الخليج الجديد:
2024-12-18@17:47:03 GMT

حرب السودان ستطول وتطول

تاريخ النشر: 13th, August 2023 GMT

حرب السودان ستطول وتطول

حرب السودان ستطول وتطول

قرار وقف أو استمرار الحرب لم يعد بيد البرهان قائد الجيش السوداني، فقد صار ذلك الجيش متعدد الرؤوس.

يرى كبار الجنرالات في التفاوض مع ما صاروا يسمونها بالمليشيا المتمردة انكسارا يجلب الخزي والعار على جيش البلاد.

أثبتت المعارك الشرسة التي شهدتها أم درمان يوم الأربعاء الماضي أن مقاتلي حزب المؤتمر الوطني نزلوا الميدان بكامل قوتهم.

ما ينذر باستمرار الحرب لأمد طويل هو أن البرهان استنفر كل مواطن سوداني قادر على حمل السلاح للقتال إلى جانب الجيش الرسمي.

لا غالب ولا مغلوب حتى الآن ولا تسمح كرامة وهيبة المؤسسة العسكرية في السودان بجلوس قادة الجيش الوطني قبالة قادة قوات الدعم السريع من موقع الندية.

قد يقبل كبار قادة الجيش بالتفاوض إذا جاء قادة الدعم السريع لمائدة التفاوض منكسرين أذلاء وهذا أمر يقول استقراء المعارك إنه مستبعد الحدوث بالمستقبل القريب.

كثير من أصحاب الرتب العليا بالجيش ما زال على ولائه لحزب المؤتمر الوطني، ويعارض وقف الحرب بالتفاوض، ولا يقبلون بأقل من سحق قوات الدعم السريع.

قوات الدعم السريع ذات خبرة قتالية عالية، ولديها مخزون بشري "قبلي" هائل تعوض ما تفقده من مقاتلين ونفذت شطرا كبيرا من خطتها "ب" بتوسيع دائرة الحرب.

* * *

أعلن قائد القوات المسلحة السودانية، ورئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، أنه على استعداد للتفاوض لإنهاء الحرب الدائرة في السودان، منذ منتصف نيسان / أبريل من العام الجاري، بين الجيش الذي يقوده هو، وقوات الدعم السريع التي يقودها حليفه السابق محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وصدر قول مشابه عن شمس الدين كباشي عضو مجلس السيادة، والذي فاز بمنصب نائب القائد العام للقوات المسلحة.

(وهذا منصب دخيل على القوات المسلحة، تماما كمنصب مساعد القائد العام الذي أضفاه البرهان على كل من عضوي مجلس السيادة ياسر العطا وإبراهيم جابر، وسبق للبرهان أن سمّى حميدتي في عام 2019 نائبا له على رئاسة مجلس السيادة، وهذا أيضا منصب اخترعه البرهان بلا سند من قانون أو دستور)، ومن جانب آخر ظلت قيادة قوات الدعم السريع تعلن مرارا أنها تقبل بالتفاوض وسيلة لإنهاء الحرب.

كل حروب العصور الحديثة انتهت بالتفاوض، عندما يدرك طرف أنه بصدد الخسران، فيتسنى للطرف الغالب أن يملي شروطه على الطرف المغلوب، وفي حرب السودان الحالية فلا غالب أو مغلوب حتى الآن، ولا تسمح كرامة وهيبة المؤسسة العسكرية في السودان بجلوس قادة الجيش الوطني قبالة قادة قوات الدعم السريع من موقع الندية.

بعبارة أخرى فلن يكون الجيش طرفا في أي عملية تفاوضية مع الخصم، ما لم يحقق نصرا ملموسا ومحسوسا، وهو الأمر الذي لم يحدث حتى الآن، والحرب تستشرف شهرها الخامس، ولا شيء يشي باحتمال حدوثه في المستقبل القريب.

مجريات هذه الحرب تقول بأن القوات المسلحة الرسمية في موقع دفاع في غالب الأحوال، بل وفقدت السيطرة على العديد من مقارها، ليس لأن قوات الدعم السريع اجتاحتها في سياق نصر عسكري ميداني.

