غزة - خاص صفا توافق يوم الاثنين، الذكرى الأولى لمعركة "طوفان الأقصى"، التي نفذها مجاهدو كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس، محدثين صدمة مدوية لدى المنظومة الأمنية للاحتلال الإسرائيلي. ففي صباح يوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، تمكن مجاهدو كتائب القسام من اجتياز الخط الزائل للاحتلال وسط غطاء صاروخي مكثف واستهداف لمنظومات القيادة والسيطرى لدى الاحتلال، وتنفيذ هجوم منسق متزامن على أكثر من 50 موقعًا في فرقة غزة والمنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال، ما أدى إلى إسقاط دفاع الفرقة.
وخاض مجاهدو القسام معارك بطولية في 25 موقعًا، ودار القتال في قاعدة "رعيم" مقر قيادة فرقة غزة، كما قامت الكتائب بتطوير الهجوم على عددٍ من أهداف
العدو خارج فرقة غزة منها: "أوفاكيم" و"نتيفوت" و"مشمار هنيغف"، وخاضت مواجهاتٍ ضاريةً في "بئيري" و"سديروت".
تفاصيل المعركة وبالتزامن مع الهجوم، أعلن القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف، بدء عملية "طوفان الأقصى"، ردًا على جرائم
الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين واقتحاماته المتكررة للمسجد الأٌقصى وقال الضيف في كلمة مسجلة بثتها قناة
الأقصى حينها، "نعلن بدء عملية
طوفان الأقصى، ونعلن أن الضربة الأولى التي استهدفت مواقع العدو وتحصيناته تجاوزت ٥ آلاف صاروخ وقذيفة". وأضاف أن "العدو دنس المسجد الأقصى وتجرأ على مسرى الرسول محمد، واعتدوا على المرابطات، وسبق وأن حذرناه من قبل". وتابع أن "الاحتلال ارتكب مئات المجازر بحق المدنيين، واليوم يتفجر غضب الأقصى، وغضب أمتنا، ومجاهدونا الأبرار، وهذا يومكم لتفهموا العدو أنه قد انتهى زمنه". وشدد الضيف على أن قيادة القسام قررت وضع حد لكل جرائم الاحتلال، "وانتهى الوقت الذي يعربد فيه دون محاسب". وقال "ابدئوا بالزحف الآن نحو فلسطين، ولا تجعلوا حدودًا ولا أنظمة ولا قيودًا تحرمكم شرف الجهاد والمشاركة في تحرير المسجد الأقصى". ووجه الضيف رسالته للمقدسين وأهالي الداخل المحتل، قائلًا : "أهلنا في القدس اطردوا المحتلين واهدموا، الجدران ويا أهلنا في الداخل والنقب والجليل والمثلث أشعلوا الأرض لهيبًا تحت أقدام المحتلين". ولم تتوقف المعركة، بل واصل مجاهدو القسام في اليوم التالي، خوض اشتباكاتٍ ضاريةً في عدّة مواقع قتال داخل الأراضي المحتلة منها:(أوفاكيم، سديروت، ياد مردخاي، كفار عزة، بئيري، يتيد وكيسوفيم)، وأسندت مفارز المدفعية المقاتيلن بالقذائف الصاروخية. وأوضحت القسام في بلاغ عسكري، أن مجاهديها تمكنوا فجر اليوم التالي للهجوم من القيام بعمليات تسللٍ لتعزيز مجاهديها بالقوات والعتاد، في عددٍ من المواقع داخل الأراضي المحتلة، منها موقع "صوفا"، وكيبوتس "صوفا"، و"حوليت"، و"يتيد" في محور رفح. وحسب القسام، شاركت خمسة زوارق محملة بمقاتلي الكوماندوز البحري القسامي في اللحظات الأولى من معركة "طوفان الأقصى"، وتمكنوا