بالأمور الأقرب إلى المنزل"، ولكنها استدركت بالقول إن الحسابات مختلفة لدى الناخبين الأميركيين العرب.

وقالت الكاتبة إن هؤلاء الناخبين منقسمون إلى حد كبير في دعمهم للديمقراطيين والجمهوريين، ولكن السياسات الأميركية المتعلقة بالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة يمكن أن تؤثر في توجهاتهم، وفقا لاستطلاع جديد من المعهد العربي الأميركي.

وقد يكون الانقسام المتقارب بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري حاسما في الولايات المتأرجحة الرئيسية مثل ميشيغان، التي تضم نحو 400 ألف أميركي عربي -وهي واحدة من أكبر التجمعات في الولايات المتحدة- وبنسلفانيا، التي تضم نحو 127 ألفا.

ووفقا لاستطلاع أجراه المعهد العربي الأميركي، فإن ترامب ومنافسته الديمقراطية كامالا هاريس متعادلان تقريبا بين الناخبين الأميركيين العرب، بنسبة 42% إلى 41% على التوالي.

واستعادت هاريس غالبية الدعم بين الأميركيين العرب الذي فقده الرئيس جو بايدن في الأشهر التالية للحرب الإسرائيلية على غزة ردا على هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لكنها لا تزال بعيدة عن المستوى الذي بلغه بايدن عام 2020 من الناخبين الأميركيين العرب وبلغ وقتها 59% بهدف إزاحة ترامب.

وبالنظر إلى خيار التصويت لمرشح ثالث، فبإمكان نسبة كبيرة من الناخبين العرب الابتعاد عن الأحزاب الرئيسية، وفقا لاستطلاع أجرته في أغسطس/آب الماضي لجنة مكافحة التمييز الأميركية العربية، أكبر منظمة أميركية عربية في البلاد.

وأظهر الاستطلاع أن جيل ستاين من حزب الخضر قد يحصل على 45% من أصوات الأميركيين العرب، ثم هاريس بنسبة 27.5% -وهي قفزة كبيرة مقارنة ببايدن، الذي حصل على 7% فقط"، وفقا لما ذكره موقع المونيتور.

استمالة الشباب

وقال المدير التنفيذي للجنة عبد أيوب، لموقع المونيتور إن "الكثير من نوايا التصويت حصلت عليها ستاين من ناخبين جدد، لذا ليس بالضرورة أنها ستستأثر بأصوات من حصص هاريس أو ترامب"، مضيفا "أن حزب الخضر يستميل الناخبين الشباب الذين يصوتون لأول مرة".

وتاريخيا، يفضّل الأميركيون العرب الديمقراطيين، لكن جيمس زغبي، الشريك المؤسس للمعهد العربي الأميركي، قال إن أحدث الأرقام الاستطلاعية تعكس حقيقة أن جزءا كبيرا من الأميركيين العرب يصوتون للجمهوريين.

وقال زغبي إن هناك شريحة من المجتمع كانت تصوت للديمقراطيين في السنوات الماضية والآن تنقلب على الحزب كرد فعل على كيفية استجابة إدارة بايدن للحرب على قطاع غزة.

ووقفت هاريس بين تعهدين الأول "بالالتزام الراسخ بإسرائيل" والثاني بأنها "لن تبقى صامتة" حيال المأساة الإنسانية للفلسطينيين في غزة، كما أنها اختارت عدم حضور خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الكونغرس في يوليو/تموز الماضي، لكن بالنسبة للعديد من الناخبين الأميركيين العرب، فإنها لا تزال مرتبطة ارتباطا وثيقا بسياسات إدارة بايدن بشأن الحرب في غزة.

ويرى زعبي أن "خطاب بايدن لم يساعد على الإطلاق في إنشاء تمييز بين الديمقراطيين والجمهوريين، وهاريس -التي أعتقد أنها مختلفة جدا عن جو بايدن- لا أعتقد أنها حققت الفارق المطلوب، ولا يزال أمامها شهر لتقوم بذلك، لكنها تنفد من الوقت هنا".

كامالا هاريس ودونالد ترامب (رويترز) توضيح النقطة

وخلص استطلاع المعهد العربي الأميركي أيضا إلى أن غالبية طفيفة (46% مقابل 43%) من الناخبين الأميركيين العرب يفضلون رؤية الجمهوريين يسيطرون على الكونغرس المقبل الذي يبدأ في يناير/كانون الثاني المقبل.

وقال زغبي إن هذا الاكتشاف يعكس الرغبة بين الأميركيين العرب في إرسال رسالة إلى الديمقراطيين بأنهم غير راضين عن كيفية استجابة البيت الأبيض ومجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الديمقراطيون لهجمات إسرائيل على غزة، التي قتلت أكثر من 41 ألف فلسطيني، حسب وزارة الصحة في غزة.

وصوّت الجمهوريون في الكونغرس الحالي على حظر أموال لإعادة توطين اللاجئين من غزة في الولايات المتحدة، وإلغاء التمويل لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) والممثل الخاص لإدارة بايدن للشؤون الفلسطينية، كما سعوا لإحباط الجهود لمنح الفلسطينيين زيادة المشاركة في الأمم المتحدة.

ويرى زغبي أن الناخبين لا يعتقدون أن تلك السياسات قد تصبح قانونا إذا سيطر الجمهوريون على البيت الأبيض والكونغرس السنة القادمة. كما أنهم لا يفكرون بالضرورة في مواقف ترامب خلال ولايته الأولى التي قد تتكرر إذا عاد إلى البيت الأبيض، مثل حظر الهجرة من الدول ذات الأغلبية المسلمة أو الهجمات العسكرية ضد إيران.

وجد المعهد العربي الأميركي أن كلا المرشحين الرئاسيين سيشهدان زيادة في الدعم إذا طالبوا بوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة دون عوائق، أو تعليق شحنات الأسلحة إلى إسرائيل.

وختمت الكاتبة مقالها بالقول إنه حتى الآن، أظهرت هاريس عدم استعداد لقطع واضح مع سياسات بايدن بشأن الحرب في غزة، كما أن ترامب لم يظهر أي إشارة لمواجهة صناع قرار الحرب في إسرائيل.

المصدر: الجزيرة