موقع 24:
2024-09-19@13:03:32 GMT

عندما تصبح العدالة فولكلوراً

تاريخ النشر: 13th, August 2023 GMT

عندما تصبح العدالة فولكلوراً

ذكرى الأحداث المؤلمة تعيد إلى الأذهان صوراً يتمنى الناس نسيانها، وتحيي في القلوب وجعاً يبحثون عن دواء له، وتمنح المحتالين فرصة لإعادة استغلالها، بالخداع والتصريحات الجوفاء، أملاً في جني مكاسب جديدة، وهم أنفسهم من صنعوا الحدث وأدموا القلوب وشوّهوا الجمال.

وانفجار مرفأ بيروت الذي هز العالم، وكان من أكبر الانفجارات غير النووية في التاريخ، من دون أن يهتز رمش لأي من صناعه، تجار السياسة وزعماء الطوائف، مرت ذكراه الثالثة لتجدد الآلام وتعيد صورة مرفأ ينفجر ومدينة تشتعل وهواء يتسمم وسماء تغطى بالدخان متعدد الألوان، ومبانٍ تتهدم وبشر تتطاير أشلاؤهم في الجهات الأربع، ورعب يعمّ المدينة وخوف من المعلوم والمجهول.


لبنانيون لا ينتظرون موعد الكارثة لاستعادة ذكرياتها المفزعة وكوابيسها المؤلمة، فانفجار المرفأ ليس من الأحداث التي يمكن أن يطويها الزمن، الناس يتذكرونها كل يوم، وذوو الضحايا يعيشون تفاصيلها كل الوقت، ويساعد على عدم نسيانها غياب العدالة والتستر على المجرمين واستهتار الدولة بدماء الضحايا وعدم اكتراثها بما خلفته من خراب ودمار وانهيار يضاف إلى رصيد لبنان المتخم بالانهيارات والخيبات.

من الطبيعي أن يخرج أهالي الضحايا والمصابين في ذكرى الانفجار للصراخ والمطالبة بالقصاص والتنديد بتعطيل التحقيقات بعد مراحل من العرقلة والتشكيك والتسييس، وتنظيم المسيرات وإلقاء الكلمات لتذكير شعب لن ينسى ما ارتكبه الفاسدون في حق بشره وحجره وحاضره وماضيه، ولكن ليس من الطبيعي أن يتبارى المسؤولون في استغلال المناسبة سياسياً، ومحاولة تخدير الناس بكلام ينطق به اللسان ولا يتبناه العقل ولا يؤمن به القلب، متوهمين أن الناس يمكنهم تصديقه.

كل السياسيين اللبنانيين حاولوا استغلال الذكرى بتصريحات تظهرهم مصطفين بجوار الشعب، وليسوا أصحاب قرار في تعطيل التحقيق وتغييب العدالة، وليسوا أصحاب سلطة في التقاعس والصمت المريب أمام رفض المتورطين المثول أمام المحقق العدلي. رئيس الحكومة نجيب ميقاتي قال: «الأمل، كلّ الأمل، أن تظهر شمس العدالة في قضيّة انفجار مرفأ بيروت في أقرب وقت، فترقد أرواح الشّهداء بسلام»، وهذا الكلام لو قاله مواطن عادي لكان مقبولاً، أمّا أن يصرح به رئيس حكومة فهو يكشف عن عجزه أمام مراكز القوى في الدولة، وعدم قدرة حكومته على تحقيق العدالة.. أما رئيس الوزراء الأسبق سعد الحريري فقال: «جرح بيروت لن يندمل، والعدالة آتية مهما طال الزمن»، وهو من أكثر العالمين أن العدالة أصبحت من الفولكلور في لبنان، خرجت ولم تعدْ منذ عقود، اغتيل رؤساء ورؤساء حكومات ونواب وسياسيون وإعلاميون، ولم يعرف أحد من القاتل، ولم يبذل القضاء جهداً يذكره التاريخ لمحاكمة مجرم، ومن بين الشهداء والده الرئيس رفيق الحريري.
وزير الداخلية قال، إن «ما يعرقل استئناف التحقيق هو عدم وجود دولة في لبنان تطبق القانون»، وعندما يأتي هذا الكلام على لسان الوزير المسؤول عن إنفاذ القانون يكون اعترافاً بأن الفراغ لم يطل موقعاً أو مواقع، ولكنه أفرغ دولة من محتواها وحوّلها إلى لا دولة، فالحكومة لا قيمة لها ولا دور مؤثراً تلعبه، والبرلمان أصبحت مهمته التعطيل فقط والقضاء إما مسيس أو تلاحقه تهمة التسييس!.
هذه مجرد نماذج للتصريحات التي أدلى بها الساسة في لبنان، وعلى رأسهم رؤساء الأحزاب وزعماء الطوائف الذين منعوا التحقيق مع متهمين مفترضين من أحزابهم، يتحدثون بلسان الشعب وهم الذين يتاجرون بهمومه ويتسبّبون في قهر ناسه ويحمون القتلة والفاسدين. وخارجياً، لم تسلم ذكرى تفجير المرفأ من الاستغلال السياسي؛ حيث أعربت واشنطن عن رفض تعطيل المساءلة في لبنان، مطالبة ب«إتمام التحقيقات»، وخرج الرئيس الفرنسي ماكرون ليدغدغ مشاعر اللبنانيين بتغريدة باللغة العربية: «لبنان لم يكن وحيداً، وهو ليس وحيداً اليوم أيضاً.. يمكنكم أن تعتمدوا على فرنسا، وعلى تضامننا وصداقتنا»، والحقيقة أن لبنان اليوم وحيد، وتحول إلى دولة يستغلها ساستها والقوى الخارجية على حد سواء.
العدالة لن تتحقق في لبنان بالوعود الكاذبة، ولكن بإرادة شعب تجاوز في حقه كثيراً الفاسدون، ولن يعيد إليه دولته وحقوقه سوى إرادته من دون انتظار للخارج المستغل دائماً لأزمات الشعوب.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي ثريدز وتويتر محاكمة ترامب أحداث السودان مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة فی لبنان

