الخليج الجديد:
2025-01-05@10:22:37 GMT

وجود الكيان الصهيوني والديمقراطية

تاريخ النشر: 13th, August 2023 GMT

وجود الكيان الصهيوني والديمقراطية

وجود الكيان الصهيوني والديمقراطية

لا يُهوننّ أحد من سلبيات زرع الكيان الصهيوني في فلسطين على كل البلاد العربية والإسلامية ومستقبل العالم.

لن يحقق أي بلد عربي إجماعاً داخلياً أو قبولاً عربياً بالتعايش أو الاعتراف أو التطبيع مع الكيان الصهيوني الذي يستهدف سلب كل فلسطين وترحيل كل أهلها.

أدت إقامة الكيان الصهيوني في حرب 1948 لإسقاط الديمقراطية في مصر وسوريا والعراق بسبب هزيمة جيوشها في الحرب التي انتهت بالنكبة مما مهّد للانقلابات العسكرية.

قيام الكيان الصهيوني فتح أبواب الحروب والصراعات والويلات والكوارث، وكرّس التجزئة والعقبات أمام النهوض واستشراء التبعية والفساد والاستبداد وألوان الانحطاط.

* * *

تناقش هذه المقالة بُعداً من الأبعاد التي تعطل إرساء نظام ديمقراطي من النمط الذي مثلته الديمقراطية الغربية من حيث الانتخابات والتداول على السلطة، لا سيما في البلاد العربية.

وهذا البُعد مرتبط بوجود الكيان الصهيوني في فلسطين. فوجود الكيان الصهيوني مثّل مشروعاً فرضه الاستعمار البريطاني ودعمته الدول الغربية بخاصة، منذ ما بعد الحرب العالمية الأولى.

وقد تم ذلك بالقوة العسكرية القاهرة، ومن خلال الغزو الاستيطاني لمجموعات يهودية صهيونية قامت باقتلاع ثلثي الشعب الفلسطيني، والحلول مكانهم وإقامة كيان صهيوني حمل اسم "دولة إسرائيل". وقد اقتضت هذه العملية أن تتم من خلال الحروب التي عرفتها الأرض الفلسطينية، والأرض العربية المجاورة، طوال مائة سنة تقريباً حتى الآن.

فوجود هذا الكيان وتاريخه مع الشعب الفلسطيني، والأمة العربية، بخاصة، شكل حالة صراع تاريخية، لا حل لها، إلا بالخلاص منه (تحرير فلسطين) من جانب، أو فرض المشروع الصهيوني على فلسطين والعرب والمسلمين، من جانب آخر.

وهو مشروع كما أثبتت تجربة مائة العام المذكورة، يقتضي الاستيلاء على كل فلسطين، واقتلاع، أو ترحيل، كل الشعب الفلسطيني لتكريس فلسطين "وطناً قومياً" ليهود العالم.

هذا الصراع، أو التناقض، بين هذين الجانبين جعل إرساء نظام ديمقراطي من النمط الغربي في البلاد العربية غير ممكن ما دام هذا الصراع قائماً، أو هذا التناقض، بلا حل. كيف؟ أو لماذا؟

الجواب: لأن نمط النظام الديمقراطي خاصة ببعده الانتخابي والتداولي على السلطة، استناداً لنتائج دورة انتخابية خلال أربع سنوات للبرلمان، والبعض الرئاسي قد يمتد لست سنوات، يقتضي، أو من شروطه أن يُصار إلى تحقيق إجماع وطني مدعوماً من الدولة العميقة، حول الاستراتيجية (أو السياسة) الخارجية للبلد المعني، كما لطبيعة النظام الداخلي، بما في ذلك الاتفاق على كيفية وحدود إجراء تغيير في هذين البعدين، (في العادة يكون جزئياً وضمن الإجماع الوطني حوله).

وهذا ما يفسّر في تجربة النظام الديمقراطي الغربي ثباته في الولايات المتحدة الأمريكية، أو بريطانيا مثلاً لمدى مئات السنين، أي بالنسبة للسياسة الخارجية، أو النظام الداخلي والدولة العميقة.

أما إذا تعرض أحد هذه الشروط: الاستراتيجية الخارجية، أو النظام الداخلي أو الدولة العميقة، لتغيير نوعي، فإن النظام الديمقراطي يسقط، ويدخل في أزمة لا تسمح له بإجراء انتخابات حرة نزيهة، أو التبادل في حكم البلاد. وإن المثل هنا يتجسد في التجربة الألمانية (النازية) أو الإيطالية (الفاشية). وقد أدتا إلى حرب عالمية، وليس إلى نسف النظام الانتخابي – التداولي فقط.

