"فش نت".. صحفيات غزة يعملن من دون إنترنت بعد قطع إسرائيل الاتصالات
تاريخ النشر: 7th, October 2024 GMT
يستعرض هذا التقرير معاناة ثلاث صحفيات من غزة، بسبب انقطاع الاتصالات والإنترنت خلال الحرب، وتأثير ذلك في عملهن وتواصلهن مع ذويهن، خاصة مع استمرار شدة القصف.
« لا إنترنت ولا لابتوب (جهاز الحاسوب المحمول) » هذا ما ذكرته الصحفية -الناجية من الحرب كما تصف نفسها- دعاء فايز، التي تعمل في مجال الصحافة منذ سبع سنوات، محررة ومنتجة قصص فيديو؛ فهي خسرت عملها مراسلة صحفية لعدة مواقع منذ بداية الحرب.
تروي دعاء معاناتها في الحصول على الإنترنت، بعدما قطع الجيش الإسرائيلي خطوط الاتصالات منذ بداية الحرب على قطاع غزة، في السابع من أكتوبر 2023، بالإضافة إلى فقدانها للابتوبها الخاص بسبب القصف.
كانت دعاء تعيش حينها في مخيم جباليا، قبل النزوح مع عائلتها إلى المنطقة الوسطى؛ فهناك لم يكن لديها أيّ إمكانيات للعمل؛ لأن عملها محررة يعتمد على الإنترنت، وانقطاعه سبّب لها معضلة كبيرة، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة بسبب الحصار والحرب. كما أنها مصدر الدخل الرئيسي لعائلتها، بعدما فقد أشقاؤها عملهم في شركات خاصة بمدينة غزة.
بالتزامن مع المعارك العسكرية على قطاع غزة، غالباً ما تنهمك الصحفيات في العمل إلى جانب زملائهن الصحفيين على مدار الساعة؛ لنقل الأخبار وإنتاج التقارير السياسية والقصص الإنسانية. لكن في حرب غزة الأخيرة، توقف العمل، وباتت جملة « فش نت » الأشهر على لسان العاملين في مجال الصحافة والإعلام.
فمنذ بدء الحرب على غزة، قصف الجيش الإسرائيلي أعمدة الإنترنت وشركات الاتصالات، فعزل سكان غزة عن العالم، وبقيت أعداد قليلة من الصحفيين تبُث الأخبار عبر شرائح « السلكوم » الإسرائيلية، المتصلة بالإنترنت، أو عن طريق « الشرائح الإلكترونية » التي تسمح بالاتصال من دون الحاجة إلى استخدام شريحة اتصال (سيم) تقليدية.
وبحسب ميثاق حقوق الإنسان، يُحظر قطع الاتصال بين الناس، والإنترنت يدخل -بطبيعة الحال- ضمن أهم وسائل الاتصال، وأيّ مساس بهذا الحق يُعدّ انتهاكاً لحقوق الإنسان.
وفي هذا الشأن، أصدر مجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة، قراراً عام 2016، يدين فيه التدابير الرامية إلى المنع المتعمد أو عرقلة نشر المعلومات والوصول إليها على شبكات الإنترنت.
كانت دعاء فايز تبذل جهداً كبيراً، من أجل القيام بعملها الصحفي؛ فكانت تخرج من بيتها وقت القصف إلى أقرب نقطة اتصال، وتشتري بطاقة « نت شارع » بشيكل، ثم تجلس على الرصيف تنتظر بريداً إلكترونياً، أو ترسل مادة صحفية، أو تستعد لإجراء مقابلة؛ ما كان يُعرّض حياتها للخطر بشكل مستمر.
تذكر دعاء أنها كانت -في بعض الأحيان- تضطر إلى الصعود ليلاً أعلى سطح المنزل، لالتقاط شبكة الإنترنت، لمواصلة عملها في تغطية أخبار الحرب؛ رغم المخاطر المترتبة على ذلك؛ فالطائرات الإسرائيلية لا تتوقف عن التحليق في سماء غزة.
تحكي دعاء عن أصعب المواقف التي مرت بها، حين تعرقلت قدمها بحبل إحدى خيام الصحفيين، المجاورة للمستشفى الكويتي بمدينة رفح، أثناء محاولتها الخروج مسرعة لالتقاط شبكة الإنترنت، كي ترسل خبراً عاجلاً؛فتعرضت على إثرها لإصابة.كما أن قطع خطوط الاتصال والإنترنت أثرا في حياتها الشخصية، خاصة بعدما اضطر أشقاؤها إلى النزوح لمكان آخر، فكانت تسمع أصوات القصف بالقرب منهم، لكنّها لم تستطع التواصل معهم، ما زاد من القلق والضغط النفسي الواقع عليها.
