في فترة من فترات الدول اليمنية القديمة كانت تعمد بعض الدول إلى بناء المعابد في أعلى قمم الجبال حفاظاً عليها من التدمير أثناء الصراعات والحروب والغزو، ومنها هذا البيت، وبيت "المُتْخلي" القريب منه على الجبل الآخر، ولهذا الأخير قصة أخرى.
ولأن اليمنيين القدماء كانوا يعبدون الكواكب فلربما بنوا معابدهم على قمم الجبال ليكونوا أكثر قرباً منها، أو تجلياً لمعرفة المزيد منها وتأثيراتها والنظر إليها بوضوح تام من قمم الجبال.
لكن أشهر المعابد اليمنية على الإطلاق وهي معبد "أوام" ومعبد "برآن" ومعبد "المقه" في صرواح، أنشئوا في قلب مارب السهلاوي، وكذلك المثل معبد "الجَنَد" القريب من معبد جبل الرب في سامع، والذي يقوم جامع الجند اليوم على أنقاضه، بحسب المؤرخ مطهر الإرياني.
يذكر لي الأستاذ المرحوم مطهر الإرياني أن مكان جامع الجند في الأساس هو مكان لمعبد قديم. (نقاش بينه وبين الكاتب ولم يدون في أيٍّ من كتبه التاريخية).
اقرأ أيضاً فيما اكتفى عيدروس الزبيدي ببرقية تعزية.. وزير الدفاع ”الداعري” يزور مسقط رأس ”عبداللطيف السيد” في أبين القبض على قاتل مواطن في تعز عقب ارتكاب الجريمة على الفور الأمطار تمتد إلى 18 محافظة يمنية خلال الساعات القادمة.. والأرصاد تحذر السكان الأرصاد تحذر من طقس اليوم.. والأمطار تمتد إلى 15 محافظة مقتل مواطن داخل محله التجاري بتعز على أيدي مسلحي المليشيات الحوثية شاهد .. انقلاب قاطرة محملة بالغاز المنزلي وتسرب الغاز منها إلى المنازل المجاورة (فيديو) جبل الرَّب السامعي! (الحلقة2) طارق صالح يضع حجر أساس مشروع مياه في باب المندب عصابة مسلحة تقتل مواطنًا وسط سوق في تعز بدم بارد درجات الحرارة المتوقعة في اليمن اليوم الخميس بموافقة العاهل السعودي.. علماء من 85 دولة يبحثون في مكة المكرمة تعزيز الوسطية ومكافحة الغلو والانحلال الأمطار تطفئ حرارة الأجواء في 16 محافظة خلال الساعات القادمةأرجح أن الجند كانت عاصمة لدولة السكاسك القديمة، وأن معبد الجند كان معبداً لها، فلا تُذْكر السكاسِك إلا وذكر معها الجند في قلبها، ثم ماوية، ثم شعوبها المحيطة في المعافر بشكل عام، وكذلك محافظة إب السفلى حتى أسفل جبل سمارة؛ إذ لا تزال كثير من الأماكن تسمى بمناطق السكاسِك، ولا تزال هذه الدولة مجهولة التاريخ والأحداث حتى اليوم.
يبدو للبيت/ المعبد في قمة ذلك الجبل أهمية كبيرة في التاريخ اليمني القديم، وخاصة تاريخ المعافر، قبل الفترة الحميرية بكل تأكيد، وهي الفترة المعافرية أولاً، ثم القتبانية ثانياً التي ترجع معظم نقوش المنطقة ولُقاها الأثرية إليهما، عدا نقش نعيم العريقية في "سربيت" الذي يعود لمنتصف القرن الأول قبل الميلاد لعهد سبأ وذي ريدان بحسب الإرياني؛ فهو حدد الشخصيات بوضوح، وهي كليب شمر يهحمد حاكم المعافر، وكاتبه إل شرح أشوع، ونعيم العريقية.
وكذلك فقد ذكر إله المطر الكائن في أعلى الجبل في منطقة تسمى النّعْرة من جبل "و ن ب"، وهذا النقش والوصف يعزز من ذكر الإله في نقش المكيال السابق.
أما نقش الصلو ونقش العروس في قمة جبل صبر، ونقش حبيل سلمان، فهم واضحون للدولة القتبانية في القرن الخامس قبل الميلاد، وكذلك بعض نقوش ماوية والتي تبدو أنها لفترة متأخرة أيام يوسف أسأر أثأر الملقب بذي نواس الحميري.