ولذلك، فإن تطبيق ديمقراطية (انتخابية تداولية على السلطة)، كما دلت التجربة، في أي من البلاد العربية غير ممكن. وذلك لأن من غير الممكن الاتفاق على السياسة أو الاستراتيجية الخارجية مع الكيان الصهيوني، كما على النظام الداخلي والدولة العميقة، لدعم تلك السياسة.

وبكلمات أخرى، فإن أي بلد عربي لا يستطيع أن يحقق إجماعاً داخلياً أو قبولاً عربياً على التعايش أو الاعتراف أو التطبيع مع الكيان الصهيوني الذي يستهدف سلب كل فلسطين وترحيل كل أهلها، وتحويلها إلى وطن قومي ليهود العالم. ومن ثم لا يحتمل الوضع أن تجري انتخابات حرة ويصار إلى تسلم السلطة على ضوئها، في نظام اعترف، أو طبع، أو تعايش مع المشروع الصهيوني، الذي يريد أن يطبق كل مشروعه.

أما من جهة أخرى، فإن إقامة نظام ديمقراطي تداولي معادٍ للكيان الصهيوني أو عامل على تحرير فلسطين أو حتى "محايد" غير مطبّع، سيواجه "حرباً" (حصاراً ومعاداة) من قٍبل أمريكا والدول الغربية.

ومن ثم سيواجه كل ما يمنع استقراره كنظام ديمقراطي انتخابي ـ تداولي. وهذا ما واجهته كل الدول العربية التي وقفت إلى جانب الحق الفلسطيني (الذي هو حق عربي، بامتياز، من فلسطين) من ألوان الحصار والتضييق ودعم الانقلاب العسكري ومحاولات تفتيت الوحدة الداخلية.

فما من نظام يمكن أن يقوم في البلاد العربية، أكان ديمقراطياً على النمط الغربي، أم على غير ذلك، إلاّ ويتعرض لضغوط الدول الغربية المسيطرة على النظام العالمي، عسكرياً وسياسياً واقتصادياً ومالياً وإعلامياً وثقافياً، للاعتراف بالكيان الصهيوني. مما يجعل الحفاظ عليه، أو استقراره، أو اتباعه لنظام ديمقراطي انتخابي – تداولي حر ونزيه، غير ممكن بصورة شبه مطلقة.

أما إذا لم يقاوم، وقبل أن تؤدي الانتخابات إلى من يتبنى سياسة اعتراف وتطبيع وتعايش (خضوع) مع الكيان الصهيوني سيفقد الإجماع، ويسقط، ولن يكون من الممكن تطبيق نظام ديمقراطي تداولي بانتخابات حرة نزيهة. وذلك لما سينشأ من معارضة شعبية وعربية.

وبهذا يسقط الإجماع حول السياسة الخارجية، وطبيعة النظام الداخلي، والدولة العميقة (التي لا يقوم نظام، أي نظام، من دون دعمها). فها هنا، أيضاً، وأكثر، لا يمكن أن يقوم نظام ديمقراطي – تداولي انتخابي على أساس الخضوع أو المساومة مع الكيان الصهيوني، كما مع الدول الغربية الكبرى.

لهذا، إن كل من يطالب بإقامة نظام ديمقراطي من النمط الغربي الانتخابي – التداولي عليه أن يتأكد من عدم إمكان تطبيق ذلك أكان تحررياً، استقلالياً، وحدوياً، شعبياً، أم كان ليبرالياً، أقرب لما يريده الغرب في سياسته الخارجية، أو نظامه الداخلي أو دولته العميقة. فالمشكلة هنا هي وجود "دولة" الكيان الصهيوني في فلسطين.

أي في قلب البلاد العربية جغرافياً وتاريخياً وثقافياً ودينياً وانتساباً لأمّة واحدة.

ومن ثم فإن كل من يعتبر أن النظام الديمقراطي – التداولي من النمط الغربي هو الحل والمبتغى، فعليه أن يدعم الخلاص من وجود الكيان الصهيوني، ويعارض ما يلقاه من دعم أمريكي-غربي، بصورة خاصة.

وإن لم يفعل فتبنيه للنظام الديمقراطي-التداولي غير جدي، أو ذراً للرماد في العيون إن كان يدري حقيقة هذه العلاقة العدائية بين الديمقراطية ووجود الكيان الصهيوني.

