تحديات جمة ستشهدها أسواق العمل العربية ، إذا ظلت تعاني من الخلل الكبير في مستوى مهارات القوى العاملة الوطنية ، في مواجهة منافسة الأيد العاملة الوافدة ، وفي مواجهة متطلبات الاستثمارات الجديدة المأمُولة، والتكنولوجيا المتقدمة ،وهى معادلة صعبة متعددة الأطراف ، في ظل سعى الدول إلى تطبيق سياسات سريعة للإحلال في شتى المهن والوظائف بدون الضوابط المتدرجة التي تضمن التحول الآمن وغير المُخل بأداء القطاع الخاص المعني بكل هذه السياسات والتحولات ، خاصة أن الاقتصاد في ظل العولمة يقوم في الأساس على المنافسة التي تُعد عنصرا وحيدا للتقدم في مناحي الحياة في شتى المجالات حتى السياسية والاجتماعية ، من خلال النجاح في كفاءة استخدام الموارد المتاحة ماديا وبشريا ، وتطويعها لمسايرة المتغيرات والمستجدات والمخترعات والتقنيات الحديثة في ظل الانفتاح على أسواق العالم ،وإن كان ذلك من أهم مسؤوليات الدول التي تكتظ بالخرجين والباحثين عن عمل من بين المتوكلين على غيرهم والمتعطلين والمسرحين ، والتي فشلت أو عجزت عن استيعابها الدول ، على الرغم من توافر لدى بعضهم المهارات القادرة على الإنتاج والأداء الجيد ، وتنتظر الفرصة لذلك فإن السياسات الحمائية للوظائف وللأيد العاملة الوطنية مطلوبة وبشدة ،ولكن وفق ضوابط وأسس تنظم عمليات الاحلال حتى لا تتعرض أسواق العمل للإخلال.