تكمن أهمية المكان أن الأمكنة التاريخية المحيطة بالجبل كانت حصوناً؛ كقمة العروس في جبل صبر كان حصناً معروفاً، وقد ذكرها نقش حصن العروس بوضوح، و"الدملؤة" كان خزانة ملوك اليمن وحصنهم المنيع لكافة الدول والذي أسسه المعافريون وورثه القتبانيون، وأما الذي يسمى "قرن نعيمة" فهو حصن فرعي لحاكمة المعافر في عهد سبأ وذي ريدان نعيم العريقية صاحبة نقش سربيت، وكذلك حصن مطران في قدس من حصون المعافريين القدامى؛ أي إن الجميع كان يحج إلى ذلك البيت ويتعبد فيه في قمة الجبل، وثمة معلومات كبيرة ناقصة يمكننا أن نردم فجوتها في يومٍ ما- إن شاء الله.
في ندوة احتفائية بتوقيع كتابي "اللغة اليمنية في القرآن الكريم" في مؤسسة السعيد عام 2013م ذكر لي أحد مشايخ بني النعمان أن رجلاً سامعياً في نهاية التسعينيات (هو يعرفه شخصياً)، ويبدو بعد السيل الذي اجتاح أسفل ذلك الجبل وكشف عن أشياء كثيرة، وجد نقوشاً مسندية قديمة مرقومة على ألواح من البرونز، وأراد إهداءها إلى الرئيس علي عبدالله صالح، ولأنه لا يستطيع الوصول إليه ذهب إلى مدير مكتبه علي الآنسي عبر شخصية معروفة وأعطاه إياها، ولم يظفر بلقاء الرئيس ولا بشيء من المكافأة، وبعدها ضاعت هذه الألواح ولم يعرف عنها أحد شيئاً، وذهبت إلى المجهول، كما ذهب غيرها الكثير.
لكم أن تتخيلوا مقدار هذه المعلومات التاريخية التي دُونت في هذه الألواح وفائدتها المعرفية للبلاد وتعزيز الهوية اليمنية.
من هنا، وعبر هذه الأسطر، أوجه نداءً وطنياً للواء علي الآنسي أن يكشف عنها ويمنحها للجامعة والمتخصصين لدراستها ومعرفة كنهها وسبر أغوارها، فربما كشفت لنا عن شعوب تلك المنطقة، وكثيراً من أسرارهم.
المصدر: المشهد اليمني
إقرأ أيضاً:
"أهل مصر".. معبد الدير البحري يستقل أطفال المحافظات الحدودية بالأقصر
أهل مصر .. تواصلت اليوم الخميس فعاليات الأسبوع الثقافي الرابع والثلاثين لأطفال المحافظات الحدودية، بمشروع "أهل مصر" المقام بمحافظة الأقصر، برعاية د. أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، وتنظمه الهيئة العامة لقصور الثقافة، بإشراف الكاتب محمد ناصف، نائب رئيس الهيئة، تحت شعار "يهمنا الإنسان"، ضمن برامج العدالة الثقافية لوزارة الثقافة، وبالتزامن مع المبادرة الرئاسية بداية جديدة لبناء الإنسان.
واستقبل معبد حتشبسوت بالدير البحري، الأطفال في جولة برفقة أيمن رمضان، مرشد سياحي وباحث في علم الفلك الأثري، بحضور د. حنان موسى، رئیس الإدارة المركزية للدراسات والبحوث، ورئيس اللجنة التنفيذية لمشروع أهل مصر، ولاميس الشرنوبي، رئيس إقليم القاهرة وشمال الصعيد الثقافي، والمدير التنفيذي لمشروع أهل مصر "أطفال".
بدأت الجولة بالتعرف على تاريخ بناء المعبد الذي تم تأسيسه بدقة عالية تعكس براعة القدماء المصريين في علم الفلك والهندسة المعمارية.
وأوضح "رمضان" أن المعبد يرتبط بظاهرة فلكية فريدة، حيث تشرق الشمس وتخترق المقصورة في يوم الانقلاب الشتوي في 21 ديسمبر لتضيء قدس الأقداس، تلك الظاهرة التي تتكرر أيضا في معبد الكرنك بالبر الشرقي، مما يخلق ارتباطا فلكيا بين المعبدين، مشيرا أن بناء المعابد جاء للتعبير عن الاتصال العميق بالكون وليس للطقوس الدينية فقط.
