أسباب تحوّل توقعات النمو الاقتصادي لليابان إلى التشاؤم
تاريخ النشر: 7th, October 2024 GMT
سادت التوقعات الإيجابية بشأن الآفاق الاقتصادية لليابان في نهاية العام الماضي، وكان ذلك دليلاً ملحوظاً على الثقة التي تحظى بها اليابان بالنظر إلى السياق الخارجي الأقل إيجابية المتمثل في تباطؤ الاقتصاد العالمي والذي أصبح عاملاً معيقاً لهذا البلد الذي يعتبر ثالث أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة والصين.
يعد الاستطلاع الخاص بإجماع توقعات بلومبرغ أداة مفيدة لتتبع وجهات النظر المتغيرة حول تطورات الاقتصاد الكلي الرئيسية.
يسجل هذا الاستطلاع القياسي توقعات المحللين ومراكز الفكر وبيوت الأبحاث.
في نهاية العام الماضي، أظهر الإجماع أن الوتيرة المتوقعة لنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في اليابان بلغت 0.95% لعام 2024، وذلك أعلى بشكل مشجع من المتوسط السنوي الذي بلغ 0.75% منذ عام 2000.
ومع ذلك، بدأ هذا التفاؤل الأولي في التدهور مع تغير المعنويات جراء الزلزال الذي ضرب هذا البلد الآسيوي في يوم رأس السنة الميلادية، وما تبعه من علامات على تراجع النشاط الاقتصادي في المؤشرات الرئيسية.
وفي الربع الثاني من عام 2024، كان الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لليابان أعلى بنسبة 0.1% فقط من الذروة التي بلغها قبل الجائحة في الربع الثالث من عام 2019، مما يعني ضمناً أن الاقتصاد لم يتقدم إلا بشكل طفيف على مدى السنوات الخمس الماضية.
وبحلول سبتمبر، انخفضت توقعات النمو لهذا العام إلى 0.05% فقط.
ثلاث عوامل تفسر التحول
ويناقش التقرير الأسبوعي لبنك قطر الوطني ثلاثة عوامل رئيسية تفسر التحول الكبير في توقعات نمو الاقتصاد الياباني.
يوضح التقرير الاسبوعي لبنك QNB أن العامل الأول ركود الاستهلاك الذي لا يزال يشكل عائقاً كبيراً أمام النمو الاقتصادي.
يمثل الاستهلاك ما يقرب من 60% من الاقتصاد الياباني، وبالتالي فهو عامل رئيسي في تحديد أدائه.
وعلى الرغم من التعافي القوي بعد جائحة كوفيد، إلا أن الاستهلاك شهد انخفاضاً متواصلاً على أساس سنوي منذ ديسمبر من العام الماضي.
علاوة على ذلك، ظل متوسط الاستهلاك في العام الحالي أقل بنسبة 4.5% من المتوسط السائد قبل الجائحة خلال الفترة 2018-2019، وأقل بنسبة 0.4% من المستوى المسجل في عام 2023.
ويضيف تقرير QNB أن السبب الرئيسي يكمن وراء ضعف نمو الاستهلاك في ارتفاع معدلات التضخم الذي أدى إلى تآكل القوة الشرائية للرواتب، مما أثر على نفقات الأسر.
في يوليو، نمت مداخيل العمال المعدلة حسب التضخم بنسبة 0.4% على أساس سنوي، لكن هذا لا يمثل سوى انفراجاً بسيطاً بعد فترة طويلة من معدلات النمو السلبية، وأرباح حقيقية لا تزال أقل بنسبة 2% من الذروة في عام 2022.
إلى جانب ذلك، فإن مشكلة شيخوخة السكان تفاقم العوامل السلبية التي تؤثر على الاستهلاك. يُعتبر المستهلكون اليابانيون الأكبر سناً أكثر تحفظاً في إنفاقهم مقارنة بالأجيال الأصغر سناً، ويميلون إلى إعطاء الأولوية للادخار، نظراً لاعتمادهم على دخل التقاعد ولكون الجزء الأكبر من نفقاتهم يذهب إلى الضروريات مثل الرعاية الصحية.
ونظراً لأهمية الاستهلاك، فإن هذه الاتجاهات السلبية تؤثر على أداء الاقتصاد الياباني.
تراجع الطلب الخارجي
والعامل الثاني كما يبين QNB هو تراجع الطلب الخارجي الذي يشير إلى ضعف دعمه لنمو الاقتصاد الياباني الذي يعتبر مندمجاً إلى حد كبير مع الاقتصاد العالمي.
وتستمر السياسات الحمائية والحواجز التجارية في التراكم بشكل مطرد على نطاق عالمي وسط تزايد التوترات الجيوسياسية.
بالإضافة إلى ذلك، مع نهاية جائحة كوفيد، بدأت أنماط الاستهلاك عملية تطبيع نحو الخدمات والابتعاد عن السلع، مما أدى إلى ركود مستمر في قطاع التصنيع العالمي.
وفي هذا السياق، من المتوقع أن يبلغ نمو التجارة العالمية هذا العام 2-3%، وهو ما يقرب من نصف المعدل المتوسط خلال الفترة 2000-2022.
وتزيد هذه التوقعات بشأن التجارة من حالة التشاؤم حول الاقتصاد الياباني، حيث تمثل الصادرات 20% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي محرك رئيسي للإنتاج الصناعي.
حتى الآن هذا العام، انخفضت الصادرات اليابانية المعدلة بالتغيرات في الأسعار بنسبة 1% مقارنة بالعام الماضي.
ونظراً لأهميتها بالنسبة لليابان، فإن تباطؤ نمو التجارة العالمية يمثل رياحاً معاكسة كبيرة لأدائها الاقتصادي.
انخفاض معدلات الاستثمار
ويشير التقرير إلي أن العامل الثالث هو انخفاض معدلات الاستثمار مما يعيق الناتج المحلي الإجمالي لليابان، حيث تظل الشركات حذرة في الالتزام بالإنفاق الرأسمالي في ظل عدم اليقين الاقتصادي والجيوسياسي العالمي وضعف الطلب المحلي.
بالإضافة إلى تباطؤ الإنفاق الاستهلاكي، فإن شيخوخة السكان ونقص العمالة في اليابان يحُدان بشكل أكبر من إمكانية تحقيق عوائد مرتفعة على الاستثمار، مما يضعف التوسع الاقتصادي الإجمالي.
انخفضت مستويات الاستثمار بنسبة 0.4% في الربع الأول من عام 2024 مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
ونظراً لكون الاستثمار يمثل 25% من الاقتصاد الياباني، فإن الإنفاق الرأسمالي المخيب للآمال يقيد وتيرة النمو الاقتصادي.
ويتوقع التقرير أن يظل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في اليابان دون تغيير هذا العام وسط توقعات صعبة تتمثل في ركود الاستهلاك وضعف الطلب الخارجي وانخفاض الاستثمار.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: التوقعات الإيجابية اليابان تباطؤ الاقتصاد العالمي
إقرأ أيضاً:
لأول مرة.. موجة الحرارة تحرم جبل فوجي الياباني من قمته الجليدية
رغم أنه عرف واشتهر بقمته الثلجية في هذا الوقت من العام، فإن جبل فوجي، أيقونة اليابان الشهيرة، لا يزال دون ثلوج حتى الآن، وللمرة الأولى منذ 130 عامًا، بسبب درجات الحرارة غير المعتادة التي شهدتها المنطقة في الأسابيع القليلة الماضية.
ويشير المسؤولون في الأرصاد الجوية اليابانية وفقًا لوكالة أسوشيتد برس، إلى أن عدم تساقط الثلوج هذا العام على قمة جبل فوجي، الموقع المدرج في قائمة التراث العالمي لليونسكو، يُعد الأول منذ بدء التسجيل، إذ تجاوزت الرقم القياسي السابق الذي سجل في 26 أكتوبر 2016.انتهاء موسم التنزه الصيفييشار إلى أنه عادة ما يبدأ تساقط الثلوج على قمة الجبل الذي يبلغ ارتفاعه 3776 مترًا في الثاني من أكتوبر من كل عام، أي بعد شهر تقريبًا من انتهاء موسم التنزه الصيفي.
أخبار متعلقة عمرها 900 عام.. قصور صحراء تونس تستقطب السائحين بأحدث الخدمات الفندقيةLords of the Fallen.. تحديث جديد للعبة الأكشن والمعارك الضخمةوفي العام الماضي، سقطت الثلوج على قمة الجبل في الخامس من أكتوبر، وفقًا لوكالة الأرصاد الجوية اليابانية.