عربي21:
2024-10-07@12:26:46 GMT

الانتخابات الرئاسية في تونس.. الفوز المحسوم

تاريخ النشر: 7th, October 2024 GMT

أظهرت جل المؤشرات المواكبة لاقتراع 6 تشرين الأول/ أكتوبر 2024 أن الفوز محسوم لصالح الرئيس قيس سعيد، المنتخب منذ العام 2019. فالمناخ السياسي العام في تونس لا يسمح موضوعيا بالحديث عن تنافس انتخابي رئاسي بالمعايير المتعارف عليها في الديمقراطيات العصرية، حيث من أصل سبعة عشر مرشحا للانتخابات الرئاسية، لم تعتمد الهيئة المستقلة للانتخابات، الموكول لها دستوريا بالإشراف على العملية الانتخابية، سوى ثلاثة أسماء، وهم: رئيس الدولة الحالي "قيس سعيد"، و"زهير المغزاوي"، أمين عام "حركة الشعب"، و"العياش الزمال" عن حزب "عازمون"، الذي أُدخل السجن بتهمة تزوير تزكيات الترشح للاقتراع الرئاسي.

وإذا اعتبرنا المرشح الثاني مؤيدا للرئيس قيس، وإن كان يعتبر نفسه محسوبا على صفوف المعارضة، فإن نتائج الانتخابات محسوبة سلفا للرئيس الحالي، ويصعب معها تاليا الحديث عن التنافسية والتباري الحقيقي على مؤسسة الرئاسة.

تؤكد المؤشرات الأساسية للانتخابات التنافسية في الديمقراطيات العصرية على أن أول شرط في تحقيق التنافس أن تكون إرادة المترشحين حرة غير مقيدة، وأن تلتزم الدولة الحياد، ولا يكون تدخلها مقبولا ومشروعا إلا حين تتعرض هذه الحرية للتضييق والتقييد، وأن تكون القوانين المنظمة للعمليات الانتخابية، وعلى رأسها القانون الانتخابي، متوازنة، ومؤسسة على التراضي والقبول، وأيضا أن يكون القضاء، وفي صدارته القضاء الدستوري، مستقلا ونزيها، وحاميا لحقوق الجميع على أساس معقول من التكافؤ والمساواة.

فمن المفارقة أن انتخابات 2019 جرت بين ستة وعشرين مرشحا من كل الأطياف السياسية، فاز فيها الرئيس الحالي "قيس سعيد" بنسبة 72.71 في المئة من أصوات المقترحين، الذين وصلت مشاركتهم إلى 58 في المئة، في حين لم يتجاوز عدد المترشحين في الانتخابات الحالية ثلاثة أسماء، ولم يُعرف بعد عدد المشاركين فعلا في انتخابات 6 تشرين الأول/ أكتوبر 2024، وإن ناشدت خطب الرئيس عشية الاقتراع المواطنين من أجل المشاركة بكثافة في ما وصفه بـ"موعد مع التاريخ"، ولحظة انطلاق "العبور نحو بناء جديد".

وتتكامل مع هذه المفارقة خطوات أخرى ذات أبعاد عميقة، أقدمت عليها مؤسسة الرئاسة في تونس منذ العام 2021، تتعلق بسلة الإجراءات التي مست القوانين، بما فيها بعض فصول الدستور (فصل 81 على وجه الخصوص)، والعمليات الانتخابية، ومؤسسة القضاء، وحل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة، وإعادة النظر في مصفوفة من النصوص التشريعية ذات العلاقة بالحقوق والحريات، علاوة على قطاع الصحافة، ووسائل الاتصال والتواصل بكل مكوناته..