إقرأ أيضاً:

الحكومة الأردنية الجديدة تؤدي اليمين أمام الملك

أدّت الحكومة الأردنية الجديدة برئاسة جعفر حسّان الأربعاء اليمين الدستورية أمام الملك عبد الله الثاني بعد انتخابات نيابية.
لكن العاهل الأردني كلّف مدير مكتبه ووزير التخطيط الأسبق جعفر حسان تشكيل الحكومة خلفا لحكومة بشر الخصاونة التي قدمت استقالتها بعد الانتخابات الأخيرة في العاشر من سبتمبر وفق قانون جديد خصّص 41 مقعدا للأحزاب.

وتضمّ الحكومة الجديدة إلى جانب حسّان، 31 وزيرا، بينهم 14 وزيرا من الحكومة السابقة. وبينهم وزراء الخارجية أيمن الصفدي، والداخلية مازن الفراية، والصحة فراس الهواري، والمياه والري رائد ابو السعود، والأشغال العامة والإسكان أحمد أبو السمن، والطاقة والثروة المعدنية صالح الخرابشة.
وأدى الوزراء، وبينهم خمس نساء، اليمين الدستورية أمام العاهل الأردني في قصر رغدان في عمان ظهر الأربعاء، على ما أفاد بيان للديوان الملكي.

أخبار ذات صلة عبدالله الثاني: الأردن جاهز للرد بحزم على أية محاولات للمساس بسيادته سوزا: شباب الأهلي يواجه صعوبات أمام الحسين الأردني

كما احتفظ وزراء الزراعة خالد الحنيفات، والتربية والتعليم والبحث العلمي عزمي محافظة، والأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية محمد الخلايلة، والبيئة معاوية الردايدة بمناصبهم.
بينما عاد محمد المومني ليشغل منصب وزير الاتصال الحكومي، ولينا عنّاب لتشغل منصب وزيرة السياحة والآثار، وبسام اللهوني ليشغل منصب وزير العدل، بعدما شغلوا هذه المناصب في حكومات سابقة.
وعينت نانسي نمروقة وزيرة دولة للشؤون الخارجية بعد أن شغلت في الحكومة السابقة منصب وزيرة دولة للشؤون القانونية.

المصدر: وكالات

مقالات مشابهة

  • رئيس مجلس الدوما الروسي: يتعين التحقيق في انفجارات لبنان بشكل شامل
  • «رعبت الناس بغرض التربح ماديًا».. التحقيق مع مدعية الانتحار على «التيك توك»
  • مناصب قيادية شاغرة بعد التشكيل الحكومي
  • الحكومة الأردنية الجديدة تؤدي اليمين أمام الملك
  • مديرون وإطارات سابقون بشركة النقل البحري “كنان” أمام العدالة أكتوبر القادم
  •  دولة عربية تصبح قوة صاعدة لمراكز البيانات
  • غوتيريش ينتقد “العقاب الجماعي” بغزة وخبراء: إسرائيل قد تصبح دولة منبوذة
  • عندما تجتمع الأحزاب المسيحية في مونتريال
  • غوتيريش ينتقد العقاب الجماعي بغزة وخبراء: إسرائيل قد تصبح دولة منبوذة
  • أول دولة عربية أمام مجلس الأمن في مهاجمة إسرائيل