وبالمناسبة لا يعرف الكثيرون أن إقامة الكيان الصهيوني في حرب 1948، أسهم في إسقاط إرهاصات الديمقراطية الأولى في مصر وسوريا والعراق. وذلك بسبب إنزال الهزيمة العسكرية بجيوشها التي واجهت جيش الكيان الصهيوني في تلك الحرب التي انتهت بنكبة فلسطين. الأمر الذي مهّد، أو حتم، لاحقاً لمسلسل الانقلابات العسكرية.

فمنذ اللحظة الأولى التي قامت بها دولة الكيان الصهيوني فتحت الأبواب على الحروب والصراعات والويلات والكوارث، بما في ذلك تكريس التجزئة والعقبات الكأداء أمام النهوض والتنمية، والعدالة الاجتماعية، والوحدة والديمقراطية بمعنييها الاجتماعي والسياسي. كما فتحت الأبواب أمام استشراء التبعية والفساد والاستبداد وألوان الانحطاط.

فلا يُهوننّ أحد من سلبيات زرع الكيان الصهيوني في فلسطين على كل البلاد العربية والإسلامية ومستقبل العالم.

*منير شفيق كاتب ومفكر فلسطيني

المصدر | عربي21

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: احتلال الحروب الصراعات الفساد التبعية الاستبداد فلسطين ديمقراطية التطبيع الكيان الصهيوني الانتخابات البلاد العربية مع الکیان الصهیونی البلاد العربیة الدول الغربیة

إقرأ أيضاً:

فرع فلسطين.. لماذا سمّي بهذا الاسم؟!

يعلم معظم السوريين والفلسطينيين وحشد من العرب قبل سقوط نظام الأسد وانتصار الثورة السورية بتاريخ 8 كانون الأول/ ديسمبر 2024، بفظائع وجرائم ترتكب بحق الإنسانية في سجون وأقبية هذا النظام وما خفي منها أعظم، لتعود إلى الواجهة قضية المعتقلين في السجون ومن قضوا تحت التعذيب، وذلك بعد اقتلاع النظام وتحرير آلاف السجناء من أصل مئات آلاف أعلن عن استشهادهم من قبل الشبكة السورية لحقوق الإنسان وكثير من أهالي المعتقلين الذين فقدوا الأمل بالعثور على أبنائهم. وبرز من بين المعتقلات والسجون سجن حلب المركزي وحماة فضلا عن السجون العسكرية كسجن صيدنايا والأفرع الأمنية وعلى رأسها فرع فلسطين، وهو موضوع هذه المقالة.

سمّي فرع فلسطين بهذا الاسم في العام 1969 مع بدء هيمنة حزب البعث على السلطة عسكريا في سوريا، وسمي بذلك لأنه المكان الذي كان يتعامل فيه نظام البعث الذي استولى على السلطة في سوريا في الستينيات ثم أقصى جناحه السياسي وكل الأحزاب الأخرى واتجه للعسكرة والمخابرات؛ مخابراتيا وأمنيا ليعاقب فيه نظام الأسد الأب الفلسطينيين ويعذبهم، ومن بينهم مقاومون مطلوبون لإسرائيل ومعتقلون لأسباب سياسية، بينهم فلسطينيون من سوريا والأردن ولبنان والداخل والضفة وغزة والقدس.

فرع فلسطين إذا كان هو المكان الذي خصص لقمع أو للقضاء على أي حراك شعبي أو سياسي أو ثقافي وطني فلسطيني يشكل حالة مستقلة عن النظام العربي ويهدد إسرائيل أو يهدد نظام الأسد أمنيا
فرع فلسطين إذا كان هو المكان الذي خصص لقمع أو للقضاء على أي حراك شعبي أو سياسي أو ثقافي وطني فلسطيني يشكل حالة مستقلة عن النظام العربي ويهدد إسرائيل أو يهدد نظام الأسد أمنيا، وبالتالي فهو -أي فرع فلسطين- القبضة الحديدية التي يحتوي من خلالها حافظ الأسد ومن بعده ابنه بشار الحالة الفلسطينية ويشتد الضغط الأمني وتزداد أعداد المعتقلين فيه كلما حاول الفلسطينيون خوض تجربة نحو الانعتاق والتحرر.. هذا كان دور الفرع وهو وأد حرية الفلسطينيين ولهذا سمي بهذا الاسم، وليس من العدل أن يطلق الاسم بهذه الصورة على مكان يراد منه القضاء على هويتهم ووجودهم الاجتماعي والوطني والسياسي، أو أن يصير اسم فلسطين اسما لمكان يمثل مسلخا بشريا يقتل فيه السوريون والفلسطينيون وأنصار القضية الفلسطينية تحت التعذيب؛ والفلسطينيون منه براء.