لكنّ أصعب موقف مرت به دعاء، كان وفاة والدها في مدينة أريحا، منتصف إبريل 2024؛ حيث اضطر إلى الذهاب لعمله رغم مرضه قبل الحرب. لم تعلم دعاء ولا أسرتها بوفاته إلا وقت جنازته، بسبب انقطاع الاتصالات والإنترنت.
وذكرت أنه بسبب الحرب وقطع الاتصالات، لم يستطع الاطمئنان عليهم، ولم تستطع العائلة التواصل معه. وبعد ساعات من وفاته، تمكن صديق والدها من الاتصال بهم لضعف شبكات الاتصال؛ وأخبرهم أن الأصدقاء سيقومون بتشييعه، ولم تتمكن دعاء ولا أسرتها من إلقاء نظرة الوداع على أبيها.
لم تنتهِ مأساة دعاء عند هذا الحد، حيث تعرضت المنطقة التي نزحت إليها لقصف عنيف؛ كادت أن تفقد حياتها، لكن فرق الإنقاذ تمكنت من انتشالها مصابة من تحت الأنقاض.
الإنترنت متاح لدقيقتين!« حصتي من الإنترنت أسبوعياً كانت دقيقتين لا أكثر »، تقول معدة التقرير مها شهوان. كنتُ من خلالهما أرسل رسالة لعمي بكندا، أَطمئن من خلاله على أهلي في شمال القطاع، بسبب نزوحي إلى وسط غزة. كنت أكتب له عبر الواتساب: « كيف الأهل، فيرد بخير ». كان يعرف الأخبار عن طريق ابن خالي المقيم في فرنسا، حيث كان يتصل الأخير اتصالاً دولياً على والده، الذي يسكن بجانب عائلتي.
يتعجب كثيرون حين يسمعون أن اتصالي بالإنترنت لم يكن سوى دقيقتين أسبوعياً. لكنّ الحرب علمتني الكثير، ليس فقط في إدارة الوقت، لكن في إدارة كل شؤون الحياة المُهدَّدة في كل لحظة. خلال الدقيقتين، كنت أحدّث الواتساب فقط؛ لأنه التطبيق الوحيد الذي تصل من خلاله الرسائل بشكل أسرع، بخلاف الفيسبوك. وبعد تحديث الرسائل وانقطاع الإنترنت، أقرأ ما وصلني وأرد على بعضها، ويصل الرد حين أتصل بالإنترنت مرة أخرى.
أذكر في إحدى المرات، كنت محظوظة حين قرر نازح معي -وهو صاحب هاتف الأيفون، ويمتلك شريحة « الإيسم الإلكترونية »- منحي خمس دقائق، وليته لم يمنحني تلك الدقائق؛ فقد علمت باستشهاد ابن عمتي عن طريق الفيسبوك. كانت تمضي أسابيع طويلة لا أعرف فيها شيئاً عن عائلتي، لدرجة أنني تأهبت لسماع أيّ خبر سيء عنهم.
أما عن عملي، فقد عانيت كثيراً بسبب انقطاع الإنترنت والتيار الكهربائي أيضاً. كانت طريقتي في العمل محسوبة؛ أستغل الدقائق القليلة المتاح فيها الإنترنت، فأبحث عن المعلومات المتعلقة بالموضوع المكلفة بكتابته، ثم أحفظ بعض المعلومات « من خلال النسخ واللصق »، وأرسلها عبر الواتساب لرقمي الشخصي. بعدها أكتب وأحرر التقرير على ورقة، ثم أشحن جهاز اللابتوب على الطاقة الشمسية، وأعيد كتابة المادة على اللابتوب ثم أنقلها -عبر وصلة- إلى جهاز الموبايل، وأشبك الإنترنت لأقل من دقيقة وأرسل المادة بشكلها النهائي.
تحديات الاتصال والتواصل متشابهةفي شمال قطاع غزة، تعيش الصحفية لميس الهمص برفقة عائلتها –زوجها وأولادها الأربعة- رافضة النزوح إلى الجنوب؛ فبقيت محاصرة كحال غالبية سكان المناطق الشمالية، ومنقطعة عن العالم الخارجي لأسابيع طويلة، لانقطاع شبكات الإتصال والإنترنت.