حيث تحتاج بعض الوظائف والمهن إلى خبرات تراكمية وقدرات شخصية، قد تفتقر إليها بعض أسواق العمل ، وهنا تصبح السياسات الحمائية في غير محلها - وإن كانت تحقق فوائد وقتية - نظرا للنتائج السلبية التي تصاحب ذلك، وتضر كثيرا بمصالح الأفراد وشركات القطاع الخاص والمستثمرين من الداخل والخارج، كما أنها تتعارض مع اتجاهات العولمة في الاقتصاد العابر للقارات ، وقد عالجت ذلك دول أوروبا وأمريكا من خلال تجنيس أصحاب التخصصات النادرة والمؤهلات العلمية والخبرات والمهارات التقنية ، التي تدعم الاقتصاد وتفتح أمامهم المناصب القيادية ، أوقد تمنحهم مميزات وإقامات دائمة وتوطينهم ليمثلوا قيمة مضافة لسوق العمل ،بعد انتقائهم وفق معايير الكفاءة في العمل والإنتاج والقدرة على التطوير والابتكار بدون النظر إلى اللون أو الجنس أو الدين أو اللغة ، لأن ذلك ينعكس مباشرة على المجتمع وعلى الاقتصاد لأن النقص الشديد في الأيد العاملة الوطنية الماهرة والمدربة القادرة على تحمل مسؤوليتها في عمليات التنمية الاقتصادية المستدامة، وفي الوظائف الخدمية والإدارية ،ظاهرة تسترعي النظر، على الرغم من زيادة حجم البطالة وأعداد الباحثين عن عمل أو البطالة المقنعة ،وكلها تمثل محاور الأزمات الاقتصادية ، لما لها من تأثيرات سلبية اقتصادية وسياسية واجتماعية كارثية على المجتمعات ،وقد شرحتها في مقالات سابقة ،خاصة في حالة وجود اتجاهين متضادين هما : تزايد الطلب على العمال الأجانب المستقدمين من أصحاب الخبرات وتنامي عدد المواطنين العاطلين نتيجة لزيادة النمو السكاني وتفاقم أعداد الداخلين الجدد لسوق العمل والمسرحين، الذي تقابله تخمة في عدد العاملين في المؤسسات والدوائر الحكومية ،ونقص فرص الوظائف الجديدة إن لم يكن استحالتها .وهذا من سمات الخلل في منظومة إدارة التنمية البشرية ، لعدم ارتباط مخرجات التعليم باحتياجات الإنتاج، ووجود فجوة في المهارات الفنية المطلوبة والتي تحتاج إلى إعداد جيد ومستمر ، مما يضعنا أمام معادلة صعبة في كيفية تطبيق الإحلال بدون إخلال ، على الوجه الصحيح ، حتى لا تتأثر سلبيا قطاعات المجتمع وأنشطته المختلفة ، في ظل متطلبات العمل من الوظائف المستحدثة في العشر سنوات القادمة ، وضرورة تهيئة وإعداد الشباب لها وفق استراتيجية مرنة قادرة على المواءمة في تحديد المهن والوظائف التي يحتاجها السوق.ولاسيما إذا ارتبط الأمر بصحة وحياة الإنسان وإجراء الفحوصات الطبية والعمليات الجراحية الدقيقة ، فليس معقولا أو مقبولا أن نهدد صحة وأرواح المرضي أو تعريضهم للخطر، بإحلال طبيب بخبرات بسيطة مكان الأخصائي صاحب الخبرات المتراكمة ، وقس على ذلك في حالات المرافعة و الدفاع أمام القضاء في قضايا الاستثمار أو عقود النفط التي تحتاج إلى مهارات وخبرات خاصة من المحامين، في منازعات وقضايا الاستثمار والمستثمرين الأجانب والمحليين الذين يحرصون على وجود ضمانات قوية عند اللجوء للقضاء أو التحكيم ،لأن غياب الخبرات والمهارات الكافية لدى القضاء الواقف وهم المحامون يؤثر على مصالحهم واستثماراتهم التي تقدر بالمليارات، وقد تدفعهم للهروب ،الأمر الذي يخلق ممارسات مستترة في هذه المهنة يلجأ إليها أصحاب القضايا الهامة والحساسة لضمان حماية مصالحهم ،ولذلك نؤكد على أن خطط الاحلال ضرورية والحذر من الإخلال أكثر ضرورة ، في ظل احتياج الأسواق إلى أيد عاملة أكثر مهارة ،والتي تحكمها آليات السوق من العرض والطلب.في ظل المتغيرات والتطورات الاقتصادية العالمية ،التي تتطلب فهم الواقع ومتطلبات العمل وواجباته ،، بعيدا عن العواطف أو المشاعر الوطنية الجياشة.، ولاشك أن الأمور تحتاج إلى المزيد من التخطيط ، من منطلق أن "مالا يدرك كله لا يترك كل ولابد من المحافظة على مصالح الجميع .

المصدر: الشبيبة

إقرأ أيضاً:

محمود الجارحي يكتب: سفاح التجمع على موعد مع عشماوي

بعد قرابة 72 ساعة.. يمثل سفاح التجمع أمام محكمة مستأنف جنايات القاهرة، التي تقعد في مجمع محاكم التجمع الخامس، لإصدار حكمًا بإعدام المتهم كريم محمد بعد إحالة أوراقه لفضيلة المفتي على خلفية اتهامه بإنهاء حياة 3 سيدات والتمثل بأجسادهنّ، والتخلص منهن في مناطق صحراوية، بمنطقة التجمع الخامس بمحافظة القاهرة، بالقرب من محل سكنة - مسرح الجريمة - ومنطقة القنطرة شرق بمحافظة الإسماعيلية، ومنطقة محور 30 يونيو بمحافظة بورسعيد، وذلك خلال الفترة  منتصف نوفمبر 2023 حتى منتصف شهر مايو 2024.. كانت بداية كشف اللغز.. أثناء عقد جلسة محاكمته يوم الخميس 28 نوفمبر الماضي، وحددت المحكمة جلسة الأسبوع الجاري.. وبالتحديد يوم الأربعاء الموافق 25 ديسمبر للنطق بالحكم.

جلسة الأربعاء المقبل.. هي الجلسة السادسة في الاستئناف المقدم من سفاح التجمع على حكم أول درجة الذي قضى بإعدامه.. وخلال تلك الجلسة.. كشف المتهم عن تفاصيل التخلص من ضحاياه الثلاثة.. وعن آخر لحظات حياتهن.. وأيضا كشف الطب الشرعي عن أسباب الوفاة للضحايا وتأثير المواد المخدرة التي استخدمها.