ففي الإجمال لم تكن ولاية الرئيس "قيس سعيد" الأولى (2019-2024) عُهدة عادية، بقدر ما كانت عملية جراحية لكل مفاصل السلطة في البلاد، ظل الدافع الرئيس إليها في مشروع الرئيس واستراتيجية إعادة بناء تونس الجديدة، التي أنهكتها المزايدات السياسية والحزبية، وفساد النخبة وابتعادها عن مطالب المواطنين وتطلعاتهم، وأضعفت هيبتها تدخلات القوى الدولية والإقليمية. والحال أن قدرة الرئيس في الذهاب بعيدا في عمليته الجراحية كانت واضحة ومؤكدة ولا يختلف حولها اثنان.. لكن بأية كلفة وأي ثمن؟

تقدم تونس اليوم صورة البلد الذي ابتعد كثيرا وبشكل جوهري وعميق عن الآفاق التي فتحتها ثورته لعام 2011، وهو الذي أطلق شرارة ما سُمي الحراك العربي، الممتد، وإن بدرجات متباينة، على مدار سبع عشرة دولة من المحيط إلى الخليج. ثم إن المناخ السياسي الموسوم بإطلاق الحريات، وموجات النقاش العمومي، ووعد بالكثير من الآمال والتطلعات، خبت جذوته، وأصيب بالانكفاء والنكوص، إلى حد لم يعد موضوعيا الحديث عن كل جناه التونسيون من مكاسب حراكهم الوطني.

فالمعارضة غدت معارضات بالجمع، مشتتة، ومنقسمة على نفسها، وعاجزة عن تضميد أطرافها ومفاصلها، وتقريب وجهات نظرها، ورسم صورة مشتركة عن واقع تونس ومستقبلها. كما أن جل رموز هذه المعارضات قابعة في السجون، أو مُبعدة عنوة وبالقوة، وما بقي منها يشكو من وهن وعجز أكيدين. والحقيقة أن ليست صورة تونس في الداخل تعرضت وحدها للضرر والخدوش، بل صورتها في العالم أيضا، عكستها تقارير المنظمات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان، وحريات الرأي والتعبير والإعلام، واستقلال القضاء ونزاهته، وتنافسية الانتخابات وحياد الدولة والإدارة إزاءها.

يميز علماء السياسة والاجتماع بين نوعين من الشرعية، هما: شرعية الانتخاب وشرعية الإنجاز، ويشددون على أن شرعية الانتخاب، كي تظل مقبولة وغير متنازع حولها، يجب أن تتعزز بشرعية الإنجاز، أي شرعية تحقيق رفاهية المواطنين وشروط عيشهم الكريم، وإذا لم يحصل هذا فإن شرعية الانتخاب تفقد قيمتها، وتتعرض للتآكل والاندثار، لأن شرعية الإنجاز هي الكفيلة بمنح الاستمرارية والديمومة لشرعية الانتخاب. لذلك، فالسؤال المطروح في ضوء خمس سنوات من حكم الرئيس "قيس سعيد": هل تعززت شرعية الانتخاب التي منحت مؤسسة الرئاسة ما يقرب من 73 في المئة من قبول الجسم الانتخابي، بإنجازات واضحة وملموسة وذات نجاعة وفعالية، أم بالعكس تراجعت أحوال التونسيين نحو الخلف؟

لا شك أن حصيلة الإنجازات على مدار العهدة الأولى من ولاية الرئيس "قيس سعيد"، معروفة وملموسة لدى المواطنين التونسيين في حياتهم اليومية، وفي أحوالهم المعيشية، كما أن تقارير المنظمات الدولية المالية والاقتصادية والتجارية تُشدد على الصعوبات التي تجتازها تونس، على الرغم من الكثير من الإصلاحات المؤسسية والقانونية التي شهدتها تونس خلال هذه العُهدة، ومن يقوم بزيارة تونس، وسبق له أن زارها، يلمس عُمق التغيرات التي طالت أحوال الناس وأوضاعهم.. لذلك، وإن كانت النتائج محسومة لصالح ولاية ثانية للرئيس الحالي، فالمنتظر، والمطلوب والضروري، أن تتعزز شرعيته الانتخابية بشرعية الإنجازات المطالب بإدخالها على البلاد.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه قيس سعيد تونس الانتخابات الحريات تونس انتخابات حريات مرشحين قيس سعيد مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قیس سعید

إقرأ أيضاً:

سعيد يحوز نحو 89% من الأصوات في انتخابات الرئاسة التونسية

حاز الرئيس التونسي المنتهية ولايته قيس سعيد أكثر من 89% من الأصوات في الانتخابات الرئاسية التي جرت الأحد وشهدت نسبة مشاركة ضعيفة، بحسب استطلاع لآراء الناخبين لدى خروجهم من مراكز الاقتراع بثه التلفزيون الرسمي.

