صدمة «دبلوماسية الرهائن» بين الولايات المتحدة وإيران، وذلك بعد أن صرفت واشنطن مبلغ 6 مليارات دولار لطهران مقابل الإفراج عن خمس رهائن أميركيين، ما زالت مستمرة، وليس في منطقتنا وحسب، بل وفي أوروبا والولايات المتحدة نفسها.
والنقاش قائم على سؤال أساسي، وهو: هل من شأن هذه الصفقة، أو الفدية، أن تشجع إيران على مزيد من احتجاز الرهائن، ومقايضتهم بالأموال المحجوزة؟ لكن القصة ليست هنا، بل أعقد.القصة في خطورة «دبلوماسية الرهائن»، هذه، هي التوقيت، وأسلوب المعالجة، ودور الحلفاء في ملف الاتفاق النووي. صفقة «دبلوماسية الرهائن» هذه جاءت نتاج سيناريو واضح يحذرنا من القادم بالملف النووي... لماذا؟
السبب أن واشنطن دخلت المزاج الانتخابي، أو موسم الجنون، كما يسمى هناك، وبالتالي فإن واشنطن ليس بوارد لديها التفاوض مع إيران نوويا الآن، بينما خطت طهران خطوات مهمة تمكنها من إمكانية الوصول للسلاح النووي.
ما حدث، وبحسب عدة مصادر، هو أن واشنطن قررت تجميد المفاوضات النووية إلى ما بعد الانتخابات، وقررت الآن تحقيق مكاسب انتخابية مع طهران، وهي إطلاق سراح الرهائن مع تحذير لإيران بأن أي مواصلة للمشروع النووي قد يجابه بعمل عسكري إسرائيلي.
تمت الصفقة، وقدمت الأموال لتحرير الرهائن، الذين لم يصلوا إلى بلادهم حتى كتابة المقال، لكن دون شفافية كاملة مع الأطراف المعنية بالمفاوضات النووية، وهو ما يعرف بـ«خطة العمل الشاملة المشتركة» (JCPOA).
وإذا لم تبلغ الأطراف الدولية المشاركة بالملف النووي باتفاق صفقة «دبلوماسية الرهائن» فكيف ستبلغ بكل شيء حال عادت المفاوضات بعد الانتخابات؟ وكيف يمكن الثقة بالمفاوض الأميركي والعالم لا يعرف ما الذي حدث للمبعوث الخاص بإيران روبرت مالي؟
ولا لماذا يحقق معه، أو لماذا أُبعد؟ ولا أحد يعرف عمن خلفه الذي هو بدوره لا يعلم كثيرا في ملف المفاوضات النووية؟ ولماذا هذا التساهل الديمقراطي، ومنذ فترة أوباما، مع إيران، سواء بتحرير الأموال أو الاندفاع للتفاوض وفق شروط طهران، ورغم مماطلتها المستمرة؟
وعليه، فالخشية الآن أن تكون عملية تحرير الرهائن الأميركيين، ومن خلال صفقة «دبلوماسية الرهائن» هذه هي مجرد بروفة لأي مفاوضات أميركية قادمة بعد الانتخابات مع إيران، وخصوصا في حال فوز الرئيس بايدن بفترة رئاسية أخرى.
والمتوقع أن يكون التساهل الديمقراطي تجاه إيران أكبر، لكون الرئيس في فترة ثانية، ولم يعد لديه ما يخسره، ومن شأن ذلك أن يؤثر على مستقبل المنطقة، بل وواقعها، والاستقرار فيها؛ لأن ذلك يعني انتشارا للتسلح النووي، وهذه كارثة.
وقد يقول قائل إنه في حال فوز رئيس جمهوري قد تتعقد المفاوضات، وتندفع إيران لتطوير السلاح النووي، وهذا محتمل، ولذلك لا حلول سهلة، لكن الأعقد هنا هو عندما تتصرف واشنطن مع طهران بهذه السهولة والاندفاع ودون دراية تامة من الحلفاء الدوليين.
لذلك؛ فالخطر هو أننا قد نكون الآن أمام بروفة لما سيحدث بعد الانتخابات الرئاسية بين واشنطن وطهران.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي ثريدز وتويتر محاكمة ترامب أحداث السودان مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة بعد الانتخابات
إقرأ أيضاً:
ما هي خطط ترامب ضد إيران عند عودته إلى البيت الأبيض؟
تتجه إدارة دونالد ترامب، التي ستبدأ مهامها رسميا في كانون الثاني/ يناير المقبل، إلى العمل على "إفلاس" إيران من خلال خطة جديدة تُسمى "أقصى ضغط"، ضمن هدف الرئيس المنتخب لـ"إجبار إيران التخلي عن برامجها النووية وتمويل الجماعات الوكيلة لها بالمنطقة".