سفاح التجمع لمساعدته في ارتكاب جرائمه.. عقب النطق بالحكم، سوف يرتدي البدلة الحمراء.. بدلة الإعدام، تمهيدا لإجراء نقض للحكم وهو يرتدي بدلة الإعدام، وفى حالة رفض النقض، سوف يصبح تنفيذ حكم الإعدام واجب النفاذ.. وأيام ويلتقى سفاح التجمع مع عشماوي لتنفيذ الإعدام.. تفاصيل تلك الجلسات جاءت كالتالي:

سفاح التجمع للمحكمة في الجلسة الأولى: أنا كويس وكنت بدور على أم تربي ابني

ظهر يوم الأحد الموافق 27 أكتوبر الماضي.. ظهر سفاح التجمع مرة أخرى، امام محكمة مستأنف جنايات القاهرة، لبدء أولى جلسات نظر الاستئناف المقدم منه على الحكم بإعدام الصادر بشأنه من جنايات القاهرة أول درجة، ظهر كريم محمد المعروف بسفاح التجمع بنفس الهدوء والثقة التي ظهر فيها امام محقق النيابة أثناء استجوابه، وبهدوء كان يرد كيفية ارتكب جرائمه، وأيضا بنفس الثبات وانكر الاتهامات التي ظهر فيها في جلسات المحاكمة أول درجة، ظهر بها في أولى نظر محاكمته في الاستئناف، وبدأت الجلسة بدخول رئيس المحكمة، واعتلى المنصة، واثبت حضور المتهم الذي كان حاضر داخل قفص في حجز القاعة، وسمحت له المحكمة بالحديث، وبسؤاله عن جرائمه قال: أنا انسان كويس، ومقتلتش حد.. الضحايا هما اللي ماتوا لوحدوهم.

وأضاف قائلا: الحديث لسفاح التجمع: أنا كنت بدور على أم لابني ومقتلتش الضحية الأولى هي مشيت من عندي كويسة، والضحية الثانية ماتت بعد ما خدنا مخدرات كتير، والضحية الثالثة هي اللي طلبت حاجات عنيفة ومكنتش أقصد القتل خالص، أنا مدرس إنجليزي وراجل دارس كويس.

وأنكر المتهم الحديث لسفاح التجمع أمام هيئة المحكمة التهم المنسوبة إليه قائلا: زوجته الأولى تركته مع ابنه منذ 4 سنوات.. وأنه كان يعيش حالة نفسية.. مكنتش مظبوط.

وكشف سفاح التجمع عن تفاصيل آخر لحظات ضحاياه قائلا: رحمة - الضحية الثانية -  كانت تعتني به وبابنه وكان يريد أن يتزوجها.. وشدد على أنه لم يكن يعرف أنها فارقت الحياة.. وظن في هذا الوقت أنها دخلت في حالة إغماء بسبب مُخدر الآيس الذي تعاطاه سوياً.. وأن رحمة تنتمي لعائلة ظروفها صعبة.. وكان يرى فيها أماً لابنه بعد ابتعاد زوجته عنه.

وعقب الانتهاء من حديثه.. طالب دفاع المتهم بعرضه على لجنة طبية ونفسية للتأكد من قوة وسلامة قواه العقلية، ومناقشة بعض الأطباء الشرعيين، مؤكدا أن المتهم يعاني من حالة نفسية ومرض نفسي دفعه لارتكاب هذه الجرائم.

وبرئاسة المستشار مدبولي كساب، جرى تأجيل جلسة نظر استئناف سفاح التجمع على حكم إعدامه لجلسة 14 نوفمبر المقبل لحضور زوجته في قضية قتل 3 سيدات.

تغريم طليقة سفاح التجمع

صباح يوم الخميس الموافق 14 نوفمبر.. وصل سفاح التجمع لمحكمة مستأنف جنايات القاهرة، المنعقدة بالتجمع الخامس، برئاسة المستشار مدبولي كساب، لنظر استئنافه على حكم إعدامه بتهمة قتل 3 سيدات.