وبحسب هذا الاستطلاع الذي أجرته مؤسسة « سيغما كونساي » الخاصة، تقدم سعيد البالغ 66 عاما بفارق كبير على العياشي زمال المسجون والذي حصل على 6,9% فقط من الأصوات، والنائب السابق زهير المغزاوي الذي حصد 3,9% من الأصوات.

من جهتها، أعلنت هيئة الانتخابات أن نسبة المشاركة بلغت 27,7%، مقابل 45% في الجولة الأولى من انتخابات العام 2019.

وهذا أدنى معدل مشاركة في الانتخابات الرئاسية منذ ثورة العام 2011 في الدولة التي اعتبرت مهد ما سمي « الربيع العربي ».

صو ت أكثر من 2,7 مليون ناخب، على ما أعلن رئيس هيئة الانتخابات فاروق بوعسكر في مؤتمر صحافي.

ومثلت الفئة العمرية من 36 إلى 60 عاما 65% من نسبة المشاركين في هذه الانتخابات.

وبحسب الاستطلاع نال سعيد 2,1 مليون صوت.

وقال سعي د في تصريح للتلفزيون الرسمي من مقر حملته بالعاصمة « اليوم ما تعيشه تونس هو استكمال للثورة وسنواصل ونشيد ونطه ر البلاد من المفسدين والمتآمرين ».

وتابع « تونس ستبقى حر ة مستقلة أبد الدهر ولن تقبل بالتدخل الخارجي ».

واعتبر سعي د أن نتائج الاستطلاع « قريبة إلى الواقع » في انتظار صدور النتائج الرسمية الثلاثاء.

في تعليقه على نتائج الاستطلاع، اعتبر المحلل السياسي حاتم النفطي في تصريح لفرانس برس أن « شرعية الانتخابات مشوهة بعد أن تم استبعاد المرشحين البارزين ».

وتابع النفطي « تعد هذه المشاركة الأسوأ منذ عام 2011. وبافتراض صحة النتائج، فهذا يعني أن سعيد حافظ على نفس حجم القاعدة الانتخابية » منذ العام 2019.

ورأى الخبير في الشأن المغاربي الفرنسي بيار فيرميرين أنه حتى لو كانت « الشرعية الديموقراطية » لهذه الانتخابات « ضعيفة » مع تواضع نسبة المشاركة، فإن « تونس لديها رئيس وأغلبية التونسيين سمحوا بذلك ».

لوحظ أن عددا كبيرا من المقترعين في عدد من مراكز الاقتراع في العاصمة من الكهول والشيوخ الذين يمثلون نحو نصف الناخبين.

وبعد إعلان نتائج استطلاع الرأي، خرج المئات من أنصار الرئيس إلى شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي في تونس العاصمة للاحتفال بفوزه، ورددوا النشيد الوطني ورفعوا الأعلام وصورته أمام المسرح البلدي.

وهتف بعض المحتفلين « الشعب يريد قيس سعي د من جديد ».

في وقت سابق الأحد، قال النوري المصمودي (69 عاما) في مركز اقتراع في العاصمة « جئت مع زوجتي لدعم قيس سعي د، العائلة بأكملها ستصوت له ».

على مسافة قريبة منه، قالت فضيلة (66 عاما) إنها جاءت « من أجل القيام بالواجب وردا على كل من دعا إلى مقاطعة الانتخابات ».

في مركز آخر، أعرب حسني العبيدي (40 عاما) عن خشيته من حصول عمليات تلاعب لذلك « قدمت للتصويت حتى لا يتم الاختيار مكاني ».

وتنافس سعي د (66 عاما) مع النائب السابق زهير المغزاوي (59 عاما)، والمهندس ورجل الأعمال العياشي زمال (47 عاما) الذي يستثمر في المجال الزراعي والمسجون بتهم « تزوير » تزكيات شعبية ضرورية للترشح للانتخابات.