تعمل الهمص في المجال الصحفي منذ 16 عاماً، وتقول إن انقطاع الإنترنت « شلّ حياتهم »؛ فهو أساس الحياة للتواصل ومعرفة الأخبار والاطمئنان على الأسرة في أي مجتمع، لكن في الحرب لم أستطع التواصل مع عائلتي التي نزحت إلى المنطقة الوسطى، أو حتى معرفة مكان القصف القريب منا.
وتضيف الهمص قائلة: « بداية الحرب كان الإنترنت مفصولاً عن مناطق معينة وموجوداً في أماكن أخرى، كنا نضطر إلى المشي مسافات طويلة للاتصال بالإنترنت وإرسال المواد الصحفية ».
وتشير لميس الهمص إلى العزلة التامة التي عاناها سكان شمال القطاع، بعد أسابيع قليلة من الحرب؛ بسبب الانقطاع الكامل في خطوط الاتصالات والإنترنت، حتى إن معرفة الأخبار في محيطها القريب باتت مستحيلة.
وتذكر أنها وزوجها الصحفي محمد أبو قمر، بقيا لمدة شهر كامل من دون إنترنت أو اتصالات، لافتة إلى أن وسيلة الأخبار الوحيدة كانت حين يغامر زوجها ويخرج من البيت، ويلتقي النازحين ويسألهم: « من وين جايين، وإيش صار معكم »، حتى يعرفوا أين وصلت الدبابات الإسرائيلية.
وتأكيداً على ما ذكرته الهمص، ذكر المرصد الأورومتوسطي أن الاستهداف الإسرائيلي المتكرر للمدنيين، خلال محاولتهم التقاط إشارة الاتصالات والإنترنت، يتركز على المناطق المحاصرة، التي يرتكب فيها الجيش الإسرائيلي شتى الجرائم المخالفة للقانون الدولي، الأمر الذي يعرقل التغطية الصحفية لهذه الجرائم ونقلها إلى العالم.
وأضاف المرصد أن هذا الاستهداف يتمّ في وقت يعاني فيه سكان قطاع غزة انقطاعاً مستمراً وشبه كامل للاتصالات؛ ما يؤدي إلى تفاقم معاناتهم تزامناً مع تعرّضهم للقصف الجوي والمدفعي الكثيف على مدار الساعة، وحتى تاريخ نشر هذا التقرير.
كلمات دلالية صحافيات غزة، إسرائيل، طوفان الأقصى
المصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: الاتصالات والإنترنت قطاع غزة من خلال
إقرأ أيضاً:
فريق طلابي يبتكر عربة تسوق ذكية بتقنية إنترنت الأشياء
العُمانية: تمكّن فريق طالبات من جامعة صحار بابتكار مشروع عربة تسوق ذكية باستخدام تقنية إنترنت الأشياء، وهو أحد المشروعات البحثية الممولة من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار وبإشراف مركز نقل التكنولوجيا وحاضنة الأعمال بالجامعة.
ويتكون الفريق من هبة بنت ناصر المعمرية، وعذاري بنت علي المحروقية، وروان بنت حمدان المعمرية، وبإشراف البروفيسور جبار يوسف من كلية الحاسوب وتقنية المعلومات.
وأوضحت الطالبة هبة بنت ناصر المعمرية أن فكرة المشروع تقوم على ابتكار عربة تسوق ذكية يتم الشراء من خلال شاشة تعمل باللمس مدمجة مزودة بقارئ الباركود، يتعرف على المنتج بمسح الكود واسترجاع معلوماته (النوع والاسم والكمية والسعر) من قاعدة بيانات مركزية يتم الولوج لها باستخدام شبكات الواي فاي.
وأضافت أنه من خلال هذه العربة الذكية يتمكن المستهلك من إدارة قوائم التسوق الخاصة به بسهولة (إضافة منتج/ إزالة منتج) من العربة ويقوم النظام تلقائيًّا بإنشاء الفاتورة وطباعتها أو اختيار الدفع الذاتي المدمج بالعربة بمسح بطاقات الدفع الإلكترونية الخاصة بهم من خلال عربة التسوق، ومغادرة المتجر دون الوقوف في طوابير الانتظار، كما تعمل العربة الذكية على مساعدة المستهلك من قراءة أسعار المواد بسهولة، وأيضًا التعرف على تاريخ انتهاء صلاحية المنتج وكمية المخزون من المواد المختارة، فضلًا عن عرض قوائم المواد المشمولة بالتخفيض أو العروض الترويجية، وإظهار سعر إجمالي العناصر التي أضافها المستهلك إلى عربة التسوق الخاصة به حتى الآن لمساعدته على البقاء ضمن حدود ميزانيته المتاحة.
