برزت تركيا، مع تصعيد الاحتلال الإسرائيلي وحشية عدوانه ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، كأحد أكثر الدول الإسلامية حدة في موقفها تجاه "إسرائيل"، عبر العديد من القرارات التي اتخذتها أنقرة في سبيل دعم الفلسطينيين والتي وصفت بـ"المتقدمة" مقارنة مع مواقف باقي الدول الإسلامية.

ومع دخول العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عامه الثاني، في ظل إصرار الاحتلال على الاستمرار في حرب الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين، وسعيه إلى إشعال الضفة الغربية المحتلة، فضلا عن مساعي توسيع نطاق الحرب، نرصد في هذا التقرير المواقف التركية من الأحداث في فلسطين المحتلة عبر تسلسل زمني وتقييم لأبرز انعكاساتها على التطورات المتسارعة، بالإضافة إلى إمكانية اتخاذ أنقرة موقفا أكثر شدة لصالح الشعب الفلسطيني على وقع تواصل المجازر الإسرائيلية.



وعلى مدى العام الماضي، تحول الموقف التركي بوتيرة متفاوتة السرعة بدءا من بدء معركة "طوفان الأقصى" في السابع من تشرين الأول /أكتوبر عام 2023 وصولا إلى تصاعد حدة العدوان على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وما رافقه من تحولات في الموقف الدولي إزاء الاحتلال.

تسلسل زمني لأبرز مراحل تشكل الموقف التركي

انطلاق "معركة الطوفان"
مع بدء حركة المقاومة الإسلامية "حماس" معركة طوفان الأقصى ضد الاحتلال الإسرائيلي في ساعات الصباح الأولى من السابع من أكتوبر 2023، وما تلاه من رد إسرائيلي تحول إلى حرب دموية على قطاع غزة، لم تعبر تركيا عن أي موقف حاد تجاه الاحتلال الإسرائيلي.

واكتفت تركيا آنذاك بالتنديد بسقوط المدنيين مع التأكيد على موقفها من دعم حقوق الشعب الفلسطيني.

وبعد أيام من الشهر ذاته، قدمت تركيا عبر وزير خارجيتها هاكان فيدان ما عُرف بـ"صيغة ضمان" من أجل خفض التصعيد بين الاحتلال وحركة حماس.


وأوضح فيدان حينها بأن المبادرة تهدف ليكون هناك ضامنون للجانب الفلسطيني والفلسطيني بهدف إحلال السلام، وقال "نحن طرحنا الفكرة الرئيسية لمسألة الضمانة، ونقول إنه ينبغي مناقشة النظام أولا وبالتالي منهجيته بشكل منفصل".

وفي نهاية شهر أكتوبر، أعلن الرئيس رجب طيب أردوغان إلغاء خططه لزيارة دولة الاحتلال الإسرائيلي بسبب حربها "اللاإنسانية" على قطاع غزة.

تقييد الصادرات
وفي خطوة سبقها احتجاجات عارمة في الشارع التركي، أعلنت تركيا في 9 نيسان /أبريل فرض قيود على صادرات 54 منتجا إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي بهدف دفعها إلى وقف إطلاق النار في غزة.

وربطت أنقرة على لسان وزير خارجيتها، قرارها تقييد الصادرات التي تضمنت مواد بناء ووقودا للطائرات، بعرقلة "إسرائيل" المساعي التركية الرامية إلى تنفيذ إنزالات جوية للمساعدات الإنسانية على قطاع غزة.

أول لقاء علني مع قادة حماس
أوفد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في  18 نيسان /أبريل، وزير خارجيته هاكان فيدان إلى العاصمة القطرية الدوحة للقاء بشكل علني مع رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" الشهيد إسماعيل هنية، بهدف بحث التطورات المتعلقة بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

تشبيه حماس بقوات التحرير التركية
بالتزامن مع زيارة فيدان للدوحة، شدد أردوغان على أن حماس هي حركة تحرير وطني لا تختلف في شيء عن القوات الوطنية التركية، قائلا: "لا فرق بين القوات الوطنية التركية إبان حرب الاستقلال وحركة حماس اليوم".