وعن تصميم المعبد قال: صممه المهندس المعماري "سننموت" وأبدع في نحته في قلب الجبل، مما جعله مختلفا عن بقية المعابد المبنية في مصر القديمة، وإنجاز هندسي عظيم يبرز مكانة الملكة حتشبسوت كواحدة من أشهر وأقوى الملكات التي حكمت البلاد لفترة طويلة وأثبتت مكانتها في الحضارة المصرية القديمة، خصوصا في تلك الحقبة الممتدة منذ حوالي 3500 سنة.
وأضاف "رمضان" ان زيارة هذا المعبد تعد تجربة فريدة لمحبي التاريخ وعلم الفلك خاصة في فصل الشتاء، للاستمتاع بجمال العمارة المصرية القديمة ومعايشة لحظة الانقلاب الشتوي وسط هذا الصرح العريق.
وتواصلت الفعاليات بزيارة لقرية حسن فتحي بالقرنة الجديدة، قدم خلالها أحمد عبد الراضي مرشد سياحي، شروحا حول تصميم القرية التي بدأ المهندس المعماري الشهير حسن فتحي في بنائها عام 1946، باستخدام مواد طبيعية كالطين، ومواد أخرى محلية من البيئة المحيطة للحفاظ على الطابع التقليدي.
وأوضح "عبد الراضي" أن القرية يوجد بها مسجد و70 بيتا، بالإضافة إلى سوق للتبادل التجاري، ومسرح، وعدد من المدارس للفتية والفتيات، وهناك أيضا مدرسة لتعليم الحرف اليدوية، وذلك بهدف توفير بيئة متكاملة تلبي احتياجات السكان وتحتفظ بجماليات العمارة المحلية.
وواصل حديثه بتسليط الضوء على التغيرات التي شهدتها القرية بمرور الوقت، حيث تغيرت بعض جوانبها نتيجة استبدال بعض المباني الطينية بالبناء المسلح، موضحا أن جهود المحافظة على تراث القرية ما زالت مستمرة، ويشرف عليها المعماري الدكتور فكري حسن، لصيانة ما تبقى من المباني الأصلية.
واختتم الجولة بحديث عن متحف العمارة التقليدية الموجود حاليا ويعرف باسم "متحف حسن فتحي" الذي يأتي إليه الطلاب من مختلف الجامعات المحلية والدولية، ومنها جامعة القاهرة، والجامعة الأمريكية، البريطانية، و برلين وغيرها، للحصول على دورات تدريبية في مجال العمارة، وذلك من أجل الحفاظ على هذا الإرث من الاندثار.
الأسبوع الرابع والثلاثين لأطفال المحافظات الحدودية تنظمه هيئة قصور الثقافة، ضمن برنامج الإدارة المركزية للدراسات والبحوث، بالتعاون مع إقليم جنوب الصعيد الثقافي، برئاسة عماد فتحي، وفرع ثقافة الأقصر برئاسة حسين النوبي.
ويتضمن الأسبوع 12 ورشة فنية وحرفية، تقدم إلى 200 طفل من المحافظات الحدودية الستة : شمال وجنوب سيناء، البحر الأحمر "الشلاتين وأبو رماد وحلايب"، الوادي الجديد، مطروح، وأسوان، بالإضافة إلى أطفال حي الأسمرات بالقاهرة.
كما يشهد الأسبوع عدد من الزيارات الميدانية لأشهر الأماكن السياحية والأثرية، تختتم بجولة حرة بأسواق وكورنيش المحافظة.
وتتواصل الفعاليات مساء اليوم بقصر ثقافة الأقصر مع الورش الفنية والحرفية بمشاركة نخبة من المدربين والأكاديميين المتخصصين.
مشروع "أهل مصر" أحد أهم مشروعات وزارة الثقافة المقدمة لأبناء المحافظات الحدودية "المرأة والشباب والأطفال" وينفذ ضمن البرنامج الرئاسي، الذي يهدف لتشكيل الوعي، وتعزيز قيم الانتماء والولاء للوطن، ورعاية الموهوبين، وتحقيق العدالة الثقافية.