من تنفيذ عملية إبرارٍ ناجحة على شواطئ جنوب عسقلان والسيطرة على عدة مناطق، وأدارت عملياتها باقتدار، وكبدت الاحتلال خسائر فادحةً في الأرواح. وشارك سلاح الجو التابع لكتائب القسام في اللحظات الأولى للمعركة بالانقضاض على مواقع العدو وأهدافه بـ 35 مسيرةٍ انتحاريةٍ من طراز "الزواري" في جميع محاور القتال. وبتاريخ 11 أكتوبر، أعلنت كتائب القسام أنها تمكنت من القيام باستبدال للمقاتلين في محور "زيكيم"-عسقلان ومحور "صوفا" ومحاور أخرى، وخاض مجاهدوها اشتباكاتٍ عنيفة في منطقة "صوفا". واستمرارًا لمعركة "طوفان الأقصى" وإدامة خرق منطقة العدو، قامت مجموعة من مجاهدوها بعبور السياج الفاصل شرقي خانيونس، والهجوم على تحشدات قوات العدو وتدمير 3 آليات عسكرية. وتداول ناشطون فلسطينيون على مواقع التواصل الاجتماعي صورًا ومقاطع فيديو للاستيلاء على مركبات إسرائيلية في بعض المناطق على الحدود مع القطاع عقب انتهاء الاشتباكات فيها. واعترف جيش الاحتلال بمقتل أكثر من ١٦٠٠ جندي ومستوطن، نصفهم جنود، وإصابة أكثر من ١٠ آلاف جندي.
حرب إبادة وردًا على هذه العملية، شن جيش الاحتلال عدوانًا على قطاع غزة، وارتكب جرائم إبادة جماعية، أسفرت عن استشهاد ما يزيد عن 41870 مواطنًا وإصابة 96166 آخرين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل استهدف كل مقومات الحياة بما فيها المستشفيات والمدارس والمرافق الحيوية وكذلك الصحفيين، بالإصافة إلى المجاعة التي أودت بحياة عشرات الأطفال. ووفرت الولايات المتحدة الأمريكية غطاءً سياسيًا غير مسبوق لحرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية في قطاع غزة، وبررت جرائمها في غزة خاصة ضد المدنيين، إضافة لاستخدام حق النقض الفيتو عدة مرات لمنع إصدار أي قرار يدين جرائم الاحتلال في غزة ويوقف الإبادة المتواصلة. وفي مواجهة العدوان الإسرائيلي، تمكنت المقاومة من تنفيذ عمليات نوعية شلت قدرة الاحتلال العسكرية وأربكت قيادته، وكبدته، خلال العمليات البرية في القطاع خسائر فادحة في الأرواح والآليات، رغم اتباعه سياسة الأرض المحروقة. وفي هذه المعركة، تجلّت وحدة الساحات بين فصائل محور المقاومة، من فلسطين ولبنان واليمن والعراق، بمشاركة من إيران، التي ساهمت في تطوير معادلة الردع باستخدام الصواريخ والطائرات المسيرة لضرب العمق الإسرائيلي، مما عزز حضور المقاومة على الساحة الإقليمية. وبالتزامن مع موعد الذكرى الأولى الساعة 06:35 صباحًا، أعلنت كتائب الشهيد عز الدين القسام، صباح الاثنين، عن قصف مواقع عسكرية إسرائيلية وتحشدات لقوات الاحتلال في غلاف جنوبي قطاع غزة. وأفادت الكتائب في بلاغ عسكري وصل وكالة "صفا"، في نفس توقيت انطلاق عملية "طوفان الأقصى" قبل عام، بـ"قصف موقع صوفا العسكري وتحشدات العدو في معبر رفح البري وقرب مغتصبة حوليت ومركز عمليات موقع كرم أبو سالم العسكري". وأوضحت القسام أنها قصفت الأهداف العسكرية الإسرائيلية بعدد من صواريخ "رجوم" عيار 114 ملم.