وأوضح رئيس هيئة الانتخابات فاروق بوعسكر في المؤتمر الصحافي أنه سيتم الأخذ في الاعتبار الأحكام القضائية النهائية في حق زمال خلال عد الأصوات.

لا يزال سعيد الذي انتخب بما يقرب من 73% من الأصوات وبنسبة مشاركة بلغت 58% في الجولة الثانية في العام 2019، يتمتع بشعبية كبيرة لدى التونسيين حتى بعد قراره احتكار السلطات وحل البرلمان وتغيير الدستور بين عامي 2021 و2022.

بعد خمس سنوات من الحكم، يتعر ض سعي د لانتقادات شديدة من معارضين ومن منظمات المجتمع المدني، لأنه كر س الكثير من الجهد والوقت لتصفية الحسابات مع خصومه، وخصوصا حزب النهضة الإسلامي المحافظ الذي هيمن على الحياة السياسية خلال السنوات العشر من التحو ل الديموقراطي عقب الإطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي في العام 2011.

وتند د المعارضة التي يقبع أبرز زعمائها في السجن ومنظمات غير حكومية تونسية وأجنبية، بـ »الانجراف السلطوي » من خلال الرقابة على القضاء والصحافة والتضييق على منظمات المجتمع المدني واعتقال نقابيين وناشطين وإعلاميين.

من جانبه، وجه رمزي الجبابلي مدير حملة العياشي زمال في مؤتمر صحافي الجمعة « رسالة إلى هيئة الانتخابات (مفادها) إي اكم والعبث بصوت التونسيين ».

وكانت الحملة الانتخابية باهتة بدون اجتماعات أو إعلانات انتخابية أو ملصقات، ولا مناظرات تلفزيونية بين المرشحين مثلما كان عليه الحال في الانتخابات السابقة.

وقال الخبير في « مجموعة الأزمات الدولية » مايكل العي اري إن الرئيس سعيد « وجه » الانتخابات لصالحه « ويعتقد أنه يجب أن يفوز »، حتى مع دعوة أحزاب يسارية معارضة وشخصيات مقربة من حزب النهضة إلى التصويت لصالح زمال.

أما المنافس الثالث فهو زهير المغزاوي، رافع شعار السيادة الوطنية والاقتصادية على غرار الرئيس، وكان من بين الذين دعموا قرارات سعيد في احتكار السلطات.

وتعرضت عملية قبول ملفات المرشحين من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لانتقادات شديدة وصلت الى اتهامها بالانحياز الكامل لسعيد حين رفضت قرارا قضائيا بإعادة قبول مرشحين معارضين بارزين.

وتشير إحصاءات منظمة « هيومن رايتس ووتش » إلى أن « أكثر من 170 شخصا هم بالفعل محتجزون لدوافع سياسية أو لممارسة الحقوق الأساسية » في تونس.

كلمات دلالية انتخابات تونس سعيد

مقالات مشابهة

  • تونس.. مرشحان للرئاسة يشككان في نتائج تشير إلى فوز سعيد
  • الانتخابات التونسية.. أنصار قيس سعيد يبدأون الاحتفالات
  • الانتخابات التونسية.. أنصار قيس سعيد يبدأون الاحتفالات بعد تقديرات للنتائج
  • سعيد يحوز نحو 89% من الأصوات في انتخابات الرئاسة التونسية
  • استطلاع رأي أولي: فوز قيس سعيد بأكثر من 89٪ من الأصوات في الانتخابات الرئاسية التونسية
  • تونس: بدء فوز الأصوات في الانتخابات الرئاسية
  • تونس.. إغلاق مراكز الاقتراع في الانتخابات الرئاسية
  • يتقدمهم الرئيس قيس سعيد : التونسيون ينتخبون رئيسهم من بين 3 مرشحين
  • الرئيس سينتصر فيها : مئات التونسيين يتظاهرون ضد "القمع" قبل يومين من الانتخابات الرئاسية