زيارة أبن زايد للقاهرة وعلاقتها بالسودان
تاريخ النشر: 7th, October 2024 GMT
أن دعم الأمارات للميليشيا في الحرب الدائرة في السودان، و حركة بن زائد التي كان قد قام بها إلي أثيوبيا من قبل ثم دعوة رئيس تشاد في يونيوو 2023م كانت لها علاقة وطيدة بالحرب الدائرة، بهدف إيجاد طرق لدعم الميليشيا عسكريا و بالمرتزقة، حيث فتحت تشاد كل معابرها من أجل تزويد الميليشيا بالسلاح، و أيضا زيارة أبن زايد لإديس أبابا كانت بهدف إرسال مجموعات من القناصين الأثيوبيين لدعم الميليشيا عسكريا، و الأثيوبيين الذين تم قتلهم في المعارك و أسرهم تؤكد ذلك، و أيضا زيارة الدبلوماسيين و رجال المخابرات الأماراتيين حاملين حقائب الأموال لكل من جيبوتي و نيروبي و كمبالا لها علاقة بحرب السودان، حيث تحولت منظمة الإيغاد منظمة داعمة للميليشيا، و أيضا زيارة سلفاكير إلي الأمارات لها علاقة بالأعداد الكبيرة للجنوبين الذين مايزالون يقاتلون مع الميليشيا، و قد استجلبوا لكي يتولوا عملية استخدام المدافع في مناطق السودان المختلفة.
في أقل من شهرين كان أبن زايد قد زار القاهرة، و خرجت كثير من الانباء كان مصدرها الجناح السياسي للميليشيا، تقول فيها أن هناك لقاء مباشر بين البرهان و أبن زايد في منطقة العلمين، و أن اللقاء قد تم بوساطة مصرية بهدف ذهاب القيادة العسكرية إلي مفاوضات جنيف، و بدأت شائعات تخرج أن الجيش قبل المشاركة في المفاوضات، و عندما تأكد للجميع أن البرهان ذاهب إلي كيغالي، و أنه لن يشارك في أي مفاوضات، خرجت اشائعات أن شمس الدين الكباشي سوف ينوب عنه في المفاوضات، و تأكد أن مصر ليس لها أي علاقة بوساطة بين الجانبين..
أن زيارة أبن زايد للقاهرة قالت بعض المصادر الإعلامية لها علاقة بمشروعات اقتصادية استثمارية أماراتية في مصر، حيث كان مقررا في اليوم الثاني للزيارة وضع حجر الأساس لمشروع رأس الحكمة، كما أن مصر قد طرحت مشاريع أخرى شبيهة لمشروع رأس الحكمة الذي تستثمر فيه الأمارات، و هما مشروعي رأس جميلة و بناس.. و تأتي زيارة أبن زايد في الوقت الذي بدأ فيه مستشار أبن زايد الدبلوماسي قرقاش يعلن في تغريدات قال فيها ( في ظل الحروب و الأزمات التي تهدد الأمن العربي و الإقليمي لا خيار أمامنا إلا باستعادة مفهوم الدولة الوطنية و احترام استقلالها و سيادتها) و أضاف قائلا ( زمن الميليشيا بأبعاد الطائفية و الإقليمية كلف العرب كثيرا و أثقل كاهل المنطقة) إذا قارنا حديث قرقاش بالذي تقوم به بلاده من دعم للميليشيا ضد السودان و مواطنيه ماذا يسمى ذلك؟ و من الذي له علاقة بعمل الميليشيات و استخدامها لمصالحه.. هذه حديث للاستهلاك السياسي ربما الهدف منه هو معرفة ردة الفعل عند قيادة الدولة في السودان، أو حتى وسط المواطنين السودانيين.. الأمارات سبب مباشر في حرب السودان ليس داعمة و أيضا مخططة لها من خلال تواجدها فيما يسمي بمجموعة " الرباعية" و من خلال دعوتها بعد الثورة لعدد من القيادات السياسية الذين تستخدمهم الآن في مخططاتها ..