ومن جانبه، قال محامي طليقة سفاح التجمع، إنَّه لا يرى أي داع لشهادة طليقة سفاح التجمع، إلا إطالة أمد الدعوة والتقاضي من قبل دفاع المتهم، موضحا أن المتهم انفصل عن طليقته قبل عامين من ارتكابه جرائمه.

إعدام السفاح للمرة الثانية

مع دقات الساعة الواحدة ظهر يوم الخميس الموافق 28 نوفمبر الماضي.. اعتلى المستشار مدبولي كساب، رئيس محكمة استئناف جنايات القاهرة.. المنصة – منضدة كبيرة يعلوها عبارة «العدل أساس الملك».. واستمعت المحكمة لطبيب شرعي شارك في تشريح جثامين ضحايا السفاح.

وقال الطبيب الشرعي أمام المحكمة: إنه لم يجزم بسبب الوفاة لكنه قرر أنه لا يتعارض مع اعتراف المتهم.. وفي حالة عدم اعتراف المتهم فإن التقرير سيكون تعذر الجزم بسبب الوفاة.. في ضوء المعطيات المتوفرة حتى موعد التقرير.. وعقب ذلك استمعت المحكمة لمرافعة دفاع سفاح التجمع.

أكّد دفاع سفاح التجمع أن المتهم إنه يعاني من أمراض نفسية وشذوذ.. يدفعه لارتكاب عدد من الجرائم مستطردا: المتهم يستمتع بتعذيب ضحاياه.. ودي متعة بسبب مرضه.

وأضاف دفاع السفاح أن المتهم كان متعاطي للمواد المخدرة خلال التحقيق معه.. وهو ما أثر عليه وعلى اعترافاته أمام النيابة.

وخلال سماع مرافعة دفاع المتهم، دخل سفاح التجمع في نوبة بكاء كبيرة.. ما تسبب في دخوله في حالة إغماء داخل قفص الاتهام.

وطلب دفاع المتهم بتعديل القيد والوصف في القضية من القتل العمد إلى ضرب أفضى إلى موت، نظرا لعدم وجود دليل مادي للمتهم بارتكاب جرائم القتل العمد ضد الضحايا.. وبطلان أي قرار منسوب صدوره للمتهم لتعرضه للإكراه.. وانعدام مسئولية المتهم فإصابته بمرض عقلي ونفسي، مؤكدا أن المتهم ضرب الضحايا حتى الموت لكن مفيش قتل عمد.

وقال الدفاع إن المتهم كان ملهم بزوجته لبنى.. وترك أمريكا وعاد معها إلى مصر.. لكن الواقعة التي حولت حياته وقلبتها رأسا على عقب.. وهي اتهام زوجته له بالعجز وتركته بناءً على هذا الاتهام له.. فقرر المتهم الانتقام وإثبات أنه ليس مريض، وبدأت سلسلة الجرائم بعد إصابته بالمرض النفسي نتيجة اتهام زوجته.

مقالات مشابهة

  • السعودية تدين حادثة الدهس التي وقعت بأحد أسواق مدينة ماغديبورغ الألمانية
  • محمود الجارحي يكتب: سفاح التجمع على موعد مع عشماوي
  • العراق يتفوق على السعودية في صادرات النفط إلى أمريكا: بداية تغيير موازين القوى؟
  • السوداني يؤكد ضرورة دعم الحوارات بين القوى الوطنية في كردستان لتشكيل الحكومة
  • العمل: نقدم توصيات للمؤسسات الأكاديمية حول التخصصات الأكثر طلبا في سوق العمل
  • رابط التسجيل في منحة العمالة غير المنتظمة عبر موقع وزارة القوى العاملة
  • إجمالي عدد القوى الوطنية العاملة في القطاع الصناعي يقترب من 40 ألفا
  • إبراهيم عثمان يكتب: الإعلان والإعلان الضرار !
  • وكيل القوى العاملة بالنواب: كلمة الرئيس السيسي أمام قمة الدول الثماني تاريخية
  • د.حماد عبدالله يكتب: المشروعات " الوطنية " الكبري !!