موقع 24:
2025-04-01@00:47:42 GMT

الصراع على النيجر لا من أجلها

تاريخ النشر: 13th, August 2023 GMT

الصراع على النيجر لا من أجلها

النيجر دولة أفريقية من بين 54 دولة تقع في القارة السمراء، وموقعها جنوب ليبيا على الخريطة، ولم يكن اسمها يتردد من قبل، إلا إذا كان الحديث عن مجموعة دول الساحل والصحراء التي تضمها مع أربع دول أخرى، ولكن الاسم بعد الانقلاب العسكري الذي وقع فيها مؤخراً صار يتردد في كل وسائل الإعلام.

دول الساحل والصحراء تمتد في شكل شريط طولي من شرق القارة إلى غربها، وتبدأ من تشاد، إلى النيجر، إلى مالي، إلى بوركينا فاسو، إلى موريتانيا.


ولا تزال هذه الدول الخمس تمثل أهمية كبيرة في معركة العالم، وليس القارة السمراء وحدها، ضد التطرف والإرهاب والتشدد. هذا الثلاثي لا ينشط في مكان بقدر ما ينشط على أرض الدول الخمس، ولا يجد مرتعاً له إلا على مساحات منها وبدرجات متفاوتة طبعاً، وربما كانت مساحاتها الكبيرة مغرية في هذا الاتجاه، لأن مساحة النيجر وحدها على سبيل المثال تماثل مساحة بريطانيا خمس مرات.
وحين استيقظ العالم على الانقلاب في 26 يوليو، فإنه وضع يده على قلبه، ثم راحت دول عديدة من بعد ذلك تتصرف بعصبية، وتنذر قادة الانقلاب بما يمكن أن تتخذه ضدهم من إجراءات، وأخذت تطالبهم بالإفراج الفوري عن الرئيس محمد بازوم، الذي تحددت إقامته بقرار من الذين انقلبوا عليه.
ومن قبل كانت دول أفريقية كثيرة تتعرض لانقلابات من نوع ما وقع في النيجر، ولم يكن الغرب يهتم بالأمر كما اهتم في هذه الحالة النيجرية، وكان السبب أن الذين كانوا يقودون أي انقلاب لم يكونوا يعادون الغرب منذ اللحظة الأولى.
وقوع الانقلاب في نيامي عاصمة النيجر، أعقبه خروج تظاهرات في العاصمة، وكان المتظاهرون يرفعون رايات روسية، ولم يكن هذا مما يريح الولايات المتحدة الأمريكية بالتأكيد، ولا أوروبا، ولا كان يريح حلفاءهما في الحرب الروسية الأوكرانية.
ولم يتوقف المتظاهرون عند هذا الحد، لكنهم ذهبوا إلى مقر السفارة الفرنسية في نيامي، ونزعوا اللافتة التي تحمل اسمها ثم داسوها، وكان هذا مما أثار الفرنسيين جداً، إلى حد أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تكلم بغضب، وألمح وهو يتكلم إلى أن بلاده يمكن أن تتدخل لتعيد الرئيس بازوم بالقوة إلى منصبه.
وفي البداية، كان يفغيني بريغوجين، قائد مجموعة فاغنر الروسية العسكرية الخاصة، قد رحب بما جرى وعرض خدمات مجموعته لحفظ النظام والأمن في البلاد، وكان المعنى أن الحكام الجدد في النيجر أقرب إلى موسكو منهم إلى واشنطن.
وتواصلت ردود الفعل على الانقلاب، وقالت مجموعة إيكواس التي تضم دول غرب القارة إن على قادة الانقلاب أن يراجعوا أنفسهم، وأن يعيدوا البلاد إلى المسار الديمقراطي السابق على انقلابهم، وأصدرت «إيكواس» ما يشبه الإنذار إلى المجموعة الحاكمة الجديدة، ومنحتها أسبوعين للعودة عما قامت به ضد الرئيس المنتخب.
ورغم أن واشنطن كانت متشددة في البداية، ورغم أن موقفها كان قريباً في تشدده من موقف «إيكواس»، إلا أنها بدأت تتحلى بالمرونة، وبدأت تتحدث عن حل دبلوماسي، باعتباره تقريباً «الحل الوحيد».
وعندما قامت فيكتوربا نولاند، مساعدة وزير الخارجية الأمريكي، بزيارة إلى العاصمة نيامي، التقت عدداً من قادة المجلس العسكري الحاكم، ولما طلبت لقاءً مع الجنرال عبد الرحمن تشياني، قائد المجلس، لم يلق طلبها قبولاً، وكذلك حين طلبت لقاءً مع الرئيس بازوم، وكان هذا مما يحمل إشارة سياسية في مجمله.
وسوف تشعر وأنت تتابع هذا كله، أن الغرب لا يقف ضد الانقلاب لأنه ضد فكرة الانقلاب نفسها كفكرة، ولكن لأن التوجه السياسي للذين انقلبوا ليس مما يوافق الهوى الغربي، ولا يختلف الحال على الجانب الروسي الذي ينظر إلى الأمر باعتباره حلقة من حلقات صراعه مع الغرب، أما مصالح النيجر المجردة فلا أظن أن لها مساحة معتبرة وسط هذا كله من أوله إلى آخره، لأن هذه المصالح هي آخر ما يخطر ببال هؤلاء الذين يتصارعون على النيجر.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي ثريدز وتويتر محاكمة ترامب أحداث السودان مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة النيجر انقلاب النيجر

