العالم يواجه ثلاثة أشهر عصيبة
تاريخ النشر: 7th, October 2024 GMT
العالم يواجه ثلاثة أشهر عصيبة:
من هنا وحتى نهاية العام سيشهد العالم أخطرأوقاته لثلاثة أسباب.
السبب الأول هو تزايد خطر إتساع المواجهة في الشرق الأوسط مع احتمال اندلاع حرب بين إيران وإسرائيل، وليس فقط في لبنان. يمكن أن تكون الحرب بين إيران وإسرائيل دموية للغاية ومن المؤكد أنها ستهز الاقتصاد العالمي من جذوره وتولد أزمة اقتصادية عالمية غير مسبوقة مع ارتفاع أسعار النفط إلى عنان السماء.
السبب الثاني وراء الخطر هو الانتخابات الأمريكية. هذه الدورة الانتخابية غير عادية تمامًا لأنها ليست منافسة تقليدية بين ليبراليين منافقين ومحافظين رجعيين. إذ أن جوهرها تمرد فقراء طبقة عاملة بيضاء – تحلم بإصلاح إقتصادي تقدمي ولكنها رجعية سياسيا وإجتماعيا. يقود تمرد فقراء أمريكا الملياردير الفشخار صاحب مقاعد الحمام الذهبىة دونالد ترامب الذي يعادي الدولة العميقة والمؤسسة الحاكمة التي تضم كل من الديمقراطيين والجمهوريين.
لاح الخطرفي الأفق مع محاولتي اغتيال ضد ترامب، اخترقت رصاصة في إحداهما أذنه وكانت على بعد ملليمترات من جمجمته. قد لا تكون هاتان المحاولتان الفاشلتان الأخيرتان، ومن ناحية أخرى وعد ترامب بعنف أبجيقى واسع إذا خسر الانتخابات لأنه لن يخسر إلا إذا استخدم الديمقراطيون الاحتيال والتزوير لهزيمته.
السبب الثالث لخطر الثلاثة أشهر القادمة هو حرب أوكرانيا. الآن تفهم مؤسسات الحكم في الغرب أن روسيا فازت بالحرب وأن أوكرانيا لا تستطيع عكس المد الروسي، لذا فإن أي سلام من المرجح أن يكون إلى حد كبير بشروط روسية. لكن بالطبع لن يكون الناتو والغرب على استعداد لقبول الهزيمة في أوكرانيا بلباقة وبروح رياضية. وحتى إذا لم يكن بإمكان الحلف الغربي فعل أي شيء لتجنب هزيمة أوكرانيا فقد يفجر شيئًا داويا في مكان ما لصرف أنظار العالم عن سيكه في أكرانيا.
معتصم اقرع
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
هل يسير ترامب وفق "مشروع 2025"؟!
لا بدّ أنَّ هناك علاقة ما بين كتيب "مشروع 2025، تفويض القيادة: وعد المحافظين" الذي أعدته مؤسسة هيريتج، وسياسة ترامب الداخلية والخارجية.
عدتُ إلى مراجعته، وهو نحو ألف صفحة، وقد سُئل عنه الرئيس دونالد ترامب في حملته للرئاسة، وقال إنَّه يعرف عنه لكنَّه ليس له. مع هذا هناك الكثير من المتشابهات، ويبدو كـ"منافيست" المحافظين، عملت على إنجازه "هيريتج فاونديشن". ربّما هذا يوضح كيف فاجأ ترامب العالمَ بسرعة حركته وقراراته وتعييناته والتغييرات الهائلة التي يعمل عليها.منذ تولّيه الرئاسة وهو يحرك جبالاً، وعن سابق إصرارٍ وتصور ينوي تغيير العالم، تدمير النظام القديم وبناء البديل. سياسته تتراجع عن الرابطة الأطلسية مع أوروبا، وتريد احتضانَ قوى سياسية ناشئة لتصل للحكم في دول حليفة مثل ألمانيا وبريطانيا، وتتقاسم النفوذ والمصالح في العالم مع الخصوم مثل روسيا، وتعلن الانقلاب على مفاهيم وجّهت السياسة الخارجية الأمريكية لعقود، مثل فرض الديمقراطية والحريات، والانتكاس عن القوانين الاجتماعية والحمائية البيئية في الداخل. وهذا يعني أنّ مشروع التغيير منهجيّ ومؤسساتي وواسع، بل قابل للاستمرار بعد نهاية ولايته.
التغيير يعكس شعورَ غالب الأمريكيين بأنَّهم في حاجة إلى قيادة قوية، قادرة على حل أزمة العجز والدين الحكومي المتضخمين، ووقف غزو ملايين المهاجرين غير النظاميين، ومواجهة المنافسين مثل الصين. هذه الأسباب صعدت بترمب الذي لم يعمل قط في السياسة قبل الرئاسة، ولم ينتمِ لحزب، وفاجأ الجميعَ بانتصاره مرتين، فهو من جاء بالرئاسة للحزب الجمهوري وليس الحزب من جاء به.
رئيس فنزويلا قالَ إن ترامب يسعى ليكون إمبراطور العالم، مع أن الإمبراطوريات منذ روما انتهت مع نهاية الإمبراطورية البريطانية العظمى. عينه على مضيق بنما، ويريد غرينلاند الدنماركية، ومُصِرٌّ على تسمية كندا الولاية الحادية والخمسين، ويدّعي خصومُه أنَّه يُبيّت النيةَ ليبيع حليفتيه تايوان وأوكرانيا، ويضغط على الآخرين لفتح الأسواق لبضائعه وفرضِ رسومٍ عالية على البضائع المستوردة. الولايات المتحدة تحت إدارة ترمب تبدو أقوى وأسرع.
طبعاً، في العالم دولٌ كبرى إنَّما الولايات المتحدة هي الدولة العظمى، ويريد ترامب من الجميع أن يعاملوها كذلك.
هل هذه هي فلسفة ترامب؟
هو وكثيرون في الولايات المتحدة، يؤمنون بأنَّ الدولة في حاجة إلى زعيم قوي، وليس مجرد شريك في الحكم مع 585 هم أعضاء الكونغرس وحكام الولايات، واللوبيات التي تخدم مصالح الأجانب والشركات.
ماذا عن منطقتنا؟ هناك فصل في "مانيفست" مشروع 2025 الذي يحثّ الرئيس على ألا تتخلَّى أمريكا عن نفوذها في منطقة الشرق الأوسط، وأنَّ الغيابَ سيستفيد منه خصوم الولايات المتحدة، ويقترح لذلك استراتيجية متعددة الأبعاد.
كما يوصي كتاب المحافظين الرئيسَ بمنع إيران من حيازة برنامج عسكري نووي، ودعم إسرائيل لمواجهتها. ويطلب منه أن "يعكس التدهور الذي تسبَّبت فيه إدارة بايدن في العلاقة طويلة الأمد مع السعودية". وينصح بوقف تمويل السلطة الفلسطينية ومنع تركيا من التقارب مع روسيا والصين، وبناء "ميثاق أمني يضم إسرائيل ومصر ودول الخليج وربما الهند، كترتيب رباعي جديد".
كما يشدّد على أهمية التعاون الأمني في شمال أفريقيا مع فرنسا للحدّ من التهديدات الإرهابية المتصاعدة ووقف التمدد الروسي هناك. وكذلك يولي أهمية للوجود الأمريكي في القارة الأفريقية، لمواجهة هيمنة الصينيين على سلسلة التوريد الأفريقية لبعض المعادن الحيوية للتقنيات الناشئة.
في ثناياه، يوصي "مشروع 2025" ترامب بإعطاء أفريقيا الأولوية، وتنفيذ تغييرات جوهرية، بما في ذلك التخلّي عن سياسة المساعدات، ويفضل بديلاً عنها إشراك القطاع الخاص الأمريكي، ويصف المساعدات بأنَّها سبيل للفساد ولا تخدم السياسات العليا الأمريكية، وأن الأهم هو التركيز على نمو السوق الحرة. ودعا ترامب إلى مواجهة ما سماه الأنشطةَ الصينية الضارة في القارة الأفريقية، والاعتراف بدولة أرض الصومال، لتعزيز الموقف الأمريكي هناك.
هذا جزء بسيط من أفكار المحافظين الراغبين في ألا تمرَّ مرحلة حكم ترامب من دون إحداث تغييرات كبيرة في المفاهيم والسياسات والقيادات داخلياً وخارجياً. والرغبة في التغييرات الداخلية أكبر بكثير وأكثر صعوبة. ترامب يملك الشعبيةَ والشخصية القوية، وجلب معه للإدارة تنفيذيين مثلَه يملكون حماساً ظاهراً، مثل إيلون ماسك. مع هذا، فإنَّ الحكم في أمريكا معقدٌ حتى لشخص مثل ترمب، قد تبطئه توازنات المؤسسات الثلاث.