عربي21:
2025-03-05@01:20:37 GMT

الانتخابات الرئاسية في تونس.. الفوز المحسوم

تاريخ النشر: 7th, October 2024 GMT

أظهرت جل المؤشرات المواكبة لاقتراع 6 تشرين الأول/ أكتوبر 2024 أن الفوز محسوم لصالح الرئيس قيس سعيد، المنتخب منذ العام 2019. فالمناخ السياسي العام في تونس لا يسمح موضوعيا بالحديث عن تنافس انتخابي رئاسي بالمعايير المتعارف عليها في الديمقراطيات العصرية، حيث من أصل سبعة عشر مرشحا للانتخابات الرئاسية، لم تعتمد الهيئة المستقلة للانتخابات، الموكول لها دستوريا بالإشراف على العملية الانتخابية، سوى ثلاثة أسماء، وهم: رئيس الدولة الحالي "قيس سعيد"، و"زهير المغزاوي"، أمين عام "حركة الشعب"، و"العياش الزمال" عن حزب "عازمون"، الذي أُدخل السجن بتهمة تزوير تزكيات الترشح للاقتراع الرئاسي.

وإذا اعتبرنا المرشح الثاني مؤيدا للرئيس قيس، وإن كان يعتبر نفسه محسوبا على صفوف المعارضة، فإن نتائج الانتخابات محسوبة سلفا للرئيس الحالي، ويصعب معها تاليا الحديث عن التنافسية والتباري الحقيقي على مؤسسة الرئاسة.

تؤكد المؤشرات الأساسية للانتخابات التنافسية في الديمقراطيات العصرية على أن أول شرط في تحقيق التنافس أن تكون إرادة المترشحين حرة غير مقيدة، وأن تلتزم الدولة الحياد، ولا يكون تدخلها مقبولا ومشروعا إلا حين تتعرض هذه الحرية للتضييق والتقييد، وأن تكون القوانين المنظمة للعمليات الانتخابية، وعلى رأسها القانون الانتخابي، متوازنة، ومؤسسة على التراضي والقبول، وأيضا أن يكون القضاء، وفي صدارته القضاء الدستوري، مستقلا ونزيها، وحاميا لحقوق الجميع على أساس معقول من التكافؤ والمساواة.

فمن المفارقة أن انتخابات 2019 جرت بين ستة وعشرين مرشحا من كل الأطياف السياسية، فاز فيها الرئيس الحالي "قيس سعيد" بنسبة 72.71 في المئة من أصوات المقترحين، الذين وصلت مشاركتهم إلى 58 في المئة، في حين لم يتجاوز عدد المترشحين في الانتخابات الحالية ثلاثة أسماء، ولم يُعرف بعد عدد المشاركين فعلا في انتخابات 6 تشرين الأول/ أكتوبر 2024، وإن ناشدت خطب الرئيس عشية الاقتراع المواطنين من أجل المشاركة بكثافة في ما وصفه بـ"موعد مع التاريخ"، ولحظة انطلاق "العبور نحو بناء جديد".

وتتكامل مع هذه المفارقة خطوات أخرى ذات أبعاد عميقة، أقدمت عليها مؤسسة الرئاسة في تونس منذ العام 2021، تتعلق بسلة الإجراءات التي مست القوانين، بما فيها بعض فصول الدستور (فصل 81 على وجه الخصوص)، والعمليات الانتخابية، ومؤسسة القضاء، وحل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة، وإعادة النظر في مصفوفة من النصوص التشريعية ذات العلاقة بالحقوق والحريات، علاوة على قطاع الصحافة، ووسائل الاتصال والتواصل بكل مكوناته..

ففي الإجمال لم تكن ولاية الرئيس "قيس سعيد" الأولى (2019-2024) عُهدة عادية، بقدر ما كانت عملية جراحية لكل مفاصل السلطة في البلاد، ظل الدافع الرئيس إليها في مشروع الرئيس واستراتيجية إعادة بناء تونس الجديدة، التي أنهكتها المزايدات السياسية والحزبية، وفساد النخبة وابتعادها عن مطالب المواطنين وتطلعاتهم، وأضعفت هيبتها تدخلات القوى الدولية والإقليمية. والحال أن قدرة الرئيس في الذهاب بعيدا في عمليته الجراحية كانت واضحة ومؤكدة ولا يختلف حولها اثنان.. لكن بأية كلفة وأي ثمن؟

تقدم تونس اليوم صورة البلد الذي ابتعد كثيرا وبشكل جوهري وعميق عن الآفاق التي فتحتها ثورته لعام 2011، وهو الذي أطلق شرارة ما سُمي الحراك العربي، الممتد، وإن بدرجات متباينة، على مدار سبع عشرة دولة من المحيط إلى الخليج. ثم إن المناخ السياسي الموسوم بإطلاق الحريات، وموجات النقاش العمومي، ووعد بالكثير من الآمال والتطلعات، خبت جذوته، وأصيب بالانكفاء والنكوص، إلى حد لم يعد موضوعيا الحديث عن كل جناه التونسيون من مكاسب حراكهم الوطني.

فالمعارضة غدت معارضات بالجمع، مشتتة، ومنقسمة على نفسها، وعاجزة عن تضميد أطرافها ومفاصلها، وتقريب وجهات نظرها، ورسم صورة مشتركة عن واقع تونس ومستقبلها. كما أن جل رموز هذه المعارضات قابعة في السجون، أو مُبعدة عنوة وبالقوة، وما بقي منها يشكو من وهن وعجز أكيدين. والحقيقة أن ليست صورة تونس في الداخل تعرضت وحدها للضرر والخدوش، بل صورتها في العالم أيضا، عكستها تقارير المنظمات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان، وحريات الرأي والتعبير والإعلام، واستقلال القضاء ونزاهته، وتنافسية الانتخابات وحياد الدولة والإدارة إزاءها.

يميز علماء السياسة والاجتماع بين نوعين من الشرعية، هما: شرعية الانتخاب وشرعية الإنجاز، ويشددون على أن شرعية الانتخاب، كي تظل مقبولة وغير متنازع حولها، يجب أن تتعزز بشرعية الإنجاز، أي شرعية تحقيق رفاهية المواطنين وشروط عيشهم الكريم، وإذا لم يحصل هذا فإن شرعية الانتخاب تفقد قيمتها، وتتعرض للتآكل والاندثار، لأن شرعية الإنجاز هي الكفيلة بمنح الاستمرارية والديمومة لشرعية الانتخاب. لذلك، فالسؤال المطروح في ضوء خمس سنوات من حكم الرئيس "قيس سعيد": هل تعززت شرعية الانتخاب التي منحت مؤسسة الرئاسة ما يقرب من 73 في المئة من قبول الجسم الانتخابي، بإنجازات واضحة وملموسة وذات نجاعة وفعالية، أم بالعكس تراجعت أحوال التونسيين نحو الخلف؟

لا شك أن حصيلة الإنجازات على مدار العهدة الأولى من ولاية الرئيس "قيس سعيد"، معروفة وملموسة لدى المواطنين التونسيين في حياتهم اليومية، وفي أحوالهم المعيشية، كما أن تقارير المنظمات الدولية المالية والاقتصادية والتجارية تُشدد على الصعوبات التي تجتازها تونس، على الرغم من الكثير من الإصلاحات المؤسسية والقانونية التي شهدتها تونس خلال هذه العُهدة، ومن يقوم بزيارة تونس، وسبق له أن زارها، يلمس عُمق التغيرات التي طالت أحوال الناس وأوضاعهم.. لذلك، وإن كانت النتائج محسومة لصالح ولاية ثانية للرئيس الحالي، فالمنتظر، والمطلوب والضروري، أن تتعزز شرعيته الانتخابية بشرعية الإنجازات المطالب بإدخالها على البلاد.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه قيس سعيد تونس الانتخابات الحريات تونس انتخابات حريات مرشحين قيس سعيد مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قیس سعید

إقرأ أيضاً:

الرئيس اللبناني: أتطلع إلى المحادثات التي سأجريها مع الأمير محمد بن سلمان

المناطق_متابعات

في إطار أول زيارة خارجية يقوم بها، ثمّن الرئيس اللبناني جوزيف عون الدور السعودي في دعم واستقرار لبنان، مؤكداً عمق العلاقات الثنائية، مشدداً على الدور السعودي في دعم سلامة وانتظام عمل المؤسسات الدستورية في لبنان.

حيث أكد أنه يتطلع إلى المحادثات التي سيجريها مع الأمير محمد بن سلمان، التي سوف تمهد لزيارة لاحقة يجري عبرها توقيع اتفاقيات تعزز التعاون بين البلدين الشقيقين، كما ذكرت الرئاسة اللبنانية في الوقت نفسه شكر السعودية على احتضانها اللبنانيين الذين وفدوا إليها منذ سنوات طويلة.

أخبار قد تهمك ولي العهد يستقبل المهنئين بحلول شهر رمضان 3 مارس 2025 - 5:37 صباحًا قنصلية لبنان العامة في جدة تُنظم ندوة بعنوان ” طرابلس بين عبق الماضي وحداثة الحاضر” 24 فبراير 2025 - 7:38 مساءً

وكان قد قال الرئيس اللبناني جوزيف عون، في وقت سابق إن السعودية ستكون وجهته الخارجية الأولى، إثر تلقيه دعوة لزيارتها في اتصال هاتفي مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وفق ما أعلنت الرئاسة اللبنانية.

وانتُخب الرئيس عون، الذي كان قائداً للجيش، رئيساً للجمهورية اللبنانية في يناير الماضي بعد أكثر من عامين على شغور المنصب، وأتاح تراجع نفوذ إيران وحلفائها في المنطقة، لا سيما حزب الله، انتخاب رئيس قوي للبنان يتمتّع بدعم المجتمع الدولي، كما يرى محللون.

وأكد الرئيس في خطاب أدائه القسم إثر انتخابه، في البرلمان “بدء مرحلة جديدة للبنان”، مشيراً إلى تحقيق توازن في السياسة الخارجية للبلد الذي يخرج من حرب دامية بين حزب الله وإسرائيل.

مقالات مشابهة

  • تونس: محاكمة شخصيات معارضة بتهمة التآمر وسط احتجاجات واتهامات بتوظيف القضاء
  • تأجيل قضية التآمر في تونس إلى أبريل المقبل.. واحتجاجات أمام المحكمة (شاهد)
  • محاكمة المعارضين في تونس.. تآمر على أمن الدولة أم تصفية سياسية؟
  • معارضون تونسيون متهمون "بالتآمر" أمام القضاء  
  • رئيس المرحلة الانتقالية في الغابون يعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية
  • الرئيس اللبناني: أتطلع إلى المحادثات التي سأجريها مع الأمير محمد بن سلمان
  • المرزوقي: ملف التآمر مهزلة قضائية لإدانة خيرة رجالات تونس من قبل أسوأ ما فيها
  • الرئيس التونسي يغيب عن القمة العربية الطارئة
  • توقيع ميثاق شرف سياسي بالغابون قبيل الانتخابات الرئاسية
  • السويح: لقاء القاهرة لم يبحث فصل الانتخابات التشريعية عن الرئاسية