لقاء أردوغان وهنية
التقى الرئيس التركي في 20 نيسان /أبريل بإسماعيل هنية ووفد من قادة حماس بشكل علني في قصر "دولمة بهتشه" على ضفاف مضيق البوسفور بمدينة إسطنبول، وذلك للمرة الأولى منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

الانضمام إلى دعوى جنوب أفريقيا
أعلنت تركيا على لسان وزير خارجيتها في الأول من أيار /مايو، انضمامها إلى دعوى جنوب أفريقيا ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي.

وقف التجارة بشكل كامل
في 3 أيار /مايو، أعلنت وزارة التجارة التركية إيقاف التجارة بشكل كامل مع دولة الاحتلال الإسرائيلي وذلك بعد قرار تقييد صادرات عشرات المنتجات إلى "إسرائيل".

تحالف مصري تركي سوري
في أيلول /سبتمبر، دعا الرئيس التركي إلى تحالف يتشكل من كل من مصر والنظام السوري لمواجهة دولة الاحتلال الإسرائيلي مع تصاعد التوترات في المنطقة، وتوجه أنقرة للتقارب مجددا مع نظام بشار الأسد في دمشق.

واعتبر أردوغان، حينها، أن خطوات التقارب التي تتخذها بلاده مع كل من مصر والنظام السوري "تهدف إلى تأسيس محور تضامن ضد التهديد التوسعي المتزايد".

عوامل تشكل الموقف التركي في البداية
مر الموقف التركي بالعديد من المراحل، وكان سببا للعديد من الاحتجاجات على الصعيد الداخلي بسبب استياء فئة واسعة من الشعب التركي، لاسيما التيار المحافظ، من "برود" موقف أنقرة تجاه القضية الفلسطينية في ظل المجازر الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

وكان ملف تواصل التجارة مع الاحتلال الإسرائيلي أحد أهم عوامل هذا الاستياء، الذي رأى مراقبون تحدثوا سابقا في تقارير متفرقة لـ"عربي21"، أنه كان أحد الأسباب التي أدت إلى تراجع حزب "العدالة والتنمية" الحاكم في الانتخابات المحلية التي جرت في آذار /مارس الماضي، لصالح أحزاب محافظة مثل "الرفاه من جديد".

الباحث في الشأن التركي محمود علوش، لفت إلى أن "الحرب جاءت في لحظة تحول في العلاقات التركية الإسرائيلية بعد التقارب أو بعد المصالحة مع إسرائيل"  لذلك كانت مفاجئة وغير متوقعة لهذه العلاقات ولحسابات تركيا".

وشهدت العلاقات التركية الإسرائيلية قبل بدء العدوان على قطاع غزة تقدما ملحوظا بعد سنوات طويلة من التوترات والتقلبات التي ذهب بالعلاقات بين الجانبين إلى مستوى من التردي غير المسبوق.

وكان آخر لقاء بين الرئيس التركي ورئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قبل بدء معركة "طوفان الأقصى" بمدة قليلة، حيث التقى الطرفان في الولايات المتحدة في أيلول /سبتمبر 2023، على هامش الدورة الـ78 للجمعية العامة للأمم المتحدة.

وأضاف علوش في حديثه إلى "عربي21"، أن "هذا العامل لعب دورا في تشكيل الموقف التركي في بدايات الحرب"، مشيرا إلى أن "هناك عوامل أخرى مهمة ساهمت في تشكيل هذا الموقف على رأسها أن أصداء هجوم حماس على إسرائيل طغت بشكل كبير على المشهد وكان هناك تعاطف دولي كبير مع إسرائيل، لذلك أي موقف تركي مندد بإسرائيل في تلك الفترة كان سينظر إليه على أنه تأييد لما قامت به حماس في 7 أكتوبر".

وفي عامل آخر، لفت الباحث إلى أن "تركيا سعت في بداية الحرب إلى لعب دور الوسيط بين حركة حماس وإسرائيل من أجل إنهاء سريع للحرب على اعتبار أنه كان لديها وضع جديد في العلاقات مع إسرائيل. لكن لم تنجح في لعب هذا الدور".


و"بالتالي شاهدنا بعد ذلك التحول في الموقف التركي تجاه إسرائيل من الإدانة المخففة إلى الإدانة القوية والشديدة والدعم الواضح  لحركة حماس"، حسب علوش.