إقرأ أيضاً:

ماذا يريد الغرب وكياناتنا القُطْرِيَّةُ؟

وأنا أهمّ بكتابة هذا المقال أمهلت إسرائيل بعض سكان حي الحدث في ضاحية بيروت الجنوبية سُويعات، كي يغادروا منازلهم المجاورة لعمارة أرادت قصفها بحجة تخزين عتاد لحزب الله فيها.

وبينما كانت أعمدة الدخان الأسود تتصاعد من العمارة التي أصبحت ركامًا، كان الرئيس اللبناني وقائد جيش لبنان السابق العماد جوزيف عون، يتحدث في مؤتمر صحفي مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في باريس.

رفعت صوت التلفاز، وقد كنت أتوقع أن يستهل الرئيس العماد حديثه بالتنديد الشفوي، كما هي عادة الزعماء العرب، بالعدوان الإسرائيلي على لبنان وانتهاكه الصارخ قرارَ وقف إطلاق النار، لكن الرئيس المتأنق، من جلدة رأسه حتى أخمص قدمه، استهل كلامه بغزل تاريخي مع ماكرون، وقال إن علاقة لبنان مع فرنسا علاقة عضوية تعود لما قبل 750 عامًا، زمن الإمبراطور لويس التاسع الذي شمل موارنة لبنان برعايته!

لكن مهلًا أيها الرئيس العماد! لقد كان لويس الذي تسبح بحمده اليوم على رأس حملة صليبية تعزم غزو بلاد العرب كلها، عندما التقى الموارنة أثناء توقف حملته في قبرص وشملهم برعايته الصليبية.

وإن كنت أيها الرئيس اعتبرت ذلك رعاية للبنان كله، كما نعرفه اليوم، فقد اختلطت لديك الخيوط بين الوطن والطائفة. فلبنان ليس كله لطائفة بعينها، وأنت يفترض بك تمثيل كل اللبنانيين.

إعلان

وهكذا فإن تلك العلاقة التي تغنيت بها لا يتغنى بها كل اللبنانيين. ثم هل كان لبنان أيام لويس التاسع كيانًا مستقلًا حتى تسحب رعاية لويس التاسع لموارنته على كل لبنان؟

ولا تنسَ يا سيادة الرئيس أن حامي لبنان كما تراه من منظورك، أسرَه المصريون في معركة المنصورة، وأُطلق سراحه بفدية كبيرة. فهو لم يحمِ نفسه ولا حمى الموارنة آنذاك. وفرنسا اليوم، التي تتفاخر بالعلاقة التاريخية معها حتى وإن كانت علاقة غزو صليبي، لن تشمل لبنان برعايتها، ولا تستطيع.

انظر إليها يا سيادة الرئيس تنسحب من أفريقيا التي استعمرتها لقرون، وانظر إليها تتوسل الحماية من الشواطئ الأخرى للأطلسي. أو لم تسمع ما قاله ماكرون في المؤتمر الصحفي من أن لبنان أصبح اليوم في المسار الصحيح؟! لبنان في المسار الصحيح بعد أن احتلت إسرائيل أرضه في الجنوب، ودمّرت قراه وتواصل قصف عاصمته، وأنت تتغزل بفرنسا وتاريخها، أم إن ذلك الجنوب المدمّر والبقاع المهشم ليس هو لبنان الذي تراه وطنًا؟

لكنني، رغم كل شيء، أود أن أشكرك على صراحتك يا سيادة الرئيس، إذ لم تتستر على مكنوناتك، وأفصحت باختيارك غير الموفق لشاهد من التاريخ، عما تشعر بالانتماء إليه أولًا، وهو الانتماء للطائفة قبل الانتماء للوطن كله، خلافًا لما تفعله وفعلته بعض رموز الأقليات الطائفية في بلداننا.

فها هي سوريا تتكشف فيها كل دمامل الأقليات الطائفية والإثنية، بعد أن توارت لعقود وراء ستارات وشعارات قومية مخادعة، فما إن رحل الطاغية حتى يمم بعض أولئك الذين تشدقوا بعروبتهم من ربابنة أقليات الطوائف شطر تل أبيب، ورفعوا أعلامهم الطائفية، وأعلن بعضهم جهارًا حبه المذهبي القادم من الشرق، وطالب آخرون ألا ينسحب حماتهم الأميركيون من سوريا.

شكرًا لك أيضًا يا سيادة الرئيس، فقد جسدت لنا معضلتنا الحقيقية في الوطن العربي، ألا وهي التشظّي القُطْري. فقد أزاحت الانتماءات القٌطْرِية الانتماء للأمة الجامعة في بعدها العربي القومي، وبعدها العقدي الإسلامي، وكلاهما لا ينفصمان عن بعضهما.

