بلا أجر وتحت القصف.. رجال الإنقاذ في لبنان يواجهون الموت بحثا عن ناجين
تاريخ النشر: 7th, October 2024 GMT
تواجه فرق الدفاع المدني في لبنان تحديات غير مسبوقة، تتعلق بجهود محفوفة بالمخاطر من أجل إنقاذ الأشخاص العالقين تحت الأنقاض، في ظل حرب مستعرة بين إسرائيل وجماعة حزب الله.
ومع تزايد التصعيد والقصف منذ 23 سبتمبر الماضي، فإن الأزمة الإنسانية في لبنان تتفاقم، حيث نزح أكثر من 1.2 مليون شخص من منازلهم بسبب القتال، وفقًا لما صرح به رئيس مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي.
وأكد غراندي أن الأوضاع الإنسانية في البلاد أصبحت خطيرة، خاصة مع تعرض البنية التحتية المدنية للتدمير أو الأضرار، مما يعد "انتهاكًا صارخًا للقانون الإنساني الدولي".
وسلط تقرير لصحيفة "التايمز" البريطانية، الضوء على فرق الإنقاذ في لبنان، التي كانت معتادة على مواجهة الحرائق وتنفيذ عمليات إنقاذ خلال الكوارث الطبيعية، تجد نفسها الآن تعمل في بيئة خطيرة للغاية نتيجة للغارات الجوية المكثفة، وذلك مع قلة الإمكانيات وضعف الدعم اللوجيستي.
وتحدث نبيه سلحاني، الذي يشرف على تدريب فرق الدفاع المدني اللبناني، عن حجم الدمار الهائل الذي أحدثته الغارات الإسرائيلية، موضحًا أن البحث والإنقاذ "لا يقتصر فقط على العثور على الناجين، بل يشمل أيضًا استعادة جثث الضحايا المدفونين تحت الأنقاض".
وأضاف سلحاني: "عندما تنهار مبانٍ متعددة الطوابق، يستغرق الأمر وقتًا وجهدًا كبيرين للوصول إلى الأشخاص المدفونين تحت الركام".
والعمل في مثل هذه الظروف محفوف بالمخاطر، حيث أشار سلحاني إلى أن فرق الإسعاف "تتعرض لإطلاق النار خلال أدائها لمهامها، مما أدى إلى مقتل 4 من أفراد الطواقم حتى الآن".
ورغم هذه المخاطر، لا تزال الفرق تعمل في جميع أنحاء البلاد، حيث تقدم الإسعافات الأولية وتنقل الجرحى إلى المستشفيات، التي هي الأخرى تكافح مع نقص المعدات والإمدادات.
وتتعرض الضاحية الجنوبية لبيروت، وهي معقل لحزب الله، لضربات جوية مستمرة منذ سبتمبر الماضي، التي يقول الجيش الإسرائليي إنها تستهدف مواقع لحزب الله، وقد طالت مباني سكنية.
وفي هذا السياق، وصفت إحدى سكان الضاحية، حنان عبد الله، إحدى ليالي القصف بقولها: "كانت المباني تهتز من حولنا وكأن زلزالاً ضرب المكان".
وتابعت: "كانت هناك عشرات الغارات، لا يمكننا عدّها، وكان الصوت يصم الآذان".
ورغم الظروف الصعبة، شهد الدفاع المدني اللبناني تدفقًا للمتطوعين، حيث أشار سلحاني إلى أن الفرق المتطوعة "تعمل دون أجر"، ومعظمها تفتقر إلى المعدات المناسبة، إلا أن دوافعها الإنسانية قوية.
وأوضح أنه مع كل عنصر مدفوع الأجر في فرق الإنقاذ، فإن هناك 3 متطوعين يعملون مجانًا لإنقاذ الأرواح، في أقسى الظروف.
نقص في المعداتويعاني الدفاع المدني اللبناني أيضًا من نقص حاد في المعدات الضرورية، فخلال العام الماضي وحده، تم تدمير 30 مركبة تابعة للدفاع المدني، بما في ذلك سيارات إسعاف وشاحنات إطفاء وآليات حفر، وفق الصحيفة البريطانية.
ويعقد ذلك النقص جهود فرق الإنقاذ، التي تجد نفسها مضطرة للتعامل مع مواقف كارثية، حيث يُتوقع منها أن تستجيب لعمليات إنقاذ يومية تصل إلى مئات النداءات.
ويزداد الوضع تدهورا مع استمرار الضربات الجوية، حيث تتعامل فرق الإنقاذ مع "قرى بأكملها لم تعد موجودة"، حسب تعبير سلحاني.
و إلى جانب ذلك، أعلن رئيس دائرة المستشفيات في وزارة الصحة اللبناني، هشام فواز، أن 4 مستشفيات أوقفت عملياتها، بسبب القصف المستمر.
وأكد فواز أن "هذا الوضع غير طبيعي"، وأنه "من غير المقبول أن تكون المستشفيات أهدافًا مباشرة في النزاع"، على حد قوله.
وأشار الدفاع المدني اللبناني إلى أنه بحاجة ماسة إلى المزيد من الدعم لمواصلة عمله، حيث تواجه فرقه تحديًا مزدوجًا يتمثل في تدمير معداتها باستمرار وارتفاع حجم العمل، مما يجعلها غير قادرة على تلبية جميع نداءات الاستغاثة، حسب تقرير الصحيفة البريطانية.