وقالت هبة المعمرية: إن أهمية العربة الذكية تكمن في المساعدة في حل مشكلة الازدحام الهائل في الأسواق المركزية والمتاجر الكبرى أثناء عروض الخصم أو عطلات نهاية الأسبوع، ما يلغي الحاجة للانتظار في طوابير طويلة، كما تضمن العربة الذكية المقترحة تجربة سلسة وفعالة الزبائن وتجار التجزئة، فهي تحسن جودة الخدمة وتزود الزبائن بتجربة تسوق مريحة وتقلل وقت الانتظار وتزيد من نسبة الإقبال على الشراء.
وأضافت أنه على الرغم من الاهتمام المتزايد بعربات التسوق الذكية، إلا أن هناك حاجة إلى المزيد من الأبحاث الشاملة التي تقيم تأثيرها على تجربة الزبائن والكفاءة التشغيلية، ولمعالجة هذه الفجوة، تم إجراء مسح للدراسات السابقة لمعرفة طرق تنفيذ عربات التسوق الذكية بدقة في سيناريوهات البيع بالتجزئة في العالم الحقيقي ومدى تأثيرها على رضا الزبون وجودة التسوق.
وأوضحت الطالبة عذاري بنت علي المحروقية أن أهداف استخدام عربة التسوق الذكية في سلطنة عُمان تشمل على استكشاف القدرات والميزات التكنولوجية لعربات التسوق الذكية، وتطوير تطبيق جوال لإدارة وعرض عناصر عربة التسوق، وتحسين جودة الخدمة من خلال الاستفادة من تقنية إنترنت الأشياء، إضافة إلى أتمتة خدمة الفاتورة والدفع الذاتي، وتسريع عملية الشراء خلال أوقات الذروة، والتحقيق في تأثير عربات التسوق الذكية على رضا الزبائن.
كما أشارت المحروقية إلى الأهمية الأكاديمية والعلمية لمشروع عربة التسوق الذكية والتي تشمل الأهمية الأكاديمية ذلك أنها توفر مجالًا غنيًّا للبحث الأكاديمي لاستكشاف سلوك الزبائن، وتأثير تقنية إنترنت الأشياء على تجارة التجزئة، وفعالية الحلول المبتكرة في تحسين تجربة التسوق الشاملة، وتسمح بالتعاون بين علوم الكمبيوتر (HCI)، ودراسات الأعمال (إدارة المخزون)، والهندسة (تصميم RFID وإنترنت الأشياء)، وغيرها من التخصصات الأكاديمية، إضافة إلى الأهمية العلمية.
وتحدثت الطالبة روان بنت حمدان المعمرية عن المنهجية العلمية المتبعة في المشروع البحثي لتطوير العربة الذكية للتسوق وقالت: إن تنفيذ عربة التسوق الذكية تضمن مسحًا شاملًا للدراسات السابقة لمعرفة التحديات الفنية وتقييم تجربة المستخدم وتقييم الفعالية الإجمالية لنظام عربة التسوق الذكية، وشملت منهجية البحث عددًا من الخطوات أهمها: جمع تحليل متطلبات النظام وتحديد أهداف المشروع، وتحديد أهداف عربة التسوق الذكية، وتحديد أصحاب المصلحة، ومعرفة أهم المميزات الناجحة، ومسح للدراسات السابقة لمعرفة طرق تنفيذ عربات التسوق الذكية مثل تقنيات إنترنت الأشياء المختلفة.
وذكرت أن الفريق يطمح أن تجد الفكرة من يتبناها ليكون إنتاجها بشكل تجاري، لاعتبارها فرصة كبيرة من أجل خدمة المجتمع العُماني وطرح أفكار مبتكرة إبداعية تسهم في تطوير نظم معلومات ومنتجات تخدم المستهلك العُماني، وتساعد على فتح فرص عمل واعدة للطلبة المتخرجين حديثًا ليكونوا مسهمين فاعلين في رقي سوق العمل في سلطنة عُمان والاتجاه نحو الأسواق العالمية.