أن زيارة أبن زايد للقاهرة لها علاقة مباشرة بأحتمال الحرب المتوقعة بين أيران و إسرائيل، خاصة بعد قصف إيران لإسرائيل بالصواريخ البالستية، و تصريحات القيادات العسكرية الإسرائيلية أنهم سوف يردون على القصف في الوقت الذي يحددونه.. هذه التصريحات؛ تجعل احتمال الحرب ممكنا، باعتبار أن إيران سوف تجر معها العراق و سوريا لمواجهة مع إسرائيل.. أن نشوب الحرب هو الذي أقلق أبن زايد، خاصة أن طهران تتهم أبوظبي بأن لها تنسيقا كبيرا مع إسرائيل، و ربما تستخدم الأراضي الأماراتية من قبل القوات الإسرائيلية أو الأمريكية، لذلك سوف تكون على مرمي القصف الصاروخي الإيراني و غيره، أن تعرض الأمارات لقصف صاروخي سوف يؤثر عليها كمركز أقتصادي أقليمي من جانب، و من جانب أخر تعرض البواخر الأماراتية العابرة للبحر الأحمر و خاصة سفنها الناقلة للنفط إلي قصف من قبل الصواريخ الحوثية، الأمر الذي يجبرها على الذهاب عبر رأس الرجاء الصالح مما يرفع قيمة "التأمين و النولون" و يتسبب في مضاعفة القيمة على البضائع و البترول.. أيضا أن الحرب في المنطقة سوف تعطل حركة الطيران و تؤثر على الناقل الأماراتي " طيران الخليج و الاتحاد" لذلك جاءت الزيارة للقاهرة دون الإعلان عنها بعد القصف الصاروخي الإيراني لإسرائيل، و تصريحات القيادات العسكرية الإسرائيلية.. و الهدف من الزيارة التباحث مع القيادة المصرية في التطورات الحادثة في المنطقة، و التي لم يكن محسوبا لها، إلي جانب أن مصر واحدة من الدول المؤثر في البحر الأحمر..
أن الزيارة ليس لها علاقة مباشرة بالحرب الدائرة في السودان، و ربما يتم التطرق لها من باب التطورات الحادثة في المنطقة و الأمارات جزء منها، و تغريدات قرقاش محاولة صرف الانتباه عن القلق الذي تعيش فيه القيادة السياسية الأماراتية بسبب التطورات في المنطقة.. و أيضا عندما قررت الأمارات و السعودية خوض الحرب ضد الحوثيين، كانت الزيارة المتكررة للقاهرة من قبل قيادات الدولتين، خوفا من مناصرة إيران للحوثيين و الدخول في حرب مباشر معهما.. جاء أبن زايد بسبب هذه التطورات التي لا تعرف كيف تكون نتائجها.. نسأل الله حسن البصيرة..
zainsalih@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الحرب الدائرة فی السودان فی المنطقة لها علاقة من قبل
إقرأ أيضاً:
هل انقلبت موازين القوى في حرب السودان؟
هل انقلبت موازين القوى في حرب السودان؟
فيصل محمد صالح
شهدت الساحة السودانية تطورات كبيرة خلال الأسبوعين الماضيين، بخاصة على المستوى العسكري؛ إذ حققت قوات الجيش انتصارات كبيرة على «قوات الدعم السريع» في ولايتَي الجزيرة والخرطوم، تغيرت بسببها موازين القوى العسكرية.
بدأت قوات الجيش والمجموعات المتحالفة معها، ومنها قوات «درع السودان» بقيادة أبو عاقلة كيكل، و«كتائب البراء بن مالك» التابعة للحركة الإسلامية، وبعض كتائب القوات المشتركة لحركات دارفور المسلحة، هجومها الواسع لاستعادة مدينة ود مدني الاستراتيجية، عاصمة ولاية الجزيرة من محاور عدة، واستطاعت دخولها بسهولة تشبه احتلال «قوات الدعم السريع» لها قبل نحو عام.
كان المظهر المتكرر لكل المناطق التي استعاد الجيش السيطرة عليها، بما فيها مدينة ود مدني، هو تراجع «قوات الدعم السريع» وانسحابها قبل وصول قوات الجيش، بحيث لم تدر معارك كبيرة إلا في المحاور الخارجية عند تقدم قوات الجيش نحو المدينة، لكن عند وصوله للمدينة دخلها بشكل سريع وبلا مقاومة. هذا الانسحاب المتكرر لا يقلل من أهمية انتصار قوات الجيش، ولا يقلل من الهزيمة التي تلقتها «قوات الدعم السريع»؛ فالانسحاب لم يكن عملية طوعية، لكنه تم تحت وطأة هجوم قوات الجيش من محاور متعددة، والتأكد من الهزيمة المتوقعة.