وقالت صحيفة "فايننشال تايمز" في تقرير لها إن إدارة ترامب الجديدة ترغب في إحياء سياستها القديمة، حسب أشخاص على معرفة بخطة الإنتقال للإدارة الجديدة، مضيفة أن فريق الخارجية سيحاول زيادة العقوبات على طهران بما فيها صادرات النفط.
ونقلت الصحيفة عن خبير بالأمن القومي على معرفة بخطط فريق انتقال السلطة قوله: "إنه مُصر على إعادة استراتيجية أقصى ضغط بهدف إفلاس إيران في أقرب وقت"، وستكون الخطة تحولا مهما في السياسة الخارجية الأمريكية في وقت يشهد فيه الشرق الأوسط اضطرابات بسبب أحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 والرد الإسرائيلي ضد قطاع غزة.
وأوضحت أن "ترامب عبر أثناء حملته الإنتخابية عن رغبته بعقد صفقة مع إيران قئالا: نريد عقد صفقة لأن العواقب عير محتملة وعلينا عقد صفقة، بينما أكد أشخاص على معرفة بتفكير الرئيس المنتخب أن استراتيجية أقصى ضغط تهدف لدفع إيران للتفاوض مع الولايات المتحدة، على الرغم من اعتقاد الخبراء أن هذا أمر بعيد المنال.
وشن الرئيس المنتخب حملة "أقصى ضغط" في ولايته الأولى بعد التخلي عن الاتفاق النووي لعام 2015 الذي وقعته إيران مع القوى العالمية، وفرض مئات العقوبات على الجمهورية الإسلامية. وردا على ذلك، كثفت طهران نشاطها النووي وتخصيب اليورانيوم بالقرب من مستوى القدرة على صنع الأسلحة.
وأبقت إدارة جو بايدن على العقوبات سارية المفعول، لكن الخبراء قالوا إنها لم تقم بتطبيقها بشدة، في وقت تضاعفت فيه صادرات النفط الخام الإيرانية أكثر من ثلاثة أضعاف في السنوات الأربع الماضية، من مستوى منخفض بلغ 400 ألف برميل يوميا في عام 2020 إلى أكثر من 1.5 مليون برميل يوميا حتى الآن في عام 2024، مع توجه جميع الشحنات تقريبًا إلى الصين، وفقا لوكالة معلومات الطاقة الأمريكية.
وبحسب أشخاص مطلعين على الخطط، فإن فريق ترامب الانتقالي يعمل على صياغة أوامر تنفيذية يمكن أن يصدرها في أول يوم له في البيت الأبيض لاستهداف طهران، بما في ذلك تشديد وإضافة عقوبات جديدة على صادرات النفط الإيرانية.
وقال بوب ماكنالي، رئيس شركة الاستشارات رابيدان إنرجي ومستشار الطاقة السابق لإدارة جورج دبليو بوش: "إذا ذهبوا حقا إلى أقصى حد ويمكنهم خفض صادرات النفط الإيرانية إلى بضع مئات الآلاف من البراميل يوميا".
وأضاف: "إنه مصدرهم الرئيسي للدخل واقتصادهم أكثر هشاشة بالفعل مما كان عليه في ذلك الوقت، إنهم في زاوية أسوأ بكثير من الفترة الأولى، سيكون الوضع سيئا جدا".
وحث مستشارو ترامب الرئيس القادم على التحرك بسرعة بشأن طهران، حيث قال أحد الأشخاص المطلعين على الخطة إن الزعيم الأمريكي الجديد سيوضح "أننا سنتعامل مع فرض العقوبات على إيران بجدية بالغة".
وقد ساعد مايك والتز، مستشار الأمن القومي الجديد لترامب، في تمرير تشريع أثناء عضويته في مجلس النواب من شأنه أن يفرض عقوبات ثانوية على المشتريات الصينية من النفط الخام الإيراني.
