إذا كانت هناك من حسنة لقرار محكمة العدل الأوربية القاضي بإلغاء الاتفاق الفلاحي بين المغرب والاتحاد الأوربي، فهو هذا الإجماع الأوربي نفسه على دعم الشراكة مع المغرب وإعلان الوفاء بالعقود. سواء تعلق الأمر بفرنسا أو إسبانيا، أو البرتغال، أو هنغاريا أو غيرها من الدول التي أعلنت تأييدها للبيان المشترك الذي أصدرته المفوضية الاوربية ونائب الرئيس الأوربي جوزيب بوريل، الذي أعلن التمسك بالشراكة مع المغرب فإن الرسالة الضمنية واضحة وهي الامتعاض من هذا القرار المسيس المنحاز للجزائر والبوليساريو على حساب مصالح الاتحاد الأوربي نفسه.

أوربا تحتاج لتعزيز أمنها الغذائي، بتوفير المواد الفلاحية من خضر وفواكه  وأسماك بكميات مهمة وبجودة عالية لمواطنيها، خاصة في ظل التحديات المناخية الصعبة ونقص الإنتاج العالمي، وهي تدرك أن المغرب يوفر لها جزء مهما من هذه الحاجيات  بأسعار جيدة بالنظر للقرب الجغرافي والتقارب السياسي، فكيف تعمل محكمة أوربية على إلغاء اتفاق يشكل حاجة استراتيجية للأوربيين وأيضا تستفيذ منه ساكنة الصحراء؟

ما معنى أن تستند المحكمة في إلغاء الاتفاقيات التجارية بين المغرب والاتحاد الأوربي،  إلى كونها لم تستشر ما يسمى « الشعب الصحراوي »، وما هو تعريف الشعب الصحراوي، هل هي البوليساريو؟ صحيح أن القانون الدولي يعتبر أن إقليم الصحراء غير متمتع بالحكم الذاتي، وهو وضع قانوني دولي، يحتاج لمعركة من أجل تغييره في ظل الاعتراف الدولي المتنامي بجهود المغرب ودعم مقترحه للحكم الذاتي، لكن حتى في ظل هذه الوضعية القانونية، فإن السلطات التي لديها الإدارة على الإقليم لديها الحق في إبرام اتفاقيات شريطة تنمية المنطقة، ثم ماذا عن تصويت البرلمان الأوربي بالأغلبية الساحقة على الاتفاقيات التجارية التي تخص الفلاحة والصيد البحري في 2019، وذلك استجابة للعريضة التي وجهها آنذاك أزيد من 300 شخصية صحراوية منتخبة في الأقاليم الجنوبية؟ أليس هؤلاء  صحراويون؟

وهل استحضرت المحكمة الأوربية حجم الأموال التي صرفها المغرب على التنمية في الأقاليم الصحراوية منذ سنة 1975؟ نتذكر وثيقة من تسريبات ويكيليكس، سنة 2010، حملت توقيع السفير الأمريكي في الرباط موجهة إلى وزارة الخارجية في واشنطن، يخبر فيها بأن المغرب ينفق 2.7 مليار دولار على التنمية في الصحراء بالرغم من أن عدد السكان لا يتعدى 385 ألف نسمة. واليوم تضاعف هذا الرقم، فقد بلغ حجم الاستثمارات الكبرى في الصحراء 10 ملايير دولار تشمل مجالات البنية التحتية والصحة والتعليم والتكوين المهني والصناعة والفلاحة. فهل استحضرت محكمة العدل الأوربية ذلك.

ومن يزور الأقاليم الجنوبية المغربية يشاهد حجم التطور الذي عرفته على مستوى الطرق والبنيات التحتية التي لا يمكن مقارنته مع بلدان مماثلة في نفس المنطقة  بجوار الصحراء المغربية.