تحول استراتيجي وشكلت "طوفان الأقصى" تحوّلًا استراتيجيًا في مجرى الصراع وتاريخ المقاومة الفلسطينية، كاشفة عن ضعف الاحتلال وهشاشته وعن تصدّع منظومة ردعه العسكرية، مما عمّق أزماته الداخلية. وعلى الصعيد السياسي والدولي، وجد الكيان الإسرائيلي نفسه في عزلة غير مسبوقة، مع تصاعد موجات الاحتجاجات العالمية ضد جرايم الإبادة التي يرتكبها بحق الشعب الفلسطيني. وأصدرت محكمة العدل الدولية قرارات تدين جرائم الاحتلال، رغم القيود التي تعيق عملها بفعل ضغوطات الإدارة الأمريكية. ورغم محاولات الاحتلال لتهجير أهالي قطاع غزة، إلا أن صمود الشعب ومقاومته أفشل هذه المخططات، وفشل في تحقيق أهدافه في القضاء على المقاومة أو استعادة الأسرى المحتجزين لديها، بل استمر في حالة تخبط وهزيمة في غزة والضفة ولبنان. وفي الذكرى الأولى للمعركة، تؤكد المقاومة تمسكها بمطالبها الأساسية وهي الانسحاب الكامل من غزة، وقف العدوان، عودة النازحين، إعادة الإعمار، ورفع الحصار بشكل كامل عن القطاع.
المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية
كلمات دلالية:
طوفان الأقصى
حرب غزة
القسام
غزة
مقاومة
جرائم الاحتلال
طوفان الأقصى
کتائب القسام
قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
من ترميم القوة إلى قوة التحرير.. حصاد العمليات الجهادية لحزب الله في أكتوبر
يمانيون/ تقارير
تستمر المقاومة في تعزيز قدراتها وتوسيع نطاق عملياتها، حيث باتت العمليات العسكرية تشكل تهديدًا حقيقياً لأمن العدو الصهيوني. ومع تزايد الضغوط على جيش الاحتلال، تتوالى التحذيرات من قادة المقاومة بأن الأيام المقبلة ستشهد المزيد من المفاجآت التي ستغير موازين القوى في المنطقة.
في هذا السياق، أظهرت التقارير الميدانية أن العمليات الأخيرة لم تقتصر فقط على الضربات الصاروخية، بل شملت أيضاً عمليات استخباراتية معقدة واستهداف دقيق لمراكز القيادة والتحكم، مما أدى إلى شل حركة العدو وتعطيل خططه العسكرية. وقد لوحظ تزايد في الاستنفار داخل صفوف جيش الاحتلال، مع دعوات لتقوية الدفاعات الجوية وإعادة تقييم استراتيجيات المواجهة.
كما أن الروح المعنوية للمقاومة، التي تتجلى في تضحيات المجاهدين واستعدادهم للقتال، تعكس التزامهم العميق بقضيتهم. وقد أثبتت العمليات الأخيرة أن المقاومة ليست فقط قوة عسكرية، بل هي أيضا رمزاً للأمل والمقاومة في وجه الاحتلال.
في هذا السياق يفصًل هذا العرض الخبري حصيلة عمليات المقاومة الإسلامية في لبنان في فترة شهر أكتوبر فقط، حيث تتوالى الضربات الموجعة للعدو الصهيوني ضربة تلو أخرى.. مشعلةً جذوة روح المقاومة ومستلهمةً من عنفوان وعزم مواجهات حرب تموز 2006م، ليذوق كيان العدو الصهيوني من جديد شدة بأس وتنكيل مجاهدي المقاومة الإسلامية اللبنانية عبر موجات من العمليات الخاطفة لأرواح ضباطه وجنده والعاصفة بآلياته ودباباته ومدرعاته.
خلال أكتوبر ضاعفت المقاومة اللبنانية بشكل ملحوظ زخم عملياتها العسكرية، وقد وصفت الأوساط الصهيونية أكتوبر بـ”شهر الخسائر” وتمثلت عمليات المقاومة بتكثيف وتيرة زخمها الناري ونوعية ضرباتها الصاروخية، بالإضافة لتوسيع نطاقات الاستهداف عبر مسيّراتها الإنقضاضية، لتتجاوز عمليات المقاومة في شهر أكتوبر الـ 804 .