ولم يمر مشروع القانون في مجلس الشيوخ. وقال أشخاص مطلعون على عملية الانتقال إن حملة أقصى ضغط تهدف إلى حرمان إيران من العائدات اللازمة لبناء جيشها أو تمويل مجموعات بالوكالة في المنطقة، ولكن الهدف في نهاية المطاف هو دفع طهران إلى التفاوض على اتفاق نووي جديد وتغيير سياساتها الإقليمية. وتدعم إيران الجماعات المسلحة في جميع أنحاء المنطقة التي كانت تطلق النار على إسرائيل على مدى العام الماضي. كما تبادلت إسرائيل وإيران الهجمات الصاروخية المباشرة ضد بعضهما البعض.
وقال خبير الأمن القومي المطلع على عملية الانتقال: "نأمل أن يكون ذلك حافزا لحملهم على الموافقة على المفاوضات بحسن نية من شأنها أن تعمل على استقرار العلاقات وحتى تطبيعها يوما ما، لكنني أعتقد أن شروط ترامب لذلك ستكون أكثر صرامة مما يستعد الإيرانيون له". ولم ترد حملة ترامب للتعليق.
ومن بين أعضاء فريق الأمن القومي الذي اختاره ترامب كبار المسؤولين بمن فيهم مرشحه لمنصب وزير الخارجية ماركو روبيو، ووالتز، مستشار الأمن القومي، الذين دافعوا عن نهج متشدد تجاه إيران.
وقال والتز خلال مناسبة أقيمت في تشرين الأول/أكتوبر في المجلس الأطلنطي: "قبل أربع سنوات فقط. كانت عملتهم في حالة تدهور، وكانوا في موقف دفاعي حقا... نحن بحاجة إلى العودة إلى هذا الموقف".
وحث وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي فريق ترامب هذا الأسبوع على عدم محاولة ممارسة أقصى قدر من الضغط مرة أخرى.
وقال عراقجي في تغريدة على منصة "إكس" (تويتر سابقا)، في إشارة إلى التقدم النووي الإيراني في السنوات التي تلت انسحاب ترامب من الاتفاق: إن "محاولة ممارسة أقصى قدر من الضغط 2.0 لن تؤدي إلا إلى هزيمة قصوى 2.0". وأضاف: "الفكرة الأفضل هي تجربة أقصى قدر من الحكمة - لصالح الجميع".
وقالت الحكومة الإيرانية الجديدة، بقيادة الرئيس الإصلاحي مسعود بزشكيان، إنها تريد إعادة التواصل مع الغرب بشأن المواجهة النووية، في محاولة لتأمين تخفيف العقوبات لتعزيز اقتصاد البلاد المعتل.
وبعد إجراء محادثات مع رافائيل غروسي، رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة في طهران يوم الخميس، نشر عراقجي على قناة إكس أن طهران مستعدة للتفاوض "على أساس مصلحتنا الوطنية وحقوقنا غير القابلة للتصرف، لكنها ليست مستعدة للتفاوض تحت الضغط والترهيب".
وتعلق الصحيفة أنه حتى لو كان الجانبان على استعداد للحديث، فإن فرص التقدم ضئيلة. وقال كريم سجادبور، الزميل البارز في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي: "السؤال الكبير هو ما إذا كان آية الله خامنئي على استعداد لإبرام صفقة نووية وإقليمية مع الرجل الذي قتل قاسم سليماني". وأضاف: "من الصعب تصور صفقة نووية أو إقليمية يمكن أن تكون مقبولة لكل من رئيس وزراء إسرائيل والمرشد الأعلى لإيران".
وأوضحت الصحيفة أن المسؤولين السابقين بمن فيهم ترامب واجهوا، تهديدات متزايدة من إيران منذ أمر ترامب باغتيال القائد الإيراني الأعلى قاسم سليماني في كانون الثاني/يناير 2020.
ووجهت وزارة العدل الأمريكية في الأسبوع الماضي اتهامات إلى حكومة إيران باستئجار رجل لبدء مؤامرات لاغتيال أعداء النظام المفترضين، بمن فيهم ترامب. ونفت إيران تورطها في أي مؤامرة لقتل ترامب.
كما وأثار تقرير في صحيفة "نيويورك تايمز" أن إيلون ماسك التقى بسفير إيران لدى الأمم المتحدة هذا الأسبوع لمناقشة نزع فتيل التوترات بين الولايات المتحدة وإيران وتوقعات بأن ترامب قد يتطلع إلى عقد صفقة مع طهران. ورفضت البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة التعليق.