تكرر السيناريو ذاته في بعض مناطق ولاية الخرطوم، حيث حقق الجيش انتصارات كبيرة في منطقة وسط الخرطوم بحري؛ إذ التقت القوات القادمة من شمال المدينة مع قوات «سلاح الإشارة» المتخندقة منذ بدء الحرب في ثكناتها على ضفاف النيل الأزرق، ثم انطلقت نحو القيادة العامة للقوات المسلحة ومنطقة وسط الخرطوم. ويمكن القول الآن إن كل منطقة وسط الخرطوم بحري صارت في قبضة القوات المسلحة، وكذلك أجزاء من منطقة وسط الخرطوم، وتبقت مناطق ومواقع محددة لن تصمد طويلاً في يد «قوات الدعم السريع». لكن ما سر الانهيار السريع لـ«قوات الدعم السريع»؟
السبب الأساسي له علاقة بالانتشار الواسع الذي تورطت فيه «قوات الدعم السريع»، بحيث لم تستطع تأمين المناطق التي تحتلها، وكان رهانها الأساسي، منذ بدء الحرب في أبريل (نيسان) 2023، هو افتقاد الجيش قوات مشاة قادرة على الحركة السريعة وحرب المدن بسيارات سريعة وخفيفة تلتف على المدرعات والدبابات البطيئة الحركة. نتيجة لهذا التفوق سيطرت «قوات الدعم السريع» خلال أيام على كل ولاية الخرطوم باستثناء مواقع عسكرية محدودة، ثم امتدت للسيطرة على ولاية الجزيرة، مثلما سيطرت على كل إقليم دارفور، عدا مدينة الفاشر، وأجزاء من ولاية كردفان.
في خلال هذه الفترة استوعبت قوات الجيش آلاف المقاتلين، كما حصلت على كميات كبيرة من الآليات والأسلحة، وسجلت تفوقاً كبيراً باستخدام سلاح الطيران بعد حصولها على طائرات حديثة من دول صديقة. ويبدو أن تفوق سلاح الطيران لعب الدور الأساسي في تحطيم قدرات «قوات الدعم السريع»، وفتح الطريق أمام قوات المشاة لتتقدم على جبهات عديدة.
الموقف الآن يقول إن قوات الجيش استعادت السيطرة على معظم محليات أم درمان، عدا الجزء الجنوبي حتى جبل أولياء، وكذلك الأمر في منطقة بحري، حيث لم تتبقَّ إلا منطقة شرق النيل، وتحتاج قوات الجيش لأيام قليلة لتبسط سيطرتها على منطقة وسط الخرطوم، وتتبقى الأحياء الجنوبية في يد «قوات الدعم السريع».
واقع الحال يقول إن بقاء «قوات الدعم السريع» في بعض مناطق ولايتَي الخرطوم والجزيرة لم يعد ممكناً، إلا إذا دفعت بمجموعات جديدة، وهذا لا يبدو ممكناً في الوقت الحالي. وبالتالي، فإن التركيز سيبقى على إقليم دارفور وبعض مناطق ولايات كردفان، وهو ما يبدو مطابقاً لتوقعات سابقة بأن تتركز قوات كل طرف في مناطق معينة ويبقى واقع تقسيم السودان ماثلاً، سواء تكونت حكومة موالية لـ«قوات الدعم السريع» أو لا.
هذه الانتصارات العسكرية على الأرض لا تتجاهل إمكانية الوصول لتسوية سياسية لإنهاء الحرب، بخاصة مع وصول دونالد ترمب لرئاسة الولايات المتحدة الأميركية، وإعلانه أنه سيعمل لوقف كل الحروب، وبدأ بحرب غزة. تتوقع كل الأطراف ضغوطاً أميركية كبيرة خلال المرحلة القادمة لإنهاء الحرب، تشمل أطراف الحرب والدول الداعمة والممولة للحرب. لهذا تبدو هذه التحركات والانتصارات العسكرية مهمة لتعديل موازين القوى وتحسين المواقف التفاوضية، وقد نشهد خلال فترة قصيرة بدء جولات تفاوضية في منبر جدة أو منابر جديدة؛ فما بدأته الحرب ستكمله السياسة.
* نقلاً عن صحيفة الشرق الأوسط
الوسومأم درمان الجيش الخرطوم الدعم السريع السودان بحري فيصل محمد صالح