من جهته، أشار الباحث التركي علي أسمر إلى أن "الموقف التركي تجاه الحرب في غزة مر في مراحل مختلفة في الأيام الأولى، حيث لاحظ العديد صمتا نسبيا من الجانب التركي، والذي قد يكون ناتج عن انتظار تركيا لتقييم الوضع وتحليل الديناميكيات الإقليمية والدولية قبل اتخاذ موقف علني مع تصاعد الأحداث وتزايد أعداد الضحايا".

وأضاف في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن "الموقف التركي بدأ يأخذ منحى تصعيديا، حيث عبرت الحكومة التركية بوضوح عن رفضها للهجمات الإسرائيلية ودعت إلى وقف إطلاق النار، ودعت إسرائيل إلى أن تتعامل كدولة وليس كتنظيم".

ووفقا لأسمر، فإنه "من المهم فهم أن تركيا كدولة ذات علاقات معقدة مع إسرائيل، قد تكون حاولت في البداية الحفاظ على توازن بين التعبير عن دعمها للفلسطينيين وبين علاقاتها الدبلوماسية مع تل أبيب، وخاصة بعد تبني أنقرة لسياسة صفر مشاكل".

تصعيد مطرد
مع تواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وارتفاع وتيرة المجازر بحق الفلسطينيين، تصاعدت حدة مواقف أنقرة المعارضة للاحتلال الإسرائيلي مقابل توجه أكثر نحو حقوق الشعب الفلسطيني ودعم مقاومته.

وأوضح علوش أنه "بعدما بدأ الملمح الرئيسي للحرب يتحول من تداعيات هجوم حماس على إسرائيل إلى تداعيات هجوم إسرائيل على غزة والمجازر التي ارتكبتها في القطاع. عندها بدأ هناك تحول في المواقف الدولية التي أخذت بعين الاعتبار حجم الكارثة الكبيرة التي بدأت تنمو في قطاع غزة نتيجة للحرب إسرائيل. وهذا طبعا شكل حرج قوي لتركيا".

وأشار في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن "تحويل الخطاب التركي تجاه إسرائيل له أسباب متعددة"، موضحا أن من بين هذه الأسباب  "مسألة انتقال التركيز الإعلامي والسياسي في الحرب من هجوم حماس على إسرائيل إلى هجوم إسرائيل على قطاع غزة، وقد فرض على تركيا هذا التحول في الموقف".

بالإضافة إلى ذلك، "تأتي خيبة أمل تركيا من عدم تمكنها من لعب دور الوسيط بسبب معارضة إسرائيل، فضلا عن اعتبارات السياسة الداخلية التي لا شك لها تأثير في تغيير الموقف التركي تجاه إسرائيل"، حسب علوش.

واستدرك الباحث، بالقول إنه "يعتقد أن العامل الداخلي لم يطغَ على العوامل الأخرى الأكثر أهمية التي تشكل السياسة التركية في هذه الحالة".

وكانت العديد من الأحزاب المعارضة، وفي مقدمتها حزب "الرفاه من جديد" و"المستقبل"، وجهت انتقادات حادة للحكومة التركية بسبب تواصل التجارة مع الاحتلال الإسرائيلي.

وأشار مراقبون تحدثوا سابقا لـ"عربي21"، إلى أن "العدالة والتنمية" خسر جزءا من كتلته التصويتية بسبب تواصل التجارة مع الاحتلال، لصالح أحزاب محافظة مثل "الرفاه من جديد" الذي تمكن بزعامة فاتح أربكان من توسيع قاعدته الشعبية ليصبح ثالث أكبر حزب من حيث أصوات الناخبين والأعضاء المنتسبون.

وفي نيسان /أبريل، أقر أردوغان خلال اجتماع مع أعضاء حزبه في جلسة تقييمية لنتائج الانتخابات المحلية، بأن أداء حكومته تجاه الأوضاع في قطاع غزة لم يُرض أطيافا من المجتمع التركي، قائلا: "سنقوم بتقييم أدائنا تجاه أزمة غزة والذي لم ننجح للأسف أن نقنع به أطيافا عدة".

أسمر، شدد على أن "تصاعد الموقف التركي ضد إسرائيل يمكن قراءته من عدة زوايا، فمن جهة، تركيا تعبر عن تضامنها التقليدي مع القضية الفلسطينية، وهو موقف يلقى صدى كبيرا في الشارع التركي و من جهة أخرى، هناك جوانب متعلقة بالسياسة الداخلية".

وأشار إلى أن "الحكومة التركية قد تكون استخدمت تصعيد لهجتها في مواجهة إسرائيل لتعزيز دعمها المحلي وخاصة بعد صدور تصريحات من قبل بعض الأحزاب الإسلامية للمزايدة على الحزب الحاكم، خاصة في ظل التوترات الاقتصادية والسياسية الداخلية لذلك، يمكن القول إن هناك تداخلا بين العوامل الداخلية والخارجية في موقف تركيا".

"قدرة محدودة على الإضرار بإسرائيل"
وفي السياق، تطرق الباحث التركي إلى انعكاسات المواقف التركية الداعمة لفلسطين على الاحتلال الإسرائيلي، مشيرا إلى أنه "على الرغم من  أن اللهجة التركية الحادة تجاه إسرائيل تعزز موقع تركيا كداعم للقضية الفلسطينية على الصعيد الدولي، إلا أن القدرة الفعلية على إلحاق ضرر كبير بإسرائيل محدودة".

وبرر أسمر ذلك بالإشارة إلى أن "قوة إسرائيل الحقيقة تأتي من تبني الغرب لها ماديا وعسكريا واجتماعيا والمواقف التركية لم تؤدِ إلى تغييرات كبيرة على الأرض، خاصة فيما يتعلق بالتأثير المباشر على العمليات العسكرية الإسرائيلية".

واستدرك بالقول، إنه "ومع ذلك، من الناحية الرمزية والدبلوماسية، تساهم مواقف تركيا في تعزيز الدعم الدولي للفلسطينيين وتوجيه الانتباه العالمي نحو معاناة الفلسطينيين ولكن باعتقادي أكثر نقطة أزعجت إسرائيل من تركيا هي الفشل الاستخباراتي الكبير لجهاز الموساد بتركيا حتى أصبح خبر تفكيك خلايا الموساد خبر شبه يومي في الصحف التركية".

وفي حزيران/ يونيو الماضي، فككت المخابرات التركية خلية تجسسية جديدة في تركيا تابعة لجهاز "الموساد"، كانت مسؤولة عن التجسس على الدول الأوروبية، وملاحقة شخصيات في أوروبا وتعقبها لصالح "إسرائيل".

وفي كانون الثاني/ يناير الماضي، شنت السلطات التركية حملة أمنية حملت اسم "مدينة الموتى" ضد 46 شخصا في ثماني ولايات مختلفة بتهمة القيام بأنشطة تجسسية لصالح جهاز الموساد الإسرائيلي، على الأراضي التركية.


وسبق لتركيا أن أحبطت عدة نشاطات داخل أراضيها لعملاء مرتبطين بالموساد الإسرائيلي خلال السنوات الأخيرة في عمليات حملت أسماء "عملية موتيني" (عام 2021) و"عملية نيوبلاس" (عام 2022) و"عملية نيكبيت" (عام 2023).

في السياق ذاته، قال علوش إنه "إذا ما اردنا أن نقيم التأثير الموقف التركي على إسرائيل من منظور بعض الخطوات التي قامت بها تركيا على غرار فرض الحظر التجاري المؤقت والانضمام إلى محكمة الدعوى ضد إسرائيل في محكم العدل الدولية والخطاب السياسي القوي المندد بإسرائيل للرئيس أردوغان". 

"نعم يمكن أن نقول إن هذا الموقف بالطبع كان له تأثير سلبي على إسرائيل، لأن الموقف التركي أيضا كان حافزا لدول أخرى للتعبير عن موقف قوي ضد إسرائيل. لكن إذا ما أردنا أن نقيم تأثير هذا الموقف على الوضع الحالي في العلاقات ومن منظور أن هذه العلاقات لم تصل الى الانهيار الكامل رغم كل هذه التوترات، فهذا مهم لإسرائيل بقدر أكبر من المنظور الأول"، حسب علوش.

وأوضح الباحث أنه "فيما يتعلق بإفادة الفلسطينيين، فلا شك أن أي موقف سياسي  قوي لدولة مؤثرة تركيا يفيد الفلسطينيين"، مشيرا إلى أن "تركيا وقفت إلى جانب الفلسطينيين بشكل  قوي وكبير في هذه الحرب ودفعت أثمان هذا الموقف، لذلك هذا الموقف كان مفيدا للفلسطينيين وكان داعما القضية الفلسطينية".

الأكثر جرأة.. ولكن
ومن بين الدول الإسلامية، تعتبر المواقف التركية تجاه العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة من أبزر المواقف التي صدرت على مدى عام كامل من الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني.

ولفت علوش، إلى أن "موقف تركيا متقدم على مواقف الدول الإسلامية والعربية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وإسرائيل على وجه الخصوص، وهذا له عدة أسباب منها ما هو مرتبط بشخصية الرئيس أردوغان وتعاطفه القوي معها، ومنها ما هو مرتبط أيضا بإرث عقد ونصف من الاضطرابات والأزمات في العلاقات التركية الإسرائيلية".

واستدرك خلال حديثه لـ"عربي21"، "لكن من حيث الممارسة الفعلية على الأرض، لا أرى أن خطاب تركيا كان مختلفا عن مواقف الدول العربية والإسلامية، خصوصا تلك الدول التي لديها علاقات مع إسرائيل. لأن تركيا لا تزال لديها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل. حتى أنه في هذه الحرب لم يصل الرد الدبلوماسي التركي إلى مستوى ردّات الفعل التي قامت بها تركيا خلال العقد والنصف الماضيين ضد إسرائيل".

في المقابل، يوضح أسمر في حديثه لـ"عربي21"، أنه "مقارنة بمواقف الدول العربية والإسلامية، فمن الممكن القول إن تركيا اتخذت موقفا أكثر تصعيدا ووضوحا في انتقادها لإسرائيل العديد من الدول العربية، وخاصة تلك التي وقعت اتفاقيات سلام مع إسرائيل".

ويلفت أسمر إلى أن هذه الدول "اختارت لهجة أكثر حذرا، ولم تصعّد بنفس الحدة التي قامت بها تركيا هذا يعكس توازنا دبلوماسيا في العلاقات بين بعض الدول العربية وإسرائيل، في حين أن تركيا، رغم علاقاتها الاقتصادية مع إسرائيل، لا تزال تعتبر نفسها مدافعا قويا عن الحقوق الفلسطينية".

أوليات تركيا ومستقبل الموقف "المتقدم"
مع دخول العدوان الإسرائيلي عامه الثاني، تبقى كافة السيناريوهات التي من الممكن أن تتخذها أنقرة في علاقاتها مع الاحتلال الإسرائيلي محتملة خلال الفترة القادمة، سيما أن الحرب انتقلت إلى لبنان خلال الآونة الأخيرة، الأمر الذي يثير يزيد المخاوف الدولية من انزلاق المنطقة إلى حرب إقليمية.

وفي النهاية، يرى درويش أن هناك أوليات محددة شكلت الموقف التركي من الحرب الإسرائيلي على قطاع غزة، موضحا أن الأولوية التركية الأولى كانت الحد من تداعيات هذه الحرب على العلاقات التركية الإسرائيلية ومنع الوصول إلى نقطة اللاعودة، هذا ما استطاعت تركيا تحقيقه حتى الآن".

ثانيا، وفقا للباحث، "التعجيل في إنهاء المأساة الإنسانية في غزة وهذا ما عجزت عنه تركيا وجميع الدول في العالم. والأولوية الثالثة تمثلت في محاولة لعب دور في الوساطة وتعظيم حضورها في القضية الفلسطينية".

وأشار علوش إلى أن "السياسة التركية تحققت وفق هذه الاتجاهات الثلاثة".

وأوضح أن "في ظل الوضع الراهن، وصلنا إلى ذروة التصعيد في الموقف التركي ضد إسرائيل. لكن اليوم نحن في حرب يمكن أن تتطور مساراتها في أكثر من اتجاه. فهناك مخاطر اندلاع حرب إسرائيلية شاملة على حزب الله في لبنان. وأيضا هناك مخاطر انسحاب أو تمدد حرب السابع من أكتوبر إلى سوريا".


وأضاف أن "هناك مخاطر أن تتحول الحرب إلى صراع إقليمي واسع النطاق. وهناك أيضا مخاطر أن تسعى إسرائيل لتغيير الوضع القائم في الضفة الغربية. وبالتالي، أي تحولات ستفرض على تركيا إعادة تصميم موقفها لأن الدول عادة تصمم سياساتها في مثل هذه الأزمات والصراعات وفق التطورات والمستجدات".

وشدد في ختام حديثه، على أن "كل يوم يطرأ يفرض على الدول التكيف مع هذه التحولات. لكن على الأقل حتى الوقت الراهن فمن الممكن القول إننا وصلنا إلى ذروة التصعيد التركي ضد إسرائيل".

في السياق، رجح أسمر في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن "تركيا قد تلعب دور الوسيط بين الجانبين أو دور الضامن على الأقل ، كما صرحت سابقا، خاصة إذا كانت هناك مبادرات لوقف إطلاق النار أو حلول سلمية و تركيا قد تستخدم علاقاتها مع إسرائيل والدول الغربية لمحاولة الضغط نحو تهدئة الأوضاع على الصعيد الدبلوماسي".

كما يمكن لتركيا، حسب أسمر، أن "تواصل تصعيد لهجتها ضد إسرائيل، لكن من غير المرجح أن تتخذ خطوات عملية قوية مثل قطع العلاقات الدبلوماسية بشكل كامل، لأن هذا الإجراء سوف يعيق فكرة الضامن التي ترغب أنقرة بتطبيقها بعد انتهاء الحرب".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية تركيا غزة حماس أردوغان تركيا حماس أردوغان غزة عام على الطوفان المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العدوان الإسرائیلی على قطاع غزة العلاقات الترکیة الإسرائیلیة دولة الاحتلال الإسرائیلی القضیة الفلسطینیة الدول الإسلامیة الشعب الفلسطینی الرئیس الترکی الموقف الترکی الدول العربیة تجاه إسرائیل الترکی تجاه مواقف الدول على إسرائیل فی العلاقات مع الاحتلال فی حدیثه لـ فی قطاع غزة هذا الموقف مع إسرائیل ضد إسرائیل إسرائیل من العدید من فی الموقف تحول فی لعب دور على أن إلى أن

إقرأ أيضاً:

غزة ترفض التهجير… ولكن ماذا لو فُرض عليها؟

منذ عقود، يسعى الاحتلال الإسرائيلي، بدعم غربي، إلى تصفية القضية الفلسطينية بوسائل متعددة، أبرزها التهجير القسري. واليوم تعود هذه المحاولات إلى الواجهة مجددًا، في إطار مشروع “الوطن البديل” الهادف إلى تفريغ قطاع غزة من سكانه وفرض واقع ديموغرافي جديد. ورغم الرفض الفلسطيني القاطع لهذا المخطط، ومحاولات مصر والأردن تجنّب تداعياته، فإن الضغوط الأميركية والإسرائيلية، لا سيما في ظل سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لا تزال مستمرة، مما يمنح هذا المشروع بصيص أمل لمن يسعون إلى تنفيذه.

لكن، ماذا لو فُرض التهجير القسري على سكان غزة؟ هل ستحقق تل أبيب أهدافها في إنهاء المقاومة، أم ستكون النتائج عكسية تمامًا؟

المقاومة تتوسع جغرافيًا

1 ـ سيناء: جبهة جديدة للمقاومة

رغم أن فكرة توطين الفلسطينيين في سيناء ليست جديدة، فإنها عادت بقوة مع تصاعد العدوان الإسرائيلي على غزة. وعلى الرغم من الرفض الرسمي المصري لهذا السيناريو، قد يؤدي فرض التهجير إلى تداعيات خطيرة، أبرزها:

ـ تحويل سيناء إلى ساحة مواجهة جديدة: مع وجود مقاومين فلسطينيين ذوي خبرة قتالية تراكمت عبر الحروب، قد يصبح نقل العمل المقاوم إلى سيناء خيارًا محتملاً، خاصة إذا تعرض اللاجئون هناك للتضييق أو القمع.

بدلًا من إنهاء المقاومة الفلسطينية، قد يكون التهجير الشرارة التي تشعل مرحلة جديدة من المواجهة، حيث تصبح المقاومة أكثر انتشارًا وأصعب احتواءً، مما يضع الاحتلال الإسرائيلي أمام تحديات غير مسبوقة.ـ تنسيق محتمل مع جماعات مسلحة محلية: رغم الاختلافات بين فصائل المقاومة الفلسطينية والمجموعات المسلحة في سيناء، قد يدفع العداء المشترك لإسرائيل إلى تفاهمات مرحلية أو تنسيق محدود.

ـ إدخال مصر في الصراع بشكل مباشر: أي عمليات إسرائيلية ضد الفلسطينيين في سيناء قد تضع القاهرة في موقف سياسي وأمني حرج، مما قد يهدد استقرارها الداخلي ويدفعها لاتخاذ مواقف أكثر صرامة تجاه تل أبيب.

2 ـ الأردن.. عودة سيناريو المقاومة المسلحة

في حال تم تهجير أعداد كبيرة من الفلسطينيين إلى الأردن، قد تنشأ بيئة خصبة لإحياء العمل المقاوم بسياق جديد يتناسب مع المتغيرات الراهنة، خاصة مع الشعبية الكبيرة لحركة حماس هناك:

تصاعد الحراك الشعبي: التهجير القسري قد يؤدي إلى احتجاجات واسعة داخل الأردن، ليس فقط من الفلسطينيين، بل أيضًا من قطاعات واسعة من الأردنيين الرافضين لهذا المشروع.

إعادة النظر في اتفاقية وادي عربة: أي نشاط مقاوم داخل الأردن قد يضع الاتفاقية تحت ضغط شعبي ورسمي متزايد، مما قد يدفع الحكومة الأردنية إلى إعادة تقييم علاقتها مع إسرائيل.

إحياء المقاومة المسلحة: الفلسطينيون المهجّرون قد يجدون في العمل المقاوم سبيلهم الوحيد لاستعادة حقوقهم، مما يعيد للواجهة نمط المقاومة الذي كان حاضرًا في الأردن خلال الستينيات والسبعينيات.

المقاومة ستتوسع في التجنيد والتأييد الشعبي

ـ تصاعد الغضب الشعبي: تهجير الفلسطينيين من غزة بعد صمودهم الأسطوري سيؤدي إلى موجة غضب عارمة في الداخل الفلسطيني وبين أبناء الشتات، مما يعزز الدعم الشعبي للمقاومة المسلحة.

ـ زيادة أعداد المنضمين للفصائل العسكرية: اللاجئون الفلسطينيون الذين سيواجهون ظروفًا معيشية قاسية في دول اللجوء قد يرون في المقاومة خيارهم الوحيد لاستعادة حقوقهم، مما يرفع من وتيرة التجنيد.

ـ تصاعد الدعم المالي والسياسي: أي تهجير جديد سيولّد موجة دعم واسعة من الفلسطينيين في الخارج، سواء على المستوى المالي أو السياسي، باعتباره امتدادًا لمسلسل التطهير العرقي الذي بدأ عام 1948.

موقف المقاومة الفلسطينية.. التهجير بداية مرحلة جديدة من المواجهة

عند طرح مشروع تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، أكد القيادي في حماس، أسامة حمدان، أن هذا المخطط لن يمر، مشددًا على أن المقاومة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام أي محاولة لفرضه. ومن أبرز تصريحاته:

1 ـ غزة ليست للبيع: الفلسطينيون يرفضون التهجير تحت أي ظرف.
2 ـ مقاومة شرسة: أي محاولة لتنفيذ التهجير ستُواجه بمقاومة عنيفة داخل غزة وخارجها.
3 ـ تداعيات كارثية: ما يُطرح بشأن سيناء جزء من المخطط الإسرائيلي لتصفية القضية الفلسطينية، لكنه لن ينجح وستكون عواقبه خطيرة على المنطقة بأسرها.
4 ـ توسيع نطاق الاشتباك: المقاومة لن تبقى محصورة في غزة، بل ستنقل المواجهة إلى أماكن أخرى، ما يعني دخول الصراع مرحلة جديدة أكثر تعقيدًا.

هذه التصريحات تؤكد أن التهجير القسري لن يكون نهاية المقاومة، بل بداية مرحلة أشد عنادًا، حيث سيرفض الفلسطينيون أن يتحولوا إلى لاجئين مرة أخرى.

لماذا يعود أهل غزة رغم الدمار؟

على الرغم من محاولات التهجير، يثبت الفلسطينيون في غزة أن مغادرة القطاع تعني اقتلاعهم من جذورهم. رأينا الطوابير الطويلة للنازحين وهم يعودون شمالًا رغم أن منازلهم دُمرت بالكامل. لم يكن في انتظارهم سوى الأنقاض، لكنهم أصروا على العودة لأنهم يعلمون أن البقاء على الأرض ـ حتى وسط الدمار ـ هو أبلغ رد على محاولات اجتثاثهم.

أي عمليات إسرائيلية ضد الفلسطينيين في سيناء قد تضع القاهرة في موقف سياسي وأمني حرج، مما قد يهدد استقرارها الداخلي ويدفعها لاتخاذ مواقف أكثر صرامة تجاه تل أبيب.هذه المشاهد تعكس إصرار الفلسطينيين على البقاء مهما كانت الظروف قاسية. فارتباطهم بالأرض ليس مجرد علاقة مكانية، بل هو جزء من هويتهم وكرامتهم. هذا الشعب الذي يواجه المصاعب بعزيمة لا تلين لا يمكنه اختيار الغربة، فالوطن بالنسبة له هو الأمل والمقاومة والتاريخ.

هل ينسى الفلسطينيون؟ هل يستسلمون؟

حتى لو تمكن الاحتلال من فرض التهجير، هل ستكون هذه نهاية القضية؟ بالطبع لا. كما أن النكبة لم تنهِ فلسطين، بل أنجبت أجيالًا حملت راية المقاومة، فإن أي تهجير جديد سيكون وقودًا لمرحلة أكثر عنادًا:

ـ ذاكرة لا تموت: الفلسطينيون لا ينسون، وكل مهجّر سيورّث أبناءه حكاية العودة. مفاتيح بيوت 1948 لا تزال في أيدي الأحفاد، ومشاهد الدمار والتهجير اليوم ستبقى وقودًا للأجيال القادمة.

ـ خيارات جديدة للمقاومة: من ظن أن الفلسطينيين سيتلاشون في المنافي اكتشف أن جذورهم أعمق من أن تُقتلع. كل محاولة لإنهائهم أنتجت جيلًا أكثر تشبثًا بحقوقه.

ـ تداعيات إقليمية غير محسوبة: أي تهجير قسري سيخلق تداعيات غير متوقعة، وقد يتحول إلى كابوس سياسي وأمني للاحتلال، خاصة إذا وُجد الفلسطينيون في بيئات جديدة تعيد تشكيل طبيعة الصراع.

الخلاصة.. التهجير لن يحقق الأمن لإسرائيل… بل سيشعل نار المقاومة

بدلًا من إنهاء المقاومة الفلسطينية، قد يكون التهجير الشرارة التي تشعل مرحلة جديدة من المواجهة، حيث تصبح المقاومة أكثر انتشارًا وأصعب احتواءً، مما يضع الاحتلال الإسرائيلي أمام تحديات غير مسبوقة.

إن أوهام ترامب ونتنياهو بشأن تصفية القضية الفلسطينية ستتحطم على صخرة صمود الفلسطينيين، الذين لن يسمحوا لمشاريع التهجير أن تمر، مهما كانت الظروف.

https://www.instagram.com/adnan.hmidan?igsh=NHdzNG91ODM0OWxm

مقالات مشابهة

  • حازم عمر: صفقة الهدنة الحالية بغزة تطبيق حرفي لوثيقة مايو 2024 التي رفضتها إسرائيل
  • “قبور للأحياء”: الحالة الصحية التي يخرج بها المعتقلون الفلسطينيون من سجون إسرائيل تعكس تعذيبًا وتجويعًا ممنهجًا
  • غزة ترفض التهجير… ولكن ماذا لو فُرض عليها؟
  • الجيش الإسرائيلي: إطلاق صاروخ اعتراضي نحو هدف جوي في منطقة زرعيت شمالي إسرائيل
  • وزيرا خارجية تركيا وروسيا يبحثان تطورات الأوضاع في سوريا
  • أبرز المساجد والكنائس التي دمرها العدوان الإسرائيلي على غزة
  • إسرائيل: لا نتوقع فشل الدفعات التالية من صفقة التبادل ولكن..
  • رئيس الجمهورية العربية السورية السيد أحمد الشرع يتلقى رسالة تهنئة من رئيس الجمهورية التركية السيد رجب طيب أردوغان أكد فيها الرئيس التركي على وقوف بلاده إلى جانب الشعب السوري والارتقاء بالعلاقات الثنائية واللقاء في أقرب وقت
  • الدفاع التركية تؤكد وقوفها مع سوريا ضد التنظيمات الإرهابية التي تهدد أمنها ووحدتها
  • ‏الجيش الإسرائيلي: اعترضنا مؤخرًا طائرة استطلاع أطلقها حزب الله نحو إسرائيل