بل لأن تلك المقار كانت خاضعة سلفا لسيطرة قوات حميدتي طوال السنوات الأربع الماضية، بقرار من البرهان، الذي كان يستقوى بحميدتي في مواجهة تحديات محتملة وحادثة، لبقائه في كرسي السلطة ممثلا لرئاسة الدولة وقيادة الجيش الوطني، من قبل قوى عسكرية ومدنية.

ومن الواضح من سياق معارك الشهور الأربعة الماضية أن قيادة الجيش السوداني مرتبكة، فقد ثبت خطل تبشيرها للمواطنين في الأسابيع الأولى من الحرب بحسمها خلال أيام معدودة، وما زالت قوات الدعم السريع تحاصر مقرات القيادة العامة للجيش، وسلاح الدبابات، والدفاع الجوي.

وتسيطر على القصر الرئاسي، والهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، ورئاسة الشرطة في ولاية الخرطوم، ووزارتي الخارجية والداخلية، وقيادة قوات الاحتياطي المركزي، ورئاسة جهاز الأمن، ومقر مجلس الوزراء.

وكما أسلفت، لم يتأت ذلك لقوات الدعم السريع نتيجة لدحرها قوات الجيش الوطني، بل لأنها كانت تتولى سلفا، وقبل اندلاع الحرب، حراسة معظم تلك المواقع، بمباركة من البرهان، الذي غض الطرف عن استيراد قوات الدعم السريع للأسلحة من مختلف المصادر من وراء ظهر القوات المسلحة.

بل وبارك تواصل حميدتي وأخوه عبد الرحيم (يحمل أيضا رتبة فريق عطية وهدية من حكومة الرئيس المخلوع عمر البشير، ثم البرهان) مع إسرائيل، وصولا إلى الحصول منها على أجهزة تنصت ورصد إلكتروني بلا نظير في السودان.

وما ينذر باستمرار الحرب لأمد طويل هو أن البرهان استنفر كل مواطن سوداني قادر على حمل السلاح للقتال إلى جانب الجيش الرسمي، وبهذا يكون قد بارك تكوين مليشيات جديدة في بلد فيه 18 جيشا، من بينها جيوش ظل قادتها ممثلين في الحكومة خلال العامين الماضيين.

(مني مناوي حاكم دارفور، وجبريل إبراهيم وزير المالية، والهادي إدريس، ومالك عقار، والطاهر حجر أعضاء مجلس السيادة)، إلى جانب جيشين بقيادة عبد الواحد نور وعبد العزيز الحلو يسيطران سلفا، ومنذ أكثر من عشر سنوات على أراض "محررة".

إخلاء كافة سجون العاصمة السودانية من المحتجزين فيها، عنى فيما عنى خروج قيادات حكومة حزب المؤتمر الوطني برئاسة عمر البشير التي فقدت سلطانها في نيسان / أبريل 2019 والتي كانت رهن الاعتقال إلى فضاءات الحرية والعمل العام.

فصاروا الأجهر صوتا والأكثر نشاطا في حشد كوادر الحزب ومعظمها ذات خبرة في العمل العسكري ـ للقتال إلى جانب الجيش ضد قوات الدعم السريع، والتي لن يغفر أولئك القادة لها انقلابها عليهم وهم من صنعوها ولعب دور حاسم في الإطاحة بحكومتهم.

ومعلوم ومحسوم أن للحزب الذي حكم السودان لثلاثين سنة متصلة قواعد جماهيرية، بينما لا حظ للبرهان في مثل تلك القواعد، وأثبتت المعارك الشرسة التي شهدتها مدينة أم درمان يوم الأربعاء الماضي الموافق 9 آب/ أغسطس الجاري، أن مقاتلي المؤتمر الوطني نزلوا الميدان بكامل قوتهم.