وكان رئيس شعبة العلاقات العامة في فوج إطفاء بيروت، النقيب علي نجم، قد وصف خلال حديث سابق لموقع "الحرة"، عناصر الإنقاذ بأنهم "رجال شجعان، يعملون بمعدات متواضعة ويواجهون تحديات جسام، رغم قلة الإمكانيات".
ونبه إلى فوج الإطفاء يبقى "في حالة استنفار دائم، ومستعد لمواجهة أي طارئ. ففي ضاحية بيروت، حيث القصف لا يهدأ، نواجه الموت لإنقاذ أرواح الناس".
وبخصوص آليات رفع الأنقاض، أوضح نجم أن "دائرة الهندسة في بلدية بيروت توّفر هذه الآليات، لكن الحاجة إلى دعم إضافي من جهات أخرى تبقى ضرورية خلال الكوارث الكبرى".
ورغم كل هذه الآثار الكارثية، لا يزال القتال مستمرا بين إسرائيل وحزب الله، فيما تتعالى الأصوات الدولية المطالبة بالتهدئة، والتوصل إلى حلول دبلوماسية.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الدفاع المدنی اللبنانی فرق الإنقاذ فی لبنان
إقرأ أيضاً:
البرلمان اللبناني يقر تعديلات تحدّ من السرية المصرفية يطلبها صندوق النقد
بيروت - أقرّ مجلس النواب اللبناني الخميس 24ابريل2025، تعديلات تحدّ من السرية المصرفية وتعتبر مطلبا رئيسيا لصندوق النقد الدولي، فيما يجري وفد رسمي لقاءات في واشنطن مع مؤسسات مالية سعيا للحصول على دعم تحتاج إليه البلاد بشدة عقب أزمة اقتصادية خانقة.
وعدّل المجلس مادة في قانون السرية المصرفية وأخرى في قانون النقد والتسليف، ضمن سلسلة من الخطوات يعتزم لبنان القيام بها لاحتواء تداعيات الأزمة التي بدأت عام 2019، وفي ظل رهن المجتمع الدولي توفير الدعم بإجراء الحكومة إصلاحات جذرية.
وأورد بيان صادر عن مكتب رئيس البرلمان أن مجلس النواب أقر "تعديل المادة 7 (هـ) و(و) من القانون المتعلق بسرية المصارف (...) والمادة 150 من قانون النقد والتسليف".
وأوضحت "المفكرة القانونية"، وهي منظمة حقوقية غير حكومية، أن التعديل يخوّل "الهيئات الرقابيّة والهيئات النّاظمة للمصارف... طلب الحصول على جميع المعلومات المصرفية، من دون أن يربط طلب المعلومات بأيّ هدف معيّن".
وأفادت بأن التعديل بات يخوّل هذه الجهات "الحصول على أسماء العملاء" وتحليل الودائع "بخاصة لجهة استكشاف احتمال وجود شبهات بشأنها انطلاقا من هوية صاحب الوديعة".
وكانت الحكومة أكدت لدى إقرار مرسوم التعديلات في وقت سابق من هذا الشهر، أن النص يلحظ "مفعولا رجعيا لمدة 10 سنوات من تاريخ تقديم كل طلب"، ما يتيح بالتالي رفع السرية عن التعاملات المصرفية في 2019، أي عام بدء الأزمة الاقتصادية.
وتزامن إقرار التعديلات مع اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، والتي يشارك فيها وزيرا المالية ياسين جابر والاقتصاد عامر البساط وحاكم مصرف لبنان كريم سعيد.
وكان جابر أكد في بيان صادر عن مكتبه الثلاثاء أن إقرار التعديلات سيعطي "دفعا للوفد اللبناني" في واشنطن.
يشهد لبنان أزمة اقتصادية غير مسبوقة منذ العام 2019 بات معها غالبية السكان تحت خط الفقر، بحسب الأمم المتحدة. واشترط المجتمع الدولي على السلطات تنفيذ اصلاحات ملحة منها إعادة هيكلة القطاع المصرفي، للحصول على دعم مالي.
وبدأ لبنان في كانون الثاني/يناير 2022 مفاوضات رسمية مع صندوق النقد الذي طالما شدد على أنه لن يقدم أي دعم طالما لم تقرّ الحكومة إصلاحات على رأسها تصحيح الموازنة وإعادة هيكلة القطاع المصرفي وإصلاح المؤسسات العامة والتصدي للفساد المستشري.
وأعلن الصندوق في نيسان/أبريل من العام ذاته عن اتفاق مبدئي مع لبنان على خطة مساعدة بقيمة ثلاثة مليارات دولار على أربع سنوات، لكنّ تطبيقها كان مشروطا بإصلاحات، لم تسلك غالبيتها سكة التنفيذ.
وتعهدت الحكومة الجديدة برئاسة نواف سلام التي تولت مهامها في كانون الثاني/يناير، بتنفيذ الاصلاحات المطلوبة للحصول على الدعم الدولي.
وإضافة الى تعديل قانون السرية المصرفية، يطالب المجتمع الدولي لبنان بإعادة هيكلة القطاع المصرفي. وأقرت الحكومة اللبنانية مشروع قانون بهذا الشأن في 12 نيسان/أبريل.
وساهمت السرية المصرفية التي اعتمدها لبنان في جذب الودائع ورؤوس الأموال الأجنبية. وطالبت أطراف دولية ومحلية برفعها عقب الأزمة المالية، في ظل الاشتباه بأن العديد من أصحاب المصارف والمتموّلين الكبار والنافذين استغلوها للتغطية على ممارسات فساد أو تهريب أموالهم الى الخارج، في وقت كانت البنوك تقيّد حرية المودعين في سحب ودائعهم اعتبارا من 2019.