اسم فلسطين في هذا السياق لم يكن هدفه تخليد قضية فلسطين كما يعتقد كثيرون أو أنه بسبب تبني النظام لقضية فلسطين التي كانت تجارته الرابحة، وهي بطبيعة الحال بريئة منه وشعبها من أكبر ضحايا الأسد، بل هو اسم أمني سياسي هدفه الإشارة السرية بين ضباط المخابرات لنوعية العمل في هذا الفرع وتخصصه، وشيفرة لكل المنظومة المجرمة بأن هذا هو المكان الرئيس الذي يرسل إليه كل فلسطيني أو مناضل لأجل فلسطين وناشط في قضيتها حتى لو كان سوريّا أو لبنانيا أو أيا يكن يراد التخلص منه لأسباب سياسية.

ولاحقا بات المكان مكانا لسحق الجميع بمن فيهم المعارضون السوريون، لاحقا الثوار وشركاؤهم الفلسطينيون السوريون بعد اتساع رقعة الثورة في العام 2011 وعدم اتساع السجون لقتل الجميع.

ويشار في هذا السياق إلى أن كل الأدلة والقرائن تشير إلى استعمال فرع فلسطين كفرع لتعذيب كل من يراد التخلص منه أمريكيا بتهمة الإرهاب ولا سيما الإسلاميين، منذ تسعينيات القرن الماضي، إذ كانت وظيفة أنظمة على رأسها السوري والمصري تعذيب السجناء الذين ترغب واشنطن بالتخلص منهم أو رميهم هناك وكان لهذين النظامين دور وظيفي لدى المخابرات الدولية في ذلك بل يرجح انه سبب من اسباب تمسك الأمريكي والنظام العالمي بعدم تغيير هذين النظامين.

وفلسطينيا، كان الفرع بمثابة فرع متقدم لسجون عوفر ورامون والمسكوبية وسيدي تيمان والرملة الإسرائيلية؛ لا يختلف بهدفه عنها بل هو أقبح منها بكثير.. بل إن الرابط الحقيقي والوحيد بين فلسطين التي نعرفها وفرع فلسطين هو دماء الشهداء هنا وهناك، فكم من شهيد فلسطيني وسوري وعربي ارتقى تحت التعذيب في فرع فلسطين كان مدافعا عن قضية فلسطين؛ وكانت إسرائيل تريد التخلص منه وناب عنها نظام الأسد في ذلك..

خُصص فرع فلسطين خلال حقبة الحرب الأهلية في لبنان وفقا لمصادر لبنانية كمكان يُجمع فيه فلسطينيون من مخيمات لبنان ولبنانيون يريد نظام الأسد التخلص منهم. كما استعمله النظام لتجميع وتعذيب معظم كوادر وعناصر ومقاومي حركة فتح خلال فترة الانشقاق في العام 1983، حين كان يتم اتهامهم بأنهم "عرفاتيون" واستشهد كثيرون منهم في السجون.

وثق الفلسطينيون في سوريا منذ اندلاع الثورة السورية استشهاد أكثر من 700 فلسطيني تحت التعذيب ونتيجة الظروف السيئة في سجون الأسد، وفقا لمجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا، كما وثق خطف واعتقال وإخفاء آلاف آخرين منذ العام 2011، وهي أرقام ترتقي لشيء يشبه الإبادة الجماعية الصامتة إن قورنت بأعداد الفلسطينيين اللاجئين في سوريا التي تقدر بحوالي نصف مليون شخص، وفقا لوكالة غوثهم "أونروا"، مع الإشارة هنا إلى استشهاد ما بين 4 و5 آلاف فلسطيني خلال الثورة وتهجير أكثر من 150 ألفا خارج سوريا، وهم الذين فروا كما إخوتهم السوريين خوفا من البطش الذي كان يمارسه نظام الأسد ضدهم، كما دمر نظام الأسد بدعم روسي وإيراني معظم مخيماتهم وعلى رأسها عاصمة شتاتهم وتجمعهم في سوريا، مخيم اليرموك جنوب دمشق.

سجون الأسد وأفرعه الأمنية كلها بات من شبه المستحيل إيجاد سجناء فيها بعد اليوم وقد أُعلن عن المفقودين كشهداء، فالحل الأفضل هدمها كليا وإزالة ملامح السجون عنها وإقامة مزارات وحدائق وطنية مكانها وضروح كبيرة يزورها الناس؛ كمقابر تشبه تلك المقابر الجماعية في البوسنة والهرسك التي تعد نُصبا تذكارية لشهداء الإبادة
في اللحظة الأولى التي يصبح فيها الأمر متاحا، أي بعد تفريغ وترحيل كل ملفات وأرشيف وما تبقى في فرع فلسطين، لا بد من مطالبة الحكومة السورية الجديدة ليس بتغيير اسمه فقط بل بإزالته وإزالة ملامح السجن عنه وإقامة حديقة خضراء وضريح للشهداء مكانه اسمها "حديقة شهداء فلسطين"، كأكبر مقبرة جماعية ومزار لشهداء فلسطين، ولا بأس بوضع نصب تذكاري فوق المكان تكريما لشهدائه بأسماء من عُرف منهم فيه..

وبما أن سجون الأسد وأفرعه الأمنية كلها بات من شبه المستحيل إيجاد سجناء فيها بعد اليوم وقد أُعلن عن المفقودين كشهداء، فالحل الأفضل هدمها كليا وإزالة ملامح السجون عنها وإقامة مزارات وحدائق وطنية مكانها وضروح كبيرة يزورها الناس؛ كمقابر تشبه تلك المقابر الجماعية في البوسنة والهرسك التي تعد نُصبا تذكارية لشهداء الإبادة التي ارتكبها الجيش الصربي ضد البوسنيين، تُزار كمقابر أو مزارات وطنية لتذكر بحقبة الإبادة وتشحن الوطنية الحقيقة للشعبين السوري والفلسطيني، وليتم تصحيح السردية والاعتذار من اسم فلسطين الذي دنّسه هؤلاء القتلة، وكذلك تخليدا واحتراما لعذابات الشهداء ودمائهم التي لم ولن تجف في تلك البقعة التي تباركها دماء الشهداء رغم بشاعة ما كان يرتكب فيها. وكله لتذكر عذاباتهم وآلامهم دائما، فهذه ندبة لا تزول ويجب أن تظل سردية دائمة تدرّس في كتب التاريخ العربي والعالمي تخليدا لهم..

هذه البقعة رغم نجاسة ما كان يفعله نظام الأسد فيها لكنها طاهرة مطهرة بدماء الشهداء.. هي لا تصلح لأي شيء آخر، فلا إلغاؤها كسجون ومسالخ بشرية يمكن تجاهله، وليس كافيا، ولا عذابات من كانوا يستشهدون تحت التعذيب فيها يمكن تجاهله أو أنه يُسمح بإلغائها من الذاكرة الوطنية للسوريين والفلسطينيين والعالم كله، بل هي مقابر شهدائنا وفيها رائحة مسكهم وخلايا جلودهم وأجسادهم الطاهرة التي سنبكي عليها ونفخر بها في آن معا، ونحن أَولى بهم وبها، وهي ضروحهم الجماعية ونُصبهم التذكارية التي ستكون شعلة خلاصنا وحريتنا التي سنزورها في كل مناسبة تذكيرا بحقبة لن يُسمح بتكرارها على الإطلاق.

مقالات مشابهة

  • بات اليمنيون شوكة في خاصرة الكيان الصهيوني
  • الأمم المتحدة تدعو الكيان الصهيوني لتسريع انسحابه من لبنان
  • فرع فلسطين.. لماذا سمّي بهذا الاسم؟!
  • الكيان الصهيوني لسكان الجنوب اللبناني: كل من ينتقل لهذا الخط يعرض نفسه للخطر
  • اليمن تضرب محطة كهرباء الكيان الصهيوني بصاروخ باليستي فرط صوتي
  • الكيان الصهيوني يطالب سكان قطاع غزة بمنطقة البريج بإخلاء منازلهم فورا
  • “الكيان الصهيوني” يهدد بحظر “الأونروا” في غزة: الأمم المتحدة تحذر من كارثة إنسانية
  • القحوم: اليمن في طليعة المواجهة لدعم فلسطين ومجاهديها حتى زوال الكيان الصهيوني
  • الكيان الصهيوني يقتحم مدينة طولكرم مساء اليوم
  • الكيان الصهيوني.. انعدام الحيلة والبحث عن ضربة حظ في اليمن