جبل الزيتون في القدس.. مصعد المسيح إلى السماء
تاريخ النشر: 7th, October 2024 GMT
جبل الزيتون -ويعرف أيضا بجبل الطور- هو أعلى قمة جبلية في مدينة القدس، ويطل على المسجد الأقصى المبارك. يتميز بأهمية دينية وتاريخية بالنسبة للمسيحيين، الذين يعتقدون أنه موقع صعود المسيح عليه السلام إلى السماء.
ومن أهمية جبل الطور أيضا أنه يضم عددا من الكنائس والأديرة المقدسة بالنسبة للطوائف المسيحية المختلفة.
جبل الطور هو سلسلة من التلال الجبلية الواقعة شرق البلدة القديمة والملاصقة لها، وسمي بجبل الزيتون نسبة إلى أشجار الزيتون التي كانت تغطي منحدراته.
منذ القرن الرابع الميلادي يجذب جبل الزيتون العديد من الرهبان والمسيحيين زوار الأراضي المقدسة، ولذلك بُنيت عليه الكثير من الأديرة والكنائس التي لها أهمية دينية وتاريخية، ومنها:
دير القديسة مريم المجدلية
وهو دير أرثوذكسي روسي يتميز بطراز معماري فريد وقباب ذهبية. شُيد في أواخر القرن التاسع عشر تكريما للقديسة مريم المجدلية.
يقع على المنحدرات الغربية لجبل الزيتون في مدينة القدس بالقرب من كنيسة الجثمانية، يطل على بلدة القدس القديمة، وهو مزار مهم للحجاج المسيحيين.
تأسس الدير عام 1886 تكريما للقديسة مريم المجدلية، وهي واحدة من أبرز الشخصيات النسائية في الاعتقاد المسيحي.
يتميز بتصميمه المعماري الجميل والمميز، والذي يتضمن قبابا ذهبية ويعكس الطراز الروسي التقليدي. الكنيسة داخل الدير مكرسة للقديسة مريم المجدلية، وتحتوي على أيقونات جميلة وزخارف دينية.
دير كرمل "أبانا الذي"يقع دير الكرمل على جبل الزيتون، بالقرب من بيت فاجي والجثمانية، ومقابل العلية وكنيسة القيامة. ويوفر إطلالات رائعة على مدينة القدس القديمة، بما في ذلك المسجد الأقصى وكنيسة القيامة.
ويعتقد المسيحيون أن هذا الموقع هو المكان الذي علّم فيه السيد المسيح تلاميذه صلاة "أبانا الذي في السماوات" (الصلاة الربانية)، وهي واحدة من أهم الصلوات في المسيحية.
يُقال إن الإمبراطورة هيلانة، والدة الإمبراطور البيزنطي قسطنطين أسست كنيسة في هذا الموقع في القرن الرابع الميلادي، وكانت تلك الكنيسة جزءا من مجمع أكبر يسمى "الكنيسة البيزنطية".
وفي العصر الصليبي تم تدمير الكنيسة الأصلية، وأُعيد بناؤها جزئيا خلال الفترة الصليبية، وفي عام 1868 اشترت دوقة فرنسية تُدعى أوريلي دو بوسي الأرض التي يُعتقد أنها تضم الموقع المقدس، وبدأت في إعادة بناء الكنيسة.
وفي بدايات القرن العشرين تم بناء الدير الحالي فوق بقايا الكنيسة البيزنطية. وتدير المبنى إرسالية بنات الكرمل الفرنسية.
داخل دير "أبانا الذي" توجد لوحات تحمل نص الصلاة الربانية (أبانا الذي) مكتوبة بأكثر من 140 لغة، مما يعكس التنوع العالمي للمسيحيين.
ويجذب هذا الدير الحجاج والزوار من جميع أنحاء العالم نظرا لأهميته الدينية والرمزية وعلاقته بالمسيح عليه السلام.
دير الصعود (دير الراهبات الر وسيات)دير تابع للكنيسة الأرثوذكسية الروسية وتقطنه راهبات روسيات، وهو مرتبط بحادثة صعود المسيح، وفي كنيسته الغنية بالأيقونات، يوجد قبر الراهب المؤسس.
بني دير الصعود عام 1870م في أعلى قمة الجبل بالقرب من موقع كنيسة الصعود القديمة، على الطراز الروسي الجديد النموذجي في عهد الإسكندر الثالث.
كان معبدا يخلد ذكرى الإمبراطورة ماريا ألكساندروفنا، زوجة الإمبراطور ألكسندر الثاني، وبه كنيسة وبرج جرس بارتفاع 64 مترا، وهو من أعلى الأماكن في القدس.
يزخر تصميم البرج بالكثير من العناصر المعمارية، وله دلائل دينية تعود إلى جذور أقدم بكثير من الديانات التوحيدية.
وهو دير بطريركي يوناني يقع على الجانب الشمالي لجبل الزيتون، وتحيط به مناظر طبيعية خلابة. يعود تاريخه إلى القرن السادس الميلادي.
تأسس الدير في الفترة البيزنطية، وعلى مر العصور، تعرض لتجديدات وترميمات، خاصة خلال الفترات التي شهدت تغييرات سياسية ودينية في المنطقة، بما في ذلك فترة الحكم الصليبي والعثماني.
ومع ذلك فإن الدير يحتفظ بأهميته الروحية والتاريخية في القدس حتى اليوم، وهو من الأماكن التي تقدم إطلالات جميلة على المدينة والمناطق المحيطة بها، كما أنه مكان مهم للصلاة والتأمل يؤُمه العديد من الحجاج والزوار من جميع أنحاء العالم.
دير الرحمة (كنيسة دومينوس فليفت)يُترجم اسم الكنيسة إلى "الرب بَكى"، ويُعتقد أنها المكان الذي بكى فيه المسيح على مصير مدينة القدس، وتنبأ بخرابها أثناء دخوله إليها قبل صلبه. الكنيسة تتميز بتصميم معماري على شكل دمعة، وكأنها رمز لحزن المسيح على المدينة، كما أنها توفر إطلالة بانورامية خلابة على المدينة القديمة، بما في ذلك الحرم القدسي الشريف وقبة الصخرة.
ودير الرحمة من الأماكن المهمة لدى المسيحيين الذين يزورون القدس، فهو يرتبط برواية حزينة ومهمة من حياة المسيح.
تم إنشاؤه عام 1955 على يد المهندس الإيطالي الشهير أنطونيو بارلوتسي، الذي صمم العديد من الكنائس والأديرة في الأرض المقدسة، وله بصمة واضحة في العمارة المسيحية في تلك المنطقة.
بُنيت كنيسة دومينوس فليفت فوق موقع أثري يحتوي على بقايا أديرة وكنائس قديمة تعود إلى العصور البيزنطية، ويُعتبر الموقع مقدسا منذ القرون الأولى للمسيحية.
وقد تم اكتشاف بعض الآثار القديمة أثناء الحفريات التي أكدت وجود أنشطة دينية في المنطقة تعود إلى القرن السابع الميلادي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الجامعات جبل الزیتون مدینة القدس
إقرأ أيضاً:
ثنائيات في أمثال السيد المسيح .. بعظة الأربعاء للبابا تواضروس
ألقى قداسة البابا تواضروس الثاني عظته الأسبوعية في اجتماع الأربعاء مساء اليوم، من كنيسة القديس الأنبا أنطونيوس بالمقر البابوي بالكاتدرائية العباسية.
عظة الأربعاء الأسبوعيةواستكمل قداسته سلسلة "ثنائيات في أمثال السيد المسيح"، وقرأ جزءًا من الأصحاح الثالث عشر من إنجيل معلمنا متى والأعداد (٢٤ - ٣٠)، وتناول مَثَل الحنطة والزوان وتفسيره في الأصحاح ذاته في الأعداد (٣٧ - ٤٣)، وربط بين المَثَل وأحد التجربة، وأوضح أن الأصحاح بكامله يتحدث عن أمثال الملكوت.
وشرح قداسة البابا أن الربط بين المَثَل والتجربة على الجبل لأن النَصين يوجد فيهما عدو الخير وأيضًا عمل الملائكة.
وأشار قداسته إلى العناصر المشتركة بين النَصين، وهي:
١- حياة الإنسان لا تخلو من التجارب، والتي ربما تأتي كالزوان لكي تُفسد الحنطة، حيث يرمز الزوان إلى الشر والحنطة ترمز إلى الصديقين.
٢- عدو البشر (الشيطان نفسه)، "رَئِيسِ سُلْطَانِ الْهَوَاءِ، الرُّوحِ الَّذِي يَعْمَلُ الآنَ فِي أَبْنَاءِ الْمَعْصِيَةِ" (أف ٢: ٢)، والذي يفسد طريق الأبرار في العالم.
٣- كلمة الله وهي مفتاح النصرة، والتي تقف أمام الشر، "وَلكِنْ إِنْ كَانَ إِنْجِيلُنَا مَكْتُومًا، فَإِنَّمَا هُوَ مَكْتُومٌ فِي الْهَالِكِينَ، الَّذِينَ فِيهِمْ إِلهُ هذَا الدَّهْرِ قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لِئَلاَّ تُضِيءَ لَهُمْ إِنَارَةُ إِنْجِيلِ مَجْدِ الْمَسِيحِ، الَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ" (٢كو ٤: ٣، ٤)، لذلك من المهم قراءة كلمة الله يوميًّا حتى لا نقع في فخ الإنجيل المكتوم والذي يُشير إلى الزوان.
٤- الملائكة التي جاءت لتخدم في التجربة على الجبل هي التي قامت بعملية الفرز بين الزوان والحنطة في يوم الدينونة (الحصاد) في المَثَل.
وأكّد قداسة البابا على أن الشر يوجد في العالم، وأنه في يوم الدينونة سيقف كل إنسان أمام الله ويقدم حسابًا، وذلك من خلال المَثَل، كالتالي:
- الحقل والذي يُمثل العالم، فالزارع (السيد المسيح) يزرع نفوسًا ممتلئة بالمحبة رغم شر العالم، كزرع الحنطة والتي يخرج منها القمح وهو غذاء لكل البشر دون استثناء، "فَإِنَّنَا نَحْنُ عَامِلاَنِ مَعَ اللهِ، وَأَنْتُمْ فَلاَحَةُ اللهِ، بِنَاءُ اللهِ" (١كو ٣: ٩).
- العبيد في المَثَل هم خدام المسيح، وأشكال الخدمة متنوعة وكثيرة.
- الحصاد والذي يُشكل يوم الدينونة، وفيه يتم الفرز بين الحنطة والزوان، "تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي، رِثُوا الْمَلَكُوتَ الْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ" (مت ٢٥: ٣٤)، "اذْهَبُوا عَنِّي يَا مَلاَعِينُ إِلَى النَّارِ الأَبَدِيَّةِ الْمُعَدَّةِ لإِبْلِيسَ وَمَلاَئِكَتِهِ" (مت ٢٥: ٤١).
وأشار قداسته إلى الدروس المستفادة من المَثَل في رحلة الصوم، وهي:
١- عدم إدانة أحد لأنه يوجد ديّان في يوم الحصاد، "مَنْ أَنْتَ الَّذِي تَدِينُ عَبْدَ غَيْرِكَ؟ هُوَ لِمَوْلاَهُ يَثْبُتُ أَوْ يَسْقُطُ. وَلكِنَّهُ سَيُثَبَّتُ، لأَنَّ اللهَ قَادِرٌ أَنْ يُثَبِّتَهُ" (رو ١٤: ٤).
٢- مراجعة الإنسان لنفسه يوميًّا في الصلاة، وسؤالها: هل أنت قمحًا حقيقيًّا يقصده الزارع؟ لئلا يكون زوانًا، والذي يشغل الأرض لسنوات كثيرة ويأكل غذائها، "وَأَمَّا الْحِنْطَةَ فَاجْمَعُوهَا إِلَى مَخْزَني" (مت ١٣: ٣٠).
٣- تنمية الإنسان لقمحه في قلبه، بمعنى تنمية الحياة للأفضل والبر والصلاح الذي في داخله.
٤- عدم التعجب من وجود الشر في العالم، فالله أعطى الإنسان الحرية للاختيار، وعليه أن يكون ثابتًا وسط التجارب، ويلجأ إلى كلمة الله التي تعيش داخله، والبعد عن كل ما يسرق الوقت وليس له علاقة بالمكانة في السماء، "بِسَمْعِ الأُذُنِ قَدْ سَمِعْتُ عَنْكَ، وَالآنَ رَأَتْكَ عَيْنِي" (أي ٤٢: ٥).
واختتم قداسة البابا أن المَثَل يضع أمامنا فرصًا لفهم الحياة وفهم وجود الشر وفهم الحرية التي أعطاها الله لنا لنختار، فيجب ألا نعطي مساحة للزوان في قلوبنا، بل ننقيها، "حِينَئِذٍ يُضِيءُ الأَبْرَارُ كَالشَّمْسِ فِي مَلَكُوتِ أَبِيهِمْ" (مت ١٣: ٤٣).