إعلان

وإن حدث، كما هو حالنا اليوم، تشظّت الأمة إلى كيانات قٌطْرِيَّةٍ يتساوى في عجزها أمام العالم كبيرها وصغيرها، فكيف سيكون حالنا من العجز حين يتشظى الكيان القُطْري نفسه من داخله فيصبح الانتماء فيه للطائفة، مهما صغرت وانحصرت في الجغرافيا، على حساب الانتماء للوطن!

هذا هو حالنا اليوم أيها الناس! فكياناتنا القُطْرِية تريد أن تستنسخ لنا تاريخًا جديدًا تصبح فيه حروب أعدائنا السابقة علينا مؤازرة لنا، علينا أن نكون لها من الشاكرين. وكذلك حرو بهم الراهنة علينا لا بدّ لنا أن نشكرهم عليها؛ لأنها أعادتنا إلى المسار الصحيح، كما قال ميشيل ماكرون. أَوَ ليس هناك من العرب اليوم من يستحث إسرائيل على القضاء على حماس في غزة وفي كل فلسطين، بل ويلومها لأنها ما استطاعت، بعد أكثر من 17 شهرًا من حرب الإبادة الجماعية على غزة، أن تنهي حماس.

هذا هو حالنا اليوم أيها الناس! كياناتنا القُطْرِيَّة تريد أن "تنزل" علينا دينًا جديدًا باسم الإبراهيمية، كي تنفي العقيدة الإسلامية الجامعة التي هيمنت بكتابها الكريم على كل ما سبقها من الأديان السماوية.

هذا هو حالنا اليوم أيها الناس! كياناتنا القُطْرِية تريد أن تعيد تعريف جغرافيّة وطننا العربي لتنفي وحدته الطبيعية والتاريخية، فلا تعود جزيرة العرب هي جزيرة العرب كما عرفناها قبل الإسلام وبعده، بحدودها الممتدة من بحر العرب جنوبًا إلى هضبة الأناضول شمالًا، ومن جبال زاغروس شرقًا إلى شواطئ المتوسط غربًا. ولا يعود شمال أفريقيا العربي الإسلامي ووسطها السوداني العربي والمسلم، كما عرفناه ونعرفه منذ أن صهلت خيول عقبة بن نافع عند شواطئ الأطلسي، ولا يعود بحر القلزم الأحمر بحيرة عربية كما كان حتى عهد قريب.

هذا هو حالنا اليوم أيها الناس! الغرب يريد، وكياناتنا القُطْرِيَّة تذعن وتنفذ، كي تصبح إسرائيل جزءًا أصيلًا من تاريخنا وعقيدتنا وجغرافيّة وطننا، وكي يصبح ما تشنه علينا من حروب خدمة لنا، ينبغي أن نشكرها عليها، ونقدم لها المزيد من طقوس الطاعة والانصياع.

إعلان

وهكذا تكون حرب الإبادة على غزة وفلسطين في مصلحة كياناتنا في حدودها الطائفية والإثنية بعد أن ينتهي مفهوم الأمة القطب الجامع أرضًا وفكرًا وعقيدة.

لا حول ولا قوة إلا بالله. إنه زمن إسرائيلي شئت أم أبيت، ولو أن هولاكو قائد المغول، الذين اجتاحوا بغداد عام 1258، عاد للحياة ورأى مدى هوان الأمة وانصياعها وخنوعها لإسرائيل لاعتبر نفسه فاشلًا، إذ فاقته إسرائيل في إذلال 400 مليون عربي، بل وتحويل بعضهم لمطايا تعصب عيونهم وتلهب سياطها ظهورهم، فلا حصان من خيولهم يصهل، ولا معتصم منهم يسمع وينتخي!

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • اتصال من الرئيس الإيراني.. السيسي يؤكد خفض التصعيد الإقليمي ومنع توسع رقعة الصراع في المنطقة
  • النيجر تسحب قواتها من تحالف مكافحة الإرهاب بمنطقة بحيرة تشاد
  • لطيفة تنعي إيناس النجار «اخر مره شوفتك امبارح وكان عندي أمل»
  • ماذا يريد الغرب وكياناتنا القُطْرِيَّةُ؟
  • الرئيس السيسي لنظيره الإيراني: حريصون على خفض التصعيد الإقليمي ومنع توسع رقعة الصراع
  • أحمد حسن: جوزيه مدرب عنيد.. وكان المحرك الرئيسي للقرارات داخل الأهلي
  • النيجر تنسحب من قوة عسكرية تحارب جماعات إرهابية
  • النيجر تنسحب من القوة المشتركة متعددة الجنسيات لمكافحة الإرهاب بحوض بحيرة تشاد
  • العليمي: استعادة صنعاء صار أقرب من اي وقت مضى
  • زعيم المعارضة التركية يندّد بـ”الانقلاب المدني” ويوجه تحية لأكرم إمام أوغلو في المعتقل