ومعلوم أيضا أن كثيرين من أصحاب الرتب العليا في الجيش السوداني ما زالوا على ولائهم لحزب المؤتمر الوطني، ويعارضون بقوة وقف الحرب بالتفاوض، ولا يقبلون بأقل من سحق قوات الدعم السريع تماما، وهو أمر مستحيل الحدوث.

ليس لأن تلك القوات معصومة من الهزيمة، ولكن لأنها ذات خبرة قتالية عالية، ولديها مخزون بشري "قبلي" هائل تعوض منه ما تفقده من مقاتلين خلال المعارك، كما وأنها نفذت شطرا كبيرا من خطتها "ب" بتوسيع دائرة الحرب بالسيطرة على مساحات شاسعة من إقليم دارفور، لتستخدمها كـ "كروت" مساومة في حال خسارتها لمعارك الخرطوم.

والشاهد هو أن قرار وقف أو استمرار الحرب لم يعد بيد البرهان قائد الجيش السوداني، فقد صار ذلك الجيش متعدد الرؤوس: هم كبار الجنرالات الذين يرون في التفاوض مع ما صاروا يسمونها بالميليشيا المتمردة انكسارا يجلب الخزي والعار على جيش البلاد، والراجح أنهم قد يقبلوا به فقط في حال جاء قادة الدعم السريع إلى مائدة التفاوض منكسرين أذلاء، وهذا أمر يقول استقراء المعارك طوال 120 يوما، إنه مستبعد الحدوث في المستقبل القريب..

*جعفر عباس كاتب سوداني

المصدر | عربي21

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: السودان البشير حميدتي البرهان الدعم السريع الجيش السوداني حرب السودان حزب المؤتمر الوطني قوات الدعم السریع الجیش السودانی المؤتمر الوطنی القوات المسلحة الجیش الوطنی مجلس السیادة فی السودان إلى جانب

إقرأ أيضاً:

38 قتيلا بالفاشر واتهامات للدعم السريع بارتكاب “عنف جنسي”

السودان – أسفر هجوم شنته قوات الدعم السريع بطائرة مسيّرة عن 38 قتيلا على الأقل في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، في حين اتهمت منظمة “هيومن رايتس ووتش” قوات الدعم السريع بارتكاب أعمال عنف جنسي في السودان.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن بيان لتنسيقية “لجان المقاومة-الفاشر” ارتفاع حصيلة قتلى “مجزرة” حي أولاد الريف بالفاشر إلى 38 منذ وقوع الهجوم في وقت متأخر السبت.

وكانت التنسيقية قالت في بيان سابق “قصفت طائرة مسيرة إستراتيجية تابعة للمليشيا، ليلة أمس، حي أولاد الريف وسط المدينة بـ4 صواريخ شديدة الانفجار”، معلنة مقتل 3 مدنيين وإصابة أكثر من 20 آخرين بجروح خطيرة.

وترزح مدينة الفاشر منذ أشهر تحت وطأة حصار تفرضه قوات الدعم السريع، كما تشهد اشتباكات توصف بالأكثر عنفا، في ظل سيطرة قوات الدعم السريع بشكل شبه كامل على إقليم دارفور.

ومساء الجمعة، نفّذت قوات الدعم السريع هجوما آخر بطائرة مسيّرة على مستشفى رئيسي في الفاشر، وفقا لوزارة الصحة التابعة للحكومة السودانية.

وقالت منظمة الصحة العالمية إن 9 أشخاص قُتلوا وأصيب 20 بجروح في هذا الهجوم، في حين أفاد طبيب بأن المنشأة اضطرت إلى التوقف عن العمل.

من جانب آخر، أورد إعلام مجلس السيادة الانتقالي تصريحات لقائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، قال فيها إن “العالم غير مهتم بما يجري في السودان”، مشيرا إلى قرارات مجلس الأمن الدولي بشأن فك الحصار عن الفاشر، والتي لم يتم تنفيذها بجانب استمرار إمداد المليشيا بالسلاح”.

وخلال تفقده مواقع للجيش بمنطقة البطانة، أفاد البرهان بأن ما سماها “معركة الكرامة” مستمرة بفضل الإسناد الشعبي، مؤكدا أنه “لا تفاوض ولا هدنة” مع المتمردين.

من جهتها، اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش “قوات الدعم السريع والمليشيات المتحالفة” معها في السودان بارتكاب أعمال عنف جنسي واسعة النطاق في جنوب البلاد التي تشهد حربا دامية منذ أكثر من عام ونصف العام.

وأكّدت المنظمة -في تقرير نشرته الاثنين- أن “عشرات النساء والفتيات، تراوح أعمارهن بين 7 سنوات و50 عاما، تعرّضن للعنف الجنسي في ولاية جنوب كردفان”.

وبحسب “هيومن رايتس ووتش”، تعرضت الكثير من الضحايا للاغتصاب الجماعي في منازلهن أو منازل جيرانهن أو أمام عائلاتهن، بينما اختطفت بعضهن واستُعبدن.

واعتبرت المنظمة أن هذه الحالات من العنف الجنسي “انتهاك خطير للقانون الإنساني الدولي، وجريمة حرب” داعية “الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي إلى التحرك بشكل عاجل لمساعدة الضحايا، وحماية النساء والفتيات الأخريات، وضمان العدالة في هذه الجرائم الشنيعة”.

وكان وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية توم فليتشر حذّر الشهر الماضي -أثناء زيارة للسودان- من “وباء عنف جنسي” تتعرض له النساء، محذرا من أن نطاق هذه الاعتداءات “غير مقبول”.

وفي نهاية أكتوبر/تشرين الأول، قالت الأمم المتحدة في تقرير إن جرائم الاغتصاب في السودان أصبحت “معممة”، في حين أوضحت المنظمة الأممية أنها أجرت تحقيقا أكد أن معظم أعمال الاغتصاب ارتكبتها قوات الدعم السريع.

وقال رئيس البعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق بشأن الوضع في السودان محمد شاندي عثمان في بيان “لقد صعقنا بالنطاق المهول للعنف الجنسي الذي نقوم بتوثيقه في السودان”.

وأضاف عثمان، الذي يرأس هذه البعثة التي أُسِّست أواخر العام الماضي من جانب مجلس حقوق الإنسان لتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في البلاد منذ بدء الصراع في أبريل/نيسان 2023، “لا يوجد مكان آمن في السودان الآن”.

واندلعت المعارك في السودان منتصف أبريل/نيسان 2023 بين الجيش بقيادة رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان، وبين قوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو “حميدتي”.

وقد خلفت هذه الحرب عشرات آلاف القتلى، وشردت أكثر من 11 مليون سوداني، وتسببت -وفق الأمم المتحدة- بإحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في التاريخ الحديث، في ظل اتهامات متبادلة بين طرفي الصراع بارتكاب جرائم حرب عبر استهداف المدنيين ومنع المساعدات الإنسانية.

المصدر : الفرنسية + مواقع التواصل الاجتماعي

مقالات مشابهة

  • شبكة أطباء السودان: ندعو المجتمع الدولي للضغط على قوات الدعم السريع
  • بعد تقارير عن موافقة الجيش.. السودان يرد على دعوة أممية بشأن مفاوضات مع الدعم السريع في جنيف
  • حوار مع صديقي ال ChatGPT الحلقة (66)
  • 38 قتيلا بالفاشر واتهامات للدعم السريع بارتكاب “عنف جنسي”
  • رايتس ووتش تتهم قوات الدعم السريع بارتكاب عنف جنسي في السودان
  • مستشار لقائد الدعم السريع يرحب بالمبادرة التركية وفق شروط محددة
  • "كلهم اغتصبوني.. كانوا ستة"! شهادات مروعة عن جرائم قوات الدعم السريع في السودان
  • "رايتس ووتش" تتّهم قوات الدعم السريع بارتكاب أعمال عنف جنسي في السودان  
  • 38 قتيلا بالفاشر واتهامات للدعم السريع بارتكاب عنف جنسي
  • تصعيد ميداني بين الجيش و الدعم السريع و تحشيد كبير حول الفاشر ومدني