إن إبرام الاتحاد الأوربي لاتفاقيات  تجارية مع المغرب تشمل جميع أقاليمه هو اعتراف بسيادة المغرب على جميع أقاليمه كما أن مصادقة البرلمان الأوربي عليها،   يعني أن   التجارة مع المغرب في الموارد الطبيعية القادمة من أراضي الأقاليم الصحراوية ليست فقط قانونية بل إنها تحظى بتشجيع قوي من الاتحاد الأوروبي  لكونها تشكل مصدر تنمية وازدهار  للمنطقة   وسكانها  على المدى الطويل، وهذا هو الموقف الذي عبرت عنه المفوضية الأوربية التي أعلنت التشبث بالشراكة مع المغرب والالتزام بالعقود المبرمة أما موقف محكمة العدل الأوربية فإنه يستند إلى اعتبارات سياسية أكثر مما هي قانونية ويتجاهل الدينامية التي يعرفها هذا الملف على المستوى الدولي.

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: محکمة العدل الأوربیة مع المغرب

إقرأ أيضاً:

وزير العدل الفرنسي يشيد بتعاون المغرب لإسقاط “القط” أخطر تجار المخدرات

زنقة 20 ا متابعة

أشاد جيرالد دارمانين، وزير العدل الفرنسي بتعاون السلطات المغربية في إلقاء القبض وتسليم أحد أخطر تجار المخدرات في فرنسا، فيليكس بينغي، الملقب بـ”القط”، والذي تم اعتقاله في مارس الماضي بالبيضاء.

وبصفته وزيرا للعدل، نوه دارمانين أمس الإثنين بالتفاعل السريع للسلطات المغربية في ما يتعلق بإجراءات تسليم “القط” إلى فرنسا، بعدما أقر في وقت سابق، حين كان يحمل حقيبة وزارة الداخلية الفرنسية، بنجاعة العملية الأمنية الدقيقة التي مكنت عناصر مصلحة الأبحاث والتدخلات التابعة للفرقة الوطنية للشرطة القضائية، من توقيف المجرم الفرنسي، البالغ من العمر 34 سنة، والذي كان يتزعم عصابة “مارسيليا يودا”.

وأورد دارمانين، في تغريدة له عبر منصة “إكس”،  قائلا: “بصفتي وزير داخلية سابق، شهد اعتقال فيليكس بينغي في الدار البيضاء، وتابع، اليوم، تفاعل المغرب مع مسطرة تسليمه، أود أن أشكر السلطات المغربية على استجابتها السريعة ومباشرتها لعملية تسليم “القط”، ما سيسمح للعدالة الفرنسية بمحاكمته”.

يذكر أن اعتقال زعيم عصابة “مارسيليا يودا”، قد جاء تتويجا لعلاقات التعاون الأمني وتبادل المعلومات بين مصالح المديرية العامة للأمن الوطني والشرطة الوطنية الفرنسية، وذلك في إطار آليات التعاون الدولي في المجال الأمني.

مقالات مشابهة

  • وزير العدل الفرنسي يشيد بتعاون المغرب لإسقاط “القط” أخطر تجار المخدرات
  • لوموند: المغرب يترقب “اللمسة الأخيرة” من ترامب حول قرار دعم مغربية الصحراء
  • ما أبرز الأوامر التنفيذية التي وقعها ترامب عقب تنصيبه؟
  • رئيس برلمان التكتل الإقتصادي لوسط إفريقيا يجدد دعم المجموعة الثابت لمغربية الصحراء
  • وزير الخارجية الإسباني يعلن تحقيق رقم قياسي في التبادل التجاري مع المغرب يفوق الولايات المتحدة وبريطانيا (فيديو)
  • المغرب يتصدر بـ17.4 مليون سائح وجهات السياحة بإفريقيا في 2024.. الخلفيات والتطلعات (تقرير)
  • ترامب: إلغاء كل الأوامر التنفيذية التي أصدرها بايدن
  • ترامب: سيتم إلغاء كل الأوامر التنفيذية التي أصدرها بايدن
  • وكالة CIA تنشر خارطة المغرب كاملةً بصحراءه عشية تنصيب ترامب رئيساً للولايات المتحدة
  • تعرّف على العوامل السياسية والاقتصادية التي تشجع الإسرائيليين على الهجرة