حملت القوة الصاروخية على عاتقها العبء الأكبر بـ 698 عملية منها 459 استهدفت تجمعات وتحركات جنود وقوات العدو الصهيوني في مواقع وقواعد وانتشار جيش العدو الإسرائيلي، إضافة إلى 35 عملية تصد لتقدمات العدو وأحبطت عمليات تسلل قواته في القرى وأطراف البلدات الحدودية وعلى محاور القتال، ما أجبره على التراجع.
كما نفذت 192 عملية استهداف لمواقع وثكنات عسكرية ومصانع أسلحة ومغتصبات وصولا إلى حيفا ويافا المسماة “تل أبيب”.
وحصدت الضربات في نتائجها الميدانية أكثر من 40 دبابة ميركافا ،وعشر آليات بين ناقلة جند وجرافات ومدرعة.. كما كشفت المقاومة للمرة الأولى عن بعض مخزونها الصاروخي من أجيال ترسانتها الجديدة أبرزها قادر2 وفادي بأجياله الأربعة، و نصر 1 ، 2 في دلالة واضحة على وفرة وعافية القوة النارية لحزب الله.
وسجلت وحدة الدفاع الجوي نجاحاً بارزاً تمثل بإسقاط 5 مسيرات.. 3 منها من نوع هرمز 450 واثنتين من نوع هرمز 900. وتنفيذ 16 عملية تصد للطائرات المروحية والحربية والمسيرات.
وفيما يتعلق بالهجمات المنفذة فقد بلغت 28 سرباً من المسيرات الإنقضاضية طاولت مواقع وأهدافاً حساسة وصولاً إلى عمق كيان العدو.
ابرزها المسيّرة التي استهدفت في الثالث عشر من أكتوبر قاعدة “جولانيا” في بنيامينا جنوب حيفا وأردت أربعة ضباط صرعا وأكثر من ستين جندياً صهيونياً جريحاً.
وفي التاسع عشر من أكتوبر وبمسيرة أخرى تخطت دفاعات حيفا متجهة نحو منزل المجرم نتنياهو في قيساريا، وبنجاح وصلت إلى نافذة غرفة نومه، رغم مطاردة مروحيات عسكرية لها لمدة ساعة في سماء حيفا.
مسيرة حزب الله تستهدف منزل المجرم نتنياهو
ومع تعاظم عمليات المقاومة تكبد جيش العدو الإسرائيلي خسائر فادحة على امتداد محاور المواجهة من الحافة الأمامية وحتى عمق فلسطين المحتلة، لتصل خسائره منذ بدء ما أسماه “المناورة البرية” إلى أكثر 95 قتيلاً وأكثر من 900 جريح، وفقا لمراصد الإعلام الحربي في حزب الله، فيما أكدت بياناته أن الحصيلة مجرد دفعة أولى على الحساب المفتوح في معركة البأس الشديد.
ومع دخول المعركة مرحلة جديدة، يتوقع المراقبون أن تشهد الأسابيع المقبلة تصعيدًا في العمليات، وأن تتلقى المقاومة دعمًا متزايدًا من حلفائها في المنطقة، مما قد يغير من معادلات الصراع بصورة جذرية، وبما يضع العدو الصهيوني أمام تحدٍ كبير، ويحتم عليه الاستعداد لمواجهة عواقب حماقاته، حيث لا يزال محور المقاومة في حالة اشتباك عنيف و استعداد دائم لمواجهة أي تصعيد.
وبينما تتصاعد وتيرة المعارك وتشتد المواجهة تلوح في الأفق بوادر حرب إقليمية لن يسلم منها المطبعون ويخرج منها المحور بنصر يغير الموازين ويؤسس لمنطقة حرة ومحررة من الوجود والهيمنة الأمريكية والغربية عموما، يبقى الشعب الفلسطيني والشعب اللبناني في قلب المواجهة، مستمدين قوتيهما من تاريخيهما الحافل بالصمود والجهاد والنضال المستمر. إن المقاومة كفكر أصيل والتزام إيماني راسخ ليست مجرد رد فعل، بل هي خيار استراتيجي يعكس إرادة الشعب وإيمانه الصلب في التحرر واستعادة حقوقه المسلوبة.