الخليج الجديد:
2025-03-16@00:00:48 GMT

وجود الكيان الصهيوني والديمقراطية

تاريخ النشر: 13th, August 2023 GMT

وجود الكيان الصهيوني والديمقراطية

وجود الكيان الصهيوني والديمقراطية

لا يُهوننّ أحد من سلبيات زرع الكيان الصهيوني في فلسطين على كل البلاد العربية والإسلامية ومستقبل العالم.

لن يحقق أي بلد عربي إجماعاً داخلياً أو قبولاً عربياً بالتعايش أو الاعتراف أو التطبيع مع الكيان الصهيوني الذي يستهدف سلب كل فلسطين وترحيل كل أهلها.

أدت إقامة الكيان الصهيوني في حرب 1948 لإسقاط الديمقراطية في مصر وسوريا والعراق بسبب هزيمة جيوشها في الحرب التي انتهت بالنكبة مما مهّد للانقلابات العسكرية.

قيام الكيان الصهيوني فتح أبواب الحروب والصراعات والويلات والكوارث، وكرّس التجزئة والعقبات أمام النهوض واستشراء التبعية والفساد والاستبداد وألوان الانحطاط.

* * *

تناقش هذه المقالة بُعداً من الأبعاد التي تعطل إرساء نظام ديمقراطي من النمط الذي مثلته الديمقراطية الغربية من حيث الانتخابات والتداول على السلطة، لا سيما في البلاد العربية.

وهذا البُعد مرتبط بوجود الكيان الصهيوني في فلسطين. فوجود الكيان الصهيوني مثّل مشروعاً فرضه الاستعمار البريطاني ودعمته الدول الغربية بخاصة، منذ ما بعد الحرب العالمية الأولى.

وقد تم ذلك بالقوة العسكرية القاهرة، ومن خلال الغزو الاستيطاني لمجموعات يهودية صهيونية قامت باقتلاع ثلثي الشعب الفلسطيني، والحلول مكانهم وإقامة كيان صهيوني حمل اسم "دولة إسرائيل". وقد اقتضت هذه العملية أن تتم من خلال الحروب التي عرفتها الأرض الفلسطينية، والأرض العربية المجاورة، طوال مائة سنة تقريباً حتى الآن.

فوجود هذا الكيان وتاريخه مع الشعب الفلسطيني، والأمة العربية، بخاصة، شكل حالة صراع تاريخية، لا حل لها، إلا بالخلاص منه (تحرير فلسطين) من جانب، أو فرض المشروع الصهيوني على فلسطين والعرب والمسلمين، من جانب آخر.

وهو مشروع كما أثبتت تجربة مائة العام المذكورة، يقتضي الاستيلاء على كل فلسطين، واقتلاع، أو ترحيل، كل الشعب الفلسطيني لتكريس فلسطين "وطناً قومياً" ليهود العالم.

هذا الصراع، أو التناقض، بين هذين الجانبين جعل إرساء نظام ديمقراطي من النمط الغربي في البلاد العربية غير ممكن ما دام هذا الصراع قائماً، أو هذا التناقض، بلا حل. كيف؟ أو لماذا؟

الجواب: لأن نمط النظام الديمقراطي خاصة ببعده الانتخابي والتداولي على السلطة، استناداً لنتائج دورة انتخابية خلال أربع سنوات للبرلمان، والبعض الرئاسي قد يمتد لست سنوات، يقتضي، أو من شروطه أن يُصار إلى تحقيق إجماع وطني مدعوماً من الدولة العميقة، حول الاستراتيجية (أو السياسة) الخارجية للبلد المعني، كما لطبيعة النظام الداخلي، بما في ذلك الاتفاق على كيفية وحدود إجراء تغيير في هذين البعدين، (في العادة يكون جزئياً وضمن الإجماع الوطني حوله).

وهذا ما يفسّر في تجربة النظام الديمقراطي الغربي ثباته في الولايات المتحدة الأمريكية، أو بريطانيا مثلاً لمدى مئات السنين، أي بالنسبة للسياسة الخارجية، أو النظام الداخلي والدولة العميقة.

أما إذا تعرض أحد هذه الشروط: الاستراتيجية الخارجية، أو النظام الداخلي أو الدولة العميقة، لتغيير نوعي، فإن النظام الديمقراطي يسقط، ويدخل في أزمة لا تسمح له بإجراء انتخابات حرة نزيهة، أو التبادل في حكم البلاد. وإن المثل هنا يتجسد في التجربة الألمانية (النازية) أو الإيطالية (الفاشية). وقد أدتا إلى حرب عالمية، وليس إلى نسف النظام الانتخابي – التداولي فقط.

ولذلك، فإن تطبيق ديمقراطية (انتخابية تداولية على السلطة)، كما دلت التجربة، في أي من البلاد العربية غير ممكن. وذلك لأن من غير الممكن الاتفاق على السياسة أو الاستراتيجية الخارجية مع الكيان الصهيوني، كما على النظام الداخلي والدولة العميقة، لدعم تلك السياسة.

وبكلمات أخرى، فإن أي بلد عربي لا يستطيع أن يحقق إجماعاً داخلياً أو قبولاً عربياً على التعايش أو الاعتراف أو التطبيع مع الكيان الصهيوني الذي يستهدف سلب كل فلسطين وترحيل كل أهلها، وتحويلها إلى وطن قومي ليهود العالم. ومن ثم لا يحتمل الوضع أن تجري انتخابات حرة ويصار إلى تسلم السلطة على ضوئها، في نظام اعترف، أو طبع، أو تعايش مع المشروع الصهيوني، الذي يريد أن يطبق كل مشروعه.

أما من جهة أخرى، فإن إقامة نظام ديمقراطي تداولي معادٍ للكيان الصهيوني أو عامل على تحرير فلسطين أو حتى "محايد" غير مطبّع، سيواجه "حرباً" (حصاراً ومعاداة) من قٍبل أمريكا والدول الغربية.

ومن ثم سيواجه كل ما يمنع استقراره كنظام ديمقراطي انتخابي ـ تداولي. وهذا ما واجهته كل الدول العربية التي وقفت إلى جانب الحق الفلسطيني (الذي هو حق عربي، بامتياز، من فلسطين) من ألوان الحصار والتضييق ودعم الانقلاب العسكري ومحاولات تفتيت الوحدة الداخلية.

فما من نظام يمكن أن يقوم في البلاد العربية، أكان ديمقراطياً على النمط الغربي، أم على غير ذلك، إلاّ ويتعرض لضغوط الدول الغربية المسيطرة على النظام العالمي، عسكرياً وسياسياً واقتصادياً ومالياً وإعلامياً وثقافياً، للاعتراف بالكيان الصهيوني. مما يجعل الحفاظ عليه، أو استقراره، أو اتباعه لنظام ديمقراطي انتخابي – تداولي حر ونزيه، غير ممكن بصورة شبه مطلقة.

أما إذا لم يقاوم، وقبل أن تؤدي الانتخابات إلى من يتبنى سياسة اعتراف وتطبيع وتعايش (خضوع) مع الكيان الصهيوني سيفقد الإجماع، ويسقط، ولن يكون من الممكن تطبيق نظام ديمقراطي تداولي بانتخابات حرة نزيهة. وذلك لما سينشأ من معارضة شعبية وعربية.

وبهذا يسقط الإجماع حول السياسة الخارجية، وطبيعة النظام الداخلي، والدولة العميقة (التي لا يقوم نظام، أي نظام، من دون دعمها). فها هنا، أيضاً، وأكثر، لا يمكن أن يقوم نظام ديمقراطي – تداولي انتخابي على أساس الخضوع أو المساومة مع الكيان الصهيوني، كما مع الدول الغربية الكبرى.

لهذا، إن كل من يطالب بإقامة نظام ديمقراطي من النمط الغربي الانتخابي – التداولي عليه أن يتأكد من عدم إمكان تطبيق ذلك أكان تحررياً، استقلالياً، وحدوياً، شعبياً، أم كان ليبرالياً، أقرب لما يريده الغرب في سياسته الخارجية، أو نظامه الداخلي أو دولته العميقة. فالمشكلة هنا هي وجود "دولة" الكيان الصهيوني في فلسطين.

أي في قلب البلاد العربية جغرافياً وتاريخياً وثقافياً ودينياً وانتساباً لأمّة واحدة.

ومن ثم فإن كل من يعتبر أن النظام الديمقراطي – التداولي من النمط الغربي هو الحل والمبتغى، فعليه أن يدعم الخلاص من وجود الكيان الصهيوني، ويعارض ما يلقاه من دعم أمريكي-غربي، بصورة خاصة.

وإن لم يفعل فتبنيه للنظام الديمقراطي-التداولي غير جدي، أو ذراً للرماد في العيون إن كان يدري حقيقة هذه العلاقة العدائية بين الديمقراطية ووجود الكيان الصهيوني.

وبالمناسبة لا يعرف الكثيرون أن إقامة الكيان الصهيوني في حرب 1948، أسهم في إسقاط إرهاصات الديمقراطية الأولى في مصر وسوريا والعراق. وذلك بسبب إنزال الهزيمة العسكرية بجيوشها التي واجهت جيش الكيان الصهيوني في تلك الحرب التي انتهت بنكبة فلسطين. الأمر الذي مهّد، أو حتم، لاحقاً لمسلسل الانقلابات العسكرية.

فمنذ اللحظة الأولى التي قامت بها دولة الكيان الصهيوني فتحت الأبواب على الحروب والصراعات والويلات والكوارث، بما في ذلك تكريس التجزئة والعقبات الكأداء أمام النهوض والتنمية، والعدالة الاجتماعية، والوحدة والديمقراطية بمعنييها الاجتماعي والسياسي. كما فتحت الأبواب أمام استشراء التبعية والفساد والاستبداد وألوان الانحطاط.

فلا يُهوننّ أحد من سلبيات زرع الكيان الصهيوني في فلسطين على كل البلاد العربية والإسلامية ومستقبل العالم.

*منير شفيق كاتب ومفكر فلسطيني

المصدر | عربي21

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: احتلال الحروب الصراعات الفساد التبعية الاستبداد فلسطين ديمقراطية التطبيع الكيان الصهيوني الانتخابات البلاد العربية مع الکیان الصهیونی البلاد العربیة الدول الغربیة

إقرأ أيضاً:

إجراءات أمنية مشددة في سوريا تزامنا مع إحياء ذكرى الثورة

تشهد العاصمة السورية دمشق إجراءات أمنية مشددة، خصوصا في محيط ساحة الأمويين وسط المدينة، استعدادا لتجمعات في الساحة للاحتفال بحلول الذكرى الرابعة عشرة للثورة السورية.

ويُتوقع خروج مظاهرات في المحافظات السورية احتفالا بذكرى الثورة السورية التي أعلنت انتصارها بإسقاط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في الثامن من كانون الاول /ديسمبر العام الماضي.

وتجمع عشرات المواطنين في ساحة السبع بَحْرات في مدينة ادلب لإحياء الذكرى الرابعة عشرة لانطلاق الثورة السورية ضد نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.

ورفع المحتفلون العلم السوري الذي مثل راية للثورة طيلة سنواتها ورددوا هتافات طالبت بتطبيق العدالة الانتقالية ومحاسبة رموز النظام السابق.

أهالي إدلب يتوافدون إلى ساحة السبع بحرات للاحتفال بالذكرى الـ 14 للثورة السورية.#سانا pic.twitter.com/jYnKY5J7EN

— الوكالة العربية السورية للأنباء – سانا (@SanaAjel) March 15, 2025

اعتقال

وأفاد مراسل الجزيرة نقلا عن مصدر أمني سوري أن إدارة الأمن العام ألقت القبض في ريف طرطوس على أحد فلول النظام المخلوع الذين هاجموا حاجز دوار المحكمة في بانياس.

وأضاف المصدر أن عناصر من فلول النظام المخلوع يستقلون دراجة نارية هاجموا فجر اليوم حاجز المركز الثقافي في مدينة بانياس بقنبلتين يدويتين دون أن تسجل إصابات في صفوف عناصر الأمن العام الموجودين على الحاجز.

إعلان

وانطلقت الثورة السورية عام 2011  من احتجاجات شعبية عفوية سلمية في المناطق السورية المهمشة تطالب بالحرية والكرامة ووضع حد للقمع والفساد والدكتاتورية، لكنها سرعان ما عمت معظم مناطق سوريا.

وقمع نظام الأسد بالسلاح المظاهرات السلمية فسقط مئات الآلاف من الضحايا، وتشرد الملايين نزوحا في الداخل السوري ولجوءاً في مختلف بقاع العالم، وتحولت سوريا إلى أزمة دولية وساحة للصراع بين القوى الإقليمية والدولية.

مقالات مشابهة

  • (تسلسل زمني) أبرز محطات الثورة السورية من انطلاقها حتى إعلان الدستور
  • إجراءات أمنية مشددة في سوريا تزامنا مع إحياء ذكرى الثورة
  • الفيدرالية في ظل الأزمة الليبية
  • معهد فلسطين للأمن القومي: الخطة المصرية لإعمار غزة واقعية وتخدم الأولويات العربية
  • وزير الخارجية اللبناني يؤكد أن موضوع التطبيع مع الكيان الصهيوني غير مطروح نهائيًا
  • أبرز الفئات التي شملها قرار الداخلية السورية إلغاء بلاغات منع السفر
  • تحقيق أممي: الكيان الصهيوني ارتكب أعمال إبادة في غزة عبر تدمير قطاع الصحة الإنجابية
  • بسبب بتر الصحراء.. نقابة مغربية تنسحب من الجبهة العمالية العربية للدفاع عن فلسطين
  • المنظمة السورية للطوارئ قلقة من التضليل المتعلق بأحداث الساحل
  • ذبحتونا تحذر من موجة احتجاجات واسعة إذا أصرت الوزارة على